الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنعم بتلميذنا المعلوم مثل المنظوم نبه أخا الذوق من نومه
سير الزراعة بتقدم دون تندم أما الرياض صبحت ضمه
قل للفتاة المنصانة يا إنسانه نبهت ربات العصمه
هذي الجرائد المصرية صافيه النية والكل خالي من ذمه
قل للأُلى صانوا لسانهم عن إخوانهم صرتم نيشان فوق العمه
خدموا البلاد خدمة صادق غير منافق يحفظ لأوطانه الحرمه
جعلوا المعارف كالأنوار للأفكار وأبرزوها للحومه
فنبهوا من كان نايم فصبح هايم خلف الأمير أعني شهمه
حامي البلاد مع أنداها من أعداها وسلب أولاد الهرمه
والله يصلح أحوالنا مع أقوالنا ويدرك الناس بالرحمه
ويزحزح الأعداء عنا لو كانوا منا ويبدل النقمة بنعمه
فكل شيء عنده بميقات في الأوقات وكل شيء فعلوا لحكمه
وردت لنا هذه الرسالة من إنشاء الفاضل الشيخ أحمد جندية من المحلة الكبرى وهي بنصها:
النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة
والجهاله
هذا النوع الإنساني قد تنوعت فيه الحقائق والصفات وتباينت فيه المحسوسات والمشاهدات واختلفت فيه الأجناس والهيأت وتقاربت وتباعدت فيه درجات الإدراك والتمييز والفهم والتعليم أبدعه موجد الكائنات على غير سبق مثال ولا تقدم نظام وأتاح له أسباب الرزق على التنويع
وجعل بين أفرده الرابطة العمومية لتمام الغرض المقصود بالذات وتنظيم دائرة الاكتساب على أحكام بديع فحملني باهر هذا النظام على التأمل في هذا المجتمع فبعثت الفكر فجال في ذوي الصنائع فرأيتهم مميزين في صناعاتهم ومهارتهم مثابرين على أعمالهم وفي ذوي الفلاحة والزراعة ما بين ذي بسطة في المال والغنى ودرجات في الضيق والفقر وفي ذوي التجارة على تفاوت درجاتهم وتفاضل أموالهم وفي ذوي الوظائف المختلفي الدرجات ما بين أرباب الإدارة والجباة العاملين بمقتضى القوانين وذوي الأوامر المطلقة والمقيدة وغير ذلك وفي ذوي العلوم والفضائل على اختلافهم في الطبقات وأرباب الفنون المختلفة المواضيع وتفاوتهم في المقاصد مع تنوعهم في المشارب واختلاف مشاربهم في المذاهب وكل من هذه الأقسام مع مباينة بعضها لبعض بينه وبين الآخر رابطة الاحتياج حتى في كل قسم أو نوع يحتاج أفراد بعضه لبعض احتياجا حسياً أو معنوياً ومع استغراق الفكر في ذلك طويلاً فما رأيت من احتاج لذوي البطالة والجهالة والقد جاس قدمي خلال الديار فأريت المأخوذين بذنوبهم والمشحونة بهم السجون والمرتكبين سفاسف الأمور أغلبهم من ذوي البطالة والجهالة فقف بنظر المتأمل عند بيوت المومسات ومحال الخمور والملاهي ترها ملآنة بذوي البطالة والجهالة كما أن اللصوص والمقامرين بأنواعها من ذوي البطالة والجهالة غالباً فيا بني الوطن العزيز هاتان اللفظتان (البطالة والجهالة) مع اختصارهما جامعتان لمعاني الخسة والدناءة مانعتان من مراقي الفلاح داعيتان إلى سوء الأعمال يتبرأ منهما المنعوت بهما حاملتان على الاشتغال باللهر واللعب أهلهما كلٌّ على كاهل النوع الإنساني لا
يرجى منهم فلاح ولا يؤمل فيهم نجاح محجوبون
بجالهتهم عن المعارف لا تثقف أذهانهم المواعظ ولا تنور أفهامهم النصايح فلو كان لهم قلوب يعقلون بها ما تمادوا على البطالة والجهالة بل كان أولى لهم أن يسلكوا سبل الرشاد ويشتغل كل منهم بعمل يليق به لا ينفك عنه بجد واجتهاد حتى يكون له حسن الذكر في الهيئة الاجتماعية ولا يشوه محيا تاريخه بهدم ما شاده أسلافه ويخمد ذكرهم ببطالته وجهالته.
إن الإنسان أشرف الحيوانات وخلاصة المخلوقات ركبه الله في أحسن صورة بشهادة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وخصه بالعقل والنطق وزين ظاهرهُ بالحواس وباطنه بالقوي (صنع الله الذي أتقن كل شيءٍٍ) وجعل على يمينه ويساره كراما كاتبين ومعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه وذلل له الحيوانات لركوبه ومأكوله وحمل أثقاله وأداء مصالح وغير ذلك فهل مع هذا التكوين العجيب والأسرار التي أودعها الخالق فيه والمذللات التي أكرمه الله بها دون سائر مخلوقاته يحسن أو ينبغي له أن يضيع أوقاته في البطالة والجهالة وفضلاً عما ذكر فإن الإنسان لو نظر إلى اللقمة التي يأكلها في غذائه كم استعملت فيها القدرة الإلهية من التأثيرات الجوية والأرضية كإرسال الرياح والأمطار والشمس والقمر والحرارة والبرودة وغير ذلك ومن الحرث والبذر والنضج والدراس وعاجن يعجن ونار تنضج ونحو ذلك وعرف بفكره تلك المسخرات الإلهية خدمة لهذا النوع الإنساني وتحقق هذه النعم المتعددة التي أسبغها الله ظاهرة وباطنة لم يرض البطالة شعاراً والجهالة دثاراً بل يستغرق أزمان عمره في الأعمال النافعة لمعاده
والأشغال التي يقوم بها أود معاشه ويقوم بشكر الخالق الأكبر الكفيل بدفع ما لم يقدر عليه من المهمات والملمات العظام فيا بني الأوطان ولا أريد العموم لقد جئتم شيئاً إدّا ما هذه النفرة وتفرق هذه الكلمة هل تأمركم أحلامكم بهذا أم اتخذتم التحاسد والتباغض ديدنا أم سولت لكم أنفسكم حتى تخلل بينكم ذوو البطالة والجهالة بسوء أعمالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً فلو صفت منا السرائر وأخلصنا الضمائر وتركنا العجب والكبر والحقد والبغضاء ومالت القلوب لبعضها ظاهراً وباطناً وخدمنا الوطن بأهله وأدينا ما تطالبنا به الشرائع والقوانين فلا ريب كنا تسنمنا ذروة سنام المجد والسعادة ووصلنا إلى ما وصل إليه غيرنا وزيادة وأدركنا ما أدركه أسلافنا الأقدمون الذين لم يزل ذكرهم حياً باقياً في صفحات التاريخ يشهد لهم بين أيدي
الإعصار بشامخ المجد ولم يزاحمنا الغير في أشغالنا وصنائعنا. فهذه الجرائد الوطنية كالأستاذ الأغر والمؤيد والآداب والفرصة وغيرها من جرائد فضلاء المصريين تنادي على إسماعنا بالنصائح غير مرة وترشدنا إلى أقوم الطرق وضربوا لنا الأمثال وحضُّونا على إدراك ما فيه المجد والشرف عاجلاً وآجلاً ولم يزالوا على مقاصدهم في خدمة الوطن عاملين بما يجب من عهد نشأتهم لم يتغير مشربهم ونحن لم نسترشد بهذه النصائح ولم نتعظ بهذه الزواجر بل لم يزد البعض منا على النظر في بعض الجرائد التي تصل إليه وينبذها ورآه ظهرياً ولم يدر ما استعمله أربابها فيها من القوى الفكرية والجسمانية لمقصد النفع العام والأتعاب التي كابدوها في الإنشاء والأوقات التي صرفوها من نفيس الأعمار ليلية أو نهارية كل ذلك في خدمة الملة والوطن (ليس إلا)