الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من القضاء في هذا الوقت، وهو لا يقول به، وفي الصلاة في وقت الاستواء مذهب آخر، وهو الفرق بين الصلاة نصفَ النهار وقت الاستواء في الصيف، أو في الشتاء، ذُكر ذلك عن عطاء بن أبي رباح: أنه كره الصلاة نصف النهار في الصيف، لا في الشتاء (1)، [وقول آخر عن مالك أنه قال: لا أكره التطوع نصف النهار ولا أحِبُّه] (2)، وقيل: إنه رواية ابن (3) وهبِ عنه (4)، وهذا لا ينتهي إلى إثبات الكراهة، وإنما يبقي الجواز على سبيل التساوي.
السابعة والخمسون:
ظاهرُ النهي المنعُ من الصلاة في وقت الاستواء مطلقاً، وقد قدمنا استثناءَ الشافعي يومَ الجمعة وقتَ الاستواء مطلقًا، وقال بعض الناس في الاحتجاج لمذهب مالك رحمه الله: ويومُ الجمعة وغيره سواءٌ، ولا فرق بينهما في أثر ولا نظر (5).
قلت: قد ورد الأثر فيه، فلعلَّه يريد في أثر صحيح، فإن ذلك الأثر رواه الشافعي، عن إبراهيم بن محمد، حدثني إسحاق بن عبد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاةِ
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(5334).
(2)
زيادة من "ت".
(3)
في الأصل: "عن" بدل "ابن"، والتصويب من "ت".
(4)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (4/ 17).
(5)
المرجع السابق، (4/ 19).
نِصْفَ النهارِ حتى تَزُولَ الشمسُ إِلا يَوْمَ الجُمُعَةِ (1)، ويروى أيضاً من حديث أبي خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة يقال له: عبد الله ابن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).
وإبراهيم بن أبي يحيى، يُكثر المحدثون الكلام فيه، وأقطع النسائي فيه القول، قال بعض الحفاظ: وهذا رواه إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن محمد، وهما متروكان (3).
قلت: والشيخُ من أهل المدينة يحتاج إلى معرفة حاله، فالاعتماد على الأثر في هذا المذهب ضعيفٌ، والعمل المستفيض أولى منه.
وأما النظر فبعد أن لا يستند إلى هذا الحديث، ويرجع إلى العمل؛ إما العام كما ادّعى، أو الخاص بأهل المدينة إن قيل به، يقال: النهي عام بالنسبة إلى الأيام والعمل خاص بالنسبة إلى يوم الجمعة، فيخرج ويبقى الباقي على عموم النهي، فإن أريدَ إلغاءُ الوصف المخصِّص فقد قدمنا المناسبة المختصة بهذا الوقت من وجهين، ومورد الحُجة إذا كان فيه معنى يمكن اعتباره لا يُلْغَى، بل
(1) رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 63)، وفي "الأم"(1/ 147)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 464). وإسناده ضعيف؛ إسحاق وإبراهيم ضعيفان، كما قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 188).
(2)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 464)، وفي إسناده: الواقدي، وهو متروك.
(3)
انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 108).