الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسأل، ومنه قول ابن عباس رضي الله عنهما: بالإيواء والنصر إلا جلستم، يريد ما أسالكم وأطلب منكم إلا الجلوس، أي: ما أطلب شيئًا ولا أسألك شيئًا إلا هذا الفعلَ، وهو المفعول العام، ومثله في تأويل المثبت بالمنفي قوله تعالى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66] (لتأتنني) في معنى النفي، تأويله: لا تمتنِعُنَّ من الإتيان به لعلةٍ من العلل إلا لعلة الإحاطة بكم، أو في كل زمن من الأزمنة إلا في زمن الإحاطة بكم، فهو الاستثناء من أعمِّ العام لا يكون إلا في النفي لفظًا و (1) حكمًا، ونحوه في هذا التأويل قراءةُ من قرأ في الشواذ (فشربوا منه إلا قليل منهم) بالرفع على تأويل: فما أطاعه أو فما أطاعوه إلا قليل منهم.
السابعة والعشرون:
في مقدمة أخرى، وهي جواز العطف إلى آخرها.
الثامنة والعشرون:
أبو الحسن الأخفش علَّل وقوع الفعل بعد (إلا) في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ} [التوبة: 120] الآية، بأنَّه كلام في معنى الشرط؛ لأن ما قبل (إلا) سبب لما بعدها، فأشبه لذلك الشرط، فمن ثم قال: وقع الفعل ها هنا بعد (إلا) كما يقع في جواب الشرط في قولك: من يَقُم أكرمه، ألا ترى أن معنى الآية: إن أصابهم ظمأ أو نصب أو كذا: كتب
(1)"ت": "أو".
لهم به، ونحوه: ما تزورني إلا أكرمتُك، يريد: متى زرتني أكرمتك، ومثله في تأويل الكلام بالشرط لما فيه من معنى السببية قولُه تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: 274] معناه: من ينفق أمواله فله أجره، وكذلك دخلت (الفاء) في خبر المبتدأ، وكذلك قوله تعالى:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] معناه على بعض الأقوال: إن كشفت [عنا](1) العذاب آمنا إيمانًا نافعًا لنا، ويؤكد لك ما ذكرت أن الشرط اللفظيَّ يقع قبل (إلا) هذه المذكورة، ونحو: إذا بررت أباك فأنت طائع له إلا غفر لك، معنى الكلام: إذا بررت أباك طائعًا له، فيقع غفر لك جوابًا للشرط، وطائعًا حالًا منه، إلا أنك لمَّا قصدتَ أن تجعل الطاعة سببًا لحصول المغفرة جعلتها في اللفظ جوابًا للشرط، وأخرجتها عن حكم الفَضْلَة إلى حكم العُمْدة، فوقع لفظ (غفر لك) فضلة لاستيفاء الشرطِ جوابَه، فخرج عن حكم العمدة إلى حكم الفضلة ووقع بعد (إلا)، كما تقول العرب: الأسد مخوف، ثم إذا أردت الإشارة إليه تقريبًا لمكانه [لتأكيد التخويف منه، يعني قلت: هذا الأسد مخوفًا، وحوَّلت ما كان عمدة إلى](2) أن جعلته فضلة، ومثله:{وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: 72]، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} [النمل: 52] وإنما عدل عن صريح الشرط إلى
(1) سقط من "ت".
(2)
زيادة من "ت".