الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
الصحابى الجليل حنظلة بن الربيع بن صيفى بن رباح الأسيدى. قال صاحب (أسد الغابة) فى ترجمته: (ويقال له حنظلة الأسيدى والكاتب؛ لأنه كان يكتب للنبى صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أخى أكثم بن صيفى)(112)، وهو الذى أرسله النبى صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف قائلا لهم:
(أتريدون صلحا أم لا؟ فلما توجه إليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتموا بهذا وأشباهه!!)، ثم انتقل إلى قرقيسيا- وهى بلد على الفرات فمات بها (113)، وقد رجح قدم إسلامه بمكة بناء على تلك القرائن بالإضافة إلى كونه ليس أنصاريا (114).
والقسم الثانى: من كتب له صلى الله عليه وسلم فى الجملة- على حد تعبير الحافظ ابن حجر- وترجح اشتراك كل منهم فى كتابة الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم بمكة:
وهم سادتنا الصحابة الأجلاء: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، والأرقم بن أبى الأرقم، وحاطب بن عمرو، وعامر بن فهيرة، وأبو سلمة بن عبد الأسد، ومعيقيب الدوسى (115) - رضى الله عنهم أجمعين.
وأما القسم الثالث: فهم كتّاب الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم فى العهد المدنى، ومن أبرزهم:
1 -
سيدنا أبىّ بن كعب بن قيس الأنصارى النجارى رضي الله عنه (ت سنة 30 هـ) - وهو الملقب بسيد القراء، وقد نص الحافظ ابن حجر وغيره على أنه أول من كتب للنبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ونص أيضا على أنه كتب له قبل زيد بن ثابت (116) - رضى الله تعالى عنهما.
2 -
سيدنا زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الخزرجى النجارى الأنصارى رضي الله عنه (ت 45 هـ) عن ست وخمسين سنة كما حكاه الذهبى عن الواقدى (117)، وذكر أيضا أنه لما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أسلم زيد وهو ابن إحدى عشرة سنة، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود ليقرأ له كتبهم وقال:«فإنى لا آمنهم» (118).
وروى الطبرانى بإسناد حسن إليه أنه قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحى بعث إلىّ فكتبته» (119).
كما روى البخارى بإسناده أن ابن السباق قال: «إن زيد بن ثابت قال: أرسل إلىّ أبو بكر رضي الله عنه قال: إنك كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبع القرآن، فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة- آيتين- مع أبى خزيمة الأنصارى لم أجدهما مع غيره» (120)، ومن ثم كان هو الذى جمع القرآن فى صحف فى
عهد الصديق رضي الله عنه كما ندبه سيدنا
(112)،
(113)
أنظر (أسد الغابة) لابن الأثير 2/ 65، ط/ الشعب، و (فتح البارى) لابن حجر 9/ 18.
(114)
انظر (وثاقة نقل النص القرآنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته) للأستاذ الدكتور محمد حسن جبل ص 162، ط/ التركى بطنطا.
(115)
انظر (فتح البارى) لابن حجر 9/ 18. ط/ الهيئة المصرية.
(116)
نفس المصدر، وانظر (سير أعلام النبلاء) للذهبى 1/ 389.
(117)
سير أعلام النبلاء 2/ 441، ط/ الرسالة.
(118)
نفس المصدر 2/ 428 - 429.
(119)
نفس المصدر 2/ 429.
(120)
انظر (فتح البارى بشرح صحيح البخارى) 9/ 18، ط/ الهيئة المصرية.
عثمان رضي الله عنه إلى كتابة المصحف العثمانى أيضا (121).
هذا وقد حقق الأثبات أن سيدنا عثمان ابن عفان- رضى الله تعالى عنه- كان من أوثق مصادر التسجيل الفورى للوحى القرآنى ولا سيما فى العهد المدنى أيضا، حيث قالت السيدة عائشة- رضى الله عنها-:«كان عثمان قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله مسند ظهره إلىّ وجبريل يوحى إليه القرآن، وهو يقول: «اكتب يا عثيم» .!! (122)
ثم هنالك ثلة من الصحابة الأجلاء الذين اشتركوا فى كتابة الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ومن أبرزهم السادة الأجلاء:
أبان بن سعيد بن العاص (ت سنة 13 هـ)، وبريدة بن الحصيب الأسلمى، وثابت بن قيس، ومعاوية بن أبى سفيان، وخالد بن الوليد، وحذيفة بن اليمان، وحويطب بن عبد العزى، وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن رواحة، وسعيد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول وغيرهم- رضى الله تعالى عنهم أجمعين- وبعض هؤلاء وصفتهم المصادر بالكتابة للنبى صلى الله عليه وسلم دون تقييد بعهود أو رسائل، ولم يكونوا قديمى الإسلام بمكة المكرمة (123).
***** ونتوقف أخيرا عند نقطة: إثبات الوحى وإبطال دعوى منكريه بالاستدلال العقلى بعد أن قدمنا نصوص الإثبات نقلا من الكتاب والسنة، فنقول: قد أخبر بثبوت وقوع الوحى الصادق المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المؤيد بالمعجزة، وكل ما أخبر بوقوعه الصادق المعصوم فهو حق ثابت.
فإن المعجزة- وهى الأمر الخارق للعادة الخارج عن حدود الأسباب المعروفة يظهره الله على يد مدعى النبوة عند دعواه إياها شاهدا على صدقه- إنما هى بمثابة قول الله تعالى: (صدق عبدى فى كل ما يبلغه عنى، ومن ذلك أنه يوحى إليه منى)!!
ومن ثم: نستطيع أن نقرر بوثوق: أن الوحى القرآنى بإعجازه هو بنفسه دليل عقلى على مصداقيته، وذلك بما توافر له من براهين إعجازه بعد التحدى به وإعلان عجز الثقلين عن الإتيان بمثله، وصدق الله القائل فى كتابه المعجز: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً!! (124)
* ثم لقد قدم العلماء- لإثبات الوحى بالعلم التجريبى والفكر الفلسفى- دلائل
(121) انظر (سير أعلام النبلاء) 2/ 441.
(122)
انظر (وثاقة نقل النص القرآنى) للأستاذ الدكتور محمد حسن جبل ص 166 والأثر فيه معزو إلى (الرياض النضرة) للمحب الطبرى ج 2 ص 82 - ص 152.
(123)
المصدر السابق، والعزو فيه إلى (سبل الهدى والرشاد) للصالحى 12/ 382 - 441.
(124)
سورة الإسراء: الآية 88.
ساطعة على جوازه وإمكانه فى مواجهة من ينكرون أدلة الشرع.
ومنها التنويم المغناطيسى الذى كشفه الدكتور (مسمر) فى القرن الثامن عشر، واعترف به العلماء، وأثبتوا بواسطته أن للإنسان عقلا باطنا أرقى وأسمى من عقله المعتاد، وأنه فى حالة التنويم يرى ويسمع من بعد شاسع، ويقرأ من وراء حجب، ويخبر عما سيحدث مما لا يوجد فى عالم الحس علامة لحدوثه.
ثم إننا فى عصرنا الحديث وقد أصبح أمامنا التلفاز والراديو واللاسلكى وغير ذلك مما نشاهد ونتخاطب به عبر المسافات البعيدة، أنستبعد بعد ذلك على قدرة الله- تعالى- إعلام الله- تعالى- لخواص عباده بما شاء من وحيه؟؟
ثم كيف نذعن لقول كبار الفلاسفة كأفلاطون أن هناك عبقرية، وقد عرفها بأنها إلهية مولدة للإلهامات العلوية للبشر، ويقرر الفلاسفة أنها لا شأن للعقل فيها، ثم نستبعد على خلّاق القوى والقدر أن يمد بوحيه الإلهى من شاء من عباده؟ (125)
وهناك الكثير والكثير من الأدلة التى بسطها العلماء للاستدلال لصحة وقوع الوحى والجواب عن الشبهات الواردة عليه فى العديد من المصادر القرآنية؛ «كالنبإ العظيم» للدكتور محمد عبد الله دراز، و «الوحى المحمدى» للشيخ محمد رشيد رضا، و «مناهل العرفان» للعلامة الزرقانى وغيرها، فضلا عن أمهات التفاسير؛ للفخر الرازى والقرطبى والآلوسي وغير ذلك، والله تعالى أعلم.
أ. د./ جودة محمد أبو اليزيد المهدى هوامش موضوع الوحى
(125) انظر (النبأ العظيم) للدكتور محمد عبد الله دراز ص 67، و (مناهل العرفان) للزرقانى 1/ 66 - 84.