المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌رسالة هذه الرسالة بقلم الفاضل المهذب قاسم أفندي هلالي المهندس المصري لا - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌ ‌رسالة هذه الرسالة بقلم الفاضل المهذب قاسم أفندي هلالي المهندس المصري لا

‌رسالة

هذه الرسالة بقلم الفاضل المهذب قاسم أفندي هلالي المهندس المصري

لا يخفى على البصير العاقل والمتحقق الناقل أن العلوم الرياضية (بما فيها العلوم الطبيعية والفلكية) أجل العلوم شأناً وأدقها بياناً وأجملها تبياناً حيث بها يعرف الكائنات بأسرها ونسبتها إلى بعضها فيكون على ثقة من خصائصها ومنافعها ومضارها فنحسن له بها الزراعة وتتسع دائرة الصناعة وتحصل الثروة وتكشف الأمور النافعة المفيدة للإنسان فيستخدمها في قضاء حوائجه وأوطاره ويعلم بها كيف يجب أن تخدمه في ضروراته من حرفته وحراثته وأعماله وكيف تقوم بأمر غذائه ودفائه وغير ذلك ويعلم بها أيضاً ما يضر منها وكيف يتجنب أو يقاوم المحذورات التي تنجم عنها فهي من العلوم الضرورية للإنسان ولا حرج والحالة هذه إذا قلنا إن الإنسان ربما بلغ بها درجة فيها يستعمل سائر ما في الدنيا لفائدته بما يمنحه الله تعالى من العلم وبالجملة فهي من أجل طرق النجاح خصوصاً في هذا الزمان الذي اتسع فيه نطاق الحضارة والعمران لجميع البلدان فمنها اختراع جميع الآلات الصناعية التي عليها مدار الهيئة الاجتماعية حيث توصل بها الإنسان إلى درجة سامية من الرفاهة ورغد العيش وأصبحت مصدراً للمنافع وقانوناً للتدبير والتوفير وكنزاً للفوائد وصارت أحسن هادٍ إلى السداد وأفضل عاصم عن ارتكاب الفساد.

وغير خافٍ على كل من حركته الغيرة ونظر إلى مثل هذه الأمور بعين البصيرة أنه إذا أثبت العقل منافع علم لم يحتج لإقامة البرهان على لزومه. هذا بخلاف ما يقوله بعض الذين يقرون بمنافع هذه العلوم ولكن يزعمون

ص: 713

أنها ضارة بالدين.

فيا حبذا لو نظروا غليها بعين الاعتبار وأنزلوها ولو بمنزلة القصص الوهمية أو بعض الأخبار مع أنها وقيم الله أسمى من ذلك بكثير إذ هي للصانع والكاتب والحاسب والشاعر خير أنيس وجليس وهي لازمة أشد اللزوم لمن يريد أن يعتمد في حياته على إشغال العقل وأعمال الفكرة مهما كان البحث الذي يشتغل فيه.

ألا ترى الذي تثقف عقله بها واستنار بسناها يسير على طريق الهدى في سواها من المعارف والعلوم بخلاف غيره فإنه يخبط خبط عشواء في الليلة الدهماء حيث يخلط بين الثابت والمتغير والمتمرن على طريقتها يسرع على البحث عن العلل ومعرفة ثابتها من متغيرها وتعيين التغيير الذي يلحق بالمعلول من تغيرها.

فإذا نظرنا إلى قول الطبيعي الرياضي عن حرارة الشمس مثلاً لوجدناه يقول إن الله تعالى جعل حرارة كل يوم من الأيام تابعة لأمرين وهما موقع الشمس في السماء والعوامل الجوية وأخصها جهة الريح الهابة يومئذٍ ومن نظر إلى الأرض يرى الحر والبرد يتعاقبانها وأجزاؤُها تجتمع ثم تتألف وتتفرق والجذب والدفع متسلطين على كل ذرة منها فالحرارة تمدد دقائق الأجسام وتفرقها وتصيرها بخاراً بخلق الله والجذب يقرب هذه الدقائق ويرجعها سائلاً يكون الأمطار التي تملأُ البحار والأنهار بأمر الله والهواء والماء يخترقان الصخور ويفتتانها والجواذب الطبيعية والقوى الكيماوية والحيوية تجمع هذا الفتات وتعيده صخراً صلداً بتكوين الله. والأرض في حركة مستمرة واضطراب دائم بين قوتي الجذب والدفع والتخالف والتضاد ومهما ظهرت ثابتة فإنها تدور على محورها في كل أربع وعشرين ساعة فتسير بالبلدان التي على خط الاستواء

ص: 714

سبعة عشر ميلاً في الدقيقة وتدور حول الشمس مرة فتسير بنا كل يوم أكثر من مليون ونصف من الأميال وكل ذلك بتقدير العزيز العليم وخلقه لا بطبع تلك الأشياء فإنها مخلوقة له تعالى بعوارضها. وإذا نظرنا إلى قوله عن كسوف الشمس لوجدناه يقول كسوف الشمس على ثلاثة أنواع كلي وجزئي وحلقي وسبب هذه الأنواع أن القمر قد يقترب من الأرض حتى يظهر قرصه أكبر من قرص الشمس للواقف على سطح الأرض وقد يبتعد عنها حتى يظهر قرصه أصغر من قرص الشمس وقد يكون بين بين بحيث يظهر قرصه مساوياً لقرص الشمس فإذا اتفق أنه مر أمام الشمس وقرصه أكبر من قرصها كسفها كسوفاً كلياً بالنسبة إلى الواقف في حركة ظله وجزئياً بالنسبة إلى الذين على جوانبه وإذا مر أمامها وقرصه مساو لقرصها كسفها كسوفاً كلياً عمن تحت رأس ظله حال مروره أمامها وكسوفاً جزئياً عمن حاد عن رأْس الظل وإذ مر أمامها وقرصه أصغر من قرصها لم يصل ظله الأرض والواقف تجاه رأس ظله يرى الشمس المكسوفة حلقة مضيئة فيكون الكسوف عنده حلقياً وأما الواقف منحرفاً عن رأس ظل القمر فيرى جزءاً من الشمس مضيئاً والباقي مكسوفاً. وإذا نظرنا إلى قوله عن الشمس لوجدناه يقول الشمس أهم لنا من جميع النجوم وهي أكبرها منظراً وأوسعها نوراً وأشدها في أرضنا تأثيراً بفعل الله تعالى وتقديره وهي مركز النظام الشمسي وحولها تدور أرضنا والسيارات رفيقاتها ومنها تستمد النور والحرارة وبها تقوم حياة ما فيها ويحدث الله كل

التغيرات التي تطرأ عليها من برد وحر وصحو ومطر الخ ولا يصلنا من نورها وحرارتها إلا جزء واحد من ألفين وثلاث مئة ألف ألف جزء لأن أرضنا لا تعترض إلا لهذه الأشعة من

ص: 715

كل أشعة الشمس المنتشرة في الكون والظاهر أن الشمس هي الكتلة الأصلية التي فصل الله تعالى منها جميع السيارات فهي بهذا الاعتبار أمهن تقوتهن بنورها وحرارتها وتمسكهن حولها بالجاذبة التي خلقها الله تعالى بينهن وبينها فهن يدرن حولها في نواحي السماء وقرص الشمس لا يبقى على حال واحدة بل يكبر في الشتاء ويصغر في الصيف وسبب ذلك أن الأرض لا تدور في دائرة تامة حول الشمس بل في دائرة اهليلجية (أي قطع ناقص).

ومن الأمور الواضحة أنه إذا اقترب الشج إلينا كبر وإذا ابتعد صغر حتى يختفي بصغره فالمر يظهر بقدر الشمس وهو أصغر منها كثيراً لأنه أقرب منها إلينا وصغر الشمس عندنا هو لبعدها الشاسع فالسيارات التي هي أقرب منا إلى الشمس أكبر ما نراها نحن والتي هي أبعد نراها أصغر. وإذا نظرنا إلى قوله عن القمر لوجدناه يقول القمر جرم كروي مظلم يستمد نوره من الشمس ثم يعكسه إلى الأرض فيرفع ظلام الليل عنها وهو أقرب الكواكب إلى الأرض وأوضحها منظراً وأكبرها بحسب الظاهر إلا الشمس غالباً وهو أصغر من الأرض تسعاً وأربعين مرة في الحجم ويتبعها دائراً حولها مرة في نحو تسعة وعشرين يوماً ونصف يوم من هلال إلى هلال وبعده عنها نحو 239000ميل فلو سار إليه مسافر سيراً متواصلاً ليلاً ونهاراً على معدل ستة أميال في الساعة (وذلك مضاعف السير الاعتيادي) لبقي على الطريق نحو 1660 يوماً ودورانه حول الأرض ظاهر لكل مراقب إلا ترى كيف أن الهلال يغيب في أول ليلة مع الشمس ثم يتأخر عنها ليلة فليلة حتى إذا صار بدراً شرق عند مغيبها فذلك إنما كان من دورانه حول الأرض من الغرب إلى

ص: 716

الشرق وأما شروق القمر والشمس وسائر الكواكب وغيابها كل يوم فذلك من دوران الأرض على محورها مرة في أربع وعشرين ساعة لا من دوران الأجرام نفسها فدوران القمر حول الأرض هو الظاهر في تأخره عن المغيب يوماً فيوماً وهو غير دورانه المماثل لدوران بقية الأجرام بالظاهر ومن الغرائب التي حملت الأقدمين على مراقبة القمر اختلاف شكله من يوم إلى آخر فتراه تارة رقيقاً أعقف وتارة قرصاً مستديراً يضرب به المثل في الجمال

وتارة بين بين وتارة أقرب إلى الهلال وتارة أقرب إلى البدر وهو على كل ذلك قمر واحد ولو لم نكن قد اعتدنا مشاهدة ذلك لعجبنا منه غاية العجب فإذا كلمنا إنساناً في هذا الموضوع ولم يكن له إطلاع على علم الفلك والرياضة لقال إن هذا حديث خرافة فسبحان الصانع الحكيم الذي حارت الأفكار في صنعته وعجائب مخلوقاته. وإذا نظرنا إلى قوله عن المطر لوجدناه يقول إذا عملت الحرارة في الماء لطفته فيخف فيصعد في الهواء وإذا عمل البرد به تكاثف وانضغط وعاد إلى ما كان عليه وذلك نتيجة الظواهر الجوّية فالبحار والبحيرات والأنهار ونحوها كلما أشرقت الشمس عليها عملت بها الحرارة فتسخنها فيتلطف ماءُها ويصعد وينتشر متخللاً دقائق الهواء شفافاً لا يرى فيبقى فيها إلى أن يشاء الله فيطرأ عليه عارض وإذا كان الماء قليلاً جف وترك ما فيه ألم تر الملح يبقى في نقر الصخور بعد جفاف ماء البحر منها وعلى ذلك تتبخر المياه ويحي الجو بخارها لسكب الرحمة وأحياء الأرض والحوادث الجوية في المطر كقوس قزح والهالة وكيفية الأنباء بالطقس متوقف على قياس آلات المطر ومعرفة مقدار الرطوبة من الجوّ واقتراب الأنواء والصحو. والهواء سيال كالماء يضغط مثله بالسواء

ص: 717

على كل الجهات ويختلف عنه بأن ينضغط إلى مالا نهاية له وأما الماء فقليل الانضغاط ونريد بالانضغاط أنه إذا زحم الهواء صغر حجمه تحت الزحم وبذلك قد اخترعت الآلات الهوائية والمائية وهي الذما في الكون من بائع الأحكام وغرائب الانتظام فإن العلم بها خير من العلم بأقاصيص الحب والغرام وأحلى من نوادر الاتفاق بين الأنام فسبحان القادر الحكيم الذي لم يدخل العبث شيئاً مما خلقه وكوّنه.

وهذه أقوال عليها براهين ساطعة يوّيدها العقل ويعضدها الإنصاف وتسلمها البداهة نظرها من ارتفع له في مراتب العلم ذكراً وقال أنها لا تمس عقيدة ولا تنقص أصلاً من أصول الدين على أن الذي يراها مغايرة الدين لم تظهر له مغايرتها إلا لعدم اشتغاله بها فلو اشتغل بها لأمكنه أن يردها إلى أصولها بالتأويل أو بالقياس أو يدافع عن أصولها ببيان الفساد الذي يراه فيها أما رده لها دفعة بلا نظر ولا استدلال فإنه تعصب للجهل لا للعلم والدين فإنه لا يمكنه أن يقيم حجة على فسادها وهو لم يشتغل بها كما قال الأستاذ مع أن المتقدمين من علماء العرب اشتغلوا بها وبينوا الصحيح منها والفاسد علماً وعملاً قولاً وفعلاً والآن

نفتخر برممهم البالية وأيامهم الخالية.

فكيف بنا إذا قام من قبره ابن رشد والغزالي والفارابي وفخر الدين الرازي وابن سينا وأبو القاسم والبنساني والطوسي والنيسابوري والبيضاوي وأبو العلا المعري والخفاجي والكندي والجلد كي والعضد وغيرهم من فطاحل هاتيك الأزمان الذين صرفوا حياتهم الطبية في خدمة العلوم وتنوير العقول وتوسيع العمران بمؤلفاتهم وتعاليمهم ونظروا أن بعضاً من ذرياتهم لم يزل

ص: 718

يقول أعوذ بالله من شر علماء هذه العلوم بحجة أنها تخالف ما أنزله الباري بأدلة واهية وبراهين سفسطية خالية من الصحة والثبوت.

تالله لقد وقفت أنوار فنونهم التي تبدد شملها وتلاشت وفنيت آيات مجدها بعد أن أشرقت عليها شمس المعارف والتبيان أيام كان الغرب يخبط خبط عشواء في ظلمات الجهالة لا يميزه من الحيوان سوى خاصة اللسان يتخذ الكهوف والأكواخ مسكناً وجلود ما يقنات به من الحيوانات لباساً وشعاراً والآن صارت فنونهم لها الاعتبار الأول عند الغربيين نظراً لتعلقها بنجاح بلدانهم حتى صار درسها من الأمور الإجبارية ليكون فلاحها متعلماً مهذباً عارف أصول حرفته حق المعرفة وضبطت قواعدها وألفت فيها كتب لا تحصى وجدوا في سبيل ترقيتها وزادوا الاختراعات فيها وسهلوا وسائط ممارستها وأتقنوها في هذا العصر إلى درجة يكاد لا يكون عليها مزيد فعند ذلك يندبون سوء حظهم ويوجهون إلى أبنائهم نبال زجرهم وملامهم ويقولون لهم ملكم جئتم بعدنا وضيعتم ما دوناه لكم من معارف العلوم ولطائف المعقول والمفهوم مما كان سبباً لترقي من كان يذهب مع الوحوش في خلواتها والطيور في أوكارها والآن أخذت العلوم تنتشر في بلدانه حتى أصبحت اليوم نبراس الهدى ومشكات الحكمة فيا أيها الأبناء أنتم الوارثون لنا من لغاتنا واعتقادنا أنتم الأولى بالمحافظة على ما وضعناه في أزماننا من علومنا فانهضوا اليوم نهضة الحكيم العارف وأطلبوا تلك العلوم من البقية التي هي بين أيديكم والكتب التي تركناها لكم والكتب الحديثة التي ترجمت إلى جميع اللغات وهي بين أيديكم تحيون بدراستها ما فات من تلك العلوم وتدونون بها الحقائق حتى

ص: 719

ينفي من الأذهان ما هو قائم بها من تحريم دراسة العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية التي لا تمس عقيدة ولا تخالف السنة وبذلك تكونون قد خدمتم الأمة وأحييتم السنة ومن شق منكم عباب بحار أو جاب مفاوز قفار حملته سفن الرجاء

وأوصلته مطايا الثبات والصبر على ما يؤمل. واتركوا ما فات واشتغلوا بما هو آت وهذه أقوال ذكرناها لكم على سبيل الاستطراد إذا كنا نود أن تكونوا الوارثين لنا في العلم العارفين بفضله حتى لا تكونوا مثلة بين الأفراد بأنكم لا تعرفون شيئاً منها على أنكم منسوبون لنا إذ ما من أحد فات منا إلا وله في جميع العلوم من معقول ومنقول وطبيعيات وفلكيات وغيرها مؤلفات استنارت بها الأمم التي سبقتكم في مضمار الجد والاجتهاد. وهذا مطلب سهل وصوله لا يتوقف إلا على جمعية علمية عظيمة تتركب من علماء جهابذة ذوي خبرة وبصيرة ومعرفة يعرض عليها كل أحد أقواله فمن وجدتها حسنة مقبولة قرظتها وأذنت له بنشرها وأن كان على خلاف ذلك منعته وبينت له وجه فساده وخطأ اجتهاد فإن مثل هذه الجمعية إذا امتدحت قولاً وأقبلت عليه الخواص والعوام عمت فائدته وعظمت عائدته وأقبل كل أحد على إبراز ما عنده وبذلك جهده بتربية أهل الوطن وتعليمهم ونشر ما يجدي في نفعهم ويؤثر في طباعهم ويحثهم على الاجتهاد والتقدم والتمدن وفيكم من ذوي المعارف والفضائل كفاية.

(الأستاذ) إن ما أشار إليه الفاضل من عقد جمعية تنظر في الكتب المؤلفة في الرياضية والطبيعيات حتى إذا رأتها لا تخالف الدين بشيءٍ صدقت عليها هو عين الصواب الذي ينبغي أن يعول عليه في هذا الباب حتى لا تفسد العقائد بمؤلفات الغير من أهل الزيغ والضلال.

ص: 720