الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدوة العصر غرة الدهر شمس=في سما المجد نخبة في الرفاق
بك يزدان كل نظم قريض=ويبرا من شائبات النفاق
كلما بالغ الورى وتغالوا=في معاليك قصروا في اللحاق
مذ توالت بشائر الأنس عندي=بتداني أوقات صفو التلاقي
زف فكري إلى حماك عروساً=توجت بالثنا بغير صداق
مهرها ستر ما بها من عيوب=واحتماها عن غائلات الطلاق
أنت رب الكمال والفخر والسؤ_دد يا معدن الوفا والوفاق
هذه يدي في يد مَنْ أضعها
ضعها في يد وطنيك وأعقد خنصريكما على محبة أمير البلاد وسيدها الخديوي المعظم مرتبطة هذه المحبة بمحبة أمير المؤمنين الخليفة الأعظم والسلطان الأفخم وإلا فقطعها خيرٌ من وضعها في يد أجنبي يستميلك إليه بوعود كاذبة وحيل واهية يظهر لك سعيه في صالحك وحبه لتقدمك ويرهبك بأوهام لا توجد إلا بينك وبينه ويغرك بدعوى انفراده بالسلطة عليك وبُعد الدول عنك ويضلك بنسبة أُمرائك للقصور وحكامك للجهل والظلم ويصور لك الأباطيل في صورة حق يخدعك به ويحول أفكارك الشرقية إلى أفكار غربية تأْخذها وتقول بها فتكون يده القوية وعونه الأكبر على ضياع حقوقك وإذلال إخوانك واسترقاق أهلك ونزع سلطة أميرك وسلطانك وأنت لا تشعر بشيء من هذا. أن وقوف العامي بباب الأجنبي لياذاً والتجاءً قبيح شنيع ووقوف العالم أقبح وأشنع ووقوف العظيم أرذل وأفظع ونحن في وقت
اضطر فيه الأجنبي للاحتيال على بعض أهل البلاد بتردده عليهم بعد أن كانت العظمة تمنعه من قبول الزائر منهم. ومن يرجع للاغترار بالوعود والأكاذيب وهو يرى ذلك غيره ممن أوقعهم تصديق الأكاذيب في شرك الأجنبي فأصبح يئن ولا راحم له وينادي ولا سميع لندائه فما كان دخول انكلترة في الهند إلا لوضع حكومة نظامية وتشكيل هيئة مدنية وهي إلى الآن تدعى هذه الدعوى مع أنها وضعت في عنق كل هندي إلا تقوده به إلى ما تريد على أية صورة أرادت وأصبح مسلموه في ذلك وهوان يقاسون من سوء المعاملة ما تتفتت له الأكباد ويرون من قوة الحكام وسلب الحقوق والمعاكسة الدينية ما تنخلع له القلوب وتنقبض له النفوس ولو دخل المصريون الهند لكان لهم أكبر عبرة وأعظم محذر من مشاركة الهنديين فيما هم فيه من الاسترقاق والعذاب ولا يظن غير المسلم من المصريين أنه يعامل معاملة خاصة تريحه وتلحقه بالمستر في نعمه فإن رؤْية المجوس والبراهمة تؤكد كل من أوقعته المقادير تحت استبداد إنكلترة التي لا تعد غير الإنكليزي من نوع الإنسان. إننا نرى البحري الهندي في مراكبهم يأكل العدس بالخبز اليابس ولا يرى اللحم إلا في الأعياد ونرى البحري الإنكليزي تحمل له اللحوم في الصناديق من مسافة بعيدة وحكم العسكري البري حكم البحري من الفريقين فأولى بالمصري أن يعتبر ويتنبه فقد كشفت له الحقائق وذاق من مبادي الهوان ما هو أشد ألماً من سوط الاستبداد الظاهري. وإذا علم أن جرائد الإنكليز في الهند إلى الآن تقول في كل
سنتين أو ثلاث قد وطدنا الأمن في الهند ونظمنا حكومته وما بقي علينا إلا أن نترك البلاد لأهلها علم
احتيالهم ووعودهم الوهمية الإنجاز وإنما يفعلون ذلك لئلا يسأم الهنديون من سوء تصرُّفهم فيهم واستبدادهم فيمنونهم الأماني الكاذبة لتطمئن قلوبهم بعض الاطمئنان ولهم العذر في ذلك فإن كل أمة حكمت أمة تغايرها جنساً ولغةً وديناً ووطناً تتوجس الشر من كل حركة من حركاتها السلمية فضلاً عن العدوانية فهي تجتهد في نزع السلاح من أيديها وتقليل ثروتها وأبعاد أبنائها عن الأعمال والوظائف العالية وهذه أمور توجب استعمالها سلطة الاستبداد في صورة الدستور. وسياسة انكلترة في تذليل الأمم سياسة كانت خفية على كثير من الشرقيين وقد أظهرتها تقلباتها وخلف وعودها فمن ذلك إسلام القسوس الثلاثة الذين أرسلتهم إلى الهند أيام اختلافها في الحدود مع الروسية وخافت من دسائس روسية إن يفتتن المسلمون بقولها أن انكلترة تسعى في تغيير دين المسلمين عندما تحكمهم فأرسلت هؤُلاء الثلاثة ينادون في الطرقات أنهم كانوا نصارى وبحثوا في الأديان فوجدوا الإسلام أصحها فأسلموا وصاروا يصلون في الطرقات ويدعون المجوس للإسلام وأسلم بدعوتهم كثير منهم ثم لما تعينت لجنة من الدولتين لتحديد التخوم عاد القساوسة إلى كنائسهم بعد أن أفهموا مسلمي الهند أن انكلترة لا تتعرَّض للمسلمين ولا لمن يسلم من قسوسها فأبطلوا دعوى روسية ونزعوها من عقولهم. ومن ذلك المسجد السياسي الموجود بليفربول الذي بناه وأظهره الاحتلال المصري ليغتر المصريون بما يسمعونه من إسلام بعض الإنكليز في نفس بلادهم وعدم تعرض الحكومة والأهلين لهم مع أنهم يعدون زيارة المصريين لأميرهم تعصباً دينيّاً وينسبون للجرائد الإسلامية أكاذيب يفترونها وعبارات يدسونها لم يقلها
مصري ولا حرَّك شفتيه بها كاتب تهييجاً لأوروبا بالوهم وحثاً للإنكليز على السعي ضدنا فإنهم لا يتأَّلمون في بلادهم إلا من مطالبة المسلمين بحقوقهم تعصباً منهم ثم أنهم يرمون الشرقيين بما لم يوجد إلا في الإنكليز فإنهم لو رأوا منشية إسكندرية وأزبكية مصر وخمارات البنادر والريف ورأوا انهماك الناس في شرب الخمور والانصراف عن المساجد لقالوا أن بعض المصريين غير متمسكين بدينهم ولم يقولوا أن هناك تعصباً دينياً ولكنهم يكذبون على من لا يعلمون من شأن مصر إلا ما يطبع في التمس والدلينوز وجرائد إيطاليا ولا يرى السائح منهم إلا نزل شبرد وما حوله من الطرق المنظمة فيظن أن مصر
كلها صارت في هذا النظام على أيدي انكلترة فيعود ويملأ جرائدهم بما فعله الإنكليز من الإصلاح في مصر وبالجملة فإننا في حاجة لهجر الباب الأجنبي وملازمة أبواب حكامنا الوطنيين مع المحافظة على حقوق المستوطنين والمجنازين وعدم التعرض لشيء مما يختص بالسياسة العالية أي مما يختص بالملوك فإن زيارة بعض الأفراد لأجنبي تزين له السعي في بسط سلطته وتهيئ له أن الأمة من هذا القبيل وربما أوهم هذا الزائر أنه ينوب عن بلده فيزداد غروره وتقوى عزائمه على أحداث العراقيل أمام الوطنيين. وحيث أن انكلترة لها مصالح بمصر كبقية الدول ولكنها ترى أن مصالحها أعظم من مصالح غيرها فنحن مع صرف النظر عن مصالحها نشكرها على ما قدمته لنا من دروس التهذيب والتأْديب وما هدتنا إليه من تعلمينا المطالبة بحقوقنا وتمييزنا بين الضار والنافع وتعريفنا الفرق بين السلطتين الوطنية والأجنبية وهذا باب يلزمنا شكرها على تعبها في تأْديبنا مدة إحدى عشرة سنة حتى رشحتنا للأعمال وهيأَتنا للمحافظة على الخصائص