الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلو كنت في خَلْقاءَ من رأس شاهقٍ
…
وليس إلى - منها - النزولِ سبيلُ (1)
وقال أبو الحسن ابن عصفور "في شرح الجمل": ولا يجوز الفصل بين حرف العطف والمعطوف إلا بالقَسم خاصةً، أو بالظرف والمجرور، ويشترط أن يكون حرف العطف على (زيد) من حرف واحد، نحو: قام زيد ثم والله عمرو، أو: بل والله عمرو، وقام في الدار زيد ثم في السوق عمرو، ولا يجوز قام زيد والله عمرو، ولا فالله عمرو، لأن الواو والفاء على حرف واحد، فيشتد (2) افتقارهما لما بعدهما، فكرهوا الفصل لذلك، وقد يجوز الفصل بين الواو والفاء وبين المعطوف بهما في ضرورة الشعر بالظرف والمجرور نحو قوله [من المنسرح]:
يومًا تَراها كَشِبهِ أَرْدية الـ
…
ـعَصْبِ ويومًا أَديمُها نَغِلًا
ففصل بـ (يومًا)(3) بين الواو وأديمها المعطوف على الضمير في (تراها)، انتهى (4)، والله أعلم.
السادسة والعشرون:
في مقدمة لغيرها، عن العلامة أبي محمد ابن بَرِّي فيما إذا وقع الفعل بعد (إلا) في الاستثناء، أنه يشتق من لفظه اسم يكون هو المستثنى في المعنى. قال سيبويه: مصدر، وقال
(1) انظر: "الخصائص" لابن جني (2/ 395).
(2)
"ت": "ويشتدّ".
(3)
في الأصل: "ففصل هو ما"، والتصويب من "ت".
(4)
انظر: "شرح الجمل" لابن عصفور (1/ 250).
المبرد: اسم مشتق، والأول أولى؛ لقوَّة دلالة الفعل على مصدره بالاشتقاق، فإن كان قبل (إلا) نفيٌ لفظًا، فالكلام على ظاهره فيما قبل (إلا)، وإن كان إثباتًا أُوِّل (1) بالنفي؛ لأن الاستثناء في هذا النوع مفرَّغ، لأنه استثناءٌ من متعلِّق للفعل عامٌّ، إما من مفعوله العام، وإما من أحواله المقدَّرة، والمفرَّغُ لا يكون إلا في النفي ليفيد، مثالُ الأول (2): ما يقوم زيد إلا ضحك، وما يصلي عبد الله إلا بكى، تأويله عند سيبويه: ما يقوم على حال إلا على الضحك، أي: ليس له حال عند قيامه إلا الضحك، وهي الأحوال المقدَّرة، وتأويله عند المبرِّد: ما يقوم إلا ضاحكًا، ومعنى الكلام عندهما واحد، من ذلك قوله تعالى:{لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]، وقوله تعالى:{لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ} إلى قوله {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 120 - 121] تأويله على قياس قول سيبويه: لا يغادر صغيرة ولا كبيرة على [حال](3) إلا على إحصائها، وعلى قياس قول المبرِّد: إلا محصيًا لها، ولا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ على حال إلا على كَتَبَ الله لهم، أو مكتوبًا. ومثال الثاني: نشدتُك الله إلا فعلتَ، وأقسمتُ عليك إلا فعلت، تأويله: ما أطلب إلا فعلَك، وما أسألك إلا فعلَك؛ لأن نَشَدَ؛ بمعنى طلب
(1) في الأصل: "أولى"، والمثبت من "ت".
(2)
في الأصل "الأولى"، والمثبت من "ت".
(3)
زيادة من "ت".