الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليم بك الحموي صاحب جريدة الفلاح الغراء بعد أن غاب زماناً في الآستانة العلية كان فهي مظهر الاحترام والإجلال وكيف لا يكون كذلك وقد وقف نفسه وفكره وجريدته على خدمة الدولة العلية في سفره ومقامه مخلصاً في النصح قياماً بالواجب على أمثاله ممن لم تلعب بهم نزغات الوساوس ولا زخارف الدسائس فنهنئُ حضرته بهذا القدوم السعيد ونرجو له دوام الرعاية وحسن الالتفات.
الزيارة العيدية
أيام العيد هي أيام الفراغ من العمل والتفرُّغ للزيارة والتهنئة وقد اختلفت عادات الناس في الزيارة العيدية فجرى المسلمون بل الشرقيون على زيارة بعضهم بعضاً في البيوت وتناول الأشربة السكرية والطعام في بعض البلاد وفي عموم الأرياف ولا يخلو اجتماع من مذاكرة في الأحوال الجارية بينهم وفي الأعمال المعاشية والأحكام الإدارية فإن المسلمين خصوا بمزايا دعاهم إليها الدين وهي الاجتماع في الحج والجمعة والعيدين ففي الحج يجتمع أفرقاء من المسلمين من جميع أقطار العالم ويتبادلون الحديث فيقفون على أخبار بعضهم وأحوالهم في بلادهم ويتعلم الجاهل من العالم وقد حاولت دول أوروبا منع الناس من الحج بدعوى أنه منشأُ الكوليره (الهيضة * وغلى الآن يحاولون ذلك مع أن منشأها الهند وقد استوطنت أوروبا ومنها تتنقل في أقطار العالم بدليل أن الحج في العام الماضي مع كثرته وشدة الحر لم يصب فيه واحد بهذا المرض مع أنه كان منتشراً في أوروبا لم يدخلها حاج
وكذلك بقية الحميات الأوروبية وداء الزهري المسمى بالإفرنجي نسبة إلى محل نشأته ولله در الفاضل النطاسي العلامة سالم باشا سالم أستاذ الطب المصري حيث طلب منه أن يقرر ظهور الهيضة من الحجاج بسبب اجتماعهم فأبى وهدد على ذلك فقال ذمتي تأبى أن اتهم الحجاج بما ليس فيهم فإن محل نشأتها الهند لا البلاد الحجازية وهي أكبر حسنة من حسناته أطال الله أجله، وعلى كل ففي مشروعية الحج فوائد لا تحصى منها تعارف المسلمين واجتمع المصري بالهندي والاثنين بالعراقي والثلاثة بالتركي والأربعة بالمغربي وهؤلاء بالشامي والأفغاني والطاغستاني والتركماني والتونسي والجزائري والبرنوي واليمني والزنجباري والصيني والبخاري والأرمني والفارسي والزيلعي والشنقيطي والمسقطي والحضرمي والسوداني والبلغاري والهرسكي والجركسي والأرنؤُطي والمروزي والخوارزمي والغزنوي والفلَاّتي وغيره من المسلمين الآتين من مشارق الأرض ومغاربها فيعود كل فريق لقومه بعلم جديد عن إخوانه المسلمين الذين لا يعرفهم وهو في وطنه وهي فائدة عظمى ومنقبة كبرى للإسلام. وفي مشروعية الجمعة كذلك فوائد أدبية منها اجتماع أهل البلد كل أسبوع في مكان أو أمكنة يسمعون خطيباً يقف فيهم آمراً ناهياً واعظاً مبلغاً معلماً مرشداً لما فيه الصلاح والنجاح ثم ينفضون وقد رأى الصديق صديقه والحبيب حبيبه واجتمع الغائب بالحاضر وتساءلوا عن أحوالهم وأمور دينهم ودنياهم. وفي مشروعية صلاة العيدين
وخطبتيهما ما في الجمعة وزيادة لكونه يوم سرور وفرح وتهنئة وتبريك ثم إذا انفضوا من الصلاة زار بعضهم بعضاً ولكن جل الناس يجعل الزيارة قاصرة على رؤية أخيه وشرب القهوة لا يزيد على قوله كل
عام وأنتم بخير ثم يقوم ليتردد على بيوت الأخوان ويرجع إلى بيته مستعداً لزيارة من زارهم وهي طريقة عديمة الجدوى فإن الاجتماع الجامع لابد أن يكون فيه تساؤُل عن الأحوال والطوارئ إلا ترى أن الفرنساويين مثلاً إذا جاء يوم 14 يوليو الذي هو عيد الجمهورية عندهم جمعهم إليه قنصلهم وخطب فيهم بالأحوال الماضية والحاضرة وسألهم عن أحوالهم وما يلزم لهم وما يرونه من أعماله وأعمال الدول ليفيدهم ويستفيد منهم ولا يخلي العيد من فوائد تعود على الدولة والأمة بلا نفع العظيم فلو جمع مثل رئيس نظارنا الذوات والأعيان وخطب فهيم بما يراه من مقتضيات الأحوال وسألهم عن آرائهم في الحال الحاضرة وما عندهم من الأفكار فيها لاستفدنا منه أحسن فائدة ولسنّ للأمة سنة حسنة يخلد بها ذكره الجميل وكذلك لو كان مثل سماحة أفضل الفضلاء شيخ الجامع الأزهر يخطب في العلماء وسماحة الحسيب النسيب نقيب الأشراف يخطب في جموع الشيوخ وكل شيخ طائفة يخطب في طائفته لكان يوم العيد يوم دراسة الأحوال وجمع الآراء وتنبيه الأمة على ما يجب لها من الضروريات. وأما جعل الزيارة قاصرة على كل عام وأنتم بخير فإنه تضييع للفوائد المرادة من الزيارة العيدية ونرى أن بعض الناس يريد أن يقتصر على إرسال ورق الزيارة بالبوسطة وهذا إعدام لثمرة العيد بالمرة فإن قال أنه مقلد للأوروبيين في ذلك قلنا أن الذي دعا الأوروبي للاكتفاء بورق الزيارة كون امرأته تقعد مع الرجال وتتلقاهم وهو لا يحب أن تقعد مع أجنبي في غيبته غالباً فلو التزموا التهنئة باجتماعهم في البيوت لخشي من دخول الناس عليها وهو غير موجود وربما
اغتنم عدوه فرصة العيد ودخل بيته وهو غائب لا فساد أهله فلهذه العلة اكتفوا بالأوراق أما نحن فإن نساءنا خلف الحجاب لا يصل إليهن واصل من الزائرين فاستعمال الورق جهالة وتضييع لثمرة العيد وبهجة النفوس التي تحصل عند مقابلة الأحباب والأصدقاء فعلى إخواننا المسلمين أن يلاحظوا هذه المزايا في زياراتهم ويغتنموا فرصة الاجتماع في أوقات الهناء والسرور فإن الخطب في المجامع والأفراح أصل نشأتها العرب المسلمون ثم تناقلها الأوروبيون وصرنا نستشهد بفعلهم كأننا لمن نعرف ذلك قبل أن نراهم يفعلونه وإنها
لمصيبة حلت بالشرقيين حيث جهلوا كل شيء هو لهم وصاروا يتلقونه من الغربيين على أنه مبتكر لهم وبالجملة فإننا بيناً ما عندنا في هذا المقام تبصرة وذكرى لأولى الألباب. ولا يقال أن خطبة العيد في المسجد كافية فإن الخطيب لا يقرب من الأمور الإدارية والأحوال الدولية والضروريات الوطنية والقصد من خطب الأمراء والأشياخ أن تكون فيه هذه المواضيع فيخطب رئيس الحقانية مثلاً في أعمال القضاة وتقدم المحاكم ولزوم العدل وتقبيح الرشوة والعدول عن القانون ويبين فضيلة من يرى له فضائل قدمها في أحكامه وسيره مع الناس ويحذر من رذيلة اقترفها مقصر في وظيفته ويخطب بقية النظار بأحوال إداراتهم وما فيها وما قاموا به من الأعمال وما يلزم لهم من مساعدة الأمة وهكذا كل شيخ طريقة وحرفة وليس في هذا ما يسميه متعصب تهييجاً ولا دعاء للتعصب كما يفترون فإن هذا طريق مسلوك في أوروبا وليس فيه غير تنبيه الأمة على المجريات وما يلزم لصيانة المستقبل من العبث والخلل وجمع الأفكار على ما فيه الإصلاح ونجاح الأحوال وهو رأي يعرض لا إلزام فيه ولا تحتيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
المربّي
تقدمت لنا كتابة من ثلاث وعشرين سيدة يطلبن بها إنشاء جريدة تختص بهن لاتعلق لها بالرجال وشؤُنهم ويكون موضوعها تربية البنت والولد والتكلم عليهما من يوم وضعهما فيلزم التكلم على الحمل والرضاع وأمراض الأطفال والحوامل والمراضع وبيان مضار التربية القديمة ومنافعها وما يترتب على الاجتماع في الأفراح والمآتم من المنافع والمضار وما يجب على المرأة من حقوق الزوج ولأبناء وما يجب لها على الزوج والأبناء وبيان الأخلاق المحمودة في النساء والمذمومة وترتيب معيشة الفقيرة والمتوسطة والغنية وفوائد التعلم والاشتغال بمصالح البيوت وتفصيل أبواب الاقتصاد البيتي والإسراف المذموم وتهذيب البالغات وتأديب القاصرات وبيان منافع الأعطار ومضارها واتخاذ الطرق الصحية في المآكل والمشارب والنوم واليقظة وتبيين الزيارات الأدبية النافعة من الزيارات الخارجة عن حد الأدب والكمال وكيفية معاشرة الأزواج على اختلاف أخلاقهم وما يلزم للمتزوجة والعزباء من الآداب وترتيب النفقات وكيفية تنظيم محال النون والأكل والجلوس والمطبخ والمخزن وغير ذلك مما هو من ضروريات النساء وتكون مشتملة كذلك على أخبار السيدات اللاتي لهن فضل ليقلدن في فعلهن ونوادر اللاتي لهن رذائل لتجتنب وعلى حكايات تقدمها الأمهات للبنين والبنات للتهذيب ونزع ما يدخل في أذهانهن من الخرافات التي يسمعنها ممن يعاشرنه وشرطن أن تكون بلغة النساء والأطفال وعللن ذلك بعلتين الأولى أن الأستاذ تجرد من اللغة العادية فيختص بالرجال الثانية جعل الكتابة باللغة العادية وسيلة للتعود على القراءة حتى إذا