الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هيئة أعلى من الحاكمة عليه ثم إلى أعلى منها وهكذا حتى يقطع درجات المحاكم فإذا انتهى أمره على يد جميع القضاة كان الطعن لا في بعض المصريين بل في كل قاض مصري مسلماً كان أو قبطياً. ولعل القلم جرى بغير إرادة المحرر فإننا نبرئه من كتابة ما هو طعن في نظارة ممتلئة بالأفاضل العدول المنزهين عما يشبن المجد أو يدنس الشرف.
سؤال
؟
ما هو البرهان الذي رآه سيدنا يوسف حتى عاد عن الهم بامرأة العزيز فقد اختلفت العبارات فيه؟
أحمد ذكي.
بالفشن.
الأستاذ ـ اعلم أن الهم مشترك في اللفظ مختلف في المعنى فإنه منها كان يقصد الفاحشة ومن سيدنا يوسف لدفعها عنه والدليل أن الله تعالى قال قبل ذلك في جانبها وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك فاثبت مراودتها التي تثبت أن همها كان للفاحشة خصوصاً وقد وجدت القرائن من تغليق الأبواب وقولها هيت لك. وقال في جانب الصديق قال معاذ الله أنه ربي أحسن مثواي فشهد عليها بهم الفاحشة وشهد له بالانصراف عنه وعنها فلم يبق إلا أن يقال أن الهم مختلف ولو اتحدا لقال ولقد هما بالفاحشة أو ببعضهما فلما أعاد الهم تحققنا أنه غير الهم الأول فهمت به مراودة وهم بها مدافعة كادت تقضي إلى ضربها ولو فعل لأمرت بقتله ولولا أن رأى برهان ربه وهو النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش
فيكون هم بها جواب أولا ويكون النظم ولقد همت به مراودة وطلباً للفاحشة ولوا أن رأى برهان ربه هم بها دفعاً بالضرب المؤدي إلى قتله أو فعل كذلك لنصرف عنه السوء أي القتل والفحشاء أي الزنا ولمثل هذه الآية في حذف اللام من جواب لو وتقديمه عليها أمثال منها قوله تعالى: {أن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبه} فالبرهان هو نبوته وعلمه بتحريم الزنا على الأفراد فضلاً عن المرسلين وتيقنه من أنها تأمر خدمها بقتله لو ضربها في دفعها عنه أو عن الفاحشة. والذين لهم تعلق بهذه القصة شهدوا ببراءته من كل سوء فلم يكن هناك وهم لحمل الهم على همه بالفاحشة فالله تعالى اخبر عنه بقول قال معاذ الله وقال كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء وقال أنه من عبادنا المخلصين. والطفل شهد بقوله أن كان قميصه إلى آخر الآيتين والمرأة قالت للنسوة أنا راودته عن نفسه فاستعصم فشهدت على نفسها بطلب الفاحشة وله بالعصمة وقالت بين يدي الملك الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وزوجها قال أنه من كيدكن أن كيدكن عظيم ثم خاطب الصديق بقوله يوسف اعرض عن هذا ولو هم بها لقال له استغفار لذنبك
كما قال لامرأته واستغفري لذنبك أنك كنت من الخاطئين فأثبت الذنب لها وعدها في الخاطئين وإبليس قال لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ويوسف من المخلصين بشهادة الله تعالى في قوله أنه من عبادنا المخلصين. ويوسف قال معاذ الله أنه ربي أحسن مثواي أي فلا أخونه في عرضه فإن ذلك دناءة وخسة من الأفراد فكيف من مهبط الرسالة وقال رب السجن أحب إلي ما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب
إليهن أي أنه إلى ساعة الدعاء التي هي بعد من الواقعة بكثير لم يصب أي لم يمل إلى النساء ولا هم بحبهن فضلاً عن القرب من الفاحشة. والنساء اللاتي قطعن أيديهن عند ما قال لهم الملك ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه فأثبت أنه كان منهن مراودة كما كان من سيدته فلما سألهن قلن حاشا اله ما علمنا عليه من سوء فإذا شهد الله تعالى ويوسف الصديق والطفل والمرأة وزوجها والنساء وإبليس على عصمته وبراءته من السوء كيف نحمل الهم على الفاحشة وهو تكذيب لهذا كله نعوذ بالله من ذلك. وأما ما قيل من أنه عليه السلام جلس منها مجلس الرجل من المرأة أو أنه هم بحل التكة أو أنه حل الهميان وجلس منها مجلس الخائن أو أنها استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه وأن البرهان استحياء المرأة من صنم عندها فقامت لتستره فاستحيا من ربه أو أنه رأى يعقوب عاضاً على أصابعه ويقول له أتعمل عمل الفجار وأنت مكتوب في زمرة الأنبياء أو أن يعقوب ضربه في صدره فخرجت شهوته من أنامله أو أنه سمع صوتاً في الهواء يقول يا ابن يعقوب لا تكن كالطير يكون له ريش فإذا زنى ذهب ريشه أو أنه لم ينزجر برؤية يعقوب فجاء جبريل فركضه فلم تبق فيه شهوة فكلام لا يقوله إلا جاهل بمقام النبوة والرسالة متتبع للخرافات من غير بحث فيما تؤدي إليه ولو علموا أن ذلك يؤدي إلى تكذيب الله تعالى في الأخبار عنه بالعصمة والانصراف عن الهم لما تجرأوا على مثل هذه المفتريات التي أخفها يشين اقبح الفساق فضلاً عن نبي مرسل ولا يغرنك نسبة هذه الأقاويل إلى مثل ابن عباس وعكرمة وقتادة وسعيد وجعفر الصادق وغيرهم فإن مفتري الخبر مفتري النسبة ليروجه عند ضعفاء العقول كما لا يغرك وجود