الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا ففيه وجهان:
أحدهما: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلًا في هذا، كما قال صلى الله عليه وسلم:"وأنا أولُّ المسلمين"، أو "من المسلمين"(1)، وهذا هو ظاهر اقتصاره على أبي بكر وبلال.
ويحتمل أن يكون اعتبر خديجة في الإسلام، حيث جعل نفسه ربعا، واعتبر الرجولية حين ذكر أبا بكر وبلالًا فقط، والأول أَدْخَلُ في التعظيم، وأبلغُ في الصيغة.
وإذا جعلنا فيه حذفًا، ففيه احتمال دخول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والاحتمال الآخر، لكن يتفاوت هو والتقدير الثاني في المعنى الذي أشرنا إليه في التقدير الثاني.
الثانية:
قد كنّا قدمنا كلامًا في قوله: "أظن"، وهل هو بمعنى العلم، أو لا؟ وقد ورد في رواية إسماعيل بن عياش ما يدل على أنه بمعنى العلم، فإن فيها:"رغبتُ عن آلهة قومي في الجاهلية"(2)، فظاهر هذا الجزم: مفارقته لاعتقادهم.
الثالثة:
إجابة عمرو إلى الإسلام بسبب ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم؛ من
(1) رواه مسلم (771)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، من حديث علي رضي الله عنه.
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 111)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3/ 41)، والطبراني في "مسند الشاميين"(863)، وغيرهم.
الإرسال بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، والتوحيد لله، من باب الاستدلال بالقرائن، من الأفعال، والأحوال، والأقوال، وهي من الطرق المفيدة للعلم اليقيني، لا سيما مع كثرة القرائن، وطول الأزمنة، وانظر إلى قول عبد الله بن سلام في النبي صلى الله عليه وسلم:"فلما رأيته علمتُ أن وَجْهَه ليس بَوَجْهِ كذَّاب"(1) واستدلاله بالحال، ولا يتردَّدَن (2) في أنَّ القرائنَ في مثل هذا مفيدةٌ للعلم، فقد عُلِم بالضرورة خَجَلُ الخَجِل لحمرةِ وَجْهِه، عقيب السببِ الموجبِ للخَجَل، وعُلِمَ بالضرورة وَجلُ الوَجِلِ بصُفرة وَجْهِه، عند وجودِ السببِ الموجبِ لذلك، وأين هذا من آلافٍ من القرائن تتضافر على شيء واحد في الزمن الطويل، ولقد أحسن من المتكلمين من قال (3).
والنصارى يذكرون عن المسيحِ عليه السلام أنه يأتي من بعده أنبياء كذَّابون، وأنه قال: من ثمارهم يعرفونهم، وثمارهم هي أحوالُهم وسِيَرُهم، وما دلَّت عليه شرائعُهم، وتأمَّل الحكمَ في ذلك، والتحقيق فيه لما تدلُّ عليه القرائن؛ فالنصارى هالِكون بعدم تتبُّعهم لأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وحكم شرعه، مخالفون لما دلَّهم عليه المسيحُ عليه السلام.
(1) رواه الترمذي (2485)، كتاب: صفة القيامة والرقائق والورع، وقال: صحيح، وابن ماجه (1334)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في قيام الليل.
(2)
في الأصل: "يترددون"، والمثبت من "ت".
(3)
بياض في النسختين الأصل و "ت".