المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

لعنايته بهم والتفاته لانتظام المدرسة ثم قالوا أن بعض الجرائد كذبت علينا وقالت أننا عصينا أساتذتنا وهو محض اختلاق وبهتان فإننا في غاية الانقياد لمعلمينا راضين عنهم كل الرضا ولم يحصل منا أدنى مخالفة لهم فضلاً عن التظاهر بعصيانهم ورأيت عندهم شوقاً كبيراً لتوسيع دائرة اللغة العربية وتمرينهم على الكلام الفصيح والعبارات البليغة وبالجملة فإنهم شبان عقلاء مجتهدون محتاجون لتوجيه العناية إليهم أكثر مما هم فيه ولله أساتذة المدرسة الذين لم يقصروا في تعليمهم كل ما يلزم الفلاح حتى عمل الزبدة التي هي من لوازم الفلاحين وقد برع منهم كثير وخرج من المدرسة محمد أفندي جمعة وتعين مهندساً ثانياً لجناين مصر ولا نلبث أن نراهم أتموا دروسهم وانتشروا في البلاد مستخدمين لتنتفع بهم وتعود ثمرتهم على أهلهم وحكومتهم العباسية أيدها الله تعالى.

‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

وردت لنا هذه الرسالة بقلم الفاضل العلامة الشيخ ابراهيم

عبد السميع مفتي مديرية بني سويف في ذم الفاحشة

والعزوبة ومدح الزواج قال أيده الله تعالى

{بسم الله الرحمن الرحيم}

لاشك عند عاقل أن الزنا خارج عن حد المرؤة العرفية والشرعية مستوجب فاعله للذم عادة والإثم شرعاً ولو تركت مسألته لمجال العقل السليم والطبع المستقيم لكان أول حاكم بقبحه وذمه وشؤم عاقبته لوجوه عديدة.

منها أن الزنا ظلم محض بما فيه من التعدي على عدة حقوق تستوجب الحفظ والرعاية في الشرع والمرؤة. الحق الأول حق الزوج (أن كانت من ذوات

ص: 630

الأزواج فإنه قد هتك حرمته وأفسد عليه حليلته بفساد لا يكاد ينجبر حتى الساعة وألزمه العار بين الناس فإن الزانية لا يخفى حالها وأمرها مهما تسترت.

الثاني حق أبيها وعصبتها وجميع أقاربها وعشيرتها وسائر من يلحقه العار بها.

الثالث أن المرأة ربما حملت من الزاني فإن كانت خالية من الأزواج فهي حينئذ مابين أمرين لابد لها من واحد منهما أما إسقاط الحمل بالفعل فراراً من العار وستراً لحالها عن الناس وتخلصاً من عقوبة تصل إليها من أقاربها وفي هذه الحالة لزم إعدام نفس معصومة بدون ذنب جنته فلابد أن يكون لها خصومة بين يدي الحكم العدل يوم الفصل والقضاء مع من أعدمها الحياة وسلبها ثوب الوجود قبل تمامه ومع من كان السبب في ذلك وهذه من أعظم المصائب عند من يعلم أن له رباً حكماً عدلاً ينصف المظلوم من الظالم وأي مصيبة أعظم من أن يكون بعض الإنسان خصماً له يوم القيامة. والخالق سبحانه وتعالى يقول {وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت} والأمر الثاني إن تبقي حملها ولا تسعي في إسقاطه إلى تمام الوضع اتكالاً على خلاص لها فيه فإذا ولدته القتة في البراري طعمة للوحوش والطيور فالحال فيه كالذي قبله فإن التقطه أحد ورباه أو كفلته هي بنفسها كما تكفل الأمهات أولادها لعدم مخافتها من عشيرة حتى كبر فلا شك أنه ينشاء ضائعاً ليس له أب يعرف ولا نسب يوصف وكفي بذلك مقتاً بين الناس إذ لا ريب أنه يقضي حياته منكود الحظ مرموقاً

بعين المقت فهو الأجدر بأن ينشد قول

ص: 631

أبي العلا المعري.

هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد

ومن الاحتمالات الممكنة أن يظهر حملها لذوي رحمها وعشيرتها فيقتلوها هي وحملها ولكن 10 ذنب الجنين الذي لو انطقه الخالق لنبرأ مما فعله أبوه وأمه. فإن كانت المرأة متزوجة وولد الولد من الزاني كان منسوباً بحكم الظاهر إلى زوجها لأنه ولد على فراشه فيعطي كافة الحقوق التي تستوجبها تلك النسبة التي منها التوارث بين الطرفين وأخذ كل منهما إذا لا علم عندها به وأنما الذنب على الزاني وزد على هذا ما هو داعي وهو أن الزاني ربما كان له بنت ويتفق أن هذا الولد الذي هو ولده م الزنا يتزوج بها لكونها أجنبية عنه في الظاهر حيث لا علم عندهما بتخليط أبيهما الزاني فلك هذا راجع وباله عليه وأن كان ماء الزنا لا حرمة له ولا يثبت به نسب شرعي. ومما ينبغي التنبيه عليه أن الغالب على أولاد الزنا كون أحوالهم تخالف أحوال أولاد الزواج مخالفة واضحة للناظرين المنتقدين فتغلب عليهم الطباع المذمومة والشرور من المكر والخديعة والخبث والظلم والعدوان ومن الوجوه الموجبة لتقبيح الزنا وشؤم عاقبته أن الزاني عادة يكون دنيء النفس سريع المبادرة إلى لذاته فلا يكفي بامرأة أو امرأتين ولا يقف عند حد محدود بل هو كالجائع الذي لا يشبع والظماءن الذي لا يروي يتمنى في نفسه أن لو كانت نساء الدنيا بأجمعها في حوزته فمن هذه حالته يكون عبداً طائعاً لسلطان الشهوة وفي هذا من الضرر البليغ وانحلال القوى

ص: 632

الطبيعية وضعف الشبيبة مالا يخفى على ذوي المعرفة. ومنها أن الزناة متعرضون للأمراض المعدية التي لا تخلو عنها المومسات كالداء المسمى بالأفرنجي ويا ليتها تقتصر عليهم ولكنها تنتقل منهم إلى زوجاتهم وإلى ذريتهم بالوراثة وشؤم الآباء قد يسري إلى الأبناء ولهذا الوجه والذي قبله ترى الزناة الذين هذا حالهم أعمارهم قصيرة في الغالب وقد أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (الزنا يذهب البهاء ويورث الفقر ويقصر العمر) ويعلم من هذا الإيضاح أن انتشار الزنا هو من الأسباب العادية لانتشار الأمراض المعدية وإليه أشار صاحب الشرع صلوات الله تعالى عليه بقوله من ضمن حديث (ما فشا الزنا في قوم إلا ابتلاهم الله بالأمراض التي لم تكن في أسلافهم). ومنها أنه عرضة للتلف والموت والهلاك والمصائب الجمة فإن تزاحم الزناة على البقايا يورث بينهم الضغائن فربما

يقتل بعضهم بعضاً أو يضربه ضرباً مؤثراً فيساق الجاني منهما إلى السجن أو غيره. وقد ذكر في بعض الاحصاآت أن المسجونين من ذوي الجرائم وجد أكثرهم من العزاب المغموسين في الفسوق والفواحش. بل ربما يكون له عدو يتوصل إلى إعدامه بواسطة واحدة من معشوقاته باتفاق وتواطؤ بينهما فتجرعه السم مع الملاعبة فلا يشعر إلا بأمعائه قد تقطعت فيموت قتيل الفاحشة ومنها أن فيه ضياع المال والنزول إلى حضيض الفقر فإن الزاني لو كان عنده مال قارون لا فناء فلا غرابة أذن فيما يقال (بشر الزاني بالفقر ولو بعد حين من الدهر) وكم رأينا أناساً من ذوي البيوت الشهيرة بالعز والمجد والثروة الطائلة العظيمة

ص: 633

أضاعوا الأموال المخلفة عن أبائهم في هذا المورد الوخيم فأصبحوا بحالة يحزن لها الصديق فتراهم متعرضون لذل السؤال في أسوء حال. ولا يبعد أن يضطره الحال إلى السرقة والاحتيال فيصبح والسجون له دار مقر بعد أن كان في قصور النعيم. فلو على أباؤهم أنهم يتعبون في جمع الأموال لتكون مادة لفساد أولادهم من بعدهم وطعمة للعاهرات لما سمحت نفوسهم بجمعها ولفضلوا فقرهم على غناهم. ولو نظرت إلى حال الملوك والأمراء المتهافتين على هذا المورد الذميم وقرأت أخبار الغابرين منهم لرأيت أن ملكهم كان سريع الزوال لأنهم والحالة هذه يغلب عليهم الطمع وهو يؤدي إلى طرح ميزان العدل والتمسك باعتساف الظلم والجور وجمع الأموال وتكليف الرعية بما فوق الطاقة لخدمة شهوتهم التي استخدمتهم وصيرتهم عبيداً لها وأن كانوا ملوكاً وحينئذ ترمقهم الرعية بعين المقت ويترقبون لهم سوء المنقلب وتنطلق الألسنة بالدعاء عليهم ودعوة المظلوم سهم صائب. فإن كان المولع بالزنا فقيراً أو من ذوي الأكساب اليومية أو الشهرية القليلة فهذا لا تسل عن شقائه وتعبه وضياعه وضياع عياله وكل هذا الذي ذكرناه من الأمور المشهودة المعلومة الواضحة عند العموم ولكن الواضح يذكر لأجل التنبيه خصوصاً إذا خوطب به من لا يعمل بمقتضى معرفته ويرى الضرر البين الحاصل له ولأمثاله ومع ذلك لا يعتبر ولا ينزجر. ومنها أن الزناة لا يكون لهم في العادة معيشة منتظمة وكي تنتظم لهم معيشة وقد أفنوا أموالهم في غير عين تقتني أو زوجة تسد العوز وتصلح الشأن وتقوم بمصالح البيت كما قال الشاعر:

ص: 634

إذا لم يكن للمرء في البيت

تدبره ضاعت مصالح بيته

فهذه أوجه تكفي العاقل في ذم هذا المشرب الذميم فلهذا لم يكن حلالاً في شريعة من الشرائع بل ولا في قوانين عقلاء الأمم الماضية الذين لم يكن عندهم دين سماوي يأمرهم بالمحاسن وينهاهم عن القبائح والفواحش وهذه أمة العرب في حال جاهليتهم وعدم وجود رسول بينهم يبين لهم الشرائع كانوا يعدون الزنا من أقبح وأشد العار كما يدل عليه. أجرت به عادتهم من وأد البنات (أي دفنهن وهن أحياء) فإنهم كانوا يفعلون ذلك بهن فراراً من العار الذي عساه أن يلحق بهم إذا بقيت البنت حية. بل كثير من الحيوانات العجم ينفر طبعاً من المشاركة في الأنثى الواحدة ويبطش بمن يعارضه فيها أو يخونه كما يعلم ذلك من طالع الكتب المصنفة في الحيوانات أو اعتنى بمراقبة طباعها بنفسه والبعض منها يعقد مجالس لمعاقبة الزاني. والأسد لو علم من أنثاه الخيانة قتلها في الحال ويقال أنه يدرك ذلك منها بالشم. وقد طالعت مقالة في الطيور قال مصنفها من جملة ما شاهده منها في بعض الأقاليم نوع من أنواع طيور الماء يشبه البط في الشكل إلا في منقاره فإنه محدد وهذا النوع ذكوره أكثر من إناثه عدداً ومع ذلك فالأنثى الواحدة ليس لها إلا ذكر واحد يعاهدها عهد الزواج ويأتي بها إلى البر في فصل الربيع لا خلاف النسل فيتبعها الذكور العزب التي لم تجد زوجات على أمل أن يموت ذكر من الذكور المتزوجة فيتزوج أحدها بأرملته. وحكي لنا عن طائر ببلاد السودان يشبه الهدهد يسمونه أبو تكو بأنه شديد الغيرة يضربون به المثل فيقولون فلان في الغيرة مثل أبو تكو وذلك

ص: 635

أنه من شدة غيرته لا يفارق أنثاه أبداً إلا أنها إذا باضت وافرخ بيضها عمد إلى ريشها فنتفه كله حتى تصبر كالطائر الصغير ثم صنع لها ولأولادها عشاً محكماً ليس فيه إلا ثقب صغير لا يسع طائراً يدخل أو يخرج وبناه عليهم ثم يغدو ويروح عليهم بالطعام حتى يكبر أولاده وتكون أنثاه قد نبت لها ريش وهكذا يصنع بها كلما أفرخت من شدة غيرته. وغير ذلك كثير ففيه دلالة على أن المشاركة في الأنثى الواحدة تأباه الطبيعة البهيمية فضلاً عن الإنسانية. وقد ذكر العلماء في كتب الفقه أن الحكمة في تحريم الزنا منع اختلاط الأنساب ولكن الإمعان في الأضرار البليغة الناتجة عنه التي تبينت بهذا البياني يزيدنا علماً بحكم أخرى ذات بال ويجعلنا نجزم بأنه أيضاً مضر بالهيئة الاجتماعية والصحة العمومية ولهذا لا يباح في الشرع بحال من الأحوال وليس التعدي على المرأة بالزنا حقاً شخصياً يسقط بالتراضي فإن ذلك ينافي الحقيقة

والمصلحة العامة كمنافاة النقيض لنقيضه. ومع كون بعض الحكومات لم تجعل للزنا عقاباً ولا سلكت به مسلك الشرائع السماوية واجتهدت في منع الأضرار الناتجة منه المؤثرة على النظام والصحة بالوسائط التي اتخذتها فاجتهادها لم يكن حاسماً للضرر من أصله على ما هو مشاهد معلوم للكافة. هذا ولكون الزنا من المحرمات القطعية المعلومة من الدين بالضرورة لم نحتج إلى إيراد نصوص ولا بأس بإيراد حديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فه زجر عظيم وهو قوله عليه الصلاة والسلام من ضمن حديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني أن الزاني في حال مباشرة الزنا مسلوبة عنه صفة الإيمان الكامل وبيانه أنه في حال المباشرة مخالف لأمر ربه ولأحياء

ص: 636

عنده من العالم بالسر والنجوى مع أنه لو كان أحد من الناس ولو حقيراً يراه في حالته هذه لما تجاسر على الفعل حياء منه فالله تعالى أحق أن يستحي منه والإنسان أن لم يمتنع عن القبح مخافة فليمتنع حياء. وقد تبين من جميع ما ذكر أن الزواج أرجح من العزوبة عند المقايسة بينهما شرعاً وطبعاً. أما الأول فله أوجه عديدة سوى ما علم أحقها بالرعاية ما في الزواج من بقاء النوع الإنساني بالتناسل وتكثير الشعوب ولذا خلقت الشهوة باعثة عليه مطالبة به وتمام إيضاح هذا الوجه مع سائر الأوجه مسطور في كتاب الأحياء وأما من كان يختار العزوبة من الأصفياء فذلك منه لمقاصد دينية مثل التخلي لإقامة الفرائض وإتمامها وفراغ القلب عما يشغله عن الله تعالى والأمور بمقاصدها وكل واحد اعلم بنفسه. وأما طبعاً فلما ذكر في قوانين الصحة أن العزوبة مضادة للحقوق الطبيعية وللصحة الشخصية وتستعقب ضرراً على الصحة العمومية بالانهماك في الفسوق المؤدي إلى انتشار الأمراض. وأيضاً الامتناع عن الزواج وقت الشبوبية يوجب تأخيره عن وقته وعدم توافق الزوجين في السن وهو سبب رئيس لعقم النساء ولتسبب الولادات العسرة والمهلكة في المرأة التي تأخر زواجها عن وقته. وأما الزواج فهو من الصحة العمومية وقد شوهد من الإحصاء أن من يموت من العزاب أكثر عدداً بتفاوت غير قليل ممن يموت من المتزوجين. والنساء المتزوجات مع كونهن يقاسين أخطاراً في الولادة وتعباً في تربية الأولاد يعشن أكثر من غير المتزوجات. وللزواج عدة فوائد منها المودة والرحمة المنبسطة بين الزوجين وما يتبعها من المساعدات والاحتراسات والتسلية لا سيما عند التقدم في

ص: 637