الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شكر النعم
أيها المتطلع لغريب الأخبار أصخ لي أذنك وافرغ لي ذهنك من صوارفه عني واسمع النبأ الحق من لسان الصدق فإذا انتهيت فكن معي من الشاكرين.
في اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر الماضي عثرت الحكومة المصرية علي بدلالة رجل في قرية الجميزة من قرى مركز السنطة التابع لمديرية الغربية فاشتعلت نيران الأفكار وكثرت الظنون واختلفت الآراء ولم يبق ذو روح في الديار المصرية إلا وهو يهجس ويخمن بما سيكون من شأني وكان العطب أقرب عند الجمهور من السلامة وبينما هم في حيص بيص فاجأهم الأمر الكريم بسفري إلى الأقطار الشامية المحروسة ممتعاً بحياتي ممنوحاً مادة معاشي مرسلاً على صورة التكريم والإجلال موعوداً بدوام العناية بي مبشراً بقرب العفو عني فامتلأت قلوب الأحباب سروراً وانطلقت ألسنتهم بالثناء على الحضرة الخديوية التوفيقية وانتفخت أوداج أعداء الإنسانية غيظاً على سلامتي وغضباً من حلم أميرٍ العفو طبيعته وما انتقم من مذنب إلا بإغراء أو غلبة آراء أما أنا فقد خصصت أنفس أوقاتي لذكر المحاسن التوفيقية والمراحم المحمدية كلما جلست في مجلس فضل بين من تقوم صدورهم مقام صحف التاريخ والتزمت الدعاء له ولأنجاله الكرام حتى صار ورداً لي في غالب الأوقات وبينما أنا في بستان نعمته أجيل الفكر في فضائله ومناقبه فاجأني خبر انتقاله من دار الفناء إلى دار البقاء حيث دعاه مولاه فلباه
مستعيضاً ملك مصر الصغير بجنة عرضها السموات والأرض فجرت أنهر الدموع حزناً وضاق وسيع الصدر كمداً وأسفاً والتفت لسان المدح والثناء إلى جانب التأبين والرثاء فأنشدت قصيدتي الدالية الغريبة في بابها ومطلعها وما بعده
ما للكواكب لا ترى في المرصد
…
والكون أصبح في لباس أسود
عم الكسوف الكل أم فقد الضيا
…
أم كلنا يرنو بمقلة أرمد
وتاريخها
فملائك الجنات قالت أرخوا
…
توفيق في عز النعيم السرمدي
596 90 77 201 345
سنة 1309
وقد تكفل بها وما معها من تاريخ حياته الطيبة كتاب النحلة في الرحلة فإني رثيته لتفضله
علي وإحسانه لا ليقال أجاد فيما قال ولا ليكون الرثاء وسيلة أبتغي بها مقصداً فلذا لم أرسلها وأنا في الشام لتنشر مع المراثي التي دونت فرحم الله تعالى روحاً زكية وذاتاً نقية وجعل مضجعه المنير روضة من رياض الجنة ممطوراً بسحائب الرحمة والرضوان.
وما زحزح الهم عن الفؤاد ومسح دموع الحزن بمنديل السرور إلا ارتقاء صدر الصدور وعين أعيان الأمراء وخلاصة العائلة المحمدية وبدر سماء بيت الإمارة أفندينا الخديوي المفخم ذي الفخامة والجلالة مولانا عباس باشا حلمي الثاني أيده الله تعالى فتسلت النفس بأشرف خلف لخير سلف وانطلق لسان التهاني منشداً