المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

على غيرها من الأمم أن يبتلعها لضعفها عن المقاومة وانقطاعها - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: على غيرها من الأمم أن يبتلعها لضعفها عن المقاومة وانقطاعها

على غيرها من الأمم أن يبتلعها لضعفها عن المقاومة وانقطاعها عن العضد والمعين. وهذا الذي فتح لأوروبا باب التغلب على الأمم الشرقية والتداخل في أعمالهم وتمزيق أوصال مجتمعهم الشرقي بإيقاع العداوة بينهم وإيغار صدور ملوكه من بعضهم البعض حتى جدعوا أنوف مجدهم بأيدي عداوتهم ووقف الغرب يتفرَّج على أهل بيت ينقضون جدران أوطانهم حجراً حجراً حتى إذا انحط الرفيع وضعف القوي وتوزعت الأهواء حول المطامع الأجنبية وقع الشرق في شرك الجهالة وتحولت قوته العلمية إلى الغرب فتلقاها أهله بالترحيب والتكريم واشتغل

كل فريق بعلمه حتى أذهلوا العقول وحيروا الأفكار وملكوا معظم الشرق بجدهم الغريب. وحيث أن الأدوار الشرقية طويت في سجل كان والدور الغربي هو المعلوم الآن لزمنا أن نبين طبقات علمائه الغربيين والشرقيين تذكيراً لا تعليماً عسى أن تحيا همم النشئة الشرقية فيودي كل عالم منا واجبات علمه اقتداءً بمثله الأوروبي إذ عز علينا أن نقول اقتداء بجده الشرقي لطول العهد بيننا وبين أجدادنا ونسياننا ما كانوا عليه. ولا عيب علينا إذا أخذنا عن أوروبا واقتدينا بها الآن في إجراء وظائف العلماء كما هو حاصل فقد أخذت عن متقدمينا واقتدت بهم حتى آن لها الاستقلال بأفكارها والاشتغال على أساتذتها شأن الأدوار العمرانية في الممالك شرقية وغربية.

‌الطبقات الاجتماعية

طبقة الملوك والأمراء البرنسات

هذه الطبقة الجليلة القدر شأنها النظر في أمور الأمة المحكومة من حيث ترتيب المحاكم والإدارات وإعداد الآلات وتشييد الحصون وجمع الجنود وعمل السفن حربية ونقلية وحفظ الروابط الملكية بينها وبين متاخميها

ص: 220

ومجاوريها ولا يصلون لذلك إلا بإتقان العلوم في الصغر ودراسة جغرافية العالم وأخلاق الأمم والشرائع والقوانين والنظامات والوقوف على مشارب الأحزاب ومساعي الملوك وبهذه العلوم سهل عليهم القيام بوظائف علمهم فشاركوا أصاغر الناس في تخصيص بعض أوقاتهم لأداء واجب الوظيفة بجد واجتهاد فالملك منهم دائم الفكر ناظر إلى الممالك بإحدى مقلتيه وإلى مملكته بالأخرى مشارك لوزرائه في المشورة واستمداد الآراء مائل إلى الأمة ميل الأب إلى ولده خائف عليها خوف الراعي على غنمه في أرض مذأبة. والأمراء من العائلات الملوكية قائمون بأعمالهم ناظرون نظر كبرائهم يتوددون إلى الناس فيعودون الأغنياء ويتألفون الفقراء ويزورون الجند ويترددون على أهل القرى تنشيطاً لهممهم وحثاً على عملهم حتى إذا انتهى إليهم الدور جاؤوا الملك وهم على أحسن ما يكون من الأهبة والاستعداد. وما رأوا من الأمة أمراً محمود العاقبة إلا كانوا في مقدمة الآخذين بأيديهم وقد حفظوا كل ما يلزم إلى الأمة وعرفوا المحكومين وما هم عليه من العادات والأخلاق فلا يغيب عنهم وجيه ولا عظيم ولا فاضل ولا غني ولا رئيس من رؤساء الجمعيات والأديان. ولهم رغبة كبرى في تأييد الجمعيات العلمية والدينية بالحضور في محافلها وحث أعضائها على المثابرة والاجتهاد ومساعدتهم بالمال والسلطة في أي أرض كانت الجمعيات وبهذه الخصال جذبوا القلوب إليهم وحوّلوا الأفكار إلى وجهتهم فاختلف الناس في أعمالهم واتحدوا في الانقياد إلى ملوكهم والتعاضد على حفظ بيت الملك الذي هو بيت مجدهم وحياة أوطانهم في الحقيقة. ومن حاد من الملوك عن هذا الطريق تداعت دعائم ملكه.

ص: 221

طبقة الوزراء

رجال هذه الطبقة العظيمة أتعب الناس فكراً يقضون النهار ومعظم الليل في أشغال فكرية وأعمال يدية كتابية يتساءلون فيما بينهم عن الممالك وأخبارها اليومية ويبعثون البعوث إلى

داخلية الغير اكتشافاً للمواقع الحربية وتطلعاً إلى الأخبار السرية وإحصاء للأعداد العسكرية ومعرفة للوسائل المؤدية إلى مقاصدهم السياسية وربما غيروا صبغة بعض الأفراد الدينية وأمروهم أن يتظاهروا بمذهب الغير أن ماثلهم في الدين أو بدينه أن غايرهم في المعتقد ليسهل عليهم الاختلاط بالأمة ويثقوا بهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا تم لهم المقصود جدوا ولفقوا أصول الدين وفروعه بما يؤلفونه من الكتب في دين من يداخلونهم ليوقعوا بين الأمة الاختلاف والهرج والمرج حتى تتعدد الوحدة ويتمزق الاجتماع والإجماع. وعلى هذه الطبقة أيضاً السهر فيما يقدم البلاد ويحفظ الأمن ويوسع دوائر التجارة والزراعة والملاحة والصناعة والمكاتب الدينية والعلمية فتراهم يتنازلون إلى عيادة المرضى وزيارة الوجهاء وإذا مروا بأرض ريفية لاطفوا أهلها وسألوهم عن أحوالهم وحثوهم على أعمالهم ووعدوهم بما فيه خيرهم جذباً للنفوس وأداء للواجب. وإذا دخلوا مجلساً من مجالس الأعيان شاركوهم في الحديث وبادلوهم الجدال فيما فيه نجاح الأمة وعلو شأن المملكة فإذا اجتمعوا بأمثالهم اكتشفوا أفكارهم وشاوروهم في أمورهم واستمدوا منهم وأمدوهم فإذا عادوا إلى الملوك أخبروهم بأحوال المملكة وأخبار الممالك وأطلعوهم على الوقائع اليومية والأحكام القضائية وراجعوهم في مقترحاتهم بما يعود عليهم بحفظ السلطة والسطوة وعلى الأهالي بالثروة وراحة

ص: 222

البال وهذه دروس لا ينقطعون عنها ولا يملون من تدريسها في أي بقعة حلوا فيها فلا راحة لهم من الأتعاب ما دامت أعينهم ناظرة وآذانهم صاغية فهم في عمل دائم اليوم في تنظيم جند وغداً في بث نظام وبعد غد في إجابة نداء من أرسلوهم في ممالك الغير باحثين ومكتشفين لتوسيع دائرة السلطة وتكثير مواد الثروة باستخدام الأمم المتغلبين عليهم فيما يعود على المملكة بالمنفعة المالية والدولية وقد أحكموا التلقي لهذه العلوم حتى فاقوا أساتذتهم الأولين فهم الآن رجال الحل والعقد ينظرون إلى المغيب البعيد بمناظر المعدات والموصلات إلى الغايات لا بنظر التقاعد والكسل والاعتماد على أوهام الجفور وخرافات الرمل والزيارج.

طبقة التجار والأغنياء

هذه طبقة العز والمجد في أوروبا فقد اجتهد أهلها في معرفة الحساب وطرق الأرباح من الإتجار بالأصناف الصناعية والزراعية والمعدنية والأوراق والبنوك واحتكروا كثيراً من

الأصناف في داخليتهم وفتحوا كثيراً من المحال في جميع المدن المعمورة وبعثوا إليها تجارة بلادهم ليميتوا صناعة الغير ويحولوا ثروتهم إليهم بحصر التجارة فيهم والصناعة في بلادهم وفتحوا المجامع الكثيرة المسماة بالبورص لاجتماع الشتيت منهم بعد الفراغ من العمل لمعرفة أحوال التجارة والوقوف على الأسعار وأخبار الممالك التجارية وبهذا توحدت كلمتهم وسيرهم فلا تستطيع حكومة ما إن تؤثر في تجارتهم شيئاً بل إنهم بما لهم من القدرة على احتكار النقود والأقوات اضطروا الممالك إلى إجابة طلبهم فيما يختص بتقدم تجارتهم. ومازالت ثروتهم تنمو حتى اقترضت الدول

ص: 223

منهم وصارت مدينة لهم فقبضوا بذلك على أطراف السياسة وصاروا من رجال الحل والعقد في مجالس الحكومات. وبحسن تصرفهم تداخلوا مع فلاحي بلادهم أولاً بالتجارة ثم بالقروض حتى قبضوا على الزراعة أيضاً من طريق آخر فالمعامل والتجارة والزراعة كلها تحت تصرف هذه الطبقة فلا غرو أن قيل أنها عنصر حياة الأمم في أوروبا. ومن لوازمهم أنهم ما قعد أحدهم في مجلس إلا أخذ يتكلم في التجارة وفوائدها وطريقها وكيفية النجاح فيها ليرغب السامعين في الإتجار معه لتعظم قوة المملكة بكثرة التجار ووفرة ثروتهم فهم أساتذة في فنهم منبثون للتعليم والإفادة ولم يجعلوا فوائدهم قاصرة على لذائذهم البدنية بل مدوا أيديهم إلى الجمعيات الدينية والعلمية ففتحوا الوفا من المدارس والوفا من الجمعيات وبثوا رجال الدين والعلم في العالم أجمع على نفقتهم يستميلون من غايرهم ديناً ويكتشفون ما غاب عنهم من الأمم والأراضي لا يمنعهم من ذلك كثرة المنصرف ولا توالي الأزمان كلما تقادم العهد زادت النفقات والجمعيات فهم تجار في الظاهر دعاة فتحة في الباطن فكانهم هم الملوك ورجال المملكة وعظماؤها عمال لهم.

طبقة علماء الرياضة والطبيعة

هذه طبقة الفضل في العالم فان رجالها أهل الابتداع والاختراع وتهذيب النفوس وتعليم الجهلة وصناعة الضروريات. منهم الطبيب والكيماوي والمهندس والفلكي والميخانيكي والنباتي والمعدني والحيواني والبحري والبري من رجال الحرب والجغرفي وغيره وكل واحد منهم منكب على عمله مجتهد في مقدم فنه بشرح غوامضه وتبيين فوائده ونشر فرائده فهم في

ص: 224