الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا التأويلُ أحسنُ من القولِ بزيادةِ هذهِ الحروفِ، وحذفُ المعطوفِ عليهِ وإبقاءُ المعطوفِ سائغٌ؛ نحو قولهِ تعالَى:{فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} [الفرقان: 36]، التقديرُ - والله أعلمُ -: فذهبا، فبلَّغا، فكُذِّبا، [فقتلناهُم](1)، فدمرناهُم؛ لأنَّ المعنى يُرشدُ إليهِ.
وكذلكَ قولُهُ تعالَى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 54]؛ أي: فعلتُم، فامتثلتُم (2)، فتابَ عليكُم، وكذلِكَ:{أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 184]؛ أي: فأفطر، فعليه (3) عِدَّةٌ، انتهَى (4).
الرابعة:
الذي جلبَ لنا هذا قولُهُ في الحديثِ: "فلمَّا قدِمنا علَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم نصادفْهُ في منزلِهِ، وصادفنا عائشةَ أمَّ المؤمنين رضي الله عنها، فأمرَتْ لنا بخزيرةٍ، فصُنِعَتْ لنا"؛ فإنَّ ذلِكَ ليسَ فيهِ جوابٌ ظاهرٌ لـ (لمَّا)، والذي يُقالُ فيهِ وجوهٌ:
الأولُ: زيادةُ الفاءِ علَى حسبِ ما قدَّمنا من مذهبِ من حكيناه (5)
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "فامتثلتم أو فعلتم".
(3)
"ت": "عليه".
(4)
وانظر: "شرح الكافية" لابن مالك (3/ 1261).
(5)
في الأصل: "حكينا"، والمثبت من "ت".
عنهُ، فعلَى [هذا] (1) [يمكنُ] (2) أنْ يكونَ [قولهُ] (3):"لمْ نصادفهُ" هو (4) الجوابُ، والفاءُ زائدةٌ في قولهِ: فلَم نصادفهُ، والفاءُ [أتَتْ](5) بعدَ ذلكَ للعطفِ، ويمكنُ أن [يكونَ](6) الجوابُ "صادفنا عائشةَ" علَى مذهبِ زيادةِ الواوِ علَى ما تقدَّمَ، والفاءُ بعدَ ذلكَ للعطفِ.
الوجهُ الثاني: أنْ يكونَ الجوابُ محذوفاً، والفاءُ للعطفِ، وقد حَكينا (7) فيما حَكينا في سياقِ كلامِ المتأخرينَ [منَ] (8) النُّحاةِ وتابِعه (9) ما معناهُ: الفرقُ بينَ أنْ يكونَ الأولُ سبباً مُباشرًا [للثاني](10)، وبينَ أن لا يكونَ مُباشراً وبينهما واسطةٌ، وأنهُ إذا كان بينَ الفعلِ الأوَّلِ والثاني في التَّسبُّبِ واسطةٌ محذوفةٌ كانتْ تلكَ الواسطةُ هي (11) الجوابَ، وأنَّ
(1) زيادة من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
في الأصل: "هذا"، والمثبت من "ت".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
سقط من "ت".
(7)
"ت": "قدمنا" بدل "حكينا".
(8)
زيادة من "ت".
(9)
"ت": "توابعه".
(10)
زيادة من "ت".
(11)
في الأصل: "في"، والمثبت من "ت".
الأحسنَ حينئذٍ أنْ يُؤتَى في الفعلِ الثاني بالفاءِ، والذي (1) في الحديثِ يكونُ أحسنَ علَى هذا التقديرِ؛ لأنَّ القُدومَ ليسَ سَبباً [مُباشَراً](2) لِعدَمِ المصادفَةِ، ويكونُ التقديرُ: فلمَّا قدِمنا، وأتينا منزلهُ صلى الله عليه وسلم، فلم نصادفهُ؛ أو ما هذا معناهُ من التقديراتِ.
الوجهُ الثالثُ: أن لا يكونَ شيءٌ ممَّا [دخلَتْ](3) عليهِ الفاءُ هو الجوابُ، ويكونُ الجوابُ محذوفاً بعد ذلكَ، وقد أجازَ بعضُ المُعْرِبينَ لألفاظِ الكتابِ العزيزِ في قولهِ تعالَى:{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] أنْ يكونَ الجوابُ محذوفاً بتقديرِ: رُحماً أو سُعداً، ونحوهُ.
فمثلُ هذا يأتي هاهُنا، والقاضي أبو مُحمدٍ بنُ عطيةَ المُفسِّرُ يقولُ في أمثالِ هذا:[إنَّ](4) التقديرَ: فلمَّا أسلما، [أسلما](5)(6)، وهو علَى هذا الظاهرِ مُشكِلٌ (7).
(1)"ت": "فالذي".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
سقط من "ت".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (3/ 225)، (4/ 481).
(7)
في الأصل: "يشكل"، والمثبت من "ت".