المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إننا قصرنا في تحرير العبارة فما كل قارئٍ يحتاج إلى - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: إننا قصرنا في تحرير العبارة فما كل قارئٍ يحتاج إلى

إننا قصرنا في تحرير العبارة فما كل قارئٍ يحتاج إلى الإنشاء البديع ولا يرى العلماء إننا عدلنا عن طريقهم زهداً أو كراهة وإنما نقدم كل عدد بعبارات ومواضيع تخالف ما تقدمها ترويحاً للنفوس وترويجاً لبضاعة الأدب. ولا يرى أهل الكمال أننا نستعمل الهزل في معرض الجد تهجيناً للأفكار وإضاعة للمعارف وإنما التزمنا هذه الطريقة لميل النفوس إليها وليرى كل قسم من العلماء والأدباء والعقلاء والعوام ما يحبه ويرضاه فما القصد إلا أن تكون الخدمة عامة ينتفع بها الخاص والعام ومن تأمل هذا المشرب وجده دقيقاً رقيقاً مفيداً. ومن اعتمد على جواهر الألفاظ ولم يحم حول ما قصدناهُ تكثر اعتراضاته ويعز علينا مرضاته. وقد جاءتنا رسائل شتى في الموضوع البلدي سندرج منها في العدد الآتي ما يناسب مشرب الجريدة كما جاءَتنا كتب كثيرة باستحسان هذا المشرب وبعض كتب تطلب جعل الكلام البلدي جريدة مستقلة فرأينا الرأي العام يستحسن ما علمه الجريدة الآن فالتزمناه فإن تكثر الفريق الثاني وصار صاحب الأعبية أريناهُ رأينا إذ ذاك فليتفضل بقبول ما نقدمه إليه من جد وهزل موافقة للجانبين ونحن للجميع من الشاكرين على سعيهم خلف الآداب وحبهم في المحسنات الوطنية.

‌الأخلاق والعادات

الفصل الثاني

(في الأخلاق والعادات)

الاقتصاد الشرقي

من نظر فيما كانت عليه مصر قبل الآن بعشرين سنة ونظر ما هي

ص: 50

عليه الآن تحقق أنها تطورت بأطوار شتى في أوقات متلاحمة حتى وصلت درجة تحتاج للتأريخ والتدوين فقد تغيرت هيأَتها المدينة وانتقل أهلها إلى ما دعا إليه التشبُّه والمجاراة من أنواع المحسنات العمرانية والمقتنيات البيتية. وهذا مقام يقضي على القلم بتفصيل المطالب وتمييز المواضيع فلذا نرتب هذا الباب مطالب تعرف بعناوينها كما ترى.

مطلب الطعام

كان المصريون قبل العشرين سنة الأخيرة منقسمين ثلاثة أقسام فقراء وأغنياء وأمراء. فطعام الفقراء قليل الأنواع والآنية ولا يخرج في الريف والمدن عن صنف واحد يطبخ كل ليلة من عدس أو كشك أو بيسارة أو فول أو دشيشة أو شعرية أو محمصة أو كسكسو أو نوعٍ من الخُضر وإدام النهار مِشّ أو جبن أو كراث أو فجل أو مخلل والريفي ينتظر وقوع بهيمة فيأكل من لحمها ولا يصنع إلا مسلوقاً (صليقة) أو محمراً أو مدقوقاً مع ذرة ليصنع كباباً أو كفتة ولا يأكل اللحم الطيب المسمى عنده (بالغصيب) إلا في الأعياد والمواسم. والمدني إن أراد أكل اللحم اشترى كرشة الحيوان أو أرجله أو أخذ رطلاً أو رطلين من لحم الجاموس الرخيص السعر ولا يعرف من المطاهي إلا جعله مسلوقاً أو محمراً أو مقطعاً في ماء وسمن يسمى دمعة أو مطبوخاً ببصل يسمى عنده قاورمة وعند الريفي يخني وبعض البلاد لا يأكل إلا الأرز والبعض جلُ طعامه التمر. والغني الريفي كان يساوي الفقير في طعامه ويزيد عنه ذبح فرخة

ص: 51

أو حمامة أو أرنب إذا جاءهُ ضيف كما يزيد طاجن أرز خالياً أو مدفوناً فيه فرخة أو حمامة أو لحم وأرزاً بلين مفرداً أو ملّى بعسل أسود من عسل القصب أو لحمة ببصل كثير يسمونه قلاية. وآنيته كآنية الفقير طواجن وصحاف تصنعها النساء من مدقوق الطوب الأحمر (الآجر) وشوال للبن (جمع شالية مقلوب شائلة) كما يساويه في أكل اللبن المخيض وتقديمه للضيفان في الصباح والظهيرة. والغني المدني

كان يأكل اللحم والخضر مقتصراً على الصليقة والمحمر والكباب والكفتة والدمعة وأنواع الخُضر زكان يطبخ الصنفين أو الثلاثة لا يزيد على ذلك وأوانيه الزبادي الخضر والصحف البرامية المدهونة وعظيم الثروة يتخذ بعض آنية من الصيني يحفظها في الصناديق ولا يخرجها إلا في الولائم والأفراح فإن أراد عمل حلواء صنع الأرز باللبن من السكر أو صنع المهلبية أو الفطير أو البسيسة ولا يصنع الحلواء إلا في ليالي الضيفان والولائم الكبيرة. والأمراء كان خوانهم يشتمل على خمسة أصناف أو ستة في الأكثر مركبة من شوربة وصحن لحم وصحنين من الخضر أو صحن حلو وصحن أرز وأغلبهم يقتصر على الشوربة واللحم وصحن الخضر والأرز يتداولون في هذه الصحون المحمر والكباب والكفتة وكباب الفرن والقارومة والقبه مه وأنواع الخُضر والصوبريك والرواني والمهلابية والحريرة والفطير والسنبوسك والألماسية وبعض الفواكه وآنيتهم الصيني ولا يزيد الطقم عن اثنى عشر صحناً وأغلبهم كان يستعمل آنية النحاس الصفر أو الأحمر المبيض المصنوع في توقات أو الأستانة أو مصر. وملاعق الفقراء والأغنياء

ص: 52

الخشب غير أن ملاعق الأغنياء من خشب البقس وملاعق الأمراء من خشب الأبنوس ويندر عمل الملاعق الفضية عند كبار الأمراء وبهذا الاقتصاد العظيم كانت الثروة عظيمة كلٌّ بحسب حاله مع قلة النقود إذ ذاك وعدم اتساع التجارة والزراعة فإن آنية الفلاح إذا كسرت صنعت المرأة غيرها في الحال وآنية الغني يشتريها بالنص والميدي لا بالفرنك والريال والجنيه وآنية الأمير يشتريها بالقروش ولكن لقلتها لا تكلفه فوق طاقته. وعدم التوسع في المطاهي كان حجاباً عظيماً بين الذهب والذهاب والفضة والانفضاض. حتى إن القدماء لما لم يجدوا باباً ينفقون فيه ذهبهم التزموا دفنه في الأرض ليكون سداداً من عِوَز إذا دعت إليه الضرورات وهو الذي نسميه الآن خبيئة وكنزاً وما هو الأفضل الاقتصاد وما زاد عن ضروريات المعيشة. فلما حصل الاختلاط وامتدت التجارة واتسع نطاق الزراعة وساكن الأجنبي الوطني وتبادل الفريقان الزيارة قبح الغربي اقتصاد الشرقي وعده بقاءً على الهمجية والتوحش وحسّن له التوسع في المآكل والمشارب وآنيتها ليماثل الأمم المتمدنة في العالم وما قصد بذلك إلا تحويل ما بيده من النقود إلى بلاده واتخاذه أجيراً يشتغل ويكد الليل والنهار حتى إذا طاب زرعه وامتلأت يده بالنقود جاءهُ الأجنبي بمحسناته فأخذ ما بيده

وتركه في أسواء مما كان فيه. فهجم الوطني الفقير والغني والأمير على المحسنات الغربية يشتريها بنفيس الذهب وتعلم التفنن في المطاعم والمشارب حتى صارت آنيته مركبة من مئات من الصحون المختلفة الأشكال والكاسات المتنوعة إذ صُنع له أواني للشوربة وأواني للحم

ص: 53

وأواني للسمك وأواني للخضر وأواني للسلطة وأواني للسردين وأواني للبيض وأواني لمخلل (التورشي) وأواني للحلواء وأواني للفاكهة وأواني للفاكهة اليابسة (اليميش) وأواني للجبن وكاسات للماء القراح (وقليل شاربه على الطعام) وكاسات للنبيذ وكاسات للكنياك وكاسات للبيرة وكاسات للابسنت وكاسات للشامبانيا وكاسات للنساء غير كاسات الرجال يتبع ذلك ملاعق الأرز وملاعق الحلواء وملاعق القهوة وملاعق السلطة وملاعق الدولدرمة وملاعق الشوربة وسكاكين كل صنف وشوكة وآلات كسر الفاكهة وعصير الليمون يستخدمون ذلك في طعام الكستليتة والبوفتيك والروسبيف والدندي والكباب والمحمر والكلاوي والمخ ولحم الصلصة ولحم البطاطس ولحم البسلة ولحم الخل ولحم الحمص ولحم التومية والقارومة والشاورمة والقبه مه ولحم الفرن والباصطرمه والسجق والكل باستي والضلع والمحشي والشركسيه والتورلي والمسقعة والصلايق والفطير وأنواع الحلواء الشهيرة (بالطاتلي) وأنواع الخُضر وما يتبع ذلك من السلطات والمخلات والمربيات والفواكه والهواضم المصنوعة. وهذه الأواني تصنع قابلة للكسر بأدنى سبب وهذه المطاهي تستدعي طاهياً ماهراً وخدماً يقومون بهذه الأعمال وتستدعي الفوط والترابيزات والكراسي والدواليب وغيرها مما يلزم للسفرة وتستدعي كثيراً من الحلل (القدور) اللازمة للمطاهي العديدة فإذا كان عنده وليمة استدعت مئات من الأواني إذ كل فرد يأكل وحده على القاعدة الإفرنجية ولزمه تكثير اللحوم والخُضر وبقية الأصناف لأن كل إنسان يأكل في إناءٍ مخصوص فيلزمه أن يأخذ ما يكفيه. هذا

ص: 54

بالنسبة إلى الأمراء والأغنياء أما الفقراء فقد تركوا الطاجن والصحفة واستعملوا الأطباق الصينية والأواني الرقيقة التي لا يمكنهم التحفظ عليها لعدم معرفتهم بترتيب البيوت فيلقون الأواني في وسط البيت وفي جانب الحائط فتدوسها البهائم وتكسرها فيشترون غيرها وقد توسعوا في المآكل إلى حد لا يطيقون البقاء عليه لعدم كفاية الواردات المالية لهذا الإسراف العظيم.

وقد أماتوا بهذا الإسراف الاقتصاد الشرقي فماتت معه ثروة الفوطية والفاخورية وتجار

البرام والزبادي والخراطون وصناع الملاعق والمغارف وتجار النحاس وحيي مقابلهم في المغرب. ولما لم تكفهم وارداتهم لاستحضار الآلات والمطاعم والمشارب الجديدة اقترضوا ورهنوا الأملاك والأطيان وكانت الغاية سكنى الغريب فيما بنوه وانتفاعه بما ملكوه ولو رأيت إسرافهم في الفرش والملابس لرأيت العجب فانتظر الأسبوع القادم تنظر عجائب الزمان وتميز بين الاقتصاد الشرقي والإسراف الغربي. نعم أن المحسنات المعاشية تألفها النفوس ولكن الإسراف فيها والتهالك عليها غير محمود إلا ترى أن الرجل كان يزرع العشرة فدادين أو الخمسة عشر فيعيش بمحصولها طول السنة مع إكرامه الضيفان كل ليلة ويدخر كثيراً من النقود ويزيد فدادينه بمشترى غيرها والآن يزرع المائة فدان ولا تراه إلا مقترضاً لا يجد من القوت إلا الضروري وما ذاك إلا بتركه الاقتصاد الشرقي. وترى المستخدم الأول كان يأخذ الألف قرش كل شهر وتجد عنده آغا للحريم وخدماً وحشماً ويشتري أملاكاً والآن يأخذ الحاضر الأربعين والخمسين جنيهاً ولا ترى في صندوقه شيئاً ولا يجدد عقاراً ينفعه

ص: 55