المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أسباب الحرب بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي أسباب الحرب - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌ ‌أسباب الحرب بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي أسباب الحرب

‌أسباب الحرب

بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي

أسباب الحرب هي بواعثها الجوهرية وتنحصر في أمرين الأول مجرد حب التغلب والثاني العداوة السابقة أما حب التغلب الذي هو ثمرة الطمع فإنه ملكة تدفع صاحبا إلى استجلاب المنفعة إلهي بالخروج عن دائرة السكون إلى براح الحركة طلباً للمزيد على ما لديه من القوة والسلطان والممالك والبلدان كما هو شأن المجتمع الدولي المنتظم من هيئة الدول العظام بخلاف الشعوب المتبربرة والأمم المتوحشة ممن يؤثرون الرحلة على المقام فإنما منفعتهم عبارة عن مجرد السلب والنهب اللذين هما مادة ارتزاق أولئك الأقوام. ويحسن أن نسمي الحرب الناشئة عن هذا السبب حرباً مجردة.

وأما العداوة السابقة فهي أما أن تكون ناشئة عن تعدٍ قديم يوجب إيغار الصدور حتى إذا جاء ألقت المناسب للانتقام وأمكنت الفرصة استحال السكون إلى حركة تضطر للتألب سعياً وراء الأخذ بالثأر واسترجاعاً للحق المغصب أو الشرف المسلوب فإن الإنسان مطبوع على إباء الضيم والأنفة من اهتضام الحقوق ومن هنا نشأت المخاصمات والمنازعات التي كانت علة لوضع القوانين بين الناس. وأما أن تكون منبعثة عن حب الرآسة والرغبة في الاستئثار بالمنفعة مما لا مصدر له إلا الحسد الذميم الذي يتولد في عناصر الأمم فيدعو إلى البغضاء ويبعث على الشحناء ويهيج النفوس لحب إزالة النعم ويناسب أن تلقب الحرب المنبعثة عن هذا السبب حرباً غير مجردة.

فهذه هي أسباب الحروب المستمرة التي فطر الإنسان على إثارتها فجرّ

ص: 884

على أبناء نوعه بها الهلاك ودوام الارتباك فليته لم يكن شيئاً مذكورا.

ولما كانت الأمة المحاربة لا تَقدم على الحرب إلا إذا تيقنت من نفسها الفوز والغلبة على عدوّها كان لابد لها من قوة تستند عليها وتعوّل في نوال النصرة عليها. وتلك القوة تختلف باختلاف الدول والأمم فإنها أربعة أقسام قوة المال وقوة الرجال وقوة الموقع الجغرافي وقوة المركز السياسي.

فقوّة المال مرجعها تقدم الأمة في التجارة والصناعة والزراعة وما يتبع ذلك من العلوم والفنون التي عليها مجار التقدم في الثروة والغنى. وقوّة الرجال مرجعها عمارة البلدان

واتساعها ووفرة السكان وانتظام الجند وصبرهم على تحمل مشاق الحروب ودُرْبة القوّاد وأمانتهم. وقوّة الموقع الجغرافي الصدفة. وقوّة المركز السياسي مرجعها انضمام أطراف المملكة وخلوّها من الاضطرابات الداخلية وتوفر دواعي الأمن والانتظام فهيا واتفاق أهليها على المصلحة الوطنية وإن اختلفوا فيها طرقاً وانقسموا احزاباً وفرقاً مع ما يلحق ذلك من عدم طموح الدولة إلى طلب المزيد على ما لديها محافظة على مركزها ودفعاً لأسباب العداوة مع سواها وقد ينضم إلى مراجع هذه القوّة الأخيرة كون وجود الدولة في العالم السياسي فيه مصلحة لدولة أو عدة دول ترى نفسها مراعاة لمصلحتها مضطرة عند مسيس الحاجة للمدافعة عن تلك الدولة حسياً أو معنوياً.

ولكل من هذه القوى الأربع دخل عظيم في الظفر والانتصار فإذا اجتمعت لدى دولة كانت إلى الربح أقرب منها إلى الخسران والعكس

ص: 885

بالعكس ومثله ما إذا كانت الدولة ذات قوة جندية يسعها بواسطتها أن تحشد لساحة القتال عدداً عظيماً من الرجال فإنها أن لم تكن مصادر القوة المالية متوفرة لديها فلن تستطيع القايم بمؤونة الجند إلا بالتقتير أو جلب المال من أوجه المظالم وذلك مما يفضي بداخليتها إلى الوهن والضعف بخلاف ما إذا اجتمع لديها قوتا الجند والمال مثلاُ فإنها تنفق عن سعة لتتأهب بما يجعلها ترجح سواها.

وعلاوة على ذلك فإن لكل قوة من هذه القوى على انفرادها فعلاً خاصاً لا تنكر أهميته كقوة الموقع الجغرافي مثلاُ فإن المملكة التي تكون محصنة الجواب بالمضائق البرّية والبحرية ممنعة الأطراف لا يقدر العدوّ إن يأتيها إلا من طريق واحدة ليست كالمملكة التي تكون متفرقة الأجزاء والقوة محاطة بالأجزاء وقس على ذلك بواقي القوات وفعلها بالنسبة لحال المتحاربين.

ثم أنا لو قابلنا بين الحروب القديمة والحديثة لوجدنا الحديثة أشد بلاء وأقوى خطراً وأدعى إلى الهلاك وإن كانتا كلتاهما سبباً فيه فكم من أمم تلاشت ودول دخلت أخبار عظمتها في خبر كان بما جنته عليها الحروب التي يسعى إليها الإنسان مجداً في كل زمان كأنما نسي أن الحروب من أعظم مصائب النوع الأناني فأصبح عاملاً على حتفه بيديه يخترع لذلك الآلات المهلكة ويعد المعدّات التي لم تقف به عند حد معلوم بل كلما ترقى في المدنية درجة ترقت معه مثلها حتى كأن المدنية الحديثة عدوّة للإنسان أقامت عليه رقيباً بتأثره إنّي ذهب

وكيفما صعد حتى إذا أصاب

ص: 886

منه غرة ألقاه من أعلى درجات المدنية إلى مهاوي الهلاك وذلك بحكم القياس على من تولى من الأمم القديمة التي أبادتها الحروب وذهبت بحضارتها وعمران ممالكها أيدي الغارات كالمصريين والفرس والرومان واليوانان وغيرهم من الأمم العظيمة التي كانت لها المنعة والسلطان.

فقد ذكر بعض المؤرخين أن أقدم دولة رتبت جيشاً خاضعاً لقوانين منظمة فرقت بها بينه وبني طبقات الناس دولة الفراعنة في مصر. وأعظم من أعتنى من الفراعنة بالجيوش وتنظيمها وإحراز معدات الحروب هو رمسيس الثاني فإن بعوثه وصلت إلى ممالك الهند والتتار والآشوريين وغيرهم.

فلو تأملنا تدويخه معظم هذه الممالك لوجدناه بلا ريب أعظم قواد المصريين القدماء ومع هذا العظم وذلك الاقتدار وما وصلت إليه المدنية في تلك العصور كما تدل عليه الآثار الخالدة إلى هذه الأيام لم يكن السلاح إذ ذاك إلا من السهام والفؤس سيوف النحاس ولم تكن الدروع إلا من اللبد. وكذلك أمة الفرس التي فاقت بنظامها الحربي من تقدمها من الأمم لم يكن سلاحها إلا كسلاح المصريين وقد أبادتهم جميعاً الحروب وأتت على مدنيتهم الغرات حتى لم يبق لهم إلا أثر يبصر أو خبر يذكر.

ولا جرم فإن عقول رجال العصور المتمدنة الأولى لم تتوصل إلى اختراع آلات وإبداع أدوات لإهلاك الإنسان الضعيف أكثر مما ذكر فماذا يقال في شأن المدنية الجديدة الغربية وما هي عليه الآن من التقدم كيف يتفنن رجالها في اختراع الآلات الحربية المهلكة للإنسان كالمدفع الرشاش والارمسترنغ والكروب والبندق السريع الطلق والبارود غير ذي الصوت

ص: 887

وغير ذي الدخان والتوربيد والديناميت والمنطاد الحربي إلى غير ذلك من الأسباب التي تسدّ في وجه المدنية المذاهب وتفضي إلى اضمحلالها وصيرورة أهليتها أخباراً تحار عند ذكرها الأذهان.

فلا ريب أن مضار هذه المدنية على النوع الإنساني أكثر من نفعها بل أيّ نفع يرجى ن مدنية صيرت العالم على شفا جرف هار من البوار وفتحت على الممالك أفواه البنادق والمدافع كمن ينتظر إشارة ليلهب الأرض ومن عليها بنيران الهلاك والتدمير.

ولا عجب فالحرب أخت الإنسان نشأت معه وتربت بين يديه فلما لم يتق شرها انقلبت

بالوبال عليه.

ومن يجعل الصِل الخبيث ربيبه=ويأْمل منه الخير بشره بالشر

وهل يرتجي ممن نشا طبعه الأذي=سوى بثّه سمّ الأذية والضرّ

والحمد لله الذي جعل البلاد المصرية في مأمن واق من الحروب وحصن حصين دون الكروب وجعل بأسها عباسها فدفع له عنها كل محظور فنسأل الله تعالى لمقامه العالي تأييداً وإعزازاً حتى تصل به مصر إلى معنى التقدم الحق والكمال المطلوب أمين.

انتهى المولد الأحمدي الصغير وكان خفيفاً قليل الزوّار بائر التجارة لم يربح فهي إلا بعض الخمارات فإن معظم أصحاب الأطيان بأع7وها أو رهنوها ولم يبق بيدهم ما يشترون بضاعة أو يضيعون به شرفاً ومالاً وديناً أم أصحاب الطرق وأهل الخير فكانوا على أحسن ما يكون من الهدوء والنظام والاشتغال بأنواع الطاعة والقربات ولنا في هذا الموضوع كلام نؤجلهُ إلى فرصة أخرى.

ص: 888