الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة والثلاثون:
قوله: "كَهَيْئَتِهِ يَومَ ولَدتْه أُمُّه" حال من الضمير في (1) قوله: "مِنْ خَطِيْئَتِهِ".
* * *
*
الوجه الخامس: في شيء مما يتعلق بالألفاظ غير ما تقدم ويأتي، وفيه مسائل:
الأولى:
قوله: "فَسَمِعْتُ برجلٍ بمكةَ يخبرُ أخبارًا": لا شكَّ أنه لا يُراد ظاهر اللفظ، لأنه لا غرابةَ في الإخبار بمجرد الأَخبار، ولا حامل بسبب ذلك بمجرده على الرحلة، بل إما أن يكون من باب تَنْكير التعظيم، أو من باب حذف الصفة الممحضة (2)، كالإخبار عن الغيوب مثلًا، وبين الوجهين فرق.
الثانية:
قوله: "ما فَعَلَ هَذَا الرجلُ" هو يعني به: النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان أسلمَ، والواجب تعبيرُ المسلمِ عن الرسول بغير هذه العبارة، ولعلَّ سببَهُ طلبُ الإخفاء لِمَا لعله يُتَوقَّعُ من الضرر من القوم المسؤولين؛ لكثرة الكفر في ذلك الوقت، والمعاداة لأهل الإيمان، وليس هذا المعنى في قوله في أول الحديث:"فسمعتُ برجل بمكة يخبر أخبارًا": إما لأنه حينئذ كان قبل الإسلام المقتضي للعدول عن مثل هذه الصيغة، أو لأنه أخبر على حسب ما سمع.
الثالثة:
قيل: معنى (مع) المصاحبة بين أمرين، وكل أمرين
(1) في الأصل: "من"، والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "المخصصة".
لا يقع بينهما مصاحبة واشتراك إلا في حكم يجمع بينهما، ولذلك لا تكون الواو التي (1) بمعنى (مع) إلا بعد فعل لفظًا أو تقديرًا لتصحَّ المعيَّةُ، وكمالُ معنى المعية الاجتماعُ في الأمر الذي به الاشتراك في زمان ذلك الاشتراط، ويستعمل أيضًا لمجرد الأمر الذي به الاشتراك والاجتماع دون زمانِ ذلك. فالأول يكثر في أفعال الجوارح والعلاج، نحو: دخلت مع زيد، وانطلقت مع عبد الله، وقمنا معًا، ومنه قوله تعالى:{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 36]، {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} [يوسف: 12]، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا} [يوسف: 63]، {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ} [يوسف: 66].
والثاني: يكثر في الأفعال المعنوية، نحو: آمنت مع المؤمنين، وتبتُ مع التائبين، وفهمتُ المسألة مع مَنْ فهمها، ومنه قوله تعالى:{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43]، {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10]، {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]، {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، أي: بالعناية والحفظ، {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8]، يعني: الذين شاركوه في الإيمان، وهو الذي وقع به الاجتماع والاشتراك من الأحوال والمذاهب، وقد ذُكر الاحتمالان المذكوران في قوله تعالى:{وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} [الأعراف: 157] فقيل: إنه من باب المعية في الاشتراك، فيما به الاجتماع والزمان على حذف
(1)"ت": "الذي".