الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مملكة بروسيا
إن هذه الأمة اجتهدت في التربية والتعليم قروناً طويلة وسبقت أوروبا في الطريق وقد لازمت الجد والاجتهاد وقلبت أنواع التعليم ونقحت القوانين مرة بعد أخرى حتى وصلت إلى ما هي عليه ن القوة والاستعداد بسبب اجتهادها في التربية والتعليم. والذي ساعد الحكومة على التقدم والنجاح اتحاد مقصدي الدين والحكومة وتوحيد الوجهة فإن أمناء الدين بنوا الطرق التي توصل إليه ولم يحجروا على الأهلين شيئاً من العلوم الضرورية لهم والحكومة لم تقصر في نشر التعلم وحث الناس عليه وبذلك ما في وسعها إجابة لطلب رؤساء الدين وحباً في نجاح الأمة وارتقائها. ومن سنة 1540 إلى الآن صدرت أوامر ملكية وظهرت قوانين تنظيمية تتعلق بالتعليم ونشرت في المدن والقرى وكان التعليم اختياراً فمن شاء أن يعلم ولده من أهل البلاد أرسله إلى المكتب ومن لم يرد لا يجبر على ذلك حتى كانت سنة 1713 حيث أمر الملك فردريك بجعل التعليم إلزامياً وجاء من بعده من الملوك فأنشأوا لوائح ودونوا قوانين للتعليم والصحة ومجال التربية وفي سنة 1737 صدرت أوامر الحكومة لجميع جهات المملكة ببناء المكاتب في البلاد من طرف الأهالي وإلزامهم بمرتبات المعلمين وجعلت لكل معلم قطعة أرض تزرع على ذمته ليتعيش منها وقطعة أُخرى ترعى فيها ماشيته وأقطعت الدولة أراضي واسعة خصصت حاصلها للصرف على الطلبة الذين أعدتهم لطبقة المعلمين وعينت مفتشين فيها البلاد للإطلاع على ما هو جار من التربية ولتنبيه المعلمين على ما يجب
عليهم وما ينبغي من القوانين وطرق التعليم وهؤُلاء المفتشون إذا رأوا أمراً يقتضي التغيير أو الزيادة أو التحوير فيما يختص بالتربية والتعليم نبهوا الحكومة عليه لتحسن حالة التربية ويتقدم التلامذة فنجم عن ذلك فوائد جمة وتحصلت الحكومة والأمة على نتائج جليلة. وعندما ظهرت هذه النتائج اشتغل الملوك والأهالي بما يقوي التربية حتى صارت عند الأهالي من أهم الواجبات. وما نزلت بهذه المملكة نازلة أو حرب أهلية أو خارجية إلا كانت داعية لزيادة التعليم وتحسين طرق التربية حتى بلغ عدد المكاتب في سنة 1840 ثلاثين ألف مكتب غير ست مدارس عامة ومائة وعشرين محلاً لتعليم الجنباز وقد كان عدد الأهالي في تلك السنة خمسة عشر مليوناً. والأساس الذي بني عليه التعليم فيها وضع على أمرين الأول كل ناحية مكلفة ببناء مدرسة لأبنائها والصرف عليها. والثاني إلزام الأهالي بإرسال أبنائهم إلى المكاتب ومعاقبة من
تأخر عن ذلك بغرامة أو حبس. ومن قوانينها أن سن التعليم من خمس سنين إلى 14 سنة فرئيس كل ناحية مكلف بتحرير قائمة بأسماء الأطفال الذين دخلوا في السنة الخامسة على رأس كل سنة وإرسالها إلى القسس القائمين بالتعليم لطلب الأولاد من آبائهم. وإن من رغب تربية ابنه عنده لا يمنع وإنما يتحصل على رخصة من رئيس مجلس بلده ومن أراد استخدام طفل من الأطفال وهو في سن التعلم لا يسلم له إلا إذا تعهد بعدم منعه من التوجه إلى المكتب. وقد أنشأت مكتباً بجوار كل معمل وورشة لتعليم الشغالين بها وجعلت رئيس كل مكتب قسيس الناحية ليرغب الأهالي ويحث على التعلم ويرأف بالأولاد في العقوبة وما زالت المملكة
تترقى شيئاً فشيئاً حتى بلغ عدد المعاقبين بالحبس بعض مئين وعدد الغرامة النقدية ثلاثة آلاف فرنك في الأيام الأخير حال كون التعداد صار تسعة عشر مليوناً. ومن هذا يعلم أن جميع المأمورين ورجال الحكومة صاروا معاً يداً واحدة وإن المتأخر عن تعليم ولده قليل جدّاً. وقد اختصت الحكومة بإصدار الأوامر وترتيب طرق التعليم أما الصرف على تلامذة المكاتب فمما يؤخذ على الأطفال ومن جهات معينة لذلك ومن ضريبة مقدرة على الأهالي بحسب اقتدارهم وقد تساعدهم الحكومة إذا رأت عدم اقتدار ناحية على ما يلزم للمكتب. وكانت المكاتب الابتدائية مؤسسة على تعليم الأمور الدينية وفن القراءة والكتابة الذي هو المقصد الأعظم والذي سهل هذه الطرق ظهور المذهب البروتستانتي فإنه حتم على كل إنسان قراءة الإنجيل بنفسه ولذلك عظمت رغبة الأهالي في تعلم القراءة ليتمكنوا من قراءة الإنجيل بأنفسهم. واستمرت الحال كذلك مدة إلى أن سعى بعض النواحي في فصل التربية الدينية من التربية المعاشية كما هو حاصل في بلاد النيمسا ولكن الحكومة البروسيانية لم توافق على ذلك وألزمت الطفل بتعلم ما يلزم لدينه ودنياه في المكتب بحسب ما يرى لرجال الديانة خوفاً من أن يعدل عن طريق الفضل وليشب الطفل على الطاعة والامتثال واعتبار الناس على اختلاف درجاتهم وحب ذوب القربى والميل إلى اصطناع المعروف وفعل الخير واجتناب السوء وأهله فإذا انتهى من تعلم القواعد الدينية والحكم الأدبية بلغ الشجاعة من غير تفاخر والأقدام من غير نكير والحرية من غير تعد للحدود ويحصل على علم ما له وما عليه فلا يتساهل في طلب
ما هو له ولا يتوقف ما هو له ولا يتوقف في أداء ما هو عليه. وكان الواجب على الطفل معرفته سنة 1853 أن يتعلم أصول
الديانة في ست ساعات من كل أسبوع والقراءة والكتابة في 12 ساعة والحساب في خمس والألحان في ثلاث ثم يتعلم الجنباز ويأخذ في أثناء تعلم القراءة بعض فصول تاريخية وحوادث طبيعية ومواد نافعة تمريناً له ويقتصر في التاريخ على الوقائع والحوادث الوطنية ليغرس المعلم في ذهنه حب وطنه ويبين له ما يجب عليه في حفظه والدفاع عنه ثم يشرح له بعض التاريخ الطبيعي ليقف على حقائق الحيوان والنبات والمعدن بعبارات تناسب سنه. ومعلم الجغرافية يبدأ بشرح حال الناحية التي هم فيها ثم يتكلم على الخط التابعة له ثم على القسم الجامع للاخطاط ثم على المديرية ثم على الولاية ثم ينتقل إلى شرح الكرة الأرضية ثم يعلمون الأطفال أدعية وأناشيد دينية ووطنية يترنمون بها في المكتب ليغرسوا في قلوبهم حب الوطن والدين من الصغر. وفي سنة 1850 تقرر أن تكون التربية في جميع البلاد مجاناً ولكن هذا الأمر لم يتم في بعض الجهات إلى الآن ثم بعد أن كنت طرق التعليم قاصرة على العلم صارت الآن شاملة هل وللعمل وبعد أن كان الأهالي لا يعرفون شيئاً مما تفعله الحكومة أصبحوا مشتركين معها في جميع ما تجريه معهم من الأعمال النافعة اللازمة لتوسيع دائرة الثروة في الداخل ورد العدو وإرغامه في الخارج. وهذه المملكة أول مملكة رأت وجوب إنشاء مدارس خصوصية لأُناس تجعلهم معلمين في المكاتب الأهلية فكان عدد هذه المدارس سنة 1764 اثنتين وستين مدرسة فيها من الشبان 3614 وهي تكون في المدن غالباً في معابد مهجورة. ومن قوانينها أن كل من كان بيده شهادة وفيه
قدرة على التعليم له أن يفتح مدرسة يعلم فيها من يشاء التعلم وللحكومة النظر والتفتيش على تعليمه بحيث لا يخرج عن القوانين المتبعة في جميع المملكة. ومدة التعليم في المدارس الابتدائية ثلاث سنين يتعلم فيها التلميذ ما هو آت.
سنة أولىسنة ثانية سنة ثالثة
ساعات من كل أسبوع ساعات من كل أسبوع ساعات من كل أسبوع
تمرين2 2 2
الديانة 6 6 6
اللسان الألماني 5 5 3
التاريخ 0 2 2
جغرافية 2 2 0
علوم طبيعية 2 2 2
حساب 3 3 1
كتابة2 1 0
رسم2 1 0
غناء2 2 2
موسيقى 1 2 1
ومن هذا يعلم أنهم يعتنون بفن الموسيقى اعتناءً كبيراً حتى أن الأطفال يجتمعون ليلاً للترنم بالأناشيد ولا يقبل في الفن إلا من فيه قابلية واستعداد له وأما الجمباز وفن البستاني فهما من ضمن التعاليم ومعدود أن من مواد التسلية والرياضة. وفي السنة الثالثة يكلف تلميذ هذه المدارس بإعطاء
بعض دروس في المكاتب الأهلية ليتمرن على التعليم وتفهيم الغير ويكون ذلك تحت ملاحظة المعلم وفي المدة التي يقيمها الطلبة في المدارس يعلمون الخدم الداخلية بأنفسهم ليتعودوا على تأدية وظائفهم بعد خروجهم من المدرسة إلى الأرياف. وفي آخر السنة الثالثة يعمل امتحان عام بحضور جميع المعلمين تحت رئاسة مجلس تربية المديرية وبحضور رئيس مجلس تربية الدائرة فإنه هو الذي يعين الجهة المحتاجة إلى معلم. وبعد سنتين من خروج التلميذ يصير امتحانه في العمل المختص بوظيفته إمام المعلمين ومتى وجدت فيه الأهلية قيدوا اسمه وصار معلماً مثلهم وعلى المعلمين أن يجتمعوا في أوقات معلومة ليتمرنوا ويتفننوا في طرق التعليم بما يمارسونه فيما بينهم. وفي كل شهر يجتمع معلموا الخط مرة تحت رئاسة القسيس ويجتمع معلموا الاخطاط في القسم كل شهرين مرة تحت رياسة قسيس يعينه مجلس القسم ويجتمع معلموا الأقسام في الدائرة كل ستة أشهر ومعلموا المديرية كل سنة مرة تحت رئاسة مجلس تربية المديرية في هذه الاجتماعات يتذاكرون في طرق التعليم المتبعة وما يجب إصلاحه منها وما يوجب التقدم أكثر من الحاصل. وبسبب قلة ثروة الحكومة وكثرة مصروف العسكرية لم تكن مكاتبها كافية للمتعلمين ففي سنة 1822 كان العدد المتوسط من الأطفال لكل مكتب سبعين وفي سنة 1840 كان المتوسط لكل مكتب خمسة وتسعين وفي سنة 1852 بلغ المتوسط مائة
وخمسة وفي سنة 1864 بلغ مائة وثلاثة عشر. وبسبب بكثرة الأطفال وتعدد الطبقات لم يكن المعلمون كافين للعمل فإنه بمقارنة عددهم بعدد التلامذة علم أن المتوسط معلم واحد لكل 79 تلميذاً وفي الجهات الكثيرة العمران معلم لكل 90 تلميذاً. وما يوجب تعب المعلم التعب
الشديد أنه يوجد في كل مدرسة ثمان طبقات من طبقات التعليم فإن مدة التعليم ثمان سنين فيلزمه أن يشتغل بتعليم كل طبقة على حدتها. ومرتبات المعلمين في هذه المملكة قليلة جداً غير كافية لمعاشهم فمتوسط المرتب للمعلم يبلغ كل سنة 218 تالير أعين 817 فرنكاً ونصف فرنك وفي الأرياف يبلغ 181 تاليراي 678 فرنكاً وفي ولاية سكس يبلغ 268 تاليراً وفي ولاية الوسفالي 226 وفي بعض المديريات لا يزيد المتوسط عن مائة تالير وفي بعضها يكن 150 تاليراً ويوجد في جملة المعلمين 1926 معلماً مرتب الواحد منهم 100 تالير ومن هذا يعلم أن معظم المعلمين لا يزيد مرتبهم عن 500 فرنك. وبالنسبة لغلو الأسعار الآن صار ما يتحصل عليه المعلم أقل من أجرة الأجير مع أنه لم يتحصل على درجة معلم إلا بعد امتحانات احتاج فيها إلى الاستعداد وصرف الوقت فيما يؤهله للتعليم ثم أنه لا يصل إلى هذه الرتبة إلا إذا بلغ العشرين من عمره فيكون قد قضى شبيبته في الوصول إلى هذه الدرجة ثم لا يجد ما يكفيه من المرتب ولهذا نقص طلاب هذه الوظيفة فبعد أن كانوا يزيدون عن المحال المحتاجة لهم صار المحال محتاجة إلى معلمين. وهذا بيان إحصاء سنة 1864.
عدد الأهالي 139 ر255 ر19 مكاتب الأرياف الميرية 35058 مكاتب ريفية غير ميرية 906 عدد المعلمين في المكاتب الميرية 30805 عدد المعيدين أعني العرفاء 2427 عدد المعلمات في المكاتب الميرية 2815 عدد المعلمين في المكاتب غير الميرية 995 عدد المعلمات فيها 688 عدد الأطفال في المكاتب الميرية 1427191 عدد الإناث فيها 1398131 عدد الأطفال
في المكاتب غير الميرية 25226 عدد الإناث فيها 27406 وفي السبع مدارس العامة 6047 من الشبان وفي الاثنين وستين مكتباً المعدة لتعليم المعلمين 3610 فيخص كل 740 شخصاً من الأهالي مكتب ويكون على كل ستة أشخاص وستة أعشار شخص من الأهالي طفل واحد في المكاتب وهذه نتيجة طيبة بالنسبة إلى عدد الأطفال غير طيبة بالنسبة لعدد المكاتب. ومن الإطلاع على هذا الإحصاء يعلم أن درجة
التعليم أخذت في التقدم تدريجاً ففي سنة 1822 كان يوجد 2و12 من الأطفال في كل مائة وفي سنة 1831 بلغ 15 وفي سنة 1852 زاد بقدر العشر وفي سنة 1864 نقص وصار 14 وسبعة أعشار وبمقارنة الذكور بالإناث يرى أن النسبة للذكور 14 وسبعة أعشار في المائة وللإناث 14 وأربعة أعشار فالفرق بينهما قيل جداً. ومقدار المنصرف على المكاتب ومحال التعليم في سنة 1864 هكذا مرتب المعلمين والمعلمات في مملكة بروسيا 224 و449 و7 تالير. وباقي المصروف لجهات سائرة 472 و453 و2 تالير يكون ذلك بالفرنك باعتبار التالير ثلاثة فرنكات وثلاثة أرباع 110 و135 و37 وبتوزيع هذا المبلغ على الأهالي يخص كل شخص فرنكان ويخص كل طفل ثلاثة عشر فرنكاً. ومن سنة 1861 إلى سنة 1864 حصلت زيادة المتعلمين في مدينة برلين فإنه انتقل من 73196 إلى 84829 مع أن عدد الأهالي في هذه المدينة سنة 1864 كان 607309 وفي سنة 1861 كان عدد مكاتب المدينة 21 مكتباً فيها مائتا فصل وفي سنة 1864 بلغ عددها 37 وفصولها 300 وبناءً على قانون التربية المدون سنة 1864 زيد مرتب المعلمين بالصورة الآتية من
أمضى في الخدمة ثلاث سنين فمرتبه 450 تاليراً ومن أمضى ست سنين فمرتبه 500 ومن أمضى تسعاً فمرتبه 600 ومن أمضى أربع عشرة سنة 650 ومن أمضى 19 سنة 700 ومن أمضى 24 سنة 750. ومن عهد قريب أنشئت مدارس لتكميل تعليم الأطفال الذين خرجوا من المكاتب واشتغلوا بالصنائع والحرف وتسمى مكاتب التمرين والغرض منها أن التلامذة الذين خرجوا من المدارس بعد أن أمضوا ثماني سنين يجدون محلَاّ يمكنهم الاجتماع فيه للمذاكرة في العلوم التي درسوها حتى لا ينسوها أو لتلقون أموراً عملية مطبقة على ما قرأُوه ولتساعدهم على كسب الضروري لمعاشهم وكان أول وجود هذه المحال في ولاية ويرتمبرغ من ألمانيا ف سن 1735 وانتشرت في ولاية باد سنة 1756 وفي بلاد بروسيا سنة 1763 وفي ولاية باويره سنة 1803 وكان فن الرسم لا يوجد إلا في هذه المدارس ثم توسعوا فيها حتى فتحوا عدة مدارس من ذلك على أسلوب بديع وغالب هذه المدارس لا يفتح إلا يوم الأحد وفيها من فروع التعليم الحساب والرسم والخط ويوجد في بعضها زيادة فرع أو فرعين كالهندسة والطبيعة والتاريخ الطبيعي والجغرافيا والتاريخ والأصول التجارية والاصطلاحات والقوانين وكيفية مسك الدفاتر
وغير ذلك. وأهم المدارس ما يوجد في المدن المشتملة على مدارس الصنائع بقرب المدارس المذكورة والمدرسون مرّة أو مرتين في الليل لمن يحضر ومعه ما يلزم من مواد التعلم المهمة وأما ما يدفعه التلميذ في السنة فهو تالير واحد.