الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومع الميم: «عذاب مقيم» ، ومع الواو:
«يومئذ واهية» .
أما إذا وقع حرف من هذه الأحرف الأربعة السابقة بعد النون الساكنة فى كلمة واحدة وجب الإظهار مطلقا لعدم تقييده بحلق أو شفة، ولم يقع فى القرآن بعد النون من كلمة إلا الياء والواو، فالياء فى كلمتى «الدنيا» ، و «بنيان» ، والواو فى كلمتى:
«صنوان» ، و «قنوان» .
ووجب الإظهار فى هذه الكلمات الأربع لئلا يشتبه بالمضاعف- وهو ما تكرر أحد أصوله «كصنوان» «ودنيا» ، فلو أدغمت النون فى الياء أو فى الواو، وقيل الديا وصوان، فيلتبس الأمر بين ما أصله النون فأدغمت نونه، وبين ما أصله التضعيف، فلهذا أظهرت النون خوف الالتباس.
الثانى: إدغام بغير غنة، وله حرفان: اللام والراء. فإذا وقعت اللام أو الراء بعد النون الساكنة أو التنوين وجب الإدغام، ويسمى إدغاما بغير غنة، ووجه حذف الغنة مع اللام والراء: المبالغة فى التخفيف، ويسمى هذا القسم من الإدغام إدغاما كاملا، لذهاب الحرف والصفة معا.
ومن أمثلة اللام بعد النون الساكنة: «ولكن لا يعلمون» ، ومثال الراء بعد النون الساكنة:
«من ربهم» ، ومثال اللام بعد التنوين:
«هدى للمتقين» ، ومثال الراء بعد التنوين:
«رءوف رحيم» .
الثالث: الإقلاب:
والإقلاب فى اللغة معناه: تحويل الشيء عن وجهه، وفى الاصطلاح: جعل حرف وهو الميم، مكان حرف آخر، وهو النون الساكنة أو التنوين، مع مراعاة الغنة والإخفاء. ويصح أن يقال فى تعريفه: هو قلب النون الساكنة أو التنوين ميما عند الباء، مع مراعاة الغنة والإخفاء. وله حرف واحد هو الباء، فإذا وقعت الباء بعد النون الساكنة من كلمة أو من كلمتين، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين وجب الإقلاب، أى قلب هذه النون أو التنوين ميما عند الباء مع الإخفاء بغنة.
ومن أمثلة النون الساكنة مع الباء: «أنبئهم» «أن بورك» ، ومثال التنوين مع الباء:«سميع بصير» .
ووجه الإقلاب هنا هو: عسر الإتيان بالغنة فى النون الساكنة والتنوين مع الإظهار، ثم إطباق الشفتين لأجل الباء، وعسر الإدغام كذلك لاختلاف المخرج وقلة التناسب، وحينئذ يتعين الإخفاء، ثم توصل إليه بالقلب ميما لمشاركتها للباء مخرجا وللنون غنة.
الرابع: الإخفاء:
والإخفاء فى اللغة معناه: الستر، تقول:
أخفيت الشيء أى: سترته. وفى الاصطلاح:
هو عبارة عن النطق بحرف ساكن عار من التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع
بقاء الغنة فى الحرف الأول وهو هنا النون الساكنة والتنوين.
وحروف الإخفاء: خمسة عشر حرفا وهى التى جمعها الجمزورى فى تحفته فى أوائل كلمات البيت التالى:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما
…
دم طيبا زد فى تقى ضع ظالما
وهى: الصاد، والذال، والثاء، والكاف، والجيم، والشين، والقاف، والسين، والدال، والطاء، والزاى، والفاء، والتاء، والضاد، والظاء.
فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة سواء كان متصلا بها فى كلمتها أم منفصلا عنها، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين كما هو مقرر وجب إخفاؤهما، ويسمى إخفاء حقيقيا لأنه متحقق فى النون الساكنة والتنوين أكثر من غيرهما.
ومن أمثلة إخفاء النون الساكنة مع هذه الحروف من كلمة ومن كلمتين: «منصورا» «أن صدوكم» ، «منذر» ، «من ذكر» ، «منثورا» ، «من ثمرة» ، «ينكثون» ، «من كل» ، «أنجيناكم» ، «أن جاءكم» ، «المنشئون» ، «لمن شاء» ، «أندادا» ، «من دابة» ، «ينقضون» ، «فإن قاتلوكم» ، «منسأته» ، «من سيئاتكم» ، «ينطقون» ، «من طيبات» ، «فأنزلنا» ، «فإن زللتم» ، «انفروا» ، «وإن فاتكم» ، «منتهون» ، «من تحتها» ، «منضود» ، «من ضل» ، «انظروا» ، «من ظهير» .
ومن أمثلة التنوين مع هذه الحروف: «ريحا صرصرا» ، «سراعا ذلك» ، «أزواجا ثلاثة» ، «عادا كفروا» ، «فصبر جميل» ، «بأس شديد» ، «ثمنا قليلا» ، «ورجلا سلما» ، «قنوان دانية» ، «شرابا طهورا» ، «مباركة زيتونة» ، «خالدا فيها» ، «جنات تجرى» ، «قوما ضالين» ، «ظلا ظليلا» .
ووجه إخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف هو: أن النون الساكنة والتنوين لم يقربا من هذه الأحرف الخمسة عشر مثل قربهما من حروف الإدغام حتى يدغما، ولم تبعد النون الساكنة والتنوين من هذه الأحرف مثل بعدهما عن حروف الإظهار فيظهرا، فهما لم يأخذا القرب الموجب للإدغام، ولم يأخذا صفة البعد الموجب للإظهار، ومن هنا فقد أعطيت النون الساكنة والتنوين عند الأحرف الخمسة عشر السابقة حكما متوسطا بين الإظهار والإدغام، هذا الحكم المتوسط، هو الإخفاء كما اتضح لنا معناه.
وللإخفاء مراتب ثلاثة: أعلى عند الطاء والدال والتاء.
وأدنى عند القاف والكاف. وأوسط عند باقى الحروف الخمسة عشر. وقد أشار صاحب التحفة إلى هذه الأحكام الأربعة بقوله:
للنون إن تسكن وللتنوين
…
أربع أحكام فخذ تبيينى
فالأول الإظهار قبل أحرف
…
للحلق ست رتبت فلتعرف
همز فهاء ثم عين حاء
…
مهملتان ثم غين خاء
والثانى إدغام بستة أتت
…
فى يرملون عندهم قد ثبتت
لكنهما قسمان قسم يدغما
…
فيه بغنة بينمو علما
إلا إذا كان بكلمة فلا
…
تدغم كدنيا ثم صنوان تلا
والثانى إدغام بغير غنة
…
فى اللام والراء ثم كرّرنه
والثالث الإقلاب عند الباء
…
ميما بغنة مع الإخفاء
والرابع الإخفاء عند الفاضل
…
من الحروف واجب للفاضل
فى خمسة من بعد عشر رمزها
…
فى كلم هذا البيت قد ضمنتها
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما
…
دم طيبا زد فى تقى ضع ظالما (1)
أ. د. السيد إسماعيل على سليمان
(1) النجوم الطوالع شرح الدرر اللوامع فى أصل مقرأ الإمام نافع للعلامة المحقق الشيخ سيدى إبراهيم أحمد المارغنى ص 96 وما بعدها طبع المطبعة التونسية بسوق البلاط بتونس عام 1354 هـ 1935 م. وانظر: هداية القارى إلى تجويد كلام البارى ص 159 وما بعدها طبعة دار النصر للطباعة الإسلامية الأولى سنة 1402 هـ 1982 م للشيخ/ عبد الفتاح السيد عجمى المرصفى. وانظر البرهان فى تجويد القرآن ص 7 - 11 طبعة مطبعة محمد على صبيح وأولاده بميدان الأزهر سنة 1978 للشيخ/ محمد الصادق قمحاوى. وكتاب كيف تقرأ القرآن قراءة شرعية ص 115 - 123. طبعة دار التوفيقية بالأزهر سنة 1400 هـ 1980 م للأستاذ الدكتور سيد مرسى إبراهيم بيومى.