المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

‌العدد 33

- بتاريخ: 4 - 4 - 1893

‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

اقتد بمن إذا أسبغت عليكم النعم كان مهنئاً معك وإذا نزلت بك مصيبة كان معك معزّى فإن إخلاص النصح من غيره لا يتأتى إلا إذا عاد لبطن أمه وولد مرة ثانية في أرض مس ترابها جسمك وليداً وخدمت في إصلاحها شاباً ودبرت شأنها شيخاً. وكيف يقتدي العاقل بنازح عن داره وقد لطفت هواءً وعذبت ماءً وطابت مقرّاً وكثرت خصباً فلم يرض ما رضي به آباؤه واستهجن ما استحسنه أجداده وقطع رحماً تجب صلتها عليه وهجر عشيرة بين رجالها ولد ومن أظاهرها رضع وعلى عاداتها شب وبلغتها تكلم وخرج يضرب وجه الأرض بنعليه ارتحالاً لا يحمل غير كف الحاجة ووجه السؤال يتفيأ ظلال غني يستميحه أو وجيه يستجديه أو عظيم يخدمه أو أمير يتصيد بالانتماء إليه أو أبدا الثراء لا يبالي في أية بلاد رمى سهمه ولا بأية يد تناول قوته فإذا اختلفت آراء من استضافهم في نازلة تقدح فيها زناد الأفكار كان مع اليد التي تناولته من أيدي الحاجة وأنقذته من

ص: 761

مخلب الفاقة يتقرب لربها بأخيه بيعاً وإذلالاً ويسترضيه بصاحبه استخداماً وربما قرب إليه ذوي الأرحام خدماً وعبدانا طمعاً في دوام صلة واستعظام عطية. ففرّ من هذا فرارك من المجذوم لئلا تتقرح بالعدوى فينفر منك الأخ ويجفوك الصاحب وينكر العشير. وقد يكون هذا النازح ممن تجمعك وإياه أصول بعيدة أو قريبة أو روابط من روابط الأمم فيعطف عليك ويخلص في القول والعمل طمعاً في صلاح شؤُنه بصلاح شؤُنك ولا يمكنك سبرغور أفكاره إلا بعد قلبك أوجه التجربة وصور الاختبار حتى إذا وجدته ثابت القدم في صحبتك صادق اللهجة في مخاطباته وجهته وجهتك في كل حالة كنت عليها يتألم بألمك ويسر بسرورك اتخذته عضدا ونصيراً وناصحاً ومشيراً واعتمدت عليه في دفع صدور الحوادث بقوة الحزم واتحاد الكلمة وتفارصت معه الأوقات لبلوغ المراد حيث لا مانع ولا دافع. فإن اعثرتك الأيام بنزيل هذه صفته فذاك وإلاّ فعليك بمن إذا حلت المصائب وآب النازحون إلى مقارّهم فراراً من مشاركتك في همومك كان قسيمك في النكبات يتناوب معك حمل الخوب ويحملك إذا ضعف ويبرك إذا احتجت ويعودك إذا مرضت وينصرك إذا خذلت ويدفع معك عدواً يحاربك ويحفظ معك وطناً لزمته ويصون لك عرضاً تبذل الروح في حمايته. أليس المهاجر من وطنه خلف القوت أو الثروة كالدرويش الذي يقف أمامك يبكي تارة ويتأوه أخرى ويحلف أنه ما ذاق في يومه طعاماً ولامست يده نقوداً ولا يمتلك غير ردائه وعصاه ثم يصعر خده

ويلتوى التواء الأفعى إظهاراً لألم الجوع ويده ممدودة وعينه

ص: 762

محملقة ولسانه طلق بالدعاء والشكوى حتى إذا نقدته درهماً أو جيناراً هش وبش ومال على يدك لثما وحلف أنه صار لك عبداً وزوّدك دعوات بلفظ فخم يرتفع لهُ الصدر وينخفض كأنه من قلب مخلص وما ذلّ إلا توسلاً ولا دعا إلا فتحاً لباب العود كلما مست الحاجة. ومن كانت هذه صفته يصرفه عنك الغير بلقمة يزيدها له وثوب يعطيه إياه فإذا زاده ديناراً على أن يقذفك ويهجوك أضحك الناس بما يفتريه عليك وابتدع لك عيوباً ليست فيك ونسب إليك أقوالاً وأفعالاً تدنس المجد وتثلم الشرف. فالعقل من إذا نزلت به النوازل اعتصم بإخوان الوطنية وكان من آراء الغير على حذر ونحن معاشر الشرقيين في حاجة إلى نقد الأفكار وتفتيش الآراء حتى فيما يصدر منا في الشؤُون الأهلية لنبذ الضار والأخذ بالنافع فقد يصدر الرأي من إنسان عن الإخلاص ويكون قد تلوت عليه المطالب فيخرج الرأي فطيراً يضرنا الأخذ به وأن كان صاحبه لم يقصد الضرر ولا ينبغي الاعتماد على ذوي المظاهر العلمية والإدارية قبل أن نعرض أفكارهم على المبادئ والخواتيم فإن الحائز لثقة الناس به كثيراً ما تدعوه العجلة للسقوط في وهدة الارتباك فيقول من غير تروٍ ويعمل بغير تدبير لعلمه بأنه لا يعارض قوله ولا يقبح عمله. وقد درست الأمم الغربية هذه المقدمات وعلمت ما وراء الاقتداء بالنزلاء وأهل الشهرة من الانحطاط فاعتمدت على مجالس شوراها لتستخلص من تضارب الأفكار واختلاف الأحزاب قواعد لا تنقضها الحوادث وقوانين تلائم التابع والمتبوع وتبقى بها دعائم الدولة قائمة على أساس متين ولم تتوصل لهذا المقصد الحسن إلا باعتمادها على من

ص: 763

يخوض لجج المنايا في حفظ وطنه من طامع في امتلاكه أو عادٍ على أهله وبهذا التمحيض نجحت أعمالهم وقويت شوكتهم ونفذت سلطتهم وتخطت سطوتهم أوطانهم إلى غيرها فتحاً واستعماراً بقوتي العلم والعمل وعزيمتي الأمة والحكومة وتوحيد وجهة الفريقين.

وقد توالت الأعوام والجرائد تنقل لنا معاشر الشرقيين أخبار أولئك الفائزين وتشرح لنا من أعمالهم التي حيرت الأفكار وأدهشت العقول ما ساعدهم عليه تمحيض الرأي وتوحيد الكلمة وتمحيض المتشاورين ونحن قعود على قارعة الكسل والتهاون نكتفي بالتفرج على الأمم العاملة ونفرح بما نراه من فوزها ونغضب إذا تأخر فريق منها وقد انصرفنا عن

مصالح أوطاننا وعمينا عن طرق تقدمنا وحيل بيننا وبين مجاراة هؤلاء العقلاء بسور الأنفة من استشارة الفقراء ومفاوضة الضعفاء وإن كانوا قد امتلأُوا علماً وكُسُوا نباهة فإذا عولنا على التشاور يوماً جمعنا أرباب الأموال وأهل الوجاهة من غير تخير العقلاء منهم ولا تمييز الأغبياء من الأذكياء وحشرنا هذا الشتيت في قاعة حبس لا يراهم فاضل ولا يسمعهم خبير فيحيصون حيصة تنجلي عن نكبات تُجلب في صور مضار تدفع أو منافع تصنع وليس وراء هذا التقصير غير التدمير. ولئن قيل أن التجارب دلتنا على أن الشورى لا تنجح في الشرق أو أن الشرقيين غير عقلاء كما يزعم محبو الأثرة والانفراد بالتسلط قلنا إن اتحاد الشرقي مع الغربي في الخلق يرد هذه الدعوى الباطلة وإنما ثابر الغربيون على العمل بالشورى وأخذوا يصححون الأغاليط ويراجعون الخطأ وتبادلون الجدل عن عزائم صادقة حتى تربت الملكات

ص: 764

وتصورت المطالب أمامهم بصُور الواقعيات وما أوصلهم لهذه الغاية إلا اعتمادهم على الفضلاء والأذكياء منهم حتى اضطراب الأغنياء والوجهاء لدراسة العلوم والفنون السياسية التي بها ترشحوا للدخول في أندية الشورى وما زالوا يزاولون العلوم ويبحثون في الأمم والدول حتى قبضوا على أزمة الملك بعصبية قوية ووقفوا أمام ملوكهم حصوناً تقيهم الفتن الداخلية والغوائل الخارجية. فماذا على الشرقيين لو جاروهم في هذا الطريق وهي سهلة لا حزن فيها ولا وعورة ولا يلزم للدخول فيها أكثر من انتخاب العقلاء والفضلاء وانسلاخ أهل الذاتيات من التوجه إلى الوجهة الأجنبية وجمع الكلمة على توحيد السير في مذهب وطني لنخرج من مضيق هذه المصيبة التي أصيب بها بعض نبهاء الشرق من خدمة الأجنبي ولو بيع الوطن إليه. وما وضعهم في هذه النقطة الذميمة إلا التربية الأجنبية من جهة وتغافل الملوك عنهم من جهة أخرى ولكنهم لو تمعنوا الأمر وجمعوا كلمتهم على خدمة ممالكهم لا مكنهم أن يستميلوا الملوك لآرائهم النافعة ويستخدموا العظماء في المصالح التي تهدي إليها الاستشارة وتنقيح الآراء فإن تيار الأفكار والأعمال إذا انصب في أمة ساق المجموع أمامه وشغل كل إنسان عن سواه فتنصرف الأفكار إلى الوجهة التي جرى فيها والغاية التي ينتهي إليها فيكون كلٌ عاملاً مشتغلاً بفرع من فروع الأصل الإصلاحي ولا تسعى الملوك خلف شيء غير إصلاح ممالكها وتقوّي رعاياها على دفع العدو ومنع الخلل وتشييد دعائم المملكة بما يزيدها عظماً وضخامة

ويكسبها ثروة ومدنية وإلا فما حظ الملك منهم من اختلاف آراء الأمم وتخاذل الناس عن نصره والتجائهم إلى الغير يخدمونه

ص: 765

بأضرار ملكهم والسعي في إزالة سلطانهم جرياً خلف الأوهام واغتراراً بخداع الأجنبي وتمويهه وهم قادرون على تربية أبناء بلادهم على حب الوطن والملة والدولة وتدريبهم على الأعمال الإدارية والحربية والصناعة وترقيتهم بقدر استحقاقهم وسد باب الأجنبي أمامهم بإعطائهم الحقوق الوطنية والملكية وتسليهم الأعمال العالية التي ترشحوا لها واستعدوا للقيام بأعبائها. فإنهم أن فعلوا ذلك ملأوا صدور الأمم محبة لهم واستمالوهم إليهم فكانوا أسهل انقياداً إليهم من رجال الاستعباد فإن المستعبد يقاد اضطراراً وهذا يخدم اختياراً وشثان بين الحالتين وسنعود لهذا الموضوع أن شاء الله تعالى معتمدين على الشواهد القرآنية والأعمال النبوية مؤيدين ذلك بما كان أيام الخلفاء الراشدين ليتحقق الشرقي إن السلامة والنجاح في الشورى وأخذ آراء المحنكين العارفين بالأمم وأحوالها فلا يعود للوثوق برأي النازحين ولا للاغترار بأقوال المحتالين ولا يقعد عن السعي خلف هذا المقصد الجليل الذي ما اخطأه قوم الإدار العاقل منهم بين الناس ينادي من حيرته ويقول بمن اقتدي إذا اختلفت الآراء.

هذا ملخص الجواب الذي ورد لنا من صديقنا الماجد أحد أعيان الإسكندرية قال أيده الله تعالى.

رأينا في العدد 25 من جريدتكم الغراء عبارة عن مسجد ليفربول ثم رأينا الرسالة المدرجة باسم الشيخ محمود س فكتبت لكم بما رأيته بعيني وسمعته بإذني وذلك إني دخلت بلاد الإنكليز لأشغالي التجارية فبلغني من أخواني الشاميين المسلمين أنه قد أسلم خمسون رجلاً في ليفربول واتخذوا

ص: 766

لهم مسجداً للصلاة فأخذت أحد أخواني وقمت من مانشستر إلى ليفربول فرأينا المسجد عبارة عن بيت قديم البناء مكتوب عليه (هاوس مسلمان) فطرقنا الباب فخرج لنا خادم وأدخلنا فرأيت في صدر البيت لوحاً عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وقد جعلوه قبلة لهم فوزنته على بيت الإبرة فوجدته في محلها فسألنا عن عبد الله كليم فقيل أنه يأتي وقت الغروب فتركنا له ورق الزيارة وعدنا إلى مانشستر وقد أعطانا الخادم رسائل صغيرة كتبت للترغيب في الإسلام ثم جاءنا كتاب من كليم بعد ذلك يشكر سعينا ويرجو مقابلتنا فأعلناه باستعدادنا فجاء مانشستر وقابلناه على المحطة مع جميع مسلمي

الشاميين الموجودين هناك وتوجهنا به لمنزل أحد الأخوان ومعه ست من اللاتي أسلمن اسمها فاطمة وبعد تناول الطعام أخذ يشرح لنا قصته وما لاقاه من الصعوبة حتى أسلم معه خمسون رجلاً وأنه زوج أحد المسلمين بعقد شرعي وكل يوم جمعة ويوم أحد يخطب لهم خطب وعظ وترغيب ويبين لهم الصواب وجميع ما يصرف على المسجد هو من جيبه وإن سبب إسلامه أنه كان مسافراً لجبل طارق واجتمع بحجاج مسلمين في الوابور فسألهم عن عقيدتهم فأخبروه بها فأكب على مطالعة الكتب الإسلامية وتعلم من الحجاج بعض سور قرآنية وعقائد إسلامية. ثم حرض المسلمين على فتح مسجد في مانشستر فقاموا في الحال وقمت معهم للتفتيش على محل يليق ثم قر رأيهم على بنائه ثم اشتقنا لرؤية مسجد ليفربول وهم يصلون فيه فتوجهت مع جماعة من إخواني المسلمين وعند مجيء الوقت قام تلميذ هندي وإذن بالعربية ثم قام أحد الإنكليز وأذن بالإنكليزية في بلكون البيت

ص: 767

فاجتمع خلق كثير وحضروا لسماع الخطبة وبعد الفراغ منها قال لهم كليم الآن تقام الصلاة فمن كان مسلماً فليبق ومن أراد الخروج فليخرج وأقيمت صلاة المغرب وصلينا جماعة وأخبرنا الرئيس أنه عزم على جعل محل خاص بالنساء وأنه كتب على أمراء الهند ليرسلوا إليه مرشداً يعرف الإنكليزية وأنه عازم على إنشاء مطبعة لطبع رسائل دينية وجرائد إسلامية ثم ودعناه وانصرفنا راجعين على مانشستر ومن عهد أيام حضرت نسخة من جريدته التي أنشأها وقد كتبت لحضرتكم بحقيقة الأمر تاركاً بواطنهم إلى الله تعالى فليس لنا إلا الظاهر والله يعلم البواطن.

(الأستاذ) معلوم أن إسلام الإنكليز من الممكنات فلا يبعد على الله تعالى أن يشرح صدر بعضهم إلى الإسلام فإنه ممكن ونحن نرضى بما رضي به إخواننا من الظاهر الذي رضيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من ابن أبي ابن أبي سلول وإخوانه وننتظر العاقبة فإن انتهت بطرد مسلمي ليفربول على البلاد الإسلامية بدعوى أنهم أفسدوا عقائد العامة رجعنا إلى رأينا الأول وأن استمروا على ما هم عليه أدخلنا إسلامهم في باب الممكنات وما يدعونا لعدم التصديق إلا ما نراه من التضييق على المسلمين الأصليين وهم في بلاد الإسلام فكيف بهم بين أظهر الإنكليز في بلادهم وما نحب أن تعود لهذا الموضوع فإن الأعمال تغني عن الأقوال. وغاية ما نتمناه من جانب الحق سبحانه وتعالى أن يوفق من شاء لما شاء فإن

الأمر مرجعه إليه وهو جل وعلا الفاعل المختار وبه الاعتصام في كل حال.

ص: 768