الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
وعن عُثمانَ: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُخَلِّلُ لِحيتهُ. أخرجه الترمذيُّ وصحَّحه، وغيرُهُ يخالِفُه (1) في التصحيح (2).
أما عثمان رضي الله عنه فقد تقدم.
[ثم](3) الكلام عليه من وجوه:
* [الوجه](4) الأول: في التصحيح:
تخليلُ اللحية مرويٌّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابةِ،
(1)"ت": "يخالف".
(2)
* تخريج الحديث:
رواه الترمذي (31)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في تخليل اللحية، وابن ماجه (430)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في تخليل اللحية، وابن خزيمة في "صحيحه"(151)، وابن حبان في "صحيحه"(1081)، والحاكم في "المستدرك"(527)، من حديث إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، به، وسيأتي الكلام عن تصحيحه في الوجه الأول من هذا الحديث.
(3)
سقط من "ت".
(4)
سقط من "ت".
ذكرتُ ما بلغني من ذلك في كتاب "الإمام في معرفة (1) أحاديث الأحكام"(2)، وأمثلُهَا حديثان:
أحدهما: حديثُ عثمان هذا؛ فإنه مرويّ من جهات ثقاتٍ مخرَّجٍ لهم في "الصحيحِ"، ليس فيهم من يَحتاجُ إلَى الكشفِ عنه إلا عامرَ بنَ شقيق، وهو جَمرَة - بفتح الجيم والراء -، وهو يرويه عن أبي وائل، عن عثمان، وأخرجه ابنُ ماجه في "سننه"، وابن خزيمة في "صحيحه"، وأخرجه الحاكم في "مستدركه"؛ أعني: تخليلَ اللحية من حديث عثمان؛ إما في حديث مطوَّل، أو مختصر، وقال: هذا إسناد صحيح، وقد احتجَّا بجميع رواته غير عامر بن شقيق (3).
وفي لفظه ما يدلُّ علَى أنَّهُ اعتمدَ فيه علَى عدمِ العلم بطعنٍ فيه بوجهٍ من الوجوه، وهذا قد لا يَكتفي به غيرُهُ، وابنُ أبي خيثمةَ روَى عن يحيَى بن مَعين أنَّهُ قالَ [في] (4) عامر: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي، ليس من أبي وائل بسبيل (5).
(1)"ت": "أمثلة".
(2)
انظر: (1/ 483) منه.
(3)
وقال أيضاً: ولا أعلم في عامر بن شقيق طعناً بوجه من الوجوه، وله في تخليل اللحية شاهد صحيح عن عمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنه، ثم ذكرها. انظر:"المستدرك"(527).
(4)
زيادة من "ت".
(5)
انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 322).
قلت: أبو حاتم مُشددٌ في الروايةِ (1)، وليس لفظُهُ هذا بالقوي في الطعن، وقد قالَ النسائي وابنُ عبد الرحيم في عامر: لا بأسَ به، وقال موسَى بن هارون الحمَّال: عامرُ بن شقيق صالحُ الحديث، وفي رواية عن يحيى بن معين: أنَّهُ وثقه، وقد روَى عنه الأكابرُ؛ السُّفيانان، ومِسعَرُ بنُ كِدام، والقاضي شريكٌ، وإسرائيلُ بنُ يونسَ (2).
وتصحيحُ الترمذي له تزكية، وقد قالَ الترمذي: قالَ محمد بن إسماعيل: أصحُّ شيء في هذا الباب حديثُ عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان (3).
وثانيهما: عن أنسِ بنِ مالك: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأ، وأدخَلَ أصَابِعَهُ تَحتَ لِحْيَتِهِ، فخَلَّلَهَا بأصَابِعِهِ، ثم قال:"هَكَذَا أمَرني رَبي عز وجل ".
وهذا الحديث مسندٌ (4) إلَى رواية محمد بن يحيىَ الذُّهلي في كتابه في "علل حديث الزُّهري" وأنه رواه عنْ محمدِ بن عبد الله بن خالد الصفَّار، وذكر أنَّهُ حدَّثهم من أصله، قال: وكان صدوقاً، قال: ثنا محمد ابن حرب، حدثني الزُّبَيدِيُّ، عن الزهري، عن أنس بن مالك، الحديث.
(1)"ت": "الرواة".
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (14/ 41).
(3)
انظر: "سنن الترمذي"(1/ 45).
وقال في "العلل"(ص: 33): قال: محمد - يعني: البخاري -: أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث؟ فقال: هو حسن.
(4)
"ت": "مستند".
قال أبو الحسن بن القطَّان المغربي: هذا الإسناد عندي صحيح، ولا تضرُّه روايةُ من رواه عنْ محمدِ بن حرب، عن الزُّبَيدِي، [و] (1) قال: بلغني عن أنس: فإنه ليسَ من لمْ يحفظْ حجةً علَى مَنْ حفظ، فالصفَّار قد عيَّنَ شيخَ الزُّبيدي فيه، وبين أنه الزُّهريُّ.
قال: [حتَّى](2) لو قلنا: إنَّ محمدَ بن حرب ثقةٌ حدَّث به تارة، فقال فيه: عن الزبيدي، بلغني عن أنس، لمْ يضرَّه ذلك، فقد يراجِعُ كتابَهُ فيعرف منه أن (3) الذي حدَّثه به هو الزُّهريُّ، فيحدث به، فيأخذه عنه الصَّفَّار.
قال: وهذا الذي أشرتُ إليه هو الذي أعلَّ (4) به محمدُ بن يحيىَ الذُّهلي حين ذكره، ونصُّ كلامه هو أن قال: وحدثنا يزيد بن عبد ربِّهِ، ثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، أنَّهُ بَلَغَهُ عن أنس بن مالك: أنَّ رسولَ اللهِ توضَّأَ، فَأدْخَلَ أصَابِعَهُ تحتَ لِحْيَتِهِ. قالَ محمد بن يحيىَ: المحفوظُ عندنا حديثُ يزيدَ بنِ عبد ربِّه، وحديثُ الصفَّار واهٍ (5)(6).
قلت: هذا الذي فعله ابن القطَّان فعل فقهيٌّ جارٍ علَى طريقة
(1) سقط من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
"ت": "أنه".
(4)
"ت": "اعتل".
(5)
في الأصل "رواه"، والمثبت من "ت".
(6)
انظر: "الإمام" للمؤلف (1/ 486) وما بعدها.
الفقهاء والأصوليين، والذي قاله محمد بن يحيي طريق حديثيّ.
والحاكمُ في "مستدركه" ذكر حديثَ عثمان، وذكر أن له شاهداً صحيحاً عن أنس، ولعلَّه أراد هذا الحديثَ (1).
وحديثُ أنسٍ هذا للصفَّارِ في روايته عنْ محمدِ بن حرب متابعةٌ من [حديث](2) سليمان بن سلمة بالرفعِ، إلا أنَّهُ قالَ: عن أنس أو غيره.
ووجدت في كتاب "العِلل" لابن أبي حاتم، عن أبيه: لا يثبتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية حديث (3).
وعن كتاب "الخلال"، عن عبد الله بن أحمد، قالَ أبي: ليس يصحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تخليل اللحية.
وعن أبي داود قال: قالَ أحمد: تخليلُ اللحيةِ قد رُوي فيه أحاديثُ، ليس يثبتُ فيه حديث، وأحسنُ شيءٍ فيه حديثُ عامر بن
(1) قلت: رواه الحاكم في "المستدرك"(529)، من حديث محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس، به.
ثم رواه (530)، من طريق موسى بن أبي عائشة، عن أنس، به. قال الحافظ: في "التلخيص الحبير"(1/ 86) رجاله ثقات، لكنه معلول، فإنما رواه موسى بن أبي عائشة، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. أخرجه ابن عدي في ترجمة جعفر بن الحارث أبي الأشهب.
(2)
زيادة من "ت".
(3)
انظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (1/ 45).