الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه يجري مثله في الرأس، بل الدلالة عليه فيه أقوى؛ للنص على كيفية المسح باليدين معًا؛ إقبالًا وإدبارًا دفعة واحدة.
الخامسة:
ذكر غيرُ واحد في معنى هذا الحكم دخولَه في باب التفاؤل، فذكر بعضهم في قول:"كَانَ يُحِبُّ التيامُنَ في شَأْنِهِ كُلِّهِ"، وقيل: إنه كان ذلك منه تبرُّكًا باسم اليمين؛ كإضافة (1) الخير إليها، كما قال:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27]، {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} [مريم: 52] ولما فيه من اليُمن والبركة، وهو من باب التفاؤل، ونقيضُه الشِّمال (2).
السادسة:
قال بعضهم: ويؤخذ من هذا الحديث احترامُ اليمين وإكرامها، فلا تستعمل في إزالة شيء من الأقذار، ولا في شيء من خسيس الأعمال، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء، ومسِّ الذكر باليمين (3).
وقال غيره من الشارحين: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمُّن في طهوره إذا تطهَّر، وفي ترجُّله إذا ترجَّل، وفي انتعاله إذا انتعل، هذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهو أن ما كان من باب التكريم والتشريف؛
(1) في المطبوع من "المفهم" للقرطبي، وعنه نقل المؤلف هذه الفائدة:"لإضافة".
(2)
انظر: "المفهم" للقرطبي (1/ 511).
ونحوه في "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 75).
(3)
انظر: "المفهم" للقرطبي (1/ 511).
كلُبس الثوب، والسراويل، والخف، ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، وترجيل الشعر، وهو مشطه، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، وغسل أعضاء الطهارة، والخروج من الخلاء، والأكل، والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، وغير ذلك مما هو في معناه، يستحب التيامن فيه.
وأما ما كان بضدِّه؛ كدخول الخلاء، والخروجِ من المسجد، والامتخاطِ، والاستنجاءِ، وخلعِ الثوب، والسراويلِ، والخفِّ، وما أشبه ذلك، يستحب التياسر فيه، وذلك كله لكرامة اليمين ولشرفها (1).
قلث: وقد ورد في الاستنثار في الوضوء، استعمال اليسار، ذكره النسائي، وترجم عليه (2)، وهذه الأشياء التي ذكرها هذا الذي حكينا عنه متقاربة (3) الرتبة عندي في الاستحباب، بل وفي استحباب بعض ما ذكره في الخَلْع نظر، وقد ورد في النعل استحباب الخلع لليسار أولًا (4)، فهو دليل صحيح فيه.
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 160).
(2)
روى النسائي (91)، كتاب: الطهارة، باب: بأي اليدين يستنثر؟ من حديث علي رضي الله عنه: أنه دعا بوضوء، فتمضمض واستنشق، ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثًا، ثم قال: هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم.
(3)
في الأصل و "ت": "متقارب"، ولعل الصواب ما أثبت.
(4)
روى البخاري (5517)، كتاب: اللباس، باب: ينزع نعله اليسرى، ومسلم (2097)، كتاب: اللباس والزينة، باب: استحباب لبس النعل في اليمنى =