الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحتاجُ إلَى أمرٍ آخرَ، وهو أنَّ الغَمسَ قبلَ الغَسلِ يُفضِي إلَى مَفسَدَةٍ، أو قد يُفضِي إليها، فبهذا تتِمُّ المناسبةُ.
فَمِنَ الناسِ من يقولُ: إنَّ التطوافَ قد يُفضِي إلَى مُمَاسةِ مَحَلِّ النجاسةِ؛ أي: محلِّ الاستنجاءِ بالأحجارِ؛ لأنَّهُ كانَ عادَتَهُم.
ومنهُم من يُحيلُ ذلِكَ علَى أَعَم مِنَ النجاسةِ، وهوَ مُماسةُ ما يُستَقذَر.
والأول: مُقتَضَى مذهبِ [مَنْ يرَى أنَّ النجاسةَ تُفسِدُ قليلَ الماءِ.
والثاني: مُقتَضَى مذهبِ] (1) من يرى أنَّهُ لا يَفسُدُ الماءُ إلا بالتغيرِ.
السابعة عشرة:
فإذا كانَ كلُّ واحدٍ مِنَ الأمرينِ مُحتَمَلاً، فلا بُدَّ لِكُلِّ واحدٍ ممَّنْ قالَ بقولٍ [من](2) ترجيحِ مَذهَبِهِ (3)، فَيُمكِنُ أنْ يُرَجَّحَ الأولُ بأنَّ عنايةَ الشرعِ بالتحرُّزِ عنِ النجَاسَةِ أقوَى مِنْ عنايتِهِ بالتحرُّزِ عن المستقذراتِ، فالظاهرُ انصرافُ الحكمِ إليهِ.
ويُمكِنُ الثاني أنْ يُرَجَّحَ (4) بأنَّ مُلامسةَ النائمِ المستقذراتِ أكثرُ
(1) سقط من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
في الأصل: "مذهب"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "ويمكن أن يرجّح الثاني".
وأقربُ (1) من ملامَسَتِهِ لِمَحَلِّ الاستنجاءِ، وإذا كانَ أكثرَ و (2) أقربَ وُقوعاً، فَحَمْلُ اللفظِ عليهِ أولَى؛ لأنَّ المناسَبَةَ فيهِ أكثرَ.
وقد قالَ بعضُهُم: إنَّ موضِعَ الاستجمارِ لا تنالُهُ يدُ النائمِ إلَّا معَ القصدِ لذلِكَ.
وقالَ أيضًا: ولو كانَ غَسلُ اليدينِ بتجويزِ (3) ذلكَ، لأَمَر بغسلِ الثيابِ؛ لجوازِ ذلِكَ عليها.
قالَ: والأظهرُ ما ذَهَبَ إليهِ العراقيونَ مِنَ المالكيةِ وغيرهِم: أنَّ النائِمَ لا يكَادُ يَسلَمُ مِن حَكِّ (4) مغابِنِه (5)، أو بَثْرةٍ في بَدَنِهِ، وموضعِ عَرَقِهِ، وغير ذلكَ، فاستُحِبَّ لهُ غَسلُ يدِهِ تَنَظُّفاً (6).
وفي كلامِهِم ما يشعر بأنَّ العلَّةَ احتمالُ مَسِّ نجاسةٍ خَرَجَتْ مِنهُ لمْ يَعلمْ بها (7)، أو غيرِ نجاسةٍ ممَّا يُتَقَذَّرُ، وكانَ هذا تَعليلاً يَعُمُّ النائمَ
(1)"ت": "أقرب وأكثر".
(2)
"ت": "أو" بدل "و".
(3)
في الأصل "بجواز"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل "حد"، والتصويب من "ت".
(5)
المَغبِن: الإبط، وجمعه: مغابن.
(6)
انظر: "المنتقى في شرح الموطأ" للباجي (1/ 48)، حيث نقل ما ساقه الشارح هنا عن ابن حبيب في "الواضحة".
(7)
"ت": "احتمال نجاسةٍ خرجتْ منه فمسَّها، ولم يعلم بها".