الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقول:
سقوا جارك العيمان
…
وذكر البيتين، قال: ويريد: المعموه سنامًا، على تقدير: قروه سنامًا ومحضًا؛ لأن القِرَى قد تضمَّنَ معنى الإطعام، ومعنى السقي.
ويقول:
يُسْمِعُ الأحشاءَ منه لَغَطًا
وذكر البيت، قال: ويريد: وترى لليدين مثلَ ذلك، على تقدير: تحسُّ منه كذا وكذا؛ لأن الإحساسَ قد تضمَّنَ معنى الرؤية، ومعنى السمع.
كذلك حَسُنَ أن نقول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]، ويكون المراد: واغسلوا أرجلَكُم، على تقدير: وأمِرُّوا الماء على رؤوسكم وأرجلكم؛ لأن الإمرارَ قد تضمَّنَ معنى المسح، ومعنى الغسل.
الرابعة والستون بعد المئة:
وذكر الشريفُ معنى آخر، وهو [أنَّ](1) حملَ القراءةِ بالنصب على الغسل تركٌ لظاهرٍ لا إشكالَ فيه، وهو إعمالُ الأبعد من العاملين، وتركُ الأقرب، فكيف يسوغُ أن يُعدلَ عن ظاهر القراءة بالجرّ، ويحملَها على توسُّعٍ وتجوُّزٍ؛ لِتُطَابِقَ معنى النصب الذي ما تَمَّ إلا بعد عدول عن ظاهر آخر؟ بل الأولى أن يَحمِلَ
(1) زيادة من هامش "ت".
القراءتين على ظاهرهما، فتكونا معا مُفيدتين للمسح دونَ الغسل.
أجاب الفقيه بأنه قد تبيَّنَ أنَّ في حمل القراءة بالنصب على المسح تركًا لظاهر لا إشكالَ فيه، وهو الحملُ على الموضع، وتركُ (1) اللفظِ والمخالفة بين المعطوف عليه ظاهراً في الحكم، فكيف يسوغُ أن يُعدلَ عن ظاهر القراءة بالنصب، ويحملَها على توسعٍ وتجوُّزٍ؛ لتطابقَ لفظ القراءة بالجر، مع احتمالِ أن يكونَ معناها معنى القراءة بالنصب، بل الأولى أن يحمِلَ القراءةَ بالنصب على ظاهرها، والقراءةَ بالجر المحتملةَ على موافقةِ المنصوبة، فتكونا مفيدتين الغسلَ دونَ المسح.
قال: ثم يرجَّحُ حملُ القراءتين جميعًا على الغسل بما مضى ذكره من التنبيه (2) والبيان؛ فالتنبيهُ: أنه لما وجبَ غسلُ اليدين مع بُعدهما من الوسخ، كانت الرجلان مع قُربهما من الوسخ بوجوب ذلك فيهما أولى.
ثم قال: والبيانُ: أنه لما حدَّ اليدين أوجبَ غسلَهُما، وكانت الرجلين محدودتين، عُلِمَ أَنَّ الواجبَ فيهما الغسلُ.
قال: وما أورده الشريفُ على الاحتجاج بالتحديد (3) قد تقدَّمَ الجوابُ عنه، وأيضًا، فإنَّ مَنْ حملَهُما على الغسل أوجبَ بكلِّ
(1) في الأصل و "ت": "ودلَّ"، والمثبت من هامش "ت".
(2)
"ت": "البنية"، وجاء في الهامش:"لعله: التنبيه".
(3)
"ت": "بالتجريد".
واحدةٍ مُقتضاها من غسل الرجلين إلى الكعبين، ومَنْ حَمَلَهُما على المسح لم يفعلْ ذلك؛ لأن تقديرَ القراءة بالنصب عنده، إذا حملها على موضع الباء: امسحوا أرجلَكُم إلى الكعبين، فيقتضي أن يمسحَ جميعَ القدم، وهو لا يوجبُ مسحَ باطن القدم، ولا مسح جانبيهما.
قلت: أما أمرُ التحديد فقد تقدَّمَ أمرُ استضعافنا له، وكذلك الترجيحُ بمناسبة الغسل التي ذُكرت، ولكن الذي ذكره الفقيهُ آخِرًا قويٌّ في الردِّ، وطريقُهُ أن يقالَ للشيعي: حملُ العطف على (الرؤوس) كما ادَّعيتم، يلزمُ منه أمر، فيمتنع.
بيانه: أنه يلزمُ منه وجوبُ مسح الرجلين إلى الكعبين، وذلك خلاف الإجماعِ مني ومنك؛ لأني قائل [بوجوب الغسل، وأنت قائلٌ بوجوب المسح، لكن لا إلى الكعبين، فالقولُ](1) بوجوب المسح إلى الكعبين الذي يوجبه ما ذكرتَ من حمل العطف على (الرؤوس)، مخالفٌ للإجماع مني ومنك، امتنع حملك عليه.
وهذا الذي ذكرناه وقوَّيناه، إنما هو مكايلةٌ للشيعي، لا لابن جرير، والظاهري، وسيأتي الكلام عليهما.
قال الفقيه: وأيضًا فإنَّ [في](2) حملِهِما على الغسل الاحتياطَ للطهارة والصلاة؛ لأنَّ الغسلَ يأتي على المسح ويزيدُ عليه، قال أبو
(1) زيادة من "ت".
(2)
زيادة من "ت".