الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرفانية من الفوائد وحيث كان الخطاب لسان جمع عظيم من أفاضل المصريين ونبائهم نشرناه سروراً بما في هممهم من الحياة الوطنية ونصه.
إن ما سطرتموه بيراع الحكمة في إعداد الأستاذ من عهد نشأته إلى الآن من النصح والإرشاد والآخذ بناصر الأمة فيما يبلغ بها أوج المجد والسعادة لحري بالإكرام وجدير بالإعظام. ولو قام المصريون بإفرادهم يؤدون لك خالص الشكر على هذه الخدمة الجليلة لما وفوك بشيء مما يجب عليهم ويعلم الله أننا ما طالعنا الأستاذ مرة وسبرنا غور هاتيك الدرر إلا وسكرنا بخمر معانيها وتنبهت عروق إحساساتنا الوطنية التي لم نكن نشعر بها من قبل فكأنَّ رحمة الله قد أوجدتك فينا لصلاح قلوبنا وإحيائها بعد أن كادت تموت أو قد ماتت وقد بعثنا داعي الوطنية وحب السعي والوصول إلى ما تجشمت لأجله المصاعب حباً بخير وطنك وإخوانك المصريين إلى إعلان شكر صادر من صميم الفؤاد ومشفوع برجاء المثابرة على حمل هذا العبء الثقيل تنبيهاً للأفكار وحثاً للناس على ما فيه خيرهم وصلاح أمرهم ولكم من الله على هذه الخدمة الكبرى والنعمة العظمى خير الجزاء فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
استلفات أنظار
رأينا في جريدة المقتطف الغراء سؤالاً وجواباً ننقلهما عنها بالحرف راجعين بالسؤال إلى محرريها الفاضلين عما خطر بالذهن محافظة على العلاقة الودية لا ميلاً للاعتراض والمناظرة فإن ارتفاع مقام الموضوع يحول بين
المتناظرين وبين ما يميلون إليه.
قالت
الفيوم. اسكندر أفندي صعب
ما هو سد الاسكندر الذي يضرب به المثل
جوابها: يقال انه سد بناه الاسكندر المكدوني ليقي سكان بين الجبلين من أبناء بأجوج ومأجوج وجعله مائة فرسخ طولاً في خمسين عرضاً وجعل حشوه الصخر وطبقه بالنحاس المذاب. وذلك كله من الأقوال التي لا دليل على سحتها اهـ ونحن مع احترام مقام الفاضلين وبُعد الظن عن السوء فيهما نقول أن قصة السد ويأجوج ومأجوج ذكرها القرآن العزيز وهو شائع ذائع معلوم لهما وهو وإن لم يكن صحيحاً في معتقدهما لكونهما نصرانيين ولكن أدب الكتابة وحفظ علائق المحبة يقضي بالبعد عن الطعن الديني في جريدة تنشر بين المسلمين وفي بلادهم والقرآن لم يتعرض لتعيين جهته ومساحته واسم واضعه بل عبر عنه بذي القرنين فلا يقال أن السائحين وصلوا الجهة التي أخبر القرآن عن وجود السد بها ولم يروا شيئاً. فإن كان إنكارهما لما يذكره المؤرخون من جهته ومساحته فلا شيء عليهما وإن كان فيه تعرض لعلماء المسلمين. وإن كان إنكاراً للقصة من أصلها كما هو نص عبارتهما فهذا الذي نتألم منه لتكذيبهما كتاباً نعتقد أنه سماويٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ونكذب كل مخبر بخبر يخالف ما جاء به إذ لا حجة لهما الأقوال القبودان فلان والسائح الجغرافي فلان وهذا قول يحتمل الصدق والكذب بل هو إلى الكذب أقرب لكونه صادراً ممن يصادر القرآن بالأكاذيب على
أن السائحين والمكتشفين لم يدخلوا جميع الأراضي والجبال الشمالية حتى يقال أنهم ساحوا الدنيا قطعة قطعة فإنهم إلى الآن يكتشفون جهات إفريقية يزعمون أنهم أول من وصل إليها مع رؤيتهم آثار العرب والفتح الإسلامي فيها ولم يفرغوا من جوب افريقية مع سهولة السير فيها عن الجهات الشمالية فكيف نثق بخبر قبودان بجري أو تائه في إقليم أو جبل ونحكم بصحته ونكذب به كتاباً مقدساً عند أكثر من ثلثمائة مليون من الناس على أننا كثيراً ما نراهما إذا سئلا عن
أمر ديني قالا في الجواب أن الجواب يمس الأديان ولا يذكرانه تحاشياً مما يحرك القلوب ويوقع النفرة بين أصحاب الأديان وبينهما فهلَاّ أغفلا هذا الجواب على فرض وجود حجة يدفعان بها النص القرآني أو القصة التاريخية إذ ليس في القصة أكثر من شكوى أُمة من إفساد أمة حيل بينهما بسد مضيق بين جبلين ولا يمكن القطع بأن المكتشفين دخلوا مضايق الجبال كلها وعلموا ما فيها على أن السائح المار بمصر مثلاً إنما يمر من إسكندرية إلى أسوان على خط مستقيم ثم يكتب عنها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بالسماع أو الظنون فإن جوب كل إقليم سهلاً وجبلاً معموراً وخراباً يستدعي قروناً طويلة لا عمر رجل يسوح عاماً أو عامين أو أكثر فعلى الفاضلين أن يحفظا قلمهما من الدخول في مثل هذا المضيق الذي ربما جر المسلمين للتعرض لكتب غيرهم رضيت الأمم المغايرة أو غضبت وهذا باب لا يفتحه مسلم وإن كان المسيحيون قد فتحوه في أوروبا من عهد بعيد وملأُوا خزائن كتبهم بالرسائل الدينية الطاعنة في الدين الإسلامي بل طالما خطب رنان وأمثاله بسبب الدين الإسلامي ورميه بما هو منه بريءٌ ولكن