المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طريق الوصول إلى الرأي العام - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

‌العدد 13

- بتاريخ: 15 - 11 - 1892

‌طريق الوصول إلى الرأي العام

يعلم الإسان إن أوقاته ثلاثة وقت عمل. ووقت نوم. ووقت فراغ منهما. ومقتضى النظر في الحصول على الرأي العام في المجتمع المدني متى يكون. أما وقت العمل فإن ذلك غير متيسر فيه لاشتغال كل إنسان بخدمته أو تجارته أو صناعته أو زراعته وتفرق المجموع حال العمل تفرق تشتيت والنظر في المصالح المدنية والواجبات الوطنية لا يكون إلا في الأندية والمجامع بتبادل الأفكار عقلاء الأمة سؤال وجواباً وسلباً وإيجاباً بما عند الأفراد من الأخبار الطارئة والحوادث العارضة والمسائل العملية والوسائل التجارية والبواعث الوطنية والحوافظ الملكية والخصائص الجنسية والفوائد اللغوية والمحسنات المدنية فإنه يستحيل على فرد ايستقل بهذه العلوم نظراً وبحثاً وتنفيذاً مهما ارتفعت درجته في المعارف واتسعت أفكاره بالتجارب بل لا بد له من أيد يكثر بها العمل والسنة تنتشر بها الفوائد وأصوات تُسمع القاصي

ص: 289

والداني ممن تجمعهم الوطنية أو تضمهم الجنسية او تعمهم السلطة الدولية. وهذا لا يكون إلا باجتماع العقلاء لتبادل الأفكار المنتج للرأي العام. ووقت النوم والناس فيه ثلاثة أقسام القسم الأول أهل الاجتماع في البيوت وهم الأمراء وأرباب الوجاهة والاعتبار الذي لا يتنازلون لمشاركة صغار امة وضعفائها في المباحث السياسية والمحسنات المدنية وهذا القسم وإن تعالى عن أفراد الأمة بما له من المكانة عند الوازع الأكبر وقيامه بوظائف عالية تضطره إلى راحة الفكر تارة واستعماله حيناً في واجبات الدولة وحقوق الأمة ولكنه الفاتح لأبواب المباحث للطبقة التي دونه بما يبديه من الأعمال والأقوال فهو بالنسبة إلى الأمة كالمؤلف الذي يعرض كلامه على أهل البحث والانتقاد وإن كانت أوامره محترمة بالنسبة لعلو مقامه ولكن احترامها لم يمنع العقلاء من النظر فيها وتبين فوائدها إن كانت مسلمَّة ومضارها إن كانت معترضة وأولى الناس بالبحث والتدقيق في هذا المقام محروو الجرائد ورجال المعارف. وهذا القسم في أوروبا أوسع رحاباً والي جانباً من أمثاله في الشرق فإن رجاله هناك كثيراً ما يدخلون المجامع العمومية ويقبلون الاعتراضات ويجارون الأمة في كثير من الأقوال والأفعال وهذا الذي وسع نطاق علم السياسة هناك واهَّل كثيراً للقيام بمهامها لقيام مبادلة الأفكار قيام مدرسة يتعلم فيها المرشحون لها والقائمون بأعمال الدولة ممن لابد لهم من مشاركة الأمراء في الرأي يوماً ما. والذي اخَّر هذا القسم في الشرق كون تنازل امرائه عن العظمة وشدَّة الاحتجاب عن

الأمة حديث العهد ويصعب على النفس ان

ص: 290

تترك مألوفها دفعة واحد. وما يمنعهم من مشاركة الأمة في الرأي إلا التهور في الكلام والاعتراض بغير تروٍ ولا تبصر في بعض م يشاركونهم في المفاوضة ورى هذا القسم في مصر قد تقدم تقدماً ألحقه برجال أوروبا فقد سهل حجاب الحضرة الخديوية الفخيمة وتنازلت لزيارة المدارس والمعابد والمعامل والمستشفيات وقبلت زيارة رجال حكومتها وأعيان رعيتها وجموع النزلاء والغرباء وتجول الجناب العالي في بلاده محافظاً على راحتها سائلاً عن حالتها مجتهداً في صيانتها من الأخطار أما الوزراء فقد تنازلوا حتى شاركوا الأفراد في المجامع الأدبية والمحافل العمومية ولهم ميل لقبول أفكار العقلاء ومشورة رجال الشورى. والأمة المصرية كذلك ظهر فيها من ذوي الفضل من أدخلتهم معارفهم وتجاربهم في ديوان المرشحين للمناصب العالية والوظائف المهمة فإذا تمجضت أقسامهم للنظر فيما ينظر فيه أهل الفضل كانوا أهلاً للقيام بكل أعمالهم على الطريقة التي لا تنكرها عليهم أوروبا لاتحادهم معها في السير وهم وأ وجد فيهم أهل الكفاءة الآن ولكن إذا تكثر هذا الفريق العامل أو المهياء للعمل كان الحصن الحصين بين يدي خديوينا المعظم والركن المتين لاعتماد أوروبا عليه. القسم الثاني أهل الاجتماع في المجامع الأدبية من النبهاء والعقلاء وهم الطبقة الثانية بالنسبة إلى الوزراء وهؤلاء إن كان اجتماعهم للنظر في مصالحهم الذاتية وطوارئهم البيتية فقد قطعوا من جسم المجتمع المدني عضواً عاملاً وعطلوا وظائفه التي كان يؤديها لو لم يتقيد بذاتياته. وإن كان اجتماعهم للخدمة الوطنية والقوة الدولية ومبادلة الأفكار فيما يقدم الأمة علماً وصناعة وزراعة وتجارة والبحث في الضروريات المدنية والقواعد الملية والمحافظة على شرائع الأمم وتعريف كل

ص: 291

طائفة المحافظة على الأصول الدينية والعوائد الوطنية والحقوق الملكية وتضيد القوة الحاكمة بالمساعدة الأدبية وسيكون الأفكار ولزوم الهدوء في الحركات والبعد عن الفتن وتهيج الأفكار وحفظ حقوق الاستيطان للغرباء والنزلاء كانت مجامعهم اندية فضل ومجلس علم تتعلق بنجاحها الآمال بل تحط ببابها الرحال. ومعلوم أنه يشترط في رجال هذي القسمين سلامتهم من كل ما يخدش الشرف أو ينزل بهم إلى مجامع الفوغاء ومجالس التهمة لكونهم أئمة الأمة يقتدى بهم في كل ما يصدر عنهم من القول والفعل فكلما ترفعت فوسهم عن سفاسف الأمور ومجالس اللهو واللغو كلما كانت الأمة اقرب إلى التقدم

وأميل إلى الآداب ومحاسن الصفات وقويت ثقة الأفراد بهم فلا ينتخب للشورى لا منهم ولا تدور دوائر الأعمال إلا بهم ولا تتجه أنظار الدول إلا إليهم ولا يعول في أخذ الرأي العام إلا عليهم ولا تتوفر شروط الكمال والاستعداد إلا فيهم. فإن نزل فريق منهم عن رتبة اعتباره وفارق مجامع أمثاله وشارك غوغاء الناس في مجالسهم المبتذلة وساواهم في تناول ما يفسد العقل من المسكرات والمخدرات في اماكن السفلة ومجامع الأنذال فقد هبط وسقط وترك مركزه من المجتمع المدني خالياً من عضو عامل فإن عاد إليه وهو على تلك الحال سرت فيه التهمة إلى بقية أعضاء المجتمع عند المراقبين الذين خصصوا أنفسهم لاستطلاع أخبار الأمم وما هم عليه فيصعب القول بوجود الرأي العام إذ ذاك لمزاحمة من لا يصلح للمفاوضة وتشويهه مجد العقلاء بعده من أفراد المجتمع المدني ـ القسم الثالث صغار الخدمة ومتوسطو التجار والعمال والصناع وهؤلاء كالعنوان للأمة التي هم منها فكلما كانت الآداب والعلوم فاشية فيهم

ص: 292

كلما كانت عصبية الأمة قوية الجانب عظيمة الشأن فإن هذه الطبقة مؤهلة لصعود مرقاة الطبقة الثانية ولا يمكنها مزاحمة العقلاء ومجاراة ذوي الأفكار إلا إذا تطهرت من دنس الأهواء وبعدت عن مجالس السوء ومجامع الفحش والسخرية واندية معدمات الشرف والذات والمال. وقد جرت عادة الناس إن يخرجوا إلى الأماكن المعدة للاجتماع العام عند فراغهم من الأعمال ترويحاً للنفس وتنشيطاً للفكر وقد تنوعت هذه الأماكن بحسب العادات والأذواق الاستحسانية فمنها مجامع الرياضة البدنية كالبيلياردو والنرد (الطاولة) والشطرنج وتكون هذه في مجامع الرياضة الفكرية حيث يجتمع الناس في القهاوي للأنس والسمر ومبادلة الأفكار وتطلع الأخبار ومنها مجامع الرياضة النظرية كالتياترات فإنها رياضة نظرية عائدة بالفوائد الكبيرة على البدن خصوصاً وعلى المجتمع الداني عموماً لما فيها من تمثيل الوقائع بصور المستلذات نظراً او سماعاً. وقد شذ عن المجامع الأدبية مجامع اللهو والفحش كالبير والخمارات والمراقص والمقامر والمواخير ولا ينزل من فضيلة الكمال التي يدركها في المجامع الأدبية إلى رذيلة النقائص في مجامع اللهو والفحش إلا من رضى لنفسه الانقطاع عن الهيئة المدنية والانتظام في سلك المتوحشين أو الراجعين إلى البهيمية بمنظر من أهل المدينة. ومن مجامع الرياضة مجالس السماع الخالية من الغوغاء وأم الخبائث فإن التغني بالشعر اللطيف الحاوي للمعاني الرقيقة

المنبه لأفكار العامة للسعي خلف الفضيلة والمزايا الجميلة مما يحرك الطباع للعمل ويبعث في النفوس رغبة فيما تضمنه الشعر من مقاصد الشعراء الجليلة. وحبذا لو كان لنا مغنى مصري خال من الخمور والمومسات

ص: 293

والغوغاء لا يدخله إلا أناس مشتركون فيه شهرياً أو سنوياً بتذاكر مخصوصة برآسة أشهر المغنين كالمجيد المتفنن أمير الأغاني عبده أفندي الحمولي وأصحابه الشيخ يوسف خفاجة ومحمد أفندي عثمان وأحمد أفندي الليثي وأمثالهم ويشترط أن يكون لهذا المغنى مجلس ينظر فيما يغنَّى به من الأشعار والأدوار بحيث يحجر على الأدوار السخيفة والضروب الخارجة عن حد الآداب فلا يرخص للمغني إلا بما في سماعه تنشيط وفي كلماته معان تعجب العقلاء ويرضاها الفضلاء كما يشترط أن يكون المغني المصري تحت إدارة مصريين لا يشاركهم في إدارته أجنبي ليكون وصفه بالمصري جارياً على حقيقته ومن هذا كله نعلم أن الرأي العام لا يؤخذ إلا من المجامع الأدبية كيف كانت هذه المجامع واستبدلتها بمجامع اللهو واللعب فعلى رأيها العام السلام. ونحن نرى أن القوة الفكرية امتدت في البلاد المصرية وتغذى بالمعارف والآداب كثير من المصريين وتعددت مجامعهم الأدبية في البيوت والمنتزهات وكثر تطلعهم للأخبار وقراءتهم للجرائد على اختلاف مصادرها ولغاتها وأبعد العقلاء منهم في النظر والتدقيق حتى بحثوا في خفايا سياسية أوروبا ومظاهر أعمالها في الشرق وهذا مما يحقق آمال الأوروبي في المصريين حيث يراهم أهلاً للقيام بالأعمال الفكرية والإدارية ويرى فيهم الجامعة الوطنية المنتجة للرأي العام. ولا نكر أننا وصلنا هذه الغاية الجليلة باحتكاك أفكارنا في أفكار الأوروباويين بما تنقله لنا الجرائد من أخبارهم وما سمعه من سعيهم خلف الآداب وباعث العمران ومن هنا يعلم أالمغرمين بالشراب ومجامع

ص: 294