الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السورة، وكان يتلوه عليهم مرارا وتكرارا فى صلاته وعظاته وفى حكمه وأحكامه، وكان يعارض به جبريل كل عام مرة، وعارضه به فى العام الأخير مرتين، وكل ذلك كان على الترتيب المعروف لنا فى المصاحف».
ومن الأدلة على ذلك:
ما أخرجه الشيخان عن أبى مسعود قال:
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه» .
وعند مسلم عن أبى الدرداء: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال» . وفى رواية: «العشر الأواخر من سورة الكهف» .
كما ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الجمعة فى صلاة الفجر الم (1) تَنْزِيلُ السجدة، وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ.
وعند مسلم عن أبى واقد الليثى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الأضحى والفطر ب ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ واقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.
وأخرج الإمام مسلم عن عمر رضي الله عنه قال:
ما سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن شىء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه فى صدرى، وقال:«تكفيك آية الصيف التى فى آخر سورة النساء» .
وروى الإمام أحمد عن عثمان بن أبى العاص قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال: «أتانى جبريل فأمرنى أن أضع هذه الآية هذا الموضع من السورة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى.
وهذا كله، وغيره كثير .. يدل على أن الآيات القرآنية نزلت بهذا الترتيب الموجود فى المصحف.
تناسب الآيات:
إن آيات القرآن الكريم لترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا، يعتبر مظهرا جليلا من مظاهر الإعجاز القرآنى، وتبدو آيات السورة الواحدة بهذا الترابط حلقات فى سلسلة، سلك فيها عقد جميل، ومن جمال تناسب الآيات أن كان على أشكال متنوعة أنظمها فى نوعين:
النوع الأول: تناسب أجزاء الآية الواحدة، ولهذا النوع أشكال:
أحدها: تناسب القسم مع المقسم به، مثل: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى والمناسبة هنا هى تشبيه النبى صلى الله عليه وسلم بالنجم فى الاهتداء به.
ثانيها: السؤال والجواب، مثل الآية أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس 81]. فآخرها جواب على أولها.
ثالثها: تناسب ألفاظ الآية مع حالها ومعناها، مثل آية سورة البقرة وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ [126] بالتنظير مع آية سورة إبراهيم: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [35]، ففي الآية الأولى حيث كانت مكة مكانا منكرا غير معروف جاء لفظه نكرة (بلدا)، ولما أصبح مكانا معروفا يرتاده الناس ويستوطنونه جاء اللفظ المعبر عنه معرفة (البلد) كما فى الآية الثانية.
ومثل قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام 151]، بالتنظير مع آية الإسراء وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [31].
فحيث كان الفقر واقعا جاء التعبير مِنْ إِمْلاقٍ وطمأن الأسرة على رزقها فقدم خبرها نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ، وحيث كان الفقر متوقعا أشار إلى ذلك فقال: خَشْيَةَ إِمْلاقٍ
كما أشار إلى أن الأولاد يخلقهم ربهم وقد قدر لهم أرزاقهم، فقدم خبرهم فقال: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ.
رابعها: تناسب خاتمة الآية مع موضوعها
…
مثل قول الله- سبحانه وتعالى:
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة 209]، ذكر الإمام القرطبى حكاية عن النقاش: أن كعب الأحبار لما أسلم كان يتعلم القرآن، فأقرأه الذى كان يعلمه (فاعلموا أن الله غفور رحيم) على سبيل الخطأ- فقال كعب: إنى لأستنكر أن يكون هكذا، ومر بهما رجل فقال كعب: كيف تقرأ هذه الآية؟ فقال الرجل: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فقال كعب: هكذا ينبغى. وقيل: سئل كعب:
وكيف عرفت وأنت لا تحفظها؟ فقال: ما كان لمن توعد وتهدد أن يغفر ويرحم، وإنما يعز ويحكم.
النوع الثانى: تناسب الآيات مع بعضها داخل السورة الواحدة:
ولهذا النوع أيضا أشكال:
أولها: البيان والتفسير: كما فى الآيات:
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ