الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنْتَ الذي لَوْلاكَ لم يَعْلَمِ الوَرَى
…
وَلَوْ جَهَدُوا ما صادِقٌ مِن مُكذَّبِ (1)
* * *
*
الوجه الثاني: في إيراد الحديث على الوجه
، وقد رواه الدارقطني من حديث أبي الوليد قال: حدثنا عكرمة بن عمار، ثنا شداد أبو عمار - وقد أدرك نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال أبو أمامة: بأيِّ شيء تدَّعي أنك ربع الإِسلام؟ قال: فذكر الحديث بطوله. قال عمرو بن عَبَسة قلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء؟ قال: "ما مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يُقَربُ وَضُوءَه، ثُمَّ يُمَضْمِض وَيستَنْشِقُ وَينْتَثِرُ إلا خَرَجَتْ خَطايا فِيْهِ وَخَياشِيْمِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ كَما أَمَرَهُ اللهُ عز وجل إلَّا خَرَجَتْ (2) خَطايا وَجْهِهِ مَعَ (3) أَطْراَفِ لِحيتهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى مِرفَقَيْهِ إِلا خَرَّتْ خَطايَا يَدَيْهِ مِن أَنامِلهِ مَعَ الماءِ، ثَم يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ إِلَّا خَرَّتْ
(1) * مصادر الترجمة:
"تاريخ بغداد" للخطيب (12/ 34)، "تاريخ دمشق" لابن عساكر (43/ 93)، "التقييد" لابن نقطة (ص: 410)، "وفيات الأعيان" لابن خلكان (3/ 297)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (16/ 449)، "طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 426).
(2)
"ت": "خرت"، وكذا في المطبوع من "سنن الدارقطني".
(3)
"ت": "من".
خَطايا رَأْسِهِ مِن أَطْرافِ شَعْرِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلى الكَعْبَيْنِ كَما أَمَرَهُ اللهُ، إِلاّ خَرَّتْ خَطايا رِجْلَيْهِ مِن أَطْرافِ أَصابعِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يقومُ فَيَحمَدُ الله ويُثْنِي عَلَيْهِ بِما هَوَ أَهْلُه، ثُمَ يَركَعُ رَكْعتين، إلا انْصَرَفَ مِن ذُنُوبِهِ كَهَيْئَتِه يَومَ وَلَدَتْهُ أُمُّه".
ورواه الدارقطني أيضًا عقيب إسناد ذكره عن دعلج، عن موسى بن هارون، عن يزيد بن عبد الله بن يزيد بن ميمون بن مهران أبي محمَّد، عن عكرمة بن عمار قال: بهذا الإسناد مثله، وقال: هذا إسناد ثابت (1).
هذا الإسناد الذي ذكره الدارقطني، في متنه اختصارٌ كما [ترى، وقد](2) ذكرنا في الأصل أن أصل الحديث عند مسلم، فلنذكر رواية مسلم على الوجه.
فنقول: روى مسلم عن أحمد بن جعفر المَعْقري، ثنا النَّضْر بن محمَّد، ثنا عكرمة بن عمار، ثنا شداد بن عبد الله أبو عمار، ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة - قال عكرمة ولقي شداد أبا أمامة وواثلة وصحب أنسًا إلى الشام وأثنى عليه فضلًا وخيراً - عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية، أظنُّ أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، قال: فسمعت برجل بمكة يُخبر أخباراً، فقعَدتُ على راحلتي، وقدِمتُ
(1) في "سنن الدارقطني": "هذا إسناد ثابت صحيح".
(2)
زيادة من "ت".
عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً، جِراءٌ عليه قومُه، فتلطَّفتُ حتى دخلتُ عليه [بمكة] وقلت له: ما أنت؟ قال: "أنا نبيٌّ"، قال: فقلت: وما نبيٌّ؟ قال: "أرسلني الله"، فقلت: بأيِّ شيء أرسلك؟ قال: "أرسلني بصلةِ الأَرْحام، وكسر الأوثان، وأنْ يُوحَّدَ اللهُ لا يُشَرك به شيء"، قلت [له]: فمن معك على هذا الأمر؟ قال: "حرٌّ وعَبْدٌ" - قال: ومعه يومئذ أبو بكرٍ وبلالٌ ممن آمن به - فقلت: إني مُتَّبِعُك. قال: "إنك لا تستطيعُ ذلك يومَك هذا، ألا ترى حالي وحالَ الناس؟ ولكن ارجعْ إلى أَهْلِكَ، فإذا سَمِعْتَ بي قد ظهرتُ فأتني". قال: فذهبت إلى أهلي، وقدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبَّر الأخبارَ، وأسأل الناسَ حين قَدِمَ المدينةَ، حتى قدِمَ عليّ نفرٌ من أهلِ يثربَ من أهلِ المدينة، فقلت: ما فَعلَ هذا الرجلُ [الذي قدم المدينة]؟ فقالوا: الناسُ إليه سِراعٌ، وقد أراد قومُه قَتْلَه، فلم يستطيعوا ذلك، فقدِمْتُ المدينةَ، [فدخَلْتُ] عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: "نعم أنتَ الذي لَقِيتَني بمكَّةَ؟ " فقلت: بلى، فقلت: يا نبيَّ الله!
أخبرني عما علَّمك الله وأجهلُه؛ أخبِرني عن الصلاة؟ قال: "صَلِّ صلاهً الصبحِ، ثمَّ أَقصرْ عن الصلاةِ حتىَّ تَطْلُعَ الشمسُ، حتى تَرتَفعَ، فإنَّها تَطْلُعُ حينَ تَطْلُعُ بين قَرنْي شَيْطانٍ، وحينَئِذٍ يَسْجُدُ لها الكفارُ، ثُمَّ صَلِّ فإِنَّ الصلاةَ مَشْهودَةٌ مَحضُورَةٌ حتَّى يَسْتَقِلَّ الظلُّ بالرمْحِ، ثمَّ أَقصِر عن الصلاةِ، فإنَّ حينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فإذا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحضُورَةٌ، حتَّى تُصَلِّي العَصرَ، ثُمَّ أقصِرْ عن الصلاةِ حتى تَغْربُ الشمسُ، فإِنَّها تَغْرُبُ بين قَرنْي شَيْطانٍ،
وحينئذٍ يَسْجُدُ لها الكفارُ". قال: فقلت: يا نبيَّ الله فالوضوء؟ حدِّثني عنه، قال: "ما مِنْكُم رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَه فَيتَمْضْمَضُ وَيستَنْشِقُ وَينْتَثِرُ، إلا خَرَّتْ خَطايا وَجْهِهِ وَفِيْهِ وَخَياشِيْمِهِ، ثُمَّ إِذا غَسَلَ وَجْهَهُ كَما أَمَرَهُ اللهُ إلا خَرَّتْ خَطايا وَجْهِهِ مِن أَطْرافِ لِحيتَهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلى المرفقَيْنِ إلا خَرَتْ خَطايا يَدَيْهِ مِن أَنَاملِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسهُ إلا خَرَّتْ خَطايا رَأْسِهِ مِن أَطْرافِ شَعْرِه مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إلى الكَعْبَيْنِ إلا خَرَّتْ خَطايا رِجْلَيْهِ مِن أَنامِلِهِ مَعَ الماءِ، فإنْ هُو قامَ فَصلَّى، فحَمِدَ اللهَ وأثنىَ عليه وَمجَّدَه بالذي هُو لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَه للهِ، إلا انْصَرَفَ من خَطِيْئَتِه كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّه".
فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبَسَةَ! انظر ما تقول، في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامَة! لقد كَبِرَتْ سني، ورَقّ عظمي، واقترب أَجَلِي، وما بي حاجةٌ أن أكذبَ على الله، و [لا](1) على رسوله، لو لم أسمعه من رسول [الله صلى الله عليه وسلم] إلا مرةً أو مرتين أو ثلاثًا، حتى عدَّ سبعَ مرات، ما حدثت به أبدًا، ولكني سمعتُه أكثرَ من ذلك.
وهذا الحديث بهذا السياق وهذا الطول انفرد بإخراجه مسلمٌ عن الجماعة.
(1) سقط من "ت".