الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوظائفِ علَى من كان في زمنِ النبي صلى الله عليه وسلم، وأحدُ أنواعِ ما ينطلِقُ [عليه](1) اسمُ الهجرةِ.
الثانية:
فائدتُها المبايعةُ علَى الإسلامِ، وتعلُّمُ شرائعِهِ، والتفقُهُ في الدينِ، قالَ الله تعالَى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122].
والحمل علَى هذهِ الوِفادةِ وهذهِ الطائفةِ مذهبٌ لبعضِ المفسرينَ، ويكونُ المعنى علَى هذا التقديرِ: أنَّ الطوائفَ لا تنفُرُ من أماكنِها (2) وبوادِيها جملةً، بل بعضهم؛ ليحصلَ التفقُّه بوفودِهِم علَى الرسولِ صلى الله عليه وسلم، وإذا رجعوا إلَى قومهِم أعلموهُم بما حصلَ لهُم.
والفائدةِ (3) في كونهِم لا ينفرونَ جميعاً عن بلادِهِم حصولُ المصلحَةِ في حفظِ من يتخَلَّفُ من بعضهِم ممَّن لا يمكنُ نفيرُه (4) أو يتَعَسَّرُ.
وأما (5) علَى مذهبِ بعضِ المفسرينَ: فلا يتناولُ هذهِ الوفادةَ (6)
(1) زيادة من "ت".
(2)
في الأصل: "إمكانها"، والمثبت من "ت".
(3)
في الأصل: "من الفائدة"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل: "تفسيره"، والمثبت من "ت".
(5)
في الأصل: "فأما"، والمثبت من "ت".
(6)
"ت": "الفائدة".
ولا الطائفة؛ فإنَّ بعضهُم يقولُ: إنَّ الفئةَ النافرَةَ هي من يسيرُ [مع](1) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في مغازيهِ وسراياهُ، والمعنى حينئذٍ: أنَّهُ ما كانَ لهُم أنْ ينفروا أجمعينَ مع الرسولِ صلى الله عليه وسلم في مغازيهِ لتحصُلَ الفائدةُ (2) المتعلقةُ ببقاءِ من يبقَى في المدينة (3)، والفئةُ النافرةُ مع الرسولِ صلى الله عليه وسلم تتفَقَّهُ في الدينِ بسببِ ما يرونَ (4) ويسمعونَ منهُ، فإذا رَجعوا إلَى من بقي بالمدينةِ أعلموهُم بما حصلَ لهم في صحبةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم من العلمِ (5).
والأقربُ الآنَ عندي: هو الأوَّلُ، والأولَى من هذا التأويلِ؛ لأنَّا إذا حمَلناهُ علَى هذا الثاني فقد يخالفُهُ ظاهرُ قولِي تعالى:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120]، وقولُهُ تعالَى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71]؛ فإن ذلكَ يقتضي؛ إمَّا طلبَ الجميعِ بالنفيرِ (6)، أو إباحتَه، وذلكَ في ظاهرِ؛ يخالِف النَّهي عن نفيرِ الجميعِ، وإذا (7)
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "المصالح".
(3)
في الأصل: "بالمدينة"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "ما يؤمرون".
(5)
انظر: "تفسير الطبري"(14/ 573).
(6)
في الأصل: "بالتنفير"، والمثبت من "ت".
(7)
"ت": "فإذا".
تعارضَ مُجمَلانِ يَلزَمُ من أحدِهِما تعارضٌ، ولا يلزمُ منَ الآخَرِ، والثاني أولَى، ولا نعني بلزومِ التعارضِ لزومًا لا يُجابُ عنهُ، ولا يتخرَّجُ علَى وجهٍ مقبولٍ، بل [ما] (1) هوَ أعمُّ من ذلكَ؛ فإنَّ ما أشرنا إليهِ من الاثنينِ يجابُ عنهُ بأن تُحمَلَ (أو) في قولهِ تعالى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71] علَى التفصيلِ دونَ التخييرِ، كما رضيَهُ بعضُ المتأخرينَ من النُّحاةِ، فيكونُ نفيرُهُم (2) ثُباتٍ فيما (3) لا تدعو الحاجةُ إلَى نفيرهِم فيهِ جميعاً، ونفيرهُم جميعاً فيما تدعو الحاجةُ إليهِ.
ويحملُ قولُهُ تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120] علَى ما إذا كان الرسولُ صلى الله عليه وسلم هو النافِرُ للجهادِ، ولم تحصُل الكفايةُ إلا بنفيرِ (4) الجميعِ ممَّن يصلُحُ للجهادِ.
وهذا أولَى من قولِ من يقولُ بالنسخِ، وأن تكونَ هذهِ الآيةُ ناسخَةً لما اقتضَى النفير (5) جميعاً.
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "نفرهم".
(3)
"ت": "مما".
(4)
في الأصل: "بتنفير"، والمثبت من "ت".
(5)
في الأصل: "التنفير"، والمثبت من "ت".