المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدد 23 - بتاريخ: 24 - 1 - 1893   ‌ ‌الحقوق المقدسة الحقوق - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌ ‌العدد 23 - بتاريخ: 24 - 1 - 1893   ‌ ‌الحقوق المقدسة الحقوق

‌العدد 23

- بتاريخ: 24 - 1 - 1893

‌الحقوق المقدسة

الحقوق الملكية تنقسم قسمين خاصة وعامة فالخاصة هي الحقوق الواجبة للراعي بحسب مركزه واستحقاقه والواجبة له على رعيته. والواجبة له بحسب المركز والاستحقاق هي التي استحقها بطريق الفتح والاستقلال بذاته أقره الغير عليها أم لا بطريق الوراثة عن مؤسس مستقل منفرد بالسلطة أو عن مؤسس ممتاز تابع لمقرر له مؤيد لمركزه ومن هذا الأخير حقوق الحضرة الخديوية الفخيمة فإنها ثابتة له من طريق الوراثة عن أبيه وجده وجد جده مؤيدة بالفرمانات الشاهانية المميزة لحكومته باستقلاله بإدارة أحكامها من سائر وجوه الإدارة والحكم وقد كفلت الفرامين رعاية هذه الحقوق وتقديسها ونصت على استحقاق القائم من هذه العائلة الشريفة لتولي الإمارة المصرية وتخويله حق العزل والتنصيب والعفو والعقوبة ومبادلة المخابرات مع دول أوروبا في العزائم والرخص التي منحتها له تلك الفرامين. وما زالت هذه

ص: 539

الحقوق مقدسة اجمع دول أوربا على احترامها وكف يد كل متعرض لمسها بما لا حق له فيه حتى جاء الخديوي أفندينا عباس باشا حلمي وأرسل له سيدنا أمير المؤمنين الخليفة القائم بأمر المسلمين مولانا السلطان عبد الحميد خان أيده الله تعالى بنصره فرمان الخديوية العالي وأثبت له حقوقه التي كانت لأبيه وأجداده ولم يبخسهُ منها شيئاً حفظاً للعهد القديم المحاط باتفاق الدول على استمراره وتنفيذه فوجب على المصريين قاطبة الخضوع للمقام الخديوي والاعتراف بسيادته وسلطته عليهم بأمر أمير المؤمنين الذي رضيه لنا أميراً وسلمه أرواحنا وائتمنه على حياتنا وأعراضنا وأموالنا وأنابه عنه في مخابرات الدول وحفظ المعاهدات وإجراء النظام بحسب ما يدعو إليه الزمان والمكان وبهذا التحتم السلطاني صرنا نرى معاشر المسلمين طاعته فرضاً علينا ومخالفته عصياناً يغضب الله تعالى ورسوله ونرى أن إلحاق غيره به في السيادة أو السلطة أو الإدارة مخالفة لأمير المؤمنين الذي قصر الإمارة عليه وأوجب علينا الطاعة له خاصة ما نرى أن مستحل تشريك الغير معه في الأحكام نبذّا للفرمان السلطاني يكفر ويمرق من الدين الإسلامي باستحلاله أمراً حرّمه أمير المؤمنين وأجمع المسلمون على الأخذ به. فتوحيد الطاعة للخديوي نائب أمير المؤمنين هو لازم البيعة التي صارت في عنقنا بحيث لا يجوز لمسلم أو ذمي أن يعارض أمر الخليفة الأعظم بزيادة فيه أو نقص. وقد طبق الجناب الخديوي ما فوضه إليه السلطان من السلطة وما أوجبته عهود الوراثة من

الحقوق وما له على الرعية من حقوق الطاعة على ما يراه فوجد كثرة الأيدي العاملة معه ومخالفة بعض أمرائه لنصوص الفرمان واستخفافه بالأوامر الشاهانية فساءه

ص: 540

ذلك وأخذ يبحث فيما يوصله لحقوقه المقدسة سنة يفكر في الوسائل وينتظر الفرص حتى مرض صاحب العطوفة مصطفى فهمي باشا رئيس النظار المصريين فكلفه الاستعفاء بعد شكره على ما له من سوابق الخدمة فمال لمشاورة وكيل انكلترة بمصر وما كان ينبغي أن يوقف أمر سيده وأمير البلاد الشرعي على مشورة أجنبي لا تعلق له بما هو من خصائص الحضرة الخديوية ولهاذ أقاله الجناب الخديوي مصحباً أمر الإقالة بشكره على أعماله السابقة ثم قدمت له أسماء رجال مصريين بمعرفة وكيل انكلترة لينتخب منهم رئيساً للنظار فرأى أيده الله أن هذا التداخل سلب لحقوقه وتقييد لإطلاقه الذي قدسه الفرمان المؤيد باتفاق الدول عليه التي منها دولة بريطانيا فرفض ذلك واستقل بالانتخاب عملاً بحقه الشرعي واختار صاحب العطوفة والفضيلة حسين فخري باشا لرئاسة النظار وكلفه بتشكيل وزارة فعورض في ذلك وكثرة المخابرة بينه وبين وكيل انكلترة وخارجيتها ولم تر انكلترة بدّا من تسليم حقوقه إليه وعدم معارضته في أمر تساعده الدول على القيام به فأظهرت عداوتها الشخصية لعطوفة فخري باشا الذي ارتفع قدره بين قومه وظهر فضله بتألم دولة بريطانيا العظمى من قبضه على زمام الأحكام المصرية ولكون انكلترة لها مصالح بمصر كبقية الدول وبمنافرتها له لا يمكن التوفيق فيما يختص بها بينها وبين الحكومة المصرية قدم استعفاءه لسيده الخديوي الأفخم تقديماً لمصلحة وطنه على خصائصه الذاتية فقبله الجناب الخديوي ليدفع العلل التي توجب الخلل وفوض أمر الوزارة إلى صاحب الدولة والأبهة مصطفى رياض باشا فقبلها من أمير وقف يطالب بحقوقه بذاته الشريفة والقوة بيد من يعارضه

ص: 541

والإدارات محشوة بمن ينافره وهذه شجاعة ما اتفقت لغيره وثبات ما حكى عن ملك محاط بجنوده نائم بين حصونه وبهذا انحسم النزاع الحاصل في شأن الوزارة وتم مراد الخديوي ونفذت إرادته في كل ما أراده مستقلاً بفكره رافضاً لكل تداخل أجنبي كما هو مقام إمارته المحفوظ حقه فيه بتقليد سلطانه الأكبر مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى. ولقد سرى خبر ثباته واسترجاع حقه المسلوب بنفسه في جميع الديار المصرية في أقرب وقت فهرع الناس إلى سراي عابدين العامرة يهنئون فخامته ويقدمون خالص عبوديتهم

وإخلاصهم لسيادته وهو يخطب فيهم وفداً بعد وفد بم أجراه وما لاقاه وما هو عازم عليه من عدم التنازل عن حق من حقوقه كيفما تقلبت الأحوال والناس في دهشة من همة هذا الأمير وحزمه وثبات عزيمته وحسن تصرفه في معضل ما سبقه سابق لحل مثله والمحافظة على الحقوق فيه ثم جاءت التلغرافات تتري مهنئة ومظهرة للانقياد والخضوع مستحسنة كل ما أجراه من تصرفاته الحقة. ولا يسمع دولة بريطانيا العظمى ألا الاعتراف بتقديس تلك الحقوق فإنها لم تدخل مصر فاتحة ولا مستعمرة ولا مشترية لها وإنما دخلتها باسم تأييد خديويها المضمونة حقوقه بالفرمان السلطاني وأقرت أمام دولة أوروبا أنها تحترم الفرمانات السلطانية والسيادة العثمانية ولا تتعرض لمس حق من الحقوق الخديوية فلا عجب إذا رأيناها أقرت مولانا الخديوي على أعماله ولم تتعرض لسلب حقوقه وقد تألمت الدول من ميل الوكيل البريطاني لمشاركة الخديوي في الرأي بادىء الأمر وعدت ذلك مساٌ للحقوق ونقضاً للعهود وهذا هو البرهان القوي على أن ما فعله الخديوي حق لا باطل فيه وأن تعرض الغير

ص: 542

سلب لتلك الحقوق بلا مسوغ. والآن تنتظر الأمة ما يحدث من انكلترا بعد ذلك فإن تركت الوزارة المصرية تدير أعمالها بحسب مقتضيات الأحوال المصرية وعلى ما يناسب أخلاق الأمة وعوائدها ومساعدتها على ذلك تحقق الكل صدق دعواها أنها دخلت مصر للإصلاح لا للاغتصاب والتغلب وأن أحدثت عراقيل وعقبات في طريق الأعمال المصرية نفر كل مصري وعلم أنها تريد استعباده واستخدامه في مصلحتها الذاتية وبهذا تفقد الثقة من باقي المصريين وتوجب تداخل غيرها من الدول في شأن كان لها فيه اليد الطولى والأمل في حزم مولانا الخديوي وحسن تبصر دولة رياض باشا أن تجري الأمور على السداد وتبقى المحبة متبادلة بيننا وبين رجال الانكليز الذين يسوءهم سماع صوت دولة أخرى في مصر ويسرهم ائتلافهم بالمصريين. ولا ننسى ما لحضرة اللورد كرومر من الحسنات في هذا الشأن فإنه اشتد في الأمر وصعبه وحتم على دولته تنفيذ آرائه فكرّر المخابرة في ذلك واستشاط غضباً وفعل ما لم يفعله وكيل قبله ولكنه لما رأى ثبات الخديوي الأفخم وشدّة محافظته على حقوقه ورفضه كل تداخل أجنبي في شأن بلاده تساهل وتنازل عن تلك الحدة وأقر النظارة الرياضية وهذا مما لا ننساه لحضرته ولا نقصر في شكره عليه ولقد بهره تجمع الأمة حول أميرها وامتلاء الديار فرحاً وسروراً بمحافظة

الخديوي على حقوقه واستقلاله بتعيين من يراهم أهلاً لأعمال بلاده ورفضه التعهد باستشارة انكلترة في شؤنه وعلم أن قلعة جيش الاحتلال بمصر ربي المصريين ونبههم على ماكانوا عنه غافلين فانبعث فيهم روح الوطنية على اختلاف أديانهم وأجناسهم ولاذوا بأميرهم شاكرين انكلترة على ما قدمته إليهم من دروس التهذيب

ص: 543

والتأديب حتى ترشحوا للنداء بالعصبية المصرية وتأهلوا للقيام بأعمال بلادهم ولله در هذا الأمير الذي قاوم بمفرده كل قوة تدفعه عن حقه ولكن تقديس حقوقه الشاهانية كف أيدي العدوان عنه لكونه لم يأت شيئاً فرياً ولا ارتكب أمراً إدّا ولا زاد عن قوله قرن حياتي بالمحافظة على حقوقي وأنها لأكبر كلمة حماسة سمعت من أمير مصري. وفي هذه النقطة يجب علينا معاشر المصريين أن نلزم الهدوء والسكون في حركتنا وأن نكف عن القيل والقال فربما عثرت الألسنة بما لا نحب أن نسمع من أفواهنا وأن يشتغل كل منا بعمله الخاص أن كان إدارة أو تجارة أو زراعة أو صناعة فإن أوروبا تتربص بنا الدوائر وأقرب الإنذارات إلينا منشور اللورد غرانفيل الذي قال فيه إذا آل أمر مصر إلى الفوضى تداخلت انكلترة وفرنسا بالقوة ومع وجود المرحوم الخديوي السابق في مركزه آمناً سائداً نافذ الأمر لعبت اليد الأجنبية بنا وأثارت الخواطر وكدرت جو السياسة فهاجر نزلاء بلادنا بإيهام أعوان مثيري الخواطر والفتن وتم من التداخل والحرب والاحتلال ما تم. وحالتنا اليوم غير حالتنا بالأمس فإننا بين يدي أمير لا يختلف في الانقياد إليه اثنان وكلٌّ معتصم بالتعويل عليه والانتماء إليه وليس بأيدينا غير عصيٍ نشتريها بقرش وقرشين وجيش الاحتلال في قلاعنا وحصوننا ورؤساء الجند المصري من الأجانب ومياهنا خالية من أساطيل تحميها ولا حاجة تدعونا للتظاهر العدواني بل لا موجب لشيء تتحرك له النفوس لكون حقوقنا مكفولة فلم يبق إلا أن نتخلى عن كل هرج ومرج ونوجه آمالنا إلى عناية أميرنا وهمة وزيرنا ولا نكثر من تأويل العبارات والتهويل في التعبير بما يهيج النفوس ويوغر الصدور لرجوع شأننا في كل ما يختص بنا وبأميرنا إلى

ص: 544