الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصحاب الأيكة: جماعة كانوا يسكنون غيضة كثيرة فى الشجر؛ فنسبوا إليها (13).
وهم: أهل «مدين» قوم شعيب عليه السلام.
وكانوا قوما من العرب، يسكنون فى الحجاز، مما يلى جهة الشام، قريبا من «خليج العقبة» من الجهة الشمالية منه.
يقول الطبرى: إن بين أرض مدين ومصر ..
ثمان ليال. ويظهر: أنها فى الأرض المسماة الآن ب «معان» جنوب فلسطين.
هذا: ويرى بعض المفسرين: أن «أصحاب الأيكة» قوم آخرون، غير أهل مدين، أرسل الله إليهم شعيبا عليه السلام بعد هلاك «مدين» فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ (الشعراء: 189).
والصحيح: أن أهل «مدين» هم أنفسهم (أصحاب الأيكة) حيث إن سورة الشعراء وضحت أنهم كانوا يطففون المكيال والميزان، يقول تعالى: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (الشعراء: 176 - 183).
وهذا وصفهم: فقد كانوا يجمعون بين الزراعة والتجارة، وكانت أراضيهم كثيرة الأشجار، وافرة الثمار، وفيها الحدائق الغناء؛ ومن هنا: سموا بأصحاب الأيكة، كما كانوا كفارا، يقطعون السبيل، ويخيفون المارة، وكانوا من أسوأ الناس معاملة، خاصة مع نبيهم.
وقد جعل الله تعالى عليهم- لكفرهم- أنواعا من العقوبات، وصنوفا من المثلات، وأشكالا من البليات؛ وذلك لما اتصفوا به من قبيح الصفات.
سلط الله عليهم رجفة شديدة، أسكنت منهم الحركات، ثم: صيحة عظيمة أخمدت منهم الأصوات، ثم: ظلة، أرسل عليهم منها شرر النار، من سائر أرجائها والجهات (14).
ولقد ورد ذكرهم فى القرآن الكريم صريحا (1) فى سور: الحجر الآية 78، والشعراء الآية 176، و (ص) الآية 13، و (ق) الآية 14.
8 - أصحاب الكهف
وهم: مجموعة من الشباب، لجئوا إلى غار فى الجبل، فرارا بدينهم من أقوامهم، الذين كانوا يعبدون الأصنام، وحدثت لهم بهذا الغار الأعاجيب. وقد عرفوا ب (أصحاب الكهف) نسبة إلى هذا الغار. ذكرهم القرآن الكريم فى سورة سميت باسم كهفهم، وهى: سورة «الكهف» .
(13) الراغب: المفردات (كتاب الألف، مادة: أيك)، ابن منظور لسان العرب (مادة: أيك).
(14)
انظر: ابن كثير قصص الأنبياء (قصة شعيب عليه السلام بتحقيقنا، القرطبى: مصدر سابق (الحجر: تفسير الآية 78)، محمد على الصابونى: النبوة والأنبياء (قصة شعيب عليه السلام.
يذكر الله تعالى قصتهم باختصار فى قوله سبحانه: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (10) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (الكهف: 9 - 12).
ثم يفصل قصتهم بعد هذا الإجمال فى أربعة عشرة آية بعد ذلك، من نفس السورة (الكهف: 13 - 26).
يقول عنهم الإمام ابن كثير (15): هم: فتية، ألهمهم الله رشدهم، وآتاهم تقواهم، فآمنوا بربهم، واعترفوا له بالوحدانية، وشهدوا أنه لا إله إلا هو. ويقول: ذكر غير واحد من المفسرين- من السلف والخلف- أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم، وأنهم خرجوا يوما فى بعض أعياد قومهم، وكان لهم مجتمع فى السنة يجتمعون فيه، فى ظاهر البلد، وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت، ويذبحون لها، وكان لهم ملك جبار عنيد يأمر الناس بذلك، ويحثهم عليه ويدعوهم إليه، فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك، وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم، ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم؛ عرفوا أن هذا الذى يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم، والذبح لها لا ينبغى إلا لله الذى خلق السماوات والأرض.
فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه، وينحاز منهم، ويتبرز عنهم ناحية. فكان أول من جلس منهم أحدهم، جلس تحت ظل شجرة، فجاء الآخر فجلس عنده، وجاء الآخر فجلس إليهما، وجاء الآخر فجلس إليهم، وجاء الآخر، وجاء الآخر. ولا يعرف واحد منهم الآخر، وإنما جمعهم هناك، الذى جمع قلوبهم على الإيمان، كما جاء فى الحديث:
«الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (16). وجعل كل واحد منهم يكتم ما هو فيه عن أصحابه، خوفا منهم، ولا يدرى أنهم مثله، حتى قال أحدهم: تعلمون- والله يا قوم- إنه ما أخرجكم من قومكم، وأفردكم عنهم، إلا شىء، فليظهر كل واحد منكم ما بأمره، فقال الآخر: أما أنا فإنى والله رأيت ما قومى عليه، فعرفت أنه باطل، وإنما الذى يستحق أن يعبد وحده، ولا يشرك به شىء؛ هو الله الذى خلق السماوات والأرض وما بينهما.
فقال الآخر: وأنا والله، وقع لى كذلك. وقال الآخر: كذلك، حتى توافقوا كلهم على كلمة واحدة. فصاروا يدا واحدة، وإخوان صدق، فاتخذوا لهم معبدا، يعبدون الله فيه.
فعرف بهم قومهم، فوشوا بأمرهم إلى ملكهم، فاستحضرهم بين يديه، فسألهم عن
(15) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (الكهف: تفسير الآية 13).
(16)
رواه: البخارى: ك الأنبياء، باب «الأرواح جنود مجندة» ، مسلم: ك البر، باب «الأرواح جنود مجندة» .