الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 40
- بتاريخ: 30 - 5 - 1893
حفظ الصحة
لما كان من أهم واجبات الوالدين معرفة سن الطفولية وكيفية تربية المولود وتنقله في أطواره الابتدائية وعلم الوسائط الواقية لصحته من العوارض كتب الطبيب الفاضل أحمد أفندي صادق ذكي أحد متخرجي مدرسة قصر العيني رسالة في هذا الباب ملأها بالفوائد العلمية والأصول الطبية فأحببنا نشرها لضرورة معرفة المربين بها قال حفظه الله تعال
السن
هو تعاقب الأطوار المختلفة للحياة وتعرف تلك الأطوار بظهور بعض وظائف أو أعضاء وبزوال البعض الآخر ومع ذلك فإنه لا يمكن معرفة حد واضح يفصل أحد الأطوار عن الذي يليه حيث لا يظهر عند ذلك تغيير تشريحي في الجسم عند انتهاء أحد الأطوار وابتداء الثاني ولذا قال بعضهم لا يوجد فاصل واضح بين أطوار الحياة غير البلوغ ويختلف ظهور تلك
الأطوار على حسب الطقس والمعيشة والعوائد والأمزجة فمتى ولد الطفل يزداد في النمو شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى سن البلوغ وفي هذا الوقت يقال أنه انتهى سن الطفولية الذي يمكن قسمته إلى ثلاث أقسام. القسم الأول الطفولية الأولى ويبتدئُ من الولادة إلى انقطاع الحبل السري أي على اليوم الخامس والسادس. والقسم الثاني من انقطاع الحبل السري إلى سبع سنوات. والقسم الثالث من سبع سنوات إلى البلوغ. والأولى تقسيم الطفولية إلى قسمين فقط الأول من الولادة إلى سبع سنوات. والثاني إلى البلوغ وأما البلوغ فظهوره يختلف على حسب النوع والطقس والمعيشة والعوائد والأمزجة ففي القطر المصري تبلغ الرجال من 14 - 15 سنة حداً متوسطاً وتبلغ النساء من 12 - 14 سنة وفي البلاد الباردة قد يتأخر البلوغ إلى أربعين سنة وفي البلاد الحارة قد يحصل البلوغ في سن العشر سنوات. وقد ثبت بالمشاهدات أن الأغنياء يبلغون بسرعة عن الفقراء لكثرة توفر الشروط الصحية التي تساعد نمو أجسامهم وكثيراً ما يشاهد أن سكان المدن يبلغون بسرعة عن سكان القرى وذلك لكثرة الملاهي والمناظر المنبهة للقوة التناسلية عند سكان المدن أكثر من سكان القرى. وكذلك أصحاب المزاج الدموي والعصبي يبلغون بسرعة عن أصحاب المزاج الليمفاوي والصفراوي وذلك لكثرة كمية الدم الذي منه يتكون المنى وبتنبه المخ في الدموي وكثرة تأثر العصبي من أي منظر بهج وينتهي البلوغ في سن العشرين ثم
يبتدي سن الشبوبية من 20 - 40 ثم سن الكهولة من 40 - 60 ثم سن الشيخوخة من 60 الموت ويوجد تقسيم آخر لسن الطفولية فيجعل قسمين سن بلوغ
وسن شيخوخة وصاحب هذا الرأي يقول أن سن البلوغ يبتديءُ من الحُلُم إلى ستين سنة وهناك تقسيم آخر مذكور في قول الشاعر:
أصح صفات الآدمي وضبطها=لتلقط دراً تقتنيه بديعا
جنين إذا ما كان في بطن أمه=ومن بعد يدعى بالصبي رضيعا
فإن فطموه فالغلام لسبعة=كذا يافع للعشر قله مطيعا
إلى خمس عشر بالحزوّر سمه=لتحسن فيما تقتنيه صنيعا
كذاك إلى خمس وعشرين حجةً=فتى قد دعاه الفاضلون بديعا
. . . لحد الأربعين وبعده=بكهل إلى الخمسين فادع سميعا
وشيخاً إلى حد الثمانين فادعه=بها ثم هِمّاً للممات رجيعا
والحد المتوسط لزمن الحياة من 70 - 80 سنة وقال بعضهم أنه يمكن وصوله إلى مائتي سنة. وقد اتبعت في رسالتي هذه التقسيم الثاني وهو سن الطفولية وسن البلوغ وسن الشيخوخة تسهيلاً للقاريء وبالله التوفيق
سن الطفولية
يبتديء هذا السن من الولادة إلى البلوغ وينقسم إلى قسمين طفولية أولى وطفولية ثانية. فالطفولية الأولى تبتديء من الولادة إلى سبع سنوات ومتى ولد الطفل وكان كامل الترتيب يكون طول قامته نصف متر للذكر و483 ملليمتر للأنثى ويزن 3250 جراماً أي ستة أرطال ونصف رطل وينقص هذا الوزن من 100 - 300 جرام مدة الثلاثة أو الأربعة أيام الأول التي تعقب الولادة بسبب خروج العقي (وهو ما يخرج من المولود عند ولادته من المادة البرازية) والتبخير الجلدي ثم يزداد وزن الطفل كل يوم
من 20 - 30 جراماً مدة خمسة شهور ثم يزيد كل يوم من 10 - 15 جراماً إلى تمام السنة فتصير زنته عند انتهاء السنة الأولى تسعة كيلوجرام وفي انتهاء السنة السابعة تكون زنته 18 كيلوجرام. وحرارة الطفل حال الولادة تكون 37. 5 أي ارفع من درجة حرارة الشاب نصف درجة ثم بعد مضي بعض دقائق تصل إلى 36 أو 35 درجة بسبب التبخير الجلدي الذي ينزع من
الجسم كمية عظيمة من الحرارة ثم ترتفع ثانياً إلى 37 وكسور ونبض حديثي الولادة من 120 - 140 في الدقيقة الواحدة ثم ينزل في السنة الثانية إلى 110 وفي الخامسة إلى 100 وفي الثامنة إلى 90 ثم من العاشرة إلى الثانية عشرة يصل الحد الطبيعي أي من 72 - 85 وعدد حركات التنفس بعد الولادة 44 في الدقيقة الواحدة ثم يصل إلى 35 في السنة الثالثة وفي الخامسة يصل على 25 وفي الثامنة يصير التنفس اعتيادياً أي من 12 - 20 مرة في الدقيقة. ودم الطفل المولود حديثاً كدم الشبان مع اختلاف في نسب عناصره فقط لكثرة كراته الحمراء عن البلاسما (أي سائل الدم) ولكثرة احتوائه على كراة بيضا بنسبة أكثر مما يكون عند الشبان. ومقدار وزن دم الطفل يساوي عشر وزن جسمه وبول حديثي الولادة يكون 1003 ثم يزداد إلى أن يصل 1006 في اليوم العاشر ثم يزداد إلى أن يصل إلى الحد الطبيعي وهو من 1015 - 1025 وبرازهم يكون أخضر اللون لكثرة احتوائه على الصفراء المنفرزة مدة الحمل والحبل السري يسقط من اليوم الخامس إلى السادس. ولون جلد حديثي الولادة يكون أحمر بنفسجياً ثم يستبدل بلون أصفر إلا في الوجنتين من اليوم الثالث إلى الخامس ولا يظهر اللون الأصلي الخاص بشكل الإنسان إلا بعد
أسبوعين أو ثلاثة وأما شكل حديثي الولادة فإنهم يحفظون أولاً الانحناء إلى الإمام برأسه وأطرافه وجذعه فيكون شبيهاً بالحالة التي كان عليها في بطن أمه ثم يحرك يديه وفي الشهر الثاني يمكنه حفظ رأسه ومن الشهر الرابع إلى الخامس يمكنه حفظ الوضع الجلوسي ومن السابع إلى الثامن يمكنه التحرُّك إلى جميع الجهات وأما هيئة سحنة الأطفال المولودين حديثاً فإنها لا تدل إلا على اللذة والألم فمتى علم ذلك نقول أنه متى ولد الطفل متصفاً بالصفات المتقدمة فإنه يخرج صائحاً وليس ذلك دليلاً على آلام كما يظن بل لاستنشاقه الهواء ووصوله إلى الرئتين كي يمددهما وهذا الصياح يطمئن خاطر أمه وينسبها ما قامته من الأتعاب وأما إذا ولد في حالة موت ظاهري فإنه يكون ناشئاً أما عن انقذافه من يد القابلة مباشرة بعد الولادة في السائل الذي خرج من الرحم أو من التفاف الحبل السُري حول عنقه حال الولادة أو من امتلاء فمه أو أنفه أو هماً معاً بمواد مخاطية أو من عائق اعتراه أثناء سير زمن الولادة فيجب في مثل هذه الأحوال وضع الطفل على ظهره ويدخل الإصبع المغطي بقماش نظيف في فمه لإخراج المواد المخاطية التي ربما تكون هي السبب في
إعانة التنس الذي نجم عنه هذا الموت الظاهري ثم يدلك الصدر ثم تضرب الأقدام ضرباً خفيفاً لتحويل الدم من الدماغ إليها لأنه ربما يكون سبب هذا الموت الظاهري اختناق دماغي وإن لم يفد كل ذلك وجب عمل التنفس الصناعي الذي غايته مسك يدي الطفل من معصميهما مع قبضة اليد ويبعدان عن الجذع دفعة واحدة لأتساع جدر الصدر ثم يرجع بهما إلى جدر الصدر ثانياً مع الضغط الخفيف فيضيق بذلك
التجويف الصدري ويستمر على ذلك فبهذه الصفة يقلد التنفس الطبيعي. وإن لم يفد ذلك يستحضرانا آن أحدهما مملوء بماء بارد جدّاً والثاني مملوء بماء حار فيغمر الطفل في الإناء الممتليء بالماء الحار ثم يرفع منه ويوضع في الحال في الماء البارد فيتنبه مجموعه العصبي أو يشمم النشادر أو البصل وأن لم يفد كل ذلك يسرع بانتداب طبيب أو طبيبة ليتدارك هذا الخطر كان يجري قطع الحبل السري وإخراج قليل من دم الجنيين يسيل إلى الخارج إذا كان سبب الموت اختناق رئوي أو مخي ومتى تنبه الطفل من إحدى هذه الوسائط وجب الألتفات إلى الفتحات الخلقية كالأعين والآذان والفم والأنف والشرج والفرج وفتحة الصماخ البولي وجميع أعضاء النين فإنه كثيراً ما شوهد ولادة الطفل مصاباً بجملة تشوهات فالأعين قد تكون مغمضة بالكلية وقد تكون مفتوحة إنما الحدقة تكون مدورة وقد يولد الطفل ومعه كتركتا (المائية) فيجب تقديم الطفل المولد بهذه الصفة إلى الطبيب ليفعل ما يلزم له من العمليات. وقد تكون الأذنان مسدودتين من الظاهر فيجب ثقبهما وكذا الأنف والفم. وقد يكون مصاباً بالشفة الأرنبية وهي ما كانت قصارة على الشفة وغالباً تكون العليا وقد تكون مزدوجة أي أنه يوجد شقاق في الشفة فيقسمها إلى ثلاثة أقسام وقد تكون مزدوجة أي أنه يوجد شقاق في الشفة يصطحب بانشقاق سقف الحنك وفي مثل هذه الأحوال يعشر الرضاع وقد توجد تشوهات كثيرة جداً يولد بها الطفل لا يسعنا ذكرها الآن فإن ذلك ليس من موضوعنا.