الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثالثُ: أنَّهُما سُنَّتانِ في الوضوءِ، واجبتانِ في الغُسلِ منَ الجنابةِ؛ وهو مذهبُ أبي حنيفةَ رضي الله عنه (1).
والرابعُ: أنَّ الاستنشاقَ واجبٌ دونَ المضمَضَةِ؛ وذهبَ إليهِ [الإمامُ](2) أحمدُ (3).
[الثالثةُ]
(4): [والطائفة الذينَ](5) قالوا: إنَّهما سُنَتَّانِ، في مذهبِهِم مُخالفَةٌ لظاهرِ (6) هذا الأمرِ.
وقد كَثُرَ الاعتذارُ عن ذلِكَ بما جاءَ في الحديثِ من الحوالةِ في الوضوءِ علَى ما أمرَ الله بهِ؛ كالقولِ للأعرابيِّ: "توضَّأَ كَمَا أَمَرَكَ الله"(7)، فحَمَلوهُ علَى الحوالةِ [علَى](8) ما في القرآنِ، وليسَ فيهِ ذكرُ المضمَضَةِ والاستنشاقِ، والموضعُ موضعُ بيانٍ لا يجوزُ تأخيرُ ذكرِ شيءٍ منَ الواجباتِ عنهُ، وقد يُنازعونَ في أنَّ المرادَ الحوالةُ علَى ما في القرآنِ،
(1) انظر: "الهداية" للمرغيناني (1/ 16).
(2)
سقط من "ت".
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 83).
(4)
سقط من "ت"، وهي المسألة الثالثة كما في الأصل، وعليه فقد اختلف ترتيب المسألتين الثالثة والرابعة، وأما الخامسة فقد سقط ترقيمها من "ت".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
في الأصل "الظاهر"، والمثبت من "ت".
(7)
تقدم تخريجه.
(8)
زيادة من "ت".
فإنَّ أمرَ الله أعمُّ من ذلكَ، وبهذا الدليلِ حملوا الأمرَ علَى الاستحبابِ، ورُبَّما أُخرِجَ عن ظاهرهِ بأقيسَةٍ شَبهيةٍ تدُلُّ علَى عدَمِ الوجوبِ، ولسنا ننَشطُ لذكرِ مثلَ ذلكَ.
وأمَّا مَنْ ذهبَ إلَى وجوبِهِما معاً، فلهُ حُجَّتُه في صيغةِ الأمرِ الواردةِ في هذا الحديثِ مع صيغةِ الأمرِ (1) بالمضمَضَةِ في حديثٍ آخرَ (2).
وأمَّا مَنْ قالَ بوجوبِهِما في غسلِ الجنابةِ دونَ الوضوءِ، فلهُم في وجهِ التفرقَةِ طريقةٌ تَرجِعُ إلَى مراعاةِ الظاهرِ والباطنِ بالنِّسبَةِ إلَى الفمِ والأنفِ، أو إلَى مراعاةِ لفظِ البشرةِ (3) مع ما وردَ من تعليقِ الحُكمِ بها، والتحقيقُ بعدَ النظرِ إلَى هذا أنْ يُطلَبَ لفظٌ يدلُّ علَى تعليقِ الحكمِ بما علَّقهُ بهِ المجتهدُ؛ فإنْ كَان من الإخبارِ فيُطلَبُ تصحيحُهُ أيضاً، وهذا الحديثُ يُعارضُ مذهبَهُم بالنِّسبَةِ إلَى الاستنشاقِ في الوضوءِ، فيحتاجونَ إلَى ما يُوجِبُ صَرفَ الأمرِ عن ظاهرِهِ.
وأمَّا مَنْ ذهبَ إلَى وجوبِ الاستنشاقِ دونَ المضمَضَةِ فقَد ذُكِرَ فيهِ أنَّ الأمرَ واردٌ بهِ دونَ المضمَضَةِ، فإنْ كَان أُريدَ بهِ نفيُ الأمرِ بالمضمضَةِ مُطلقاً؛ فأولاً: في إثباتِ ذلكَ عُسرٌ.
(1) في الأصل: "أمر"، والمثبت من "ت".
(2)
سيأتي تخريجه من حديث لقيط بن صبرة.
(3)
"ت": "النثرة".