الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
وروَى مسلمٌ من حديث نُعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رأيتُ أبا هريرةَ يتوضَّأ، فغسلَ وجهَهُ، فأسبغَ الوضوءَ، ثم غسلَ يدَهُ اليُمنَى حتَّى أشرعَ في العَضُدِ، ثم غسلَ يدَهُ اليُسرَى حتَّى أشرعَ في العَضُدِ، ثم مسحَ رأسَهُ، ثم غسلَ رِجلَهُ اليُمنَى حتَّى أشرع في السَّاقِ، ثم غسل رجلَهُ اليُسرَى حتَّى أشرعَ في الساقِ، ثم [قال] (1): هَكَذَا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتوضَّأُ، وقال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنْتُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يومَ القِيامَةِ من إسباغِ الوُضُوء، فمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ (2) غرّتهُ وَتَحْجيلَهُ"(3).
(1) زيادة من "ت".
(2)
في الأصل و "ت": "أن يطيل"، والمثبت من "الإلمام" للمؤلف (ق 6/ ب)، وكذا "صحيح مسلم".
(3)
* تخريج الحديث:
رواه مسلم (246/ 34)، كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، من حديث عُمارة بن غَزية، عن نعيم بن عبد الله المجمر، به.
وفي رواية: فغسلَ وجهَهُ، ويديهِ حتَّى كادَ يبلُغَ المَنكبين، ثم غسل رِجليه (1)، حتَّى رفع إلَى السَّاقين (2).
وفي رواية أبي حازم قال: كنتُ خلفَ أبي هريرة، وهو يتوضَّأ للصلاة، فكان يمد يدَه حتَّى تبلغَ إِبِطَه، الحديث (3).
الكلامُ عليه من وجوه:
* الأول: في التعريفِ، وفيه مسائل:
الأولَى: نعيمُ بن عبد الله: كنيتُهُ أبو عبد الله، ينسبُ في الولاء إلَى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قالَ البُخاريّ: نعيم بن عبد الله، أبو عبد الله، المُجْمِرُ، مولَى عمر ابن الخطاب القُرَشيِّ العدوي، سمع أبا هريرة، روَى عنه مالك بن أنس.
(1) في الأصل و "ت": "رجله"، والمثبت من "الإلمام" للمؤلف (ق 7/ أ)، و "صحيح مسلم".
(2)
رواه مسلم (246/ 35)، كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، واللفظ له، والبخاري (136)، كتاب: الوضوء باب: فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء، من حديث سعيد ابن أبي هلال، عن نعيم المجمر، به.
(3)
رواه مسلم (250/ 40)، كتاب: الطهارة، باب: تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء، والنَّسائيُّ (149)، كتاب: الطهارة، باب: حلية الوضوء، وابن ماجه (4282)، كتاب: الزهد، باب: صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، به.
وذكر غيرُ البُخاريّ: أن نعيماً هذا روَى عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبي هريرة الدوسي، وأبي حمزة أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاري، وأنه روَى عن جماعة من التابعينِ؛ منهم محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاريّ، وعلي بن يحيىَ ابن خَلَّاد الأنصاري، وأنه روى عنه أبو جعفر محمد بن عليّ بن حسين ابن عليّ بن أبي طالب الهاشمي، وبُكَير بن عبد الله بن الأشجّ المدني، وزيد بن أبي أُنيَسة الجَزَرِي، وعُمارة بن غَزِية الأنصاري، ومحمد بن عَجلان المدني، وسعيد بن أبي هلال اللَّيثي، ومالك بن أنس الأَصْبَحِي، وغيرهم.
الثَّانية: المُجْمِر: بضم الميم، وسكون الجيم، وكسر الميم الثَّانية؛ قيل، ويقال: المُجَمر: بفتح الجيم، وتشديد الميم الثَّانية المكسورة (1).
قلت: والأول هو الأشهرُ.
الثالثة: هذه الصفةُ معناها تجميرُ المسجدِ؛ أي: تبخيرُهُ، والتجميرُ لفظٌ مشترَك بين هذا المعنى وغيرِه، إلَّا أنَّ هذا المعنى هو المرادُ هاهنا.
الرابعة: كلامُ البُخاريّ رحمه الله يدلُّ علَى أنَّ المجمرَ صفةٌ
(1) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 395)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 134).
لنعيم، والبرقي يذكر: أنَّهُ كانَ أبوه يُجمِرُ المسجدَ إذا قعد عمر علَى المنبرِ، قال: فيما أنبأ ابن بكير (1).
وهذا يقتضي أنَّ المُجمِرَ في الوصفِ المذكور أبوه ظاهراً، وزعمَ بعضُ المتأخرين: أنَّ المجمرَ صفةٌ لعبد الله، ويطلقُ علَى ابنه نعيم مجازاً (2).
قلت: لا يتعيَّنُ المجازُ حتَّى يتبيَّنَ انتفاءُ الحقيقة، وهو أنَّهُ لمْ يكنْ يجمرُ المسجدَ، وهذا يحتاجُ إلَى نقلِ مَنْ عاصره.
الخامسة: قالَ أبو عمر بن عبد البر: ونعيمٌ أحدُ ثقاتِ أهل المدينة، وأحدُ خيار التابعين بها.
قال: وكان نعيم (3) يوقف كثيرًا من حديث أبي هريرة ممَّا يرفعه غيرُهُ من الثقات.
قلت: هذا دليل علَى تورُّعِه وتحرُّزه.
وقال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأندلسيُّ؛ يعني نُعيماً: كان رجلًا صالحًا خِياراً، أخرج له الشيخان؛ البخاريُّ، ومسلم، وهو عندهم ثقة؛ قاله يحيىَ، وأبو حاتم، والنَّسوي وغيرهم (4).
(1) وانظر: "التمهيد" لابن عبد البر (16/ 177).
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 134).
(3)
في الأصل "أبو نعيم"، والتصويب من "ت".
(4)
* مصادر الترجمة:
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/ 309)، "التاريخ الكبير" للبخاري =
وأمَّا أبو حازمٍ هذا - فهو بالحاء المُهمَلة، وبعد الألفِ زايٌ - قالَ أبو عليّ الجياني (1) في "تقييدِ المُهمَلِ": ومنهم حازمٌ، وأبو حازمٍ: تابعيَّان، يرويان عن الصحابة.
فالأول منهما: أبو حازم الأشجعي، واسمُه سلمان مولَى عزةَ الأشجعية، كوفيٌّ، يروي عن أبي هريرة، روَى عنه منصور، وسيَّار أبو الحكم، وفضيل بن غزوان.
والثاني: هو أبو حازم سَلَمَة بن دينار الأعرج، ويُقَال له: الأفْزَر، الزَّاهد، مولَى الأسود بن سفيان، يروي عن سهل بن سعد السَّاعِديّ، روَى عنه مالك، والثوري، وابن عُيَينة، وسليمان بن بلال، وأبو غسان محمد بن مطرف، واسمه عبد العزيز.
ونسبه أبو نصر الكلاباذِيُّ في "كتابه" فقال: سلمة بن دينار، أبو حازم، الأعرج، التمار، الزاهد.
وذكرهُ التمارِ في نسبةِ سلمةَ بن دينار وهمٌ.
وأبو حازم التمار المدني: رجل ثالث، واسمه دينار مولَى أبي
= (8/ 96)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 460)، "الثقات" لابن حبان (5/ 476)، "التمهيد" لابن عبد البر (16/ 177)، "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" للخليلي (1/ 216)، "تهذيب الكمال" للمزي (29/ 487)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (5/ 227)، "تهذيب التهذيب" لابن حجر (10/ 414).
(1)
في الأصل و "ت": "الجبائي"، والصواب ما أثبت.
رهم الغفاري، يروي عن الشَّافعي، وغيره، روَى عنه محمد بن إبراهيم ابن الحارث التَّيميُّ، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وحديثُهُ في "الموطأ"، انتهَى.
قالَ البُخاريّ في "التاريخ": سلمة بن دينار، أبو حازم، الأعرج، مدني، مولَى الأسود بن سفيان المخزومي، هو القاصُّ.
قلت: الأفْزَرُ: بإسكان الفاء بعدها زاي ثم راء.
وأبو حازم هذا: مدنيٌّ يُنسبُ ولاءً (1) إلَى بني مخزوم من قريش، وقيل: هو مولًى لبني أشجعَ من بني ليث، وأنه كان يقصُّ بعد الفجر وبعد العصر، وأن أمَّهُ كانت رومية.
روَى عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي، وعن جملة من التابعين منهم أبو إدريس عائذُ الله بن عبد الله الخولاني، وأبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي، وأبو يحيىَ عبد الله بن أبي قتادة الحارث ابن رِبْعي الأنصاري السُّلمي، وأبو رَوْح يزيد بن رُوْمان القُرَشيِّ الأسدي مولاهم المدني.
روَى عنه مالك بن أنس الأصبحي، وعبيد الله بن عمر بن حفص العمري، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عُيَينة الهِلالي، وفُلَيح ابن سليمان الخُزاعي، وحماد بن سلمة بن دينار الربعي، وحماد بن
(1)"ت": "ولاءه".
زيدِ بن درهم الأزدي، وسلمان بن بلال القُرَشيِّ، وابنُه عبد العزيز بن أبي حازم، وغيرهم.
اختُلِفَ في وقتِ وفاته، فقيل: توفي سنة ثلاثين، وقيل: أو ثلاثِ وثلاثين ومئة، وقيل: توفي في خلافة أبي جعفر المنصور بعد سنة أربعين ومئة.
وقال محمد بن إسماعيل الأندلسي - بعد ذكر من ذكرناه ممن روَى عنه، وروَى هو عنه -: وهو من الفضلاءِ الزهاد الأخيار، أخرج له البُخاريّ ومسلم، [و](1) هو ثقة؛ قاله (2) أبو حاتم، وأحمد، والنَّسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: وكان أبو حازم هذا أحدَ الفضلاءِ الحكماءِ العلماءِ الثقاتِ الأثباتِ من التابعينِ، وله حِكَم وزهديَّاتٌ ومواعظُ ورقائقُ ومقطعات.
وروي عنه أنَّهُ قال: كل نعمةِ لا تقرَّبُ من اللهِ بليَّةٌ (3).
وقال أيضاً: نعمةُ الله عليَّ فيما زَوَى عني من الدُّنيا أعظمُ ممَّا أعطاني منها؛ لأني رأيت أقواماً أعطُوا من الدُّنيا فهلكوا (4).
(1) زيادة من "ت".
(2)
في الأصل: "قال هو"، والمثبت من "ت".
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 230)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4537)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(22/ 56).
(4)
رواه ابن أبي الدُّنيا في "الشكر"(120)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" =