الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أذو زَوجةٍ بالمِصْرِ أمْ ذُو خُصُومةٍ
…
أَرَاكَ لها بالبَصرةِ العامَ (1) ثاوِيا
فقلتُ لها: لا إنَّ أهْلِيَ جِيرةٌ (2)
فأجابَ (أم) بـ (لا)، وجوابُها بتعيين (3) أحدِ الشيئينِ، فاحتاجوا إلَى تخريجِهِ وتأويلِهِ.
السادسةُ:
قالَ الجَوهَرِيُّ: و (بَيْنَا) فَعْلَ (4) أُشبِعَتْ الفتحةُ فصارتْ ألِفاً، و (بينَما) زِيدتْ عليهِ (ما)، والمعنى واحدٌ، تقولُ: بينما نحنُ نرقُبُهُ [أتانا؛ أي: أتانا](5) بينَ أوقاتِ رُقبَتِنا [إيَّاهُ](6)، والجُملُ مما يُضافُ إليها أسماءُ الزمانِ؛ كقولكَ: أتيتُكَ زمنَ الحجَّاج (7) أميرٌ، ثمَّ حذفتَ المُضافَ الذي هو (أوقاتُ)، ووليَ الظرفُ الذي هو (بينَ) الجملةَ التي أُقيمَتْ مَقامَ المُضافِ إليها؛ كقولهِ تعالَى: {وَاسْأَلِ
(1)"ت": "اليوم".
(2)
انظر: "ديوانه"(2/ 112).
(3)
"ت": "بتعين".
(4)
في "الصحاح": "فَعْلَى".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
زيادة من "ت".
(7)
"ت": "زمن الحاج أمير".
الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82].
وكانَ الأصمعي يخفِضُ بعدَ (بينا) إذا صلحَ في موضِعِها (بين)، ويُنشِدُ قولَ أبي ذُؤيبٍ بالكسرِ [من الكامل]:
بينا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ ورَوْغِهِ
…
يوماً أُتيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ (1)
وغيرُهُ يَرفعُ ما بعدَ (بينا) و (بينما) علَى الابتداءِ والخبرِ (2)(3).
قلتُ: (تَعَنُّقِهِ) مفتوحُ التاءِ والعينِ، مضمومُ النونِ مشددةً، مكسورُ القاف (4) علَى هذا المذهبِ، [و (الكُماةَ) منصوب، و (رَوغِهِ) بالغينِ المُعجَمةِ المكسورةِ علَى هذا المذهبِ](5).
وقالَ أبو محمدٍ القاسمُ بنُ عليٍّ الحريري في "دُرَّة الغوَّاصِ في أوهامِ الخواصِ": ويقولونَ: بينا زيدٌ قائمٌ إذ جاءَ عَمرو، فيتلقونَ (بينا) بـ (إذ)، والمسموعُ عن (6) العربِ: بينا زيدٌ قائمٌ جاءَ عَمرو، بلا (إذ)؛ لأنَّ المعنى يُخبرُ فيهِ: بينَ أثناءِ الزمانِ جاءَ عَمرو، وعليهِ قولُ أبي ذؤيبٍ:
(1) انظر: "ديوان الهذليين"(1/ 18).
(2)
في الأصل: "الجر"، والمثبت من "ت".
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 2084 - 2085)، (مادة: ب ي ن).
(4)
في الأصل: "الفاء"، والمثبت من "ت".
(5)
سقط من "ت".
(6)
"ت": "من".
بينا تَعَنُّقِه الكماةَ وروغِهِ
…
يوماً أُتيحَ لهُ جريءٌ سَلْفَعُ
فقالَ (1): أُتيحَ، ولم يقُل: إذ أُتيحَ.
وهذا البيتُ يُنشَدُ بجرِّ (تعنقه) و [رفعه](2)، فمن جرَّ جعلَ الألِفَ في (بينا) مُلحقةً لإشباعِ الفتحةِ؛ لأنَّ الأصلَ فيها (بينَ)، وجرَّ (تعنقه) علَى الإضافةِ، ومن رفعَ رفعهُ علَى الابتداءِ وجعلَ الألِفَ زيادةً لحقَتْ (بين)(3)؛ ليوقِعَ بعدها الجُملةَ؛ كما زيدَتْ (ما) في (بينما) لهذهِ العلةِ.
وذكرَ أبو محمدِ بنُ قُتيبةَ: قالَ: سألتُ الريَّاشيَّ عن هذهِ المسألةِ فقالَ: إذا وَليَ لفظُ (4)(بين) الاسمَ العَلَمَ رُفِعتْ، فقُلتَ: بينا زيدٌ قائمٌ جاءَ عَمرو، وإنْ وليها المصدرُ قالَ: فالأجودُ الجرُّ؛ كهذهِ (5) المسألةِ.
وحكَى أبو القاسمِ الآمدِيُّ (6) في "أمالِيهِ" عن أبي عُثمانَ المازني، قالَ: حضَرتُ أنا ويعقوبُ بنُ السِّكِّيتِ مجلسَ محمدِ بنِ
(1)"ت": "وقال".
(2)
سقط من "ت"، وفي الأصل:"وروغه"، والصواب ما أثبت، كما في "درة الغواص".
(3)
"ت": "ألحقت ببين".
(4)
"ت": "لفظة".
(5)
في الأصل: "هذه"، والمثبت من "ت".
(6)
"ت": "الآبذي".
عبدِ الملكِ الزيَّاتِ فأفضَى في شُجونِ الحديثِ إلَى أن قُلتُ: كان الأصمَعي يقولُ: بينا أنا جالسٌ إذ جاءَ عَمرو مُحال (1)، فقالَ ابنُ السِّكيتِ: هذا كلامُ الناسِ، قالَ: فأخذتُ في مُناظَرتِهِ عليهِ، وإيضاحِ المعنى لهُ، فقالَ لي مُحمدُ بنُ عبدِ الملكِ: دعني حتَّى أبينَ له ما اشتبهَ عليهِ، ثم التفتَ إليهِ وقالَ [لهُ] (2): ما معنى بينا؟ فقالَ: حينَ، فقالَ: أفيجوزُ أنْ يُقَالَ: حينَ جلسَ زيدٌ إذ (3) جاءَ عمرو، فسكَتَ.
فهذا (4) حُكمُ بينا.
وأما (بينما) فأصلُها أيضاً (بينَ) فزيدَتْ عليها (ما)؛ لتؤذِنَ بأنَّها [قد](5) خرجَتْ عن بابِها بإضافةِ (ما) إليها، وقد جاءتْ في الكلامِ تارةً غيرَ مُتلقَّاةٍ بـ (إذ) مثل بينا، واستُعمِلَتْ تارةً مُتلقاةً بـ (إذ) و (إذا) اللذينِ للمُفاجأة؛ كما قالَ [الشاعرُ] (6) [من البسيط]:
فبينما العسرُ إذْ دارَتْ مَيَاسِيرُ
(1) في الأصل و "ت": "وأخاك"، والتصويب من "درة الغواص".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
في الأصل: "أو"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل: "هذا"، والمثبت من "ت".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
سقط من "ت".
وكقولهِ (1) في هذهِ القطعةِ:
وبَيْنَمَا المرءُ في الأحياءِ مُغتَبِطاً
إذ صار في (2) الرَّمْسِ تَعْفُوهُ الأعاصيرُ (3)
فتلقَى هذا الشاعرُ (بينما) في البيتِ الأولِ بـ (إذ)، وفي الثاني بـ (إذا).
وليس بِبِدْعٍ أنْ يتغيَّرَ حُكمُ (بين) بضمِّ (ما) إليهِ (4)؛ لأن التركيبَ يُزيلُ الأشياءَ عن أُصولها، ويُحيلُها عن أوضاعِها ورسومِها، ألا ترَى أنَّ (رُبَّ) لا يليها إلا الاسمُ؟ (5) فإذا اتصَلَتْ بها (ما) غيَّرتْ حُكمَها وولِيَها الفعلُ؛ كما جاءَ في القرآنِ:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2].
(1)"ت": "قوله".
(2)
في الأصل و "ت": "إذا هو"، والتصويب من "درة الغواص".
(3)
الأبيات لحريث بن جبلة العذري، كما ذكر ابن عبد ربه في "العقد الفريد"(3/ 192).
وتمام البيت الأول:
فاستقدر الله خيراً وارضينَّ به
…
فبينما العسرُ إذ دارت مياسيرُ
(4)
"ت": "إليها".
(5)
في "درة الغواص": "لا تدخل إلا على الاسم".
وكذلِكَ (لم) حرفٌ، فإذا زيدَتْ عليها (ما)، وهي أيضاً حرفٌ، صارَتْ (لمَّا) اسماً في بعضِ المواطنِ بمعنى حينَ؛ نحو قولهِ تعالَى:{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} [العنكبوت: 33].
وهكذا (قلَّ) و (طالَ) لا يجوزُ أنْ يليَهَما الفعلُ، فإنْ وُصِلَتَا بـ (ما) (1) وليهما الفعلُ؛ كقولكَ: طالما زُرتُكَ، وقلَّما هَجَرتُكَ، انتهَى (2).
قالَ ابنُ الضَّائِع في "شرحِ الجُملِ"(3): الأكثرُ في الكلامِ أن لا تُذكرَ (إذ) مع الفعلِ بعدها؛ يعني: بعدَ (بينما)، بل زَعَمَ الأستاذُ أبو علي عن أهلِ اللغةِ: أنهم يمنعونهُ، وسِيبَوَيْهِ قد مثَّلَ المسألةَ بـ (إذ) كما فعلَ المؤلفُ - يعني: أبا القاسمِ الزجاجيَّ - في قولهِ: بينما (4) زيدٌ قائمٌ إذ جاءَ عمرو.
وقالَ ابنُ الضائع: فهو من كلامِ العربِ، وأنشدَ [من المنسرح]:
(1) في الأصل: "وليا بما".
(2)
انظر: "درة الغواص في أوهام الخواص" للحريري (ص: 76 - 78).
(3)
لأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يوسف الإشبيلي، المعروف بابن الضائع، والمتوفى سنة (680 هـ) شرح على "الجمل في النحو" لأبي القاسم الزجاجي. وله شرح على "الكتاب" لسيبويه، وغيرهما. انظر:"كشف الظنون" لحاجي خليفة (1/ 604)، و"الأعلام" للزركلي (4/ 333).
(4)
"ت": "بينا".
بَيْنَمَا نَحنُ بالأراكِ مَعاً
…
إذْ أتَى رَاكِبٌ [علَى](1) جَمَلِه (2)
ثمَّ قالَ: وقد تجيءُ (إذا) في موضِعِ (إذ)، أنشدَ السّيرافي [من الطويل]:
استَقْدِرِ اللهَ خيراً وارْضَيَنَّ بهِ
…
فبينما العُسرُ إذْ دارتْ مَيَاسيرُ
وبَيْنَمَا المرءُ في الأحياءِ مُغتبِطاً
…
إذا هوَ الرَّمسُ تَعْفُوهُ الأعاصيرُ
وهذ (إذا) التي للمفاجأةِ، وكأنها (3) دخَلَتْ لما في الكلامِ من معنى السببيَّةِ؛ لأنَّ المعنى: إن يكُنِ المرءُ في الأحياءِ مُغتبِطاً إذا الموتُ نازلٌ بهِ.
قُلتُ: الضائعُ: بالضادِ المُعجَمة، والعين المُهمَلة.
ومِنْ تلقِّي (4)(بينما) بالفعلِ [في](5) الشعرِ [قولُ](6) الحماسِيِّ [من الخفيف]:
بَيْنَما نَحْنُ بالبَلَاكث (7) بالقَا
…
عِ سِرَاعاً والعِيسُ تَهْوِي هُوِيَّا
(1) زيادة من "ت".
(2)
البيت لجميل بن معمر العذري، جميل بثينة، كما في "ديوانه" (ص: 196). وانظر "الخزانة" للبغدادي (7/ 73).
(3)
في الأصل: "كأنما"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل: "يتلقى"، والمثبت من "ت".
(5)
زيادة من "ت".
(6)
زيادة من هامش "ت".
(7)
في الأصل: "من بلاكث"، والمثبت من "ت".