الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالدَّمُ} [المائدة: 3]؛ لأن المقصودَ ذِكْرُ المحرمات لا ترتيبُها في نحو: جاء زيد وعمرو معه، وجاء زيد وعمرو قبله، والمقصود من هذا الكلام ما قاله في نحو: ما قام أحد إلا زيدًا وإلا عمرًا.
الثلاثون:
في فرع من فروع ما تقدم: فقياسُ قولِ سيبويه في "مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ يُقَرِّبُ وَضُوءَه فُيُمَضْمِضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَنْتَثِرُ" على حال إلا على حال خروج خطايا وجهه وفِيْهِ وخياشيمه، أي: ليس له حال عند تلبُّس هذه الأحوال والأفعال إلا حالًا واحدة وهي خروج خطاياه (1)، وعلى قياس قول المبرِّد: ما يفعل أحدُكم هذه الأفعالَ إلا خارجةً خطاياه.
وعلى قياس قول الأخفش: إن قرَّب أحدُكم وضوءَه فتمضض، واستنشق، وانتثر، خرجت خطايا وجهِهِ، وفيه، وخياشيمه، والله أعلم.
الحادية والثلاثون:
في فرعٍ آخرَ من فروع ما تقدم، قوله في الحديث:"ثُمَّ إذِاَ غَسَلَ وَجْهَهُ إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايا وَجْهِه" مُشْكِلٌ لِما تقدم [في](2) القاعدة الأولى من وجوب تقدُّم النفي، ويحتمل في تخريجه وجوه: أحدها: أنه مِمَّا حُمل فيه الكلام على المعنى دون اللفظ، ويكون التقدير: ثم لا يغسل وجهَه إلا خرجت خطايا، لا بمعنى أن (إذا) تكون بمعنى (لا)، بل باعتبار ما يُفهم من جملة الكلام، وحَمْلُ الكلامِ على المعنى مع دخول (إلا) قد تقدم لنا مثالُه، ومنه: نَشَدتُك اللهَ إلا فعلت كذا، وهو كلام. محمول على المعنى كأنه قال:
(1)"ت": "خطاه".
(2)
زيادة من "ت".
ما أَنْشُد إلا فعلَك، أي: ما أسألك إلا فعلك، ومثل ذلك (شَرٌّ أهرَّ ذا نَابٍ)(1)، و (شيء جاء بك)، قال ابن يعيش: وجاز وقوع فعلت هاهنا بعد (إلا) من حيث كان دالًا على مصدره، كأنهم قالوا: ما أسألك إلا فعلك، ونحوه ما أنشده أبو زيد [من الوافر]:
فقالوا ما تشاءُ فقلتُ ألهو
…
إلى الإصْباحِ آثِرَ ذي أثيرِ (2)
فأوقع الفعلَ على مصدرِه؛ لدلالته عليه، كأنه قال في جواب (ما تشاء):(اللهو)، وإذا ساغ أن يحمل (شرٌّ أهرّ ذا ناب) على معنى النفي في نشدتُك اللهَ إلا فَعلتَ، أظهر لقوة الدلالة على النفي لدخول (إلا) لدلالتها عليها، انتهى ما أردت نقله (3).
ومن الحمل على المعنى: أقسمتُ عليك إلا فعلتَ، فقياسه لو أجريَ على ظاهره أن يقال: ليفعلن، لأنه جواب القسم في طرف الإيجاب بالفعل، فتلزمه اللام والنون، لكنهم حملوه على نشدتكَ اللهَ إلا فعلت؛ لأن المعنى فيهما واحد، قال سيبويه رحمه الله: سألت الخليل رحمه الله عن قولهم: أقسمت عليك لما فعلت وإلا فعلت، لمَ
(1) يقال: أهرَّه: إذا حمله على الهرير، وشر: رفع بالابتداء وهو نكرة، وشرط أن يبتدأ بها حتى تخصص بصفة؛ كقولنا: رجل عن بني تميم فارس، وابتدؤوا بالنكرة هاهنا من غير صفة، وإنما جاز ذلك؛ لأن المعنى: ما أهر ذا ناب إلا شر. وذو الناب: السبع. يضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 370).
(2)
البيت لعروة بن الورد، كما في "ديوانه" (ص: 57).
(3)
انظر: "شرح المفصل" لابن يعيش (2/ 94 - 95).
جازَ هذا، وإنما أقسمت هاهنا كقولك: والله؟ فقال: وجهُ الكلام: لتفعلَنَّ، ولكنهم أجازوا هذا؛ لأنهم شبهوه (1) بقولهم: نشدتك اللهَ إلا فعلت، إذ كان المعنى فيهما معنى الطلب (2).
ومن الحمل على المعنى في قولهم: قلّ رجلٌ يقول ذلك إلا زيد، أي: ما يقول ذاك أحد.
وثانيها: أن يقال: ما منكم من أحد يقرب [وضوءه](3) فيتمضمض، ويستنشق، وينتثر، إلا خرجت الخطايا من فيه وأنفه وخياشيمه، ثم إلا خرجتْ خطاياه إذا غسلَ وجهَه.
"فَيُمَضْمِضُ، وَيَسْتَنْشِقُ، وَينْتَثِر": صفاتٌ لأحد، و"إِلَّا خَرَجَتْ" هو الخبر؛ لأنه محطُّ الفائدة، والمعنى: ما أحد يفعل هذه الأشياء إلا كان كذا.
وقوله عليه السلام: "ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ إِلَّا خَرَجَتْ" فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، وفُصِل بين حرف العطف والمعطوف بالشرط، والتقدير: إلا خرجت الخطايا من وجهه وفيه.
والفصلُ بين حرف العطفِ والمعطوفِ إذا كان على أكثر من حرف بالقسم، والظرف، والمجرور، جائزٌ، وأما إن كان على حرف واحد، فلا يجوز إلا ضرورةً.
(1) في الأصل و "ت": "شبهوا"، والمثبت من "الكتاب" لسيبويه.
(2)
انظر: "الكتاب" لسيبويه (3/ 105 - 106).
(3)
زيادة من "ت".
وهذا فرع من فروع القاعدة التي قدَّمناها في الفصل بين حرف العطف والمعطوف، وقد نَقل أبو عبد الله بن مالك، عن أبي علي: المنعَ منه، إلا في ضرورة (1)، فإذا بُني على الجواز، فيكون من باب عطفِ جملة على جملة، ويكون جواب الشرط محذوفًا؛ لأن النية بهذا الشرط التأخيرُ، فيصير المعنى: إلا خرجت خطايا وجهه، إذا غسل وجهه كان ذلك.
وثالثها: أن يكون العطفُ على "تمضمض" وما بعده، و"إذا" ظرف، ومعنى الشرط (2) وجوابه محذوف، تقديره: أسبغَ غسله، أو أَتمَّه، أو بَالَغَ فيه، أو ما أشبهَ ذلك، ودلَّ على هذا المحذوف سياقُ المعنى، وقوله:"وينتثر" لأن الانتثارَ عملٌ زائد على المضمضة والاستنشاق، كما أنّ الإسباغَ زائدٌ على غسل الوجه، وحذفُ جواب (إذا) جائزٌ، و (إذا) وجوابها المعطوف جملة معطوفة بـ (ثم) على (تمضمض) وما بعده، ووقوع (إذا) مع جوابها معطوفة على ما قبلها بـ (ثم) جائز لقوله تعالى {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} [الزمر: 8]، وكقوله تعالى:{ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ} [الروم: 33].
ورابعها: أن يُعْطَفَ "ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَه" [على "يُقَرِّبُ فيُمَضْمِضُ" فيكون عطف جملة الشرط على هذه الجمل، ولا يكون
(1) انظر: "شرح الكافية" لابن مالك (3/ 1238).
(2)
"ت": "وإذا ظرف فيه معنى الشرط".
فصل بين حرف العطف والمعطوف، وكأنه قيل: من منكم من أحد إذا غسل وجهه] (1) إلا خرجت الخطايا من وجهه، كما قيل: ما منكم من أحد يقرب فيتمضمض إلا خرجت خطايا فيه، واعترض عليه باحثٌ: بأنَّ على هذا التقدير إذا غسل وجهه؛ إما أن يجرد (إذا) عن الظرفية، ويجعله لمجرد الظرف، كقوله تعالى:{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1 - 2]، أو يجعلَها ظرفًا فيه معنى الشرط، فإن جعلتها لمجرد الظرف، كانت في موضع الصفة؛ لأنَّها معطوفة على الصفة، والمعطوف على الصفة صفة، وإذًا لا تكون صفة للحدث (2)، كما لا يكون خبرًا عن الحدث (3)؛ لأنَّها من ظروف الزمان، وإن جعلتها شرطية، فالجواب محذوف والجملة من الشرط، والجزاء في موضع الصفة، وتقع الجملة الشرطية صفةً للحدث (4) بخلاف ظرف الزمان وحده، دون أن يكون في جملة الشرط، وإن جعلتها شرطية و (إذا) وجوابها المحذوف جملة معطوفة بـ (ثم) على (تمضمض) وما بعده، فالجواب المحذوف إما أن تقدره قبل:"إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" أو بعده، لا جائزَ أن تقدره قبله؛ لأنه إذ ذاك يبقى الخبر لا فائدة له، إذ يصير التقدير: ما منكم من أحد إذا غسل وجهه خرجتِ الخطايا من وجهه إلا خرجت الخطايا من وجهه، ولا جائزَ أن تقدره بعده؛ لأنه إذ
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "للجثث".
(3)
"ت": "للجثث".
(4)
"ت": "للجثث".
ذاك يبقى الخبر أيضًا لا فائدةَ له، وتكون قد فصلتَ بين الشرط والجواب، الذي مجموعُهما وقع صفة لقوله:"إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه"، فيكون ذلك فصلًا بين أجزاء الصفة، وهذا كله لا يجوز.
ويلزم أيضًا على كلا التقديرين: العطف على عاملين؛ لأنَّ (ثم) عطفت "إِذَا غَسَلَ وَجْهَه"، أي: على "يقرب فيمضمض" فهو في موضع جرٍّ على اللفظ، أو رفع على الموضع؛ لأن قوله:"من أحد" مبتدأ، و (من) زائدة، وعطفت أيضًا "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" على "إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا فِيْهِ"، فهو في موضع رفعٍ؛ لأنه معطوف على الخبر، وهذا لا يجوز إلا على مذهب من أجاز العطفَ على عاملين، وهو الأخفشُ.
وعلى التقدير المذكور الذي خُرِّج عليه الحديث، لا تكون من هذا الباب، لأنه ليس إلا معطوفٌ واحد، وهو:"إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" على معطوف عليه واحد، وهو:"إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا فِيْهِ"، هذا معنى ما قيل.
واعلم: أن هذا الوجهَ، وما قيل في إبطال العطف على "يُقَرِّبُ فَيُمَضْمِضُ" من أركان صحته، وإبطال ذلك التقدير، أنه يلزم أن لا تكونَ في الخبر فائدةٌ، وهذا اللازمُ لازمٌ عن وجوب تقدير الجواب: فخرجت خطاياه، وفي تغيّر هذا التقدير للجواب منع، فليُبْحَث عليه، ولينظر إلى ما حكيناه عن كلام الأخفش في:
(إذا بررت أباك فأنت طائع له إلا غفر لك).
وخامسها: أن تكون (إذا) لمَحضِ الظرف مجردةً عن معنى الشرط، لا جواب لها، والعاملُ فيها فعلٌ محذوف من جنس المنطوق به، تقديره: ثم يُقرِّب وَضوءَه إذا غسل وجهه، وتكون الظرفية بمعنى الملابسةِ، أي: ثم يُلابِسُ وضوءَه حتى غسل وجهه، ويجوز أن يكون فيها معنى الشرطِ، وجوابُها محذوفٌ، وعلى كلا الوجهين يجوز أن تكون هذه الجملة المذكورة معطوفة على (يقرب) وما بعده، فتدخل في حكم الصفة؛ لأن المعطوف على الصفةِ صفةٌ، وتكون كلُّها صفاتٍ للمبتدأ المنطوق به، وهو واحد من غير إضمارِ موصوفٍ غيرِه، ويكون الكلام كلُّه جملةً واحدةً، ونحن إذا جعلنا (إذا) ظرفًا ومعمولًا بفعل مقدر، لا تكون (إذا) وحدها صفة، وإنما الجملة بكمالها هي الصفة، أعني:(يقرب) المضمرة مع (إذا)، وما دخلتْ عليه.
وقد يُعترض على هذا الوجه بأن يقال: (إذا) وصفتِ المبتدأَ، ثم أُخِبر عنه، فلا يُرجع إلى وصفه بعد أن أُخبِرَ عنه، فلا يقال: زيد العالم الفاضل في الدار الكاتب، فيكون الكاتبُ صفةً لزيد بعد أن أخبر عنه بـ (في الدار)؛ لأن فيه الفصل بين الأوصاف بأجنبي، وهنا قد وصف المبتدأ بقوله:(يقرب) وما بعده، ثم أخبر عنه، بما (1) أخبر عنه بـ"خَرجَت خَطَايا وَجْهِه وفِيهِ وخَيَاشِيمِه" ثم رجع إلى وصفه بالجملة التي بعد (ثم) المقدر فعلها على تقدير الظرفية، أو جوابها على تقدير الشرطية.
(1) في الأصل: "ثم"، والمثبت من "ت".
ويجاب عنه: بأن المبتدأ قد يُوصَف بأوصاف ويُخبَر عنه باعتبار كل صفة بخبر يلائم تلك الصفة، فيتكرر الإخبار عن مبتدأ واحد باعتبار ما تكرَّر من أوصافه، كقولك: ما من أحد يصلي في المسجد الحرام إلا صلاته كألف صلاة، ولا يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كانت صلاته كسبع مئة صلاة، ولا يصلي في المسجد الأقصى إلا كانت صلاتُه بخمس مئة، وكذلك في الحديث؛ أخبر عن "أحد" بخروج خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، باعتبار وصفه المضمضة والاستنشاق والانتثار، ثم أخبر عنه بخروج خطايا وجهه، فحُسِب باعتبار وصفه بغسل وجهه فحسب.
وسادسها: أن تكون هذه الجملة المذكورة، أعني:(يقرب) المقدرة مع (إذا) وما دخلت عليه صفة لمبتدأ محذوف منفيٍّ من لفظ المنطوق، تقديره: ثم ما منكم من أحد يقرِّبُ وضوءَه، حين غَسْلِ وجهه، أو ما منكم من أحد إذا غَسَلَ وجهه أدَّى الواجب، أو ما أشبهه، ويكون الكلام جملتين، وكيف ما قدر بقوله:"خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" في موضع رفع خبر، إما على المبتدأ المنطوق به، وإما على المقدر كما ذكر، وقد يُعترض على هذا الوجه باعتراضين:
أحدهما: أن فيه حذفَ المبتدأ منفيًا مع أداة نفيه بعده، والمعروف أن يحذف إذا حذف مع بقاء نفيه، نحو:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159]، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 7]، و {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] التقدير في الكل: أحد.
وقد يُجاب عنه: بأن المسوِّغ لذلك ظهور المعنى، وقوة القرينة عليه، وأن المحذوف من لفظ المنطوق بعينه، كقولهم:
بين ذراعي وجبهة الأسد (1)
و [من البسيط]:
ويا تيمُ تيمَ عدي (2)
على أحد التقديرين. [من الطويل]:
وإني وقيَّار بها لغريب (3)
وأشباه ذلك.
الثاني: أن فيه حذفَ الموصوف، وإقامةَ الصفة مقامه؛ لأن التقدير على هذا الوجه: ثم ما منكم من أحدٍ إذا غسل وجهَه، وحذفُ الموصوف، وإقامةُ الصفة مقامَه، لا تَحْسُن ولا تكثُر، إلا إذا كانت الصفةُ محضةً مختصةً، فلا يحسن: جاء يركبه (4)، على معنى: جاء رجل يركب، ولا جاء عندنا، بمعنى: جاء رجل عندنا، ولا مررت
(1) تقدم ذكره، وأنه نسب إلى الفرزدق.
(2)
صدر بيت لجرير، كما في "ديوانه" (ص: 219)، وتمامه:
يا تيم تيم عدي لا أبا لكم
…
لا يوقعنَّكم في سوأة عمرُ
(3)
عجز بيت منسوب لضابئ بن الحارث البرجمي، كما في "الكتاب" لسيبويه (1/ 75) وهو من شواهده، و"خزانة الأدب" للبغدادي (4/ 323)، وصدره:
فمن يكُ أمسى بالمدينة رحلُه
(4)
"ت": "يركب".
بأبيض؛ لأن الفعلَ والظرفَ غيرُ صفة محضة، و (أبيض) غير مختصة، وقوله في الحديث:"ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهَ" مع ما يقدر معه جملة، صفة لمبتدأ محذوف على غير هذا الوجه، وهي غير صفة محضة، فلا تحسن إقامتها مقام موصوفها.
ويجاب عنه: أنه وإن كان قليلًا، لكنه سُمعَ من العرب له نظائر؛ فمن ذلك ما أنشده (1) سيبويه [من الرجز]:
لو قلتَ ما في قَومِها لم تَيْثَمِ
…
يفضُلُها في حَسَبٍ ومِيْسَمِ (2)
يريد أحد يفضلها.
وأنشد المبرد [من الوافر]:
كأَنَّك من جمالِ بني أُقيشِ (3)
يريد: جمل من جمال بني أُقَيش (4).
وأنشد أبو زيد [من الرجز]:
(1)"ت": "أنشد".
(2)
البيت لحكيم بن مُعيَّة الرِّبعي، كما نسبه البغدادي في "خزانة الأدب"(5/ 64). وهو من شواهد سيبويه في "الكتاب"(2/ 345)، و"المفصل" للزمخشري (ص: 154).
(3)
صدر بيت للنابغة الذبياني، كما في "ديوانه" (ص: 190)، وعجزه:
يقعقَعُ خلف رجليه بشَنِّ
وانظر: "المقتضب" للمبرد (2/ 138).
(4)
في الأصل: "قيس"، والمثبت من "ت".