الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاشر وجدت المرّة الأولى مشتملة على تشديد الْمَيْتَةَ (البقرة: 173)، وكسر الطاء فى فَمَنِ اضْطُرَّ (البقرة: 173)، وحذف الهمز ونقل حركته إلى النون، مع كسرها فى مِنْ أَجْلِ ذلِكَ (المائدة: 32)، وغير ذلك مما فى قراءة أبى جعفر (54).
ووجدت المرة الثانية مشتملة على إثبات الياء وقفا فى وَاخْشَوْنِ (المائدة: 3)، وفتح الفاء دون تنوين فى فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ (المائدة: 69)، وغير ذلك مما فى قراءة يعقوب (55).
ووجدت المرة الثالثة مشتملة على قراءة هُزُواً (المائدة: 57) بسكون الزاى، وهمز مفتوح بعدها، وغير ذلك مما فى قراءة خلف (56).
وتجد القرآن واحدا فى الجميع، وما الفرق بينها وبينه إلا أنها صور مختلفة له، يفترق بعضها عن بعض بما تشتمل عليه كل ختمة فى مواضع منها من وجوه تخصها، وتجعل لها صورة تفترق بها عن غيرها.
وننظر إلى القراءات التى تتوارد على الموضع القرآنى وننظر إلى القرآن فى ختمة فنقول: القراءات التى دخلت فى الختمة أجزاء دخلت فى القرآن، وهو كل لها- فالفرق بينهما هو الفرق بين الكل وأجزائه.
والقراءات التى لم تدخل فى هذه الختمة أجزاء للقرآن فى غير هذه الختمة (57).
…
القراءات والأحرف السبعة:
أنزل الله تعالى القرآن على سبعة أحرف لتيسير تلاوته على الأمة (والراجح فى معنى الأحرف السبعة أنها سبع لغات من أفصح لغات العرب، كلغة قريش، ولغة تميم، ولغة أسد. ولكل واحد أن يقرأ بما تيسر له منها كما علّم.
ومن تعلمها وميز بعضها عن بعض استطاع أن يقرأ سبع ختمات كل ختمة على حرف.
واللغة الواحدة تشتمل على أكثر من وجه فى بعض الألفاظ، وفى بعض الأساليب، فالحرف الواحد يتسع لأكثر من قراءة تشتمل كل قراءة منها على بعض الوجوه التى تميزها مفترقة عن صورة غيرها. فمن قرأ ختمتين بقراءتين فى ظل حرف وجد- بوضوح- أن عدد القراءات يزيد عن عدد الأحرف واتضح أن الفرق بينهما هو أن القراءات فروع عن الأحرف، كفروع الشجرة، فهى منها، والشجرة أصلها. وإذا كانت هذه الزيادة فى ظل الحرف الأول مثلا فقس ذلك تجد مزيدا من القراءات والأصل واحد وهو الأحرف السبعة.
(54) انظر روضات الجنات للشيخ محمود بسة 21 - 22 وسائره. مطبعة الرافعى 1960 م ط الأولى.
(55)
انظر السابق.
(56)
انظر السابق.
(57)
انظر (القراءات
…
) ص 169 وما حولها.
وهذا مثال توضيحى: قرئ لفظ لِجِبْرِيلَ (البقرة: 97) مثلا- بالهمز- والهمز ينسب إلى لغة تميم- وبدونه- وهذا فى لغة قريش، وفى المهموز قراءتان:(جبرئيل) بفتح كل من الجيم والراء، وبياء ممدودة بعد الهمزة، وبدون هذه الياء. فهذان وجهان وقراءتان فى لغة من الهمز. وفى غير المهموز قراءتان (جبريل) بكسر كل من الجيم والراء، وبياء ممدودة بعد الراء، وبفتح الجيم فهذان وجهان وقراءتان فى لغة من لا يهمزون. ولزيادة عدد القراءات عن عدد الأحرف سبب آخر، وهو تداخل الأحرف، إذ لم يرد منعه، ويظهر أن النبى صلى الله عليه وسلم علّم من علّم بعض القرآن على حرف، وبقية القرآن على حرف آخر، فينتج من ذلك صورة ختمة مفترقة عن كل واحدة من السبع التى تكون كل واحدة منها على حرف واحد.
ولا تخفى الكثرة الكاثرة من القراءات التى تنشأ عن تغيير مواضع الانتقال فى الختمة من حرف أول إلى حرف ثان، ومن حرف أول إلى حرف ثالث، وهلم جرا. والحديث الصحيح لا يأبى هذا التداخل، إذ يقول:
( .... إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)(58) ولم يقل منها، فكان أوضح فى العموم، إذا المعنى: فاقرءوا ما تيسر من المنزل- وهو السبعة، أعم من
أن تكون مميزة واحدا واحدا أو متداخلة.
وهذا مثال توضيحى: (قرأ حفص: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها (هود: 41) بإمالة مَجْراها، وفتح مُرْساها، (59)، والإمالة لغة عامة أهل نجد، والفتح لغة أهل الحجاز) (60)، وهى قراءة- كغيرها من سائر قراءات العشرة من الروايات والطرق المعيّنة- مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتواترة، فدل ذلك على أن القراءة الواحدة اشتملت فى بعض الجزئيات على حرف ولغة، وبعضها الآخر على حرف آخر ولغة أخرى وهذا هو التداخل، وبه زاد عدد القراءات على عدد الأحرف السبعة، وتفرع الكثير عن القليل، وكان الفرق- على نحو مما سبق- كالفرق بين أجزاء من الشيء وجملة ذلك الشيء) (61).
- وبهذا ظهر اتحاد القراءات مع الأحرف السبعة اتحاد الأجزاء المعنية للشيء مع الشيء وسائر أجزائه، ونعنى بسائر أجزاء القرآن أجزاءه التى تنطق على وجه واحد فى كل القراءات وفى كل اللهجات التى نزل عليها القرآن الكريم، مثل ألفاظ سورة الفاتحة التى بهذه الصفة كلفظ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ، الرَّحِيمِ، يَوْمِ الدِّينِ،
(58) انظر فتح البارى 19/ 30 - 31 كتاب فضائل القرآن باب (أنزل القرآن على سبعة أحرف) طبعة مكتبة الكليات الأزهرية. 1978 م مراجعة وتعليق طه عبد الرءوف وزميليه.
(59)
انظر غيث النفع 249.
(60)
انظر النشر 2/ 30.
(61)
انظر (القراءات
…
) ص 377 - 475.