الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (التكوير: 8، 9).
وهو من: وأد، يئد، وأدا، ووأد الموءودة:
دفنها فى القبر وهى حية، وامرأة وئيد ووئيدة: موءودة (88)، أى: مقتولة.
والموءودة هى: الجارية تدفن وهى حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيوئدها، أى: يثقلها حتى تموت.
وكان العرب فى الجاهلية يدفنون بناتهم فى التراب أحياء لسببين:
أحدهما: أنهم كانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به.
الثانى: أنهم كانوا يخافون إما من الحاجة والفقر، وإما من السبى والاسترقاق.
قال ابن عباس: كانت المرأة فى الجاهلية إذا حملت حفرت حفرة، وتمخضت على رأسها، فإن ولدت جارية، رمت بها فى الحفرة، وردت التراب عليها، وإن ولدت غلاما، حبسته وأبقته. وقال قتادة: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه.
وحرم الله ذلك (89). وأنزل قوله تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (الإسراء: 31). كما أنزل قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .. (الأنعام: 151). وقوله تعالى:
وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟ إلى جانب ما فى الأحاديث النبوية من تحريم ذلك (90).
وهناك
…
الوأد الخفى وهو ما كان بسبب العزل عن المرأة؛ لأن من يعزل عن امرأته.
إنما يعزل هربا من الولد. وقد نهى الإسلام عن ذلك- أيضا- وكرهه لهذا السبب.
ففي الحديث (91): «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت فى الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئا، ثم سألوه عن العزل، فقال- صلى الله عليه وسلم ذلك الوأد الخفى» زاد عبيد الله فى حديثه عن المقرئ، وهى وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ».
51 - المودة فى القربى
هذه العبارة (المودة فى القربى) لم ترد فى القرآن الكريم إلا مرة واحدة. وذلك فى قوله تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (الشورى: 23).
والمودّة: المحبّة. قال ابن سيده: ودّ الشيء، ودّا وودّا وودا، وودادة، وودادا وودادا، ومودّة، ومدّة: أحبّه.
(88) محمد فؤاد عبد الباقى: مصدر سابق، ابن منظور: لسان العرب (مادة: وأد).
(89)
انظر: القرطبى: مصدر سابق، الجمل: مصدر سابق (التكوير تفسير الآيات 8، 9).
(90)
تراجع للاستزادة كتب الحديث النبوى الشريف.
(91)
رواه: مسلم: ك النكاح، باب: جواز الغيلة وكراهة العزل.
والقربى: القرابة. والقربى: الدنو فى النسب، تقول: بينى وبينه قرابة وقربى.
والقربى: فى الرحم خاصة (92).
ومعنى الآية: قل يا محمد لقومك: لا أطلب منكم أجرا على تبليغ الرسالة والنصح لكم ما لا تعطونيه، إنما أطلب منكم: أن تكفّوا شركم عنى، وتذرونى أبلغ رسالات ربى، فإن لم تنصرونى، فلا تؤذونى، بما بينى وبينكم من القرابة، وقيل: إلا أن تودونى فى قرابتى منكم. وذلك فى الحقيقة ليس أجرا؛ لأن حصول المودة بين المسلمين أمر واجب، ولا سيما فى حق الأقارب.
ويلاحظ: أن عبارة (المودة فى القربى) أبلغ من «مودة القربى» وكذلك أبلغ من «المودة للقربى» حيث جعلت القربى فى العبارة مكانا للمودة، ومقرا لها (93).
قال المفسرون: وفى تفسير (المودة فى القربى) أربعة أقوال:
الأول: مراعاة القرابة، وعدم الإيذاء أى:
لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودونى لقرابتى منكم، فإن لم تنصرونى فاحفظوا حق القربى ولا تؤذونى. قال ذلك: ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وأبو مالك، والشعبى، وغيرهم. قال الشعبى: أكثر الناس علينا فى هذه الآية، فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك فأجاب بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واسطة النسب فى قريش، ليس بطن من بطونهم إلا وقد كان بينهم وبينه قرابة، فقال الله: قل لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرا إلا أن تودّونى لقرابتى منكم، يعنى: أنكم قومى، وأحق من أجابنى وأطاعنى، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى، ولا تؤذونى، ولا تهيجوا علىّ.
الثانى: مودة أقاربكم أى: لا أسألكم عليه أجرا إلا مودّة أقاربكم، وصلة أرحامكم. روى الكعبى عن ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم، كانت تنوبه نوائب وحقوق، وليس فى يده سعة.
فقال الأنصار: إن هذا الرجل قد هداكم الله على يده، وهو ابن اختكم، وجاركم فى بلدكم، فاجمعوا له طائفة من أموالكم؛ ففعلوا، ثم أتوه، فرده عليهم، ونزلت الآية بحثّهم على مودة أقاربهم، وصلة أرحامهم.
الثالث: القرب من الله، عن الحسن
…
لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تتوددوا إلى الله، وتتقربوا إليه بالطاعة، والعمل الصالح.
الرابع: المودة فى قرابتى وأهل بيتى، عن سعيد بن جبير: لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوا قرابتى وأهل بيتى. عن ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين نودهم؟ قال: «على وفاطمة وأبناؤهما» .
(92) محمد فؤاد عبد الباقى: مصدر سابق، المعجم الوجيز، ابن منظور: اللسان (مادة: ودد، مادة: قرب).
(93)
انظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، النيسابورى: غرائب القرآن (الشورى تفسير الآية 23) الفيروزآبادى: بصائر ذوى التمييز 4/ 253.