الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوده خروج الخطايا، ومن لوازم الوضوء الطهارة، فيلزم من وجودها خروج الخطايا، فَيُستَدَلُّ بخروج الخطايا على وجودها؛ استدلالًا بوجود المعلول على وجود علته المتعيَّنة للتعليل، وتعيُّنها؛ إما باقتضاء الأصل عدم غيرها، أو لأن (الفاء) يقتضي التعليلَ مجردُها، والعلَّة تقتضي الحصرَ غالبًا ظاهرًا، وإذا استدْلَلْنا بخروج الخطايا على وجود الطهارة، وقد خرجت عقيب كل عضو بغسله، تكون موجودة عند غسل كل عضو، وذلك ما ادَّعاه.
الخامسة والثلاثون بعد المئة:
بُني على هذا الخلاف في أنَّه هل [يطهر كل](1) عضو بغسله، أو يتوقف على إكمال الطهارة، ما لو فرق النية على أعضاء الوضوء، هل يصح، أم لا؟ وهذا يتوقف على صحة هذه الملازمة - أعني: ملازمة صحة التفريق في النية لطهارة كل عضو بإكماله -، فإن صحَّت فقد صار حصول طهارة كل عضو ملزومًا لجواز التفريق، والدالُّ على الملزوم دالٌّ على لازمه، فيدلُّ على جواز تفريق النية بواسطة دَلالاته على طهارة كلِّ عضو بغسله.
السادسة والثلاثون بعد المئة:
ويقال بعد هذا: إنه يلزم من جواز تفريق النية تعدُّد عبادة الوضوء، وعدم اتحادها؛ لأنهم بَنَوا تفريق النية على الطاعات وعدمه على الاتحاد والتعدُّد، وقسمت إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: طاعة متحدة، وهي التي يفسد أولُها بفساد آخرها؛ كالصلاة والصيام، فلا يجوز تفريق النيَّة على بعضها، مثاله في الصيام: أن ينوي
(1) سقط من "ت".
إمساكَه الساعةَ الأولى وحدَها، ثم ينوي إمساكَ الساعةِ الثَّانية وحدَها، وكذلك يُفرِد كلَّ إمساك بنيَّة تختص به إلى آخر النهار، فإن صومه لا يصحُّ، وكذلك لو فرَّق بنيَّة الصلاة على أركانها وأبعاضها؛ مثل إفراد التكبير بنية، والقيام بنية ثانية، والركوع بنية ثالثة، وكذلك إلى انقضاء الصلاة، فإن صلاته لا تصِحُّ؛ لأن ما نواه من هذه المفردات ليس بجزء من الصلاة على حياله.
القسم الثاني: طاعة متعدّدة؛ كالزكوات، والصدقات، وقراءة القرآن، فهذا يجوز أن يُفرِدَ أبعاضَه بالنيَّة، وأن يَجمعه في نيَّة واحدة.
القسم الثالث: ما اختُلِف في اتحاده؛ كالوضوء والغسل، فمن رآهما مُتَّحِدَيْن، منع تفريق النية على أجزائهما، ومن رآهما متعددَيْن، جوَّز تفريقَ النية على أَبعاضِهما.
قلت: إذا كانت العلَّة في الاتحاد فسادَ الأول بفساد الآخر، فالوضوء كذلك، فإنَّه لو أحدث قبل فراغه بطل، وإذا كانت العلَّة في التعدُّد عدمَ فساد الأول بفساد الآخر، فمن أين جاء الخلاف فيه؟ فاللازم أحد الأمرين؛ إما فسادُ أحدِ الاتحاد والتعدد من فساد الأول بفساد الآخر، وإما عدمُ جَرَيانِ الخلاف [في](1) الوضوء، فإنَّه إن فسد أولُه بفساد آخره، وُجِدت العلَّة في الاتحاد، وإن لم يفسد وجدت علَّة
(1) سقط من "ت".