الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الوجه الثالث: [في الفوائد والمباحث، وفيه مسائل]
[الأولى]:
استَدَل به الشافعي والمالكي على تجديد الماء للأذنين، وتُجْعَلُ مسالةَ خلافٍ بينهم وبين الحنفية، وينبغي أن يُنظر في مَجرى الخلاف، فإن كان في أن السنةَ مسحُهما مع الرأس، أو تجديدُ الماء لهما، فلا يستمرُّ الدليل على ذلك لأحد الفريقين بالحديثين اللذين تمسك بهما؛ لأنَّ الأفعال لا تَعارُضَ فيها، وليس في المحكي [في] أحد الحديثين ما يقتضي الترجيحَ لأحد الأمرين على الآخر لفظاً من حيث هو هو؛ لأنه ليس فيه إلا الفعل، وقد بيَّنا أنَّه لا تعارض فيه، ولا مُقتضي للترجيح، وأما الترجيح بأمور خارجة عن لفظ الحديثين، فلسْنا له ولا هو من وظيفتنا، ولابدَّ وأن يكون (1) الخلاف في أن ضدَّ ما اختاره أحدُ الفريقين مكروهٌ أو مخالفٌ للسنة، فالفعلُ الذي تمسَّك به خصمُه ينفي ذلك، ولا يمكن أن يكونَ الخلافُ في الجواز جزماً.
الثانية:
الشافعية يستنُّون مسحَ الصِّماخَيْن بماء جديد، وحكي عن نصِّهِ رحمه الله (2). وليس لفظُ الحديثِ يدلُّ عليه، سواء قلنا إن الصِّماخَ يدخل تحت مدلولِ الأذن، أو لم نقلْ؛ لأنه إن لم نقلْ، فالدَّلالةُ قاصرةٌ عن الصّماخَيْنِ، فيحتاج إلى دليلِ خُصوصهما، وإن قُلْنا، فظاهرُ اللفظ يقتضي تعليقَ الحكمِ بالأذنين، فيدخل تحته مسحُ الصِّماخَيْنِ، ويقصر اللفظُ عن حكمهما في التجديد.
(1) في الأصل: "كان"، والمثبت من "ت".
(2)
انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (1/ 430).