الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماها "المنصفة في طهارة الرجلين في الوضوء" وأجاب عن تأويل الشريف: بأن (1) الأمر الذي ورد فيه هذا الخبر، لو كان مما لا يتفق إلَّا لَاحاد النَّاس في وقت دون وقت؛ كالحوادث من الإيلاء، والظِّهار، واللعان، لكان الظنُّ بالصحابي أنَّه ضبطَه ونقلَه على وجهه، فكيف وهو مما يَحتاج إليه كل أحد في كلِّ يوم مرات؟!.
وكذلك لو كان الذي نقله ممن لم يصحبِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلَّا يومًا واحدًا، لم يُتَّهَم [بخفاء](2) ذلك عليه، فكيف وقد نقله النجومُ من أصحابه، الذين لم يكونوا يفارقونه؟! وقد تقدّم ذكرُ أسمائهم، وألفاظِ أخبارِهم، والمواضعِ التي نقلتُ منها، فأغنى عن إعادتها، ثم يقال: كيف يُحتمل أن يكون فعل ذلك بعد مسحهما، وليس على أصله مسحهما، ببلة اليد مرةً واحدة، إلَّا بدعة.
السادسة والخمسون بعد المئة:
ظاهر قراءة الخِرَقِيِّ قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} يخالف ما اقتضاه هذا الحديث، وسائر الأحاديث المتضمنة للغسل، فيحتاج إلى الكلام عليها، وتخريج ما يدلُ عليه ليردَّ إلى حكم الغسل، وفي ذلك وجوه:
أحدها: منع تعيين دلالتها على المسح؛ لأن ذلك مبنيٌّ على
= والعربية والفقه، تُوفِّي سنة (547 هـ). انظر:"تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 223).
(1)
في الأصل "لأن" والمثبت من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
كون الجرِّ للعطف على الرؤوس، واقتضاء الواو للتشريك في الحكم، وذلك بأن يحمل الجرُّ على الخفض بالجوار، أو الإتباع، والخفضُ على الجوار مشهورٌ في لسان العرب تعدَّدت فيه الشواهد:
منها قراءة حمزة والكسائي: {وَحُورٌ عِينٌ} بالجرِّ (1)؛ فإنَّه لا يطاف بالحور العين، وأول الآية قوله:{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17] إلى قوله: {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة: 22].
ومنها قراءة من قرأ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات: 58]، بكسر النُّون في المتين (2)، وهو نعت للرزاق، وجرُّه على الجوار.
ومنها قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [هود: 26] وهو صفة للعذاب، الذي هو منصوب حقيقة.
ومنها قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] وهو نعت للريح المرفوعة حقيقة، فالخفض للجوار.
ومن الشواهد المشهورة في الخفض على الجوار: ما ذكره سيبويه، وأبو حاتم [من الرجز]:
كأن نسجَ العنكبوتِ المُرَمَّلِ (3)
(1) انظر: "إتحاف الفضلاء" للدمياطي (ص: 529).
(2)
المرجع السابق، (ص: 517).
(3)
للعجاج، كما في "ديوانه"(1/ 243)(ق 12/ 107)، من قصيدة مطلعها:
ما بال جاري دمعك المهلهل
…
والشوق شاجِ للعيون الحُذَّلِ
وانظر: "الكتاب" لسيبويه (1/ 437).