الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعدد الروايات فى سبب النزول
كثيرا ما يجد المفسر نفسه- فيما يتعلق بمعانى الآيات، أو بملابسات نزولها- فى مواجهة روايات بأسباب متعددة لنزول الآية الواحدة، وسبيله عندئذ أن ينظر فى الصيغ التى وردت بها تلك الروايات والقرائن التى تصاحبها، وهذه الصيغ أو تلك القرائن هى التى تحدد إمكان الجمع أو الترجيح بين هذه الروايات المتعددة، وقد تتبع العلماء أوجه هذا التعدد فوجدوها تأتى على النحو التالى:
(أ) أن تكون الصيغ الواردة ليست نصا فى سبب النزول: بأن يقول بعضهم: (نزلت هذه الآية فى كذا) ويذكر شيئا من مضمونها، ويقول الآخر:(نزلت هذه الآية فى كذا) ويذكر شيئا آخر مما يحتمله مضمون الآية.
فهاتان الصيغتان تقبلان معا على أنهما للتفسير والبيان، وليس لبيان سبب النزول، وذلك ما لم تقم قرينة على صيغة منهما تعينها سببا لنزول الآية، فلو قامت هذه القرينة تعينت تلك الصيغة سببا للنزول دون غيرها.
مثال ذلك: قول الله تبارك وتعالى:
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ سورة البقرة/ 274.
فقد ورد فيها بيان لكل من ابن عباس رضى الله عنهما، وقتادة بن دعامة السدوسى (ت 117 هـ) رحمه الله تعالى، فلو تأملنا فيها قول ابن عباس رضى الله عنهما: إنها فى الذين يعلفون الخيل فى سبيل الله تعالى.
وكذلك قول قتادة: إنها فيمن أنفقوا فى سبيل الله الذى افترض عليهم فى غير سرف ولا إملاق ولا تبذير (59)؛ لكان كل من القولين صحيحا، لأن الآية تتضمن هذا وذاك، ولا منافاة بينهما.
ومن هذا القبيل: ما يمكن أن يقال عند تدبر قول الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ آل عمران/ 169، 170.
(59) فتح القدير للشوكانى: (/ 370).
فلو قال قائل: إن هذه الآية نزلت فى بيان منزلة الشهداء عند الله تعالى، وأنها من أعلى المنازل فى الجنة اعتبارا بما فى أول الآيات، وقال آخر: نزلت هذه الآيات فى الترغيب فى الجهاد لنيل الشهادة اعتبارا بما فى آخرها.
لكان كل من القولين صحيحا، لأن الآيات تتضمن هذا وذاك، ولا تعارض بينهما.
(ب) أن تكون إحدى الصيغتين نصا فى سبب النزول: بمعنى أن يكون فيها ما يدل على ذلك مثل فاء التعقيب، وتكون الأخرى ليست نصا فى السببية، بل جاءت بعبارة:
نزلت الآية فى كذا، فإن الصيغة الأولى عندئذ تعتمد سببا لنزول الآية، أما الثانية فتحمل على أنها نوع من التفسير أو الاستنباط من الآية حسب فهم من سيقت عنه.
مثال ذلك: قول الله تبارك وتعالى:
وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ البقرة/ 197.
فقد أخرج البخارى رحمه الله تعالى (60) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون:
نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى».
كما ورد فى الآية كذلك أنها: فى الأمر بأخذ الزاد عند السفر، والإخبار والإعلام بأن خير ما يتزود به هو تقوى الله تعالى، حكاه الإمام عبد الرحمن بن الجوزى (ت 597 هـ) عن أبى إسحاق الزجاج (ت 311) رحمه الله تعالى (61).
فحديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما يعتبر سببا فى نزول الآية لصراحة عبارته فى ذلك، وأما قول الزجاج فإنه يحمل على تفسير الآية.
(ج) أن يأتى فى الآية روايتان: وتكون كل منهما نصا فى سبب نزولها، ولكن إحداهما إسنادها صحيح دون الأخرى، فالمعتمد عندئذ فى سبب النزول هو الرواية التى صح إسنادها.
مثال ذلك: ما ورد فى سبب نزول قول الله: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى سورة الضحى/ 1 - 5.
فقد أخرج البخارى رحمه الله تعالى (62) عن جندب بن سفيان رضي الله عنه، قال: «اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فجاءت امرأة- أى من الكفار- فقالت: يا محمد إنى لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره
(60) فى صحيحه: ك: الحج، ب: قول الله تعالى وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى حديث/ 1523.
(61)
زاد المسير فى علم التفسير: لأبى الفرج ابن الجوزى- المكتب الإسلامى- ط: رابعة 1407 هـ (1/ 212).
(62)
فى صحيحه: ك: التفسير، ب: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى حديث/ 4950.
قربك منذ ليلتين أو ثلاثا، فأنزل الله عز وجل: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى».
وروى الواحدى (63) عن حفص بن سعيد القرشى، قال: حدثتنى أمى عن أمها خولة، وكانت خادمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. «أن جروا دخل البيت، فدخل تحت السرير فمات، فمكث نبى الله صلى الله عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحى، فقال: يا خولة ما حدث فى بيتى؟ جبريل عليه السلام لا يأتينى، قالت خولة، لو هيأت البيت وكنسبته فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فإذا شىء ثقيل، فلم أزل حتى أخرجته فإذا جرو ميت، فأخذته فألقيته خلف الجدار، فجاء نبى الله صلى الله عليه وسلم ترعد لحياه، وكان إذا نزل عليه الوحى استقبلته الرعدة، فقال: يا خولة دثرينى.
فأنزل الله تعالى: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى».
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن هذه القصة رواها الطبرانى بإسناد فيه من لا يعرف، ثم قال:«وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت السرير مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، بل شاذ مردود بما فى الصحيح، والله أعلم» (64).
(د) أن يأتى فى الآية روايتان صحيحتان:
وكل منهما نص فى سبب نزولها، لكن فى إحداهما ما يرجحها على الأخرى مثل كونها أصح من الأخرى، أو أن راويها كان حاضرا مشاهدا للقصة بخلاف الآخر، فعندئذ يؤخذ فى سبب النزول بالرواية الراجحة دون الرواية المرجوحة.
مثال ذلك: ما ورد فى سبب نزول قول الله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا الإسراء/ 85.
فقد أخرج البخارى (65) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «بينا أنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى حرث، وهو متكئ على عسيب (66) - إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال: ما رابكم إليه؟ - وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشيء تكرهونه- فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبى صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامى، فلما نزل الوحى قال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» .
وأخرج الترمذى (67) وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «قالت قريش ليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، قال: فسألوه عن
(63) أسباب النزول: ص 338.
(64)
فتح البارى: (8/ 710).
(65)
فى صحيحه: ك: التفسير، ب: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ حديث/ 4721.
(66)
العسيب هو: الجريد الذى لا خوص فيه.
(67)
فى سننه: ك: التفسير، ب: ومن سورة بنى إسرائيل، حديث/ 3141.
الروح، فأنزل الله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا». قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
فالرواية الأولى تقتضى أن الآية نزلت بالمدينة، والثانية تقتضى أنها نزلت بمكة.
وقد رجح العلماء الأولى لكونها من رواية البخارى، وما رواه أصح، وبأن ابن مسعود كان حاضرا مشاهدا للقصة.
(هـ) أن يأتى فى الآية روايتان كل منهما نص فى سبب النزول: وكل منهما مساوية للأخرى فى الصحة ولا مرجح عندئذ لإحداهما، لكن يمكن الجمع بينهما، لتقارب الزمن بين القصتين، فتكون الآية نازلة فى السببين أو الأسباب معا على هذا الوجه وذلك الاعتبار.
مثال ذلك: ما ورد فى سبب نزول قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (7) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (8) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
الآيات سورة النور/ 6 - 10.
فقد أخرج البخارى وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أنها نزلت فى هلال بن أمية لما قذف زوجته عند النبى صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، وقد مرت هذه الرواية بالتفصيل من قبل عند بحث مسألة: عموم اللفظ وخصوص السبب.
كما أخرج البخارى ومسلم (68) من رواية سهل بن سعد الساعدى: أنها نزلت فى عويمر العجلانى، لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أنزل الله فيك وفى صاحبتك» .
فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة بما سمى الله فى كتابه. إلى آخر الحديث.
فيمكن الجمع بين الحادثتين: بالقول بأن حادثة هلال بن أمية وقعت أولا، وصادف مجىء عويمر كذلك فنزلت الآية فى شأنهما معا بعد حادثتيهما، إذ لا يجوز أن نرد الروايتين معا لصحتهما، كما لا يجوز أن نرد إحداهما ونأخذ بالأخرى، لأنه لا مرجح بينهما، فبقى أن نأخذ بهما معا كما قرر العلماء، سيما مع قرب زمانيهما.
(68) البخارى فى صحيحه: ك: التفسير، ب وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ حديث/ 4745 ومسلم فى صحيحه: ك:
اللعان، حديث/ 1492.
(و) أن يأتى فى الآية روايتان صحيحتان:
كل منهما نص فى سبب النزول، ولا مرجح لإحداهما على الأخرى، ولا يمكن الجمع بينهما على اعتبار قرب الزمان، لأن زمانهما متباعد، وعندئذ يحمل العلماء مثل هذه الصورة على تكرر النزول.
وقد مثل الزركشى لذلك- فى البرهان- بما ورد فى سبب النزول لقول الله تعالى:
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ هود/ 114، من أنها نزلت- كما فى الصحيحين (69) فى رجل أصاب من امرأة قبلة، فسأل النبى صلى الله عليه وسلم عن كفارتها، فنزلت الآية.
قال الزركشى معلقا: «والرجل قد ذكر الترمذى أو غيره (70) أنه أبو اليسر، وسورة هود مكية باتفاق، ولهذا أشكل على بعضهم هذا الحديث مع ما ذكرنا، ولا إشكال لأنها نزلت مرة بعد مرة» (71).
والحق أن هذا الإشكال لا يحتم القول بتكرر النزول كما قال الزركشى، لأن كون السورة مكية لا يمنع أن تكون بعض آياتها مدنية، لأن الاعتبار فى تصنيف السور إلى مكى ومدنى بالأعم الأغلب، والقرآن نزل منجما فى مكة والمدينة، والراجح أن هذه الآية مدنية، وهذا ما قرره السيوطى رحمه الله ونص عليه فى بيان أن بعض السور التى نزلت بمكة فيها آيات نزلت بالمدينة، ذكر منها سورة هود، فقال: «هود: استثنى منها ثلاث آيات: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ قلت:
دليل الثالثة ما صح من عدة طرق أنها نزلت فى المدينة فى حق أبى اليسر» (72).
كما ساق الزركشى مثالا آخر لتكرر النزول فقال: «وكذلك ما ورد فى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أنها جواب للمشركين بمكة، وأنها جواب لأهل الكتاب بالمدينة» (73). وعلل لتكرار النزول بقوله: «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه، وهذا كما قيل فى الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة وأخرى بالمدينة» (74).
وعلى كل ففي القول بتكرار النزول أقوال للعلماء، ولم يتفقوا جميعا على القول به، بل منهم من أنكر وقوعه (75).
هذه هى الأوجه التى تتأتى فى تعدد الروايات فى أسباب النزول، وهذه هى أمثلتها مقرونة بما يتأتى فيها من الجمع بينها، أو ترجيح بعضها على بعض، مع بيان دواعى هذا الترجيح.
(69) سبق ذكر هذا الحديث عند بحث العبرة فى سبب النزول: هل هى بعموم اللفظ، أو بخصوص السبب.
(70)
هو الترمذى: فى رواية له عن أبى اليسر قال: (أتتنى امرأة تبتاع تمرا
…
) الحديث، سنن الترمذى: ك: التفسير باب: ومن سورة هود، حديث/ 3115.
(71)
البرهان فى علوم القرآن.
(72)
الإتقان فى علوم القرآن: (1/ 45).
(73)
البرهان فى علوم القرآن: (1/ 54).
(74)
نفس المصدر: (1/ 54).
(75)
انظر الإتقان: (1/ 108).