الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع عشر
وعن المغيرةِ بنِ شعبةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى العِمَامَةِ، والخُفَّيْنِ. رواه مسلم من جهة ابن المغيرة، عن أبيه (1).
الكلام عليه من وجوه:
* الأول: في التعريف:
فنقول: قال أبو عمر: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود ابن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس،
(1) * تخريج الحديث:
رواه مسلم (274/ 83)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة، وأبو داود (150)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، والنسائي (107)، كتاب: الطهارة، باب المسح على الخفين مع الناصية، والترمذي (100)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المسح على العمامة، من حديث بكر بن عبد الله المزني، عن الحسن، عن ابن المغيرة ابن شعبة، عن أبيه.
وسيأتي تخريج طرقه الأخرى في الوجه الثاني من هذا الحديث.
وهو ثقيف الثقفي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا عيسى. أمُّه امرأة من بني نصر بن معاوية.
أسلم عامَ الخندق، وقدِم مهاجرًا، وقيل: أول مَشَاهِدِه الحديبية.
روى زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قال لابنه عبد الرحمن - وكان قد اكتنى أبا عيسى -: وما أبو عيسى فقال: اكتنى بها المغيرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه للمغيرة: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كنَّاني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غُفِرَ ما تقدمَ من ذَنْبِهِ وما تَأَخَّر، فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هَلَك (1).
وكان المغيرة رجلًا طُوالًا، داهية، أعورَ، أصيبت عينه يوم اليرموك.
وتوفي سنة خمسين من الهجرة بالكوفة، ووقف على قبره مسقلة ابن هبيرة الشيباني فقال [من الخفيف]:
إنَّ تحتَ الأحجارِ حَزْمًا وجُودًا
…
وخَصِيمًا ألدَّ ذا مِغْلاقِ
حيةً في الوِجار أربدَ لا يَنْـ
…
ـفعُ السليمَ منه نَفْثُ الرَّاقي
ثم قال: أما والله لقد كنتَ شديدَ العداوة لمن عاديتَ، شديدَ الأخوة لمن آخيتَ.
(1) رواه أبو داود (4963)، كتاب: الأدب، باب: فيمن يتكنى بأبي عيسى.
وروى مجالد، عن الشعبي قال: دُهاةُ العرب أربعة: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد؛ فأما معاوية فللأناة والحِلم، وأما عمرو بن العاص فللمُعْضِلات، وأما المغيرة فللمبادَهة، وأما زيادٌ فللصغير والكبير (1).
وحكى الرِّياشي عن الأصمعي قال: كان معاوية يقول: أنا للأناة، وعمرو للبديهة، وزياد للصغار والكبار، والمغيرة للأمر العظيم.
قال أبو عمر: يقولون: إنَّ قيسَ بن سعد بن عبادة لم يكن في الدهاء بدون هؤلاء، مع كرمٍ كان فيه وفضل.
قال: حدثنا سعيد بن مسور (2)، ثنا عبد الله بن محمد بن علي، ثنا محمد بن قاسم، ثنا ابن وضاح، ثنا سحنون، عن ابن نافع قال: أحصن المغيرة بن شعبة ثلاث مئة امرأة في الإسلام.
قال ابن وضاح: غير ابن نافع يقول: ألف امرأة.
قال أبو عمر: ولما شُهِدَ على المغيرة عند عمر، عزله عن البصرة وولَّاه الكوفة، فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر، فأقرَّه عثمان، ثم عزله عثمان، فلم يزل كذلك إلى أن قُتل.
واعتزل صِفِّين، فلما كان حين الحكمين لَحِقَ بمعاوية، فلمَّا قُتِلَ علي وصالَحَ معاويةُ الحسنَ ودخل الكوفة ولَّاه عليها.
(1) رواه ابن عسكر في "تاريخ دمشق"(19/ 182) من طريق ابن أبي خيثمة، به.
(2)
في الأصل و "ت": "سعيد"، والمثبت من "الاستيعاب".
وتوفي سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين بالكوفة أميرًا عليها لمعاوية.
واستخلَف عليها عند موته ابنه عروة، وقيل: بل استخلَف جريرًا، فولّى معاوية حينئذ الكوفة زيادًا [مع] البصرة، وجمع له العراقَين، وتوفي المغيرة بن شعبة في الكوفة في داره بها، في التاريخ المذكور (1).
وأما ابن المغيرة فإنه مُبْهم في هذه الرواية، وللمغيرة ولد اسمه عروة وآخر اسمه حمزة، كلاهما يروي عنه المسح على الخفين، وهذا الجمع بين المسح بالناصية (2)، وعلى العمامة، وعلى الخفين مرويٌّ من طريق حمزة بن المغيرة، عن أبيه مطولًا ومختصرًا.
رواه عنه بكر بن عبد الله المزني مطولًا من رواية حميد، عن بكر (3).
(1) * مصادر الترجمة:
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 285)، "التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 216)، "الثقات" لابن حبان (3/ 372)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1445)، "تاريخ بغداد" للخطيب (1/ 191)، "تاريخ دمشق" لابن عساكر (60/ 13)، "أسد الغابة" لابن الأثير (5/ 238)، "تهذيب الكمال" للمزي (28/ 369)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 21)، "الإصابة في تمييز الصحابة"(6/ 197)، "تهذيب التهذيب" كلاهما لابن حجر (10/ 234).
(2)
في الأصل: "والناصية"، والمثبت من "ت".
(3)
رواه مسلم (274/ 81)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة.