المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدد 42 - بتاريخ: 10 - 8 - 1893   ‌ ‌مذهب النباتيين النباتيون - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌ ‌العدد 42 - بتاريخ: 10 - 8 - 1893   ‌ ‌مذهب النباتيين النباتيون

‌العدد 42

- بتاريخ: 10 - 8 - 1893

‌مذهب النباتيين

النباتيون هم القائلون بتحريم ذبح الحيوان لأية مصلحة كانت ويرون أن الإنسان من الحيوان وكل حيوان إنما يعيش بالتغذية بالنبات فالإنسان مفطور كذلك على التغذي بالنباتات والأثمار والألبان والبيض وأكله اللحم أمر عرض عليه لم يكن من فطرته ولا عادته وهو مذهب قديم في العالم كتبت فيه كتب وعللت فيها أحكامهم بعلل شتى والنفس تشتاق للوقوف على هذا المذهب وأحكام أهله وقد أطلعنا حضرة الفاضل السيد محمد عبد الواحد الطوبي على رسالة فيه فأحببنا نشرها بعد التصرف في عبارتها تصرفاً يكسرها ثوب إنشاء سهل التناول ومن عباراتها يظهر أنها لأحد المسيحيين المنشئين ولا يخفى على أهل العلم والفضل أن كثيراً من المتقدمين كان يميل لهذا المذهب كأفلاطون وفيثاغورس وكذلك وجد في المتأخرين من أخذ به كأبي العلا المعري ولقد وصف له الطبيب لحم الفراريج في مرض

ص: 1017

موته فطلب أهله ذبح ديك عندهم فهرب منهم ودخل عليه فأمسكه وصار يمسحه ويقول له روّعوك وأبي عليهم ذبحه ووجد في اليونان جماعة يقال لهم الأعشابيون لهم بقية إلى الآن وإذا نظرنا إلى كثير من سكان القرى والأودية والصحارى نراهم يعيشون على أكل الخبز والخضر والثمار واللبن والبيض من غير أن يتمذهبوا بهذا المذهب وربما كان فيهم من لا يأكل اللحم إلا في عيد أو فرح فحكمه حكم من لم يأكله تمذهباً للندرة ولوقوف القراء على هذا المذهب وعلله ننشر الرسالة طالبين من أفاضل الأطباء الأجلاء كالنطاسي سالم باشا سام وحسن باشا محمود وصدقي باشا ودري بك وبدر بك وغيرهم ممن هو في طبقتهم أو دونها من تلامذتهم أن يوافونا بشرح للأغذية النباتية والحيوانية نقضاً لمذهب النباتيين أو تأييداً له ليقوم الأستاذ مقام مبلغ عنهم يتلو على الناس ما يريدون تعليمه لهم شاكراً لعنايتهم عارفاً لكل ذي فضل فضله وكان النباتيين لم يراعوا الشرائع الإلهية المبيحة ذبح الحيوان للتغذي به قال قائلهم

أخذ القوم من أعوام بإنكلترا يبالغون في البحث في أمر المعاش ومقتضياته ووضعوا في ذلك التأليف النفيسة ونشروا التعاليم المفيدة وألفوا جمعيات خصوصية منها جمعية. البقول والنباتات. وهي عبارة عن قوم تألفوا تحت لواء واحد جعلوا مركزهم الأول في مدينة منشستر ووضعوا لتأليف واستنبطوا المسائل ونشروا المنشورات في مذهبهم القائم بعدم أكل اللحوم أي بعدم قتل الحيوان وإنما يقتاتون من النبات كالبقول والثمار ثم الحليب

والبيض وقد تسموا نباتيين وتغلب عليهم هذا الاسم لتغلب البقول في الأقوات البشرية. فإن الإنسان يصبو إلى قوته الطبيعي الفاكهة والبقول

ص: 1018

لا اللحوم وقد رأينا كل حيوان أهلي يقوم بخدمة الإنسان قوته من الأعشاب كالفرس والبقر وغيرها لا من اللحوم فإذا لا الإنسان في أول فطرته ولا ما يقوم بخدمته من الحيوان يعد نم الضواري فإن قوت القسمين من الثمار والبقول لا من الحيوان المذبوح. وإما اغتذاء الإنسان فيما بعد باللحوم فإنما هو أمر على غير فطرته ونشأته الأولى واستدلوا على ذلك ببراهين ساطعة وأدلة قاطعة. قالوا عار على الإنسان أن يستولى عليه الجوع أو أن يرى قوم بل أطفال وأحداث يهلكون جوعاً لقلة القوت ولو انتفع الناس بما يستغلونه من الأرض بمساعدة الماء والهواء لكان نصف الدخل وافياً بمعاش أضعاف أضعافهم من البشر فما بال الناس يتعامون عن حرق الأرض وإحيائها حتى تضعضعت أحوالهم مأكلاً ومشرباً ومركباً وأصبح هذا يهلك شبعاً وذاك يموت جوعاً وهم يتحاسدون ويتنازعون في المعاش وأرض الله واسعة كثير ثمارها فما ضرهم لو حرثوا الأرض واستثمروها على ما ينبغي وخدموها خدمة جد واجتهاد فإنا نراها الآن مع ما عليه الزراعة من التقهقر ووجود أراض واسعة لا يستنبت الإنسان فيها شيئاً في محصولها بالمطلوب لقوت الموجود من الإنسان والبهيم ويزيد ع مؤنه فما الظن إذا أحكمت الزراعة واتسع نطاقها وعمرت الأراضي المتروكة وحسنت تربية الحيوان للانتفاع بدرّه وبيضه وصوفه وشعره ووبره وجلده عند انتهاء أجله بالموت العادي. ثم قالوا ليس من المكروه قتل الحيوان لتغذية الإنسان أن ذلك أمر يمجه الذوق السليم وتمقته النفس لما في ذلك من القسوة بل التوحش فضلاً عما هناك مما ينفر الذوق منه فما

ص: 1019

اللحوم إلا جثث مقتولة وهل يوجد شيء أكره من أكل الجثث. ولو فرضن أن جماعة بلغوا من العمر عشرين سنة ولم يأكلوا لحماً ولا عرفوا مسلخاً هل يطيق أحدهم مشاهدة القصابة وما فيها من الذبح والسلخ والتقطيع والكسر ثم تميل نفسه لأكل هذا اللحم بعد ذلك. لا. وإنما العادة أخذت تتدرج في التألف بالإنسان حتى غالبت فطرته ثم غلبتها بالفعل وجعلته يأكل شيئاً لم يكن اعتاد أكله. ولنا في أهل آسيا الجنوبية وأهل البراري وسكان الجبال أعظم شاهد فإنهم قلما يقتاتون بلحوم الحيوان ومع ذلك فإنهم أحسن الناس بنية وأشدهم قوة وأعظمهم بسالة. وأعظم الناس وأشهرهم من الفلاسفة قد ألف أكل البقول ونبذ اللحوم وأمتاز بذلك كثير منهم

في العصور الأولى كفيثاغورث الشهير والجميع ينادى بفضل الأقوات البقلية والنباتية وما نسميه الآن الصيامية (يعلم من هذه العبارة أن صاحب الرسالة مسيحي الدين كما تقدم) وللنباتيين في هذا الباب حجة واضحة فإن ما نطلبه في الحيوان من الغذاء إنما أخذه عن النباتات فلم نعدل عن طريقته التي هي تناول القوت من النبات رأساً ونطلبه بطريقة أكل لحم الحيوان. وقد بحث القوم في المسألة بحثاً كيماوياً واقتصادياً ومزاجياً فوجدوا الغذاء باللحوم بعدة من البدع وأتوا بأدلة لا يختلف اثنان في قوتها فقالوا في تصنيف تكرر طبعه تسعين مرة. لم نأكل اللحوم وهي أغلى قوت وأضره وأكرهه فإن الاغتذاء بالدقيق والفاكهة والبقول والبيض والحليب أرخص وأسلم وألذ فإنك تجد فيها عناصر الألومونيا والنشا والسكر والزيت إلى غير ذلك وأما الغذاء باللحوم فإنه غير كاف وحده لخلوه من النشا ولذا اضطررنا أن نزيد على اللحوم ما

ص: 1020

يتم به الغذاء كالخبز وما في معناه. ولا توجد خاصة في اللحوم إلا وهي موجودة في سواها من البقول والثمار والحليب والبيض وربما كانت أكثر وأحسن وأسلم عاقبة فإن أكل البقول يلائم مزاج الإنسان في كل مكان ويقدر أن يتحصل عليه بكل سهولة وهو غذاء مفضل على أكل اللحوم فإنك إذا أخذت درهماً من لحم البقر أو الضمان ودرهماً من اللوبيا والعدس والحمص كانت الخلاصة الغذائية 3 من 19 من البقول (كذا يقول صاحب الرسالة ولعله محل نظر) وبالجملة فإنه ليس في أكل اللحم ما يرغب فيه فإنه يقتضي لتناوله استعداد عظيم من إنضاج وتتبيل ومعاناة ذلك. النباتيون لأجل تأييد مدعاهم وترجيح مذهبهم أتوا بأدلة وبراهين نأتي بها مفصلة.

البرهان الأول إن الإنسان يغتذي طبعاً بثمار النبات وبقول الأرض لأن أسنانه أسنان كل حيوان يقتات بذلك وإنما أضراسه دون نيوب الضواري ويستعملها في تكسير الثمر ذي النوى والصلب مما جف م الثمار وأمعاؤُه كأمعاء الحيوان الذي يقتات بالحشيش لا أنه كأمعاء الضواري والكواسر فينتج من ذلك أن الإنسان حيوان يقنات بالثمار طبعاً وفطرة فضلاً عن أن البقول أسهل هضماً وأقل ضرراً وأكثر قو وأثم تمثيلاً. البرهان الثاني. ليس في اللحم عنصر قابل للتمثيل إلاّ وهو مأخوذ عن العالم النباتي فهو غذاء ناقص لا يحتوي على سكر ولا نشا ولك الحبوب والدقيق والثمار تحتوي على هذه العناصر التي لابد منه وقد قرر أهل النظر عدم وجود فرق معتبر بين الفبرين النباتي والحيواني ولا بين

الألبومين النباتي والألبومين الحيواني. البرهان الثالث. أن اللحوم مهما كانت نظيفة وملائمة فلابد من

ص: 1021

احتوائها على مواد فاسدة مضرة من ذلك الدم الباقي في الأهلية الشعرية والعناصر الآخذة في الانحلال عند الذبح والعلل الثابتة الضرر ما قد يوجد من الخميرية والطفيلية والأدواء التي قل أن يلتفت إليها البرهان الرابع أجمع أهل العرفان أن ربع المذبوح من الحيوان في المدن معتل لقلة الغذاء أو لكثرته أو لفساد بنيته وأن أكثر أمراض البقر والغنم تسري إلى الإنسان كالتيفوس والسل الرئوي وعلل الرئة والطاعون البقري وغير ذلك. البرهان الخامس أن جميع النباتيين يصرحوا بكونهم على أحسن صحة وأجود مزاج مما كانوا عليه قبل تركهم أكل اللحوم واقتصارهم على النبات والثمر فضلاً عن أن النبات كثيراً ما يشفي من داء المفاصل والصرع والفالج والأمراض الجلدية واستعمال الخضر والبقول والحليب والبيض يلائم سرعة الشفاء في الجرح والرض وما ينشأ عن العمليات الجراحية حتى قالوا لم نرى إنساناً اغتذى بالبقول وحدها وأصيب بلعة الهواء الأصفر البرهان السادس إن ضرر المسكرات ظاهر وإنما عوّل عليها السكارى لكثرة أكل اللحم فإذا شئت إرجاع سكير عن غيه فحوله عن الأغذية اللحمية إلى النباتية (لم يكن آكل اللحم علة في تناول المسكرات فإنا نجد الهمج الذين يعيشون على النباتات في الجبال والصحارى يصنعون مثل البوزة ويشربونها ونرى بعض العرب الذين لا غذاء لهم إلا التمر واللبن ينتبذون فهذا برهان واه) السابع أن الاغتذاء بالبقول يسبب حسن الخصال وتطهير الأخلاق وارتفاع الأفكار وحسن الألفة والمعاشرة وحب السلام فهي خير إذا يناسب الصحة أدبياً وعقلياً ومالياً في كل فرد وأمة (هذه النتائج ليست مطردة فإننا كما لا ننكر

ص: 1022

صفاء فكر المرتاض الذي لم يأكل غير النباتات ووصوله إلى علوم ومعان لم يصل إليها لو كان آكلاً للحوم لا ننكر وجود الكثير من النباتيين الجبايين مشتغلين بالإفساد وقتل المارّين بهم مع جهلهم الجهل الشنيع وشراسة أخلاقهم فهذا برهان غير مطرد) الثامن. الاغتذاء النباتي يناسب الجمال الطبيعي جداً فإنه يخول الهيئة ومنظر الجسم سمة خصوصية من الرقة والخفة ويعطي اللون والبشرة بهاء خصوصياً حتى قال بعض أهل النظر أننا نرى أجمل النساء في بريطانيا من أهل إيرلانده أي من نساء القرى اللاتي يغتذين بالكمأة (البطاطة) (وكذلك نساء العرب اللاتي لا يأكلن الحم إلا في الأعياد والأفراح فإنهم في

جمال خلقي لا يبلغه الجمال الصناعي وإنما يضاف للنبات جودة الهواء وعدم اختلاط الأنساب فكل قبيلة تمتاز بسحنة معلومة لعدم اختلاطها بغيرها بخلاف المدن فإنها لكثرة الاختلاط التناسلي توجد فروق كثيرة في السحن وربما وجدت بين شقيين أو توأمين أخذ كل واحد منهما شكلاً من أشكال أبويه وأجداده) التاسع. أن شعائر الإنسانية تأنف من تلك المشاهد الفظيعة من ذبح وسلخ وغير ذلك مما يكرهه الذوق (كل إنسان وما اعتاد فلا يلزم من استبشاع البعض استبشاع الكل فإننا نجد الاختلاف في نفس النبات فنرى قوماً يأكلون نباتاً يستقبح أكله قوم آخرون) العاشر. من ألزام أن نفصل عن الألفة طبقة من الناس مهنتهم اليومية ذبح الحيوانات وسلخها فلو كلف كل منا بذبح ما يلزم لأكله لعدل عن أكل اللحم من تلقاء نفسه وفضل عليه أكل البقول (هذا برهان ضعيف جداً فإن فصل طبقة من الناس تنزح المراحيض وتشتغل في مناجم الفحم ودبغ الجلود أظلم لو كانت

ص: 1023

القصابة ظلماً ومعاناة الإنسان صنع البر خبزاً والخضر طبيخاً أكثر مشقة من ذبح الحيوان وسلخه) الحادي عشر. إننا إذا خصصنا بقعة من الأرض للزرع والاستثمار فأن محصولها يقيت عدداً كثيراً من الناس الذين لو اقتاتوا بحيوان يرعى في تلك البقعة ما كفاهم. الثاني عشر. المشتغلون بالزراعة أكثر من المشتغلين بتربية الحيوان. الثالث عشر. النتيجة من الاغتذاء بالبقول واللحوم واحدة والبقول أرخص من اللحوم سبعة أمثال والرابع عشرة أن من الظلم قتل الحيوان الذي يساعد الإنسان ويشاركه في أعماله ويعينه على حملانه وغزواته وضروريات معاشه ومع ما نراه في الحيوان من الشدة والشجاعة والإقدام فإن هلا يغتذى بغير أحشائش والأعشاب الخامس عشر أن الشعوب الأشد نشاطاً وأكثر كداً وسعياً هي التي تقتات بالبقول فأهل سكسونيا يقتاتون بمغلي الشوفان وأهل أيرلندا بالكماءة وهم أكبر من الإنكليز وأقدر على العمل وفلاح أوفزنيا يأكل الكستنا (أبو فروة) والطلياني يأكل شربة الذرة الصفراء وقد اشتهر الجندي العثماني والبستاني الصيني والحمال الجزائري بجَلدهم على التعب وهم لا يأكلون من اللحوم كغيرهم (قلت وفلاح مصر وسورية وعرب الحجاز واليمن بل وجزيرة العرب بأجمعها لا يأكلون اللحوم إلا في أيام قلائل وهم أصح أجساماً من سكان المدن ولكن لجودة هواء القرى أكبر دخل في تقدم صحة أهلها) السادس عشر من الشعوب الشهيرة في التاريخ بثباتها وشجاعتها السبرتيون وما كانوا يقتاتون إلا بالنباتات

وكذلك الرومانيون أيام عظمتهم واليونان كانوا على جانب عظيم من القوة والشدة قبل أن يألفوا أكل اللحوم فلما أكلوها قلت

ص: 1024