الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلمية وغيرها مما يتعلق بالأمة العربية وما يوافق ذوق أبناء الشرق ومشتركيكم الأدباء إلى أخر كتابه والإمضاء محفوظ.
فهذا الكتاب يرد على من ينسبون الأستاذ إلى التعصب الديني أو إلى تفريق الكلمة الشرقية فأعداده شاهدة بأنه ما حام حول هذا المقصد وما اختزله الغير منه إنما فعل مثل ما فعل رجل رأى في كتاب لعدوه أنه يعتقد أن لا إله إلا الله فقال ورأيت في كتابه أنه يعتقد ألا إله والحقائق لا تستر إلا بقدر ما ينجلي الحق ويظهر ظهور الشمس للعيان ولو قال هذا الفاضل أننا ننادي بحفظ الوحدة الشرقية من عرب وعجم وترك وجركس وكرد وأرمن وغيرهم على اختلاف الدين لأصاب الغرض فإننا ننادي بها لا بالجامعة العربية وحدها.
لا حر في الدنيا بل الكل رقيق
وردت لنا رسالة بهذا العنوان من إنشاء الكاتب الماهر مصطفى أفندي أحمد أحد المقبولين في امتحان اللجنة المستديمة قال:
ما سود المداد وجه القرطاس بكلمة انخدع بها الإنسان مثل كلمة حرية التي اعتبرناها كلمة حق بغير ترو وأخذنا نبني عليها بيوتاً أو هي من العنكبوت وقاد التصور الوهمي بني الإنسان فأهدروا دماءهم خف هذه الكلمة المشؤمة مع أنها لا وجود لها إلاّ في الأوهام وقد أساء الكتاب والعلماء الذين بنوا عليها أموراً تخيلية ودليلنا على عدم وجدودها أن الكواكب السيارة وسيارة السيارة والثوابت (أي ثبوتاً نسبا لا إنها ثابتة بالفعل) لا تتحرك بذاتها ولا تثبت بذاتها بل الذي يدفعها للحركة عامل قائم بذاته وهو الجاذبية المخلوقة
لله تعالى وهذا أمر لا ريب فيه فإذا كان كذلك كانت هذه العوالم خاضعة لقوة لا تقدر على مقاومتها فهي منقادة لها بحكم القهر والغلبة فهي رقيقة لا تعرف الحرية ولا تقرب منها. ونرى السحاب لا يسير إلا بحكم الهواء عليه فيمشي معه إنيّ سار ولا يمكنه مخالفته فهو عبد للهواء يسير بسيره. وإذا تأملنا حالة الهواء الناتج من دوران الأرض نجده يسير سيراً مستقيماً ما لم تعارضه قوة ثابتة كالجبال والسدود الخلقية فيكون الهواء منقاداً لقوتين قوة دفعه التي بها يسير وقوة الجبال التي تحوله من مجراه إلى مجرى آخر فهو رق لهاتين القوتين. وهكذا بقية العوالم نجدها منفعلة لفاعل قاهر متسلط عليها بالقهر والتسخير. والإنسان وجد على ظهر هذه البسيطة وأخذ يناضل عن الحرية ويدعى البعض أنه حر مطلق التصرف ولو أمعن النظر لوجد نفسه عبداً مقيداً بسلاسل العبودية لا يستطيع فراراً من سلطاتها ليس بينه وبين الحرية وصلة ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير والملك والمملوك والصغير والكبير فإن الجميع مستورون في العبودية وهكذا الطيور والحشرات وجميع الحيوان والنبات. فإن قيل إننا لا نجد من الاستعباد شيئاً بل نحن أحرار قلنا أنتم مقيدون بقانون الآداب وعبيد لسلطان العلم أن كنتم علماء وأرقأ للمنكران أن كنتم جهلاء والكل عبد للجوع والعطش والحر والبرد والنوم والسهر والحب والبغضا والحزن والفرح والصحة والمرض وغير ذلك مما يطرأ على الإنسان فأولى بكم أن تنبذوا هذه الأوهام وتتحققوا أن لا حرية في الوجود فما فيه غير عبيد كلما تخلصوا من قيد ارتبطوا بقيد آخر وأن كان هناك من ذاق طعم الحرية خالياً من الطوارئ والعوارض فليأتنا بإنبائه إن كان
من الصادقين.
(الأستاذ) لم ينظر الكتاب للحرية من هذه الحيثية وإنما هم ينظرون إليها من حيث التصرفات الشخصية فإذا وجدوا أمة تبيح تمتع كل إنسان بماله وتصرفه في أقواله وأفعاله التي لا تمس القانون قالوا أنها أمة حرة تحب الحرية وأن رأوا أمة مستبدة تحب الانفراد بالرأي ولا تبالي بالظلم في جانب غرضها الذاتي قالوا أنها أمة ظالمة محبة الاسترقاق فلا تمكن أحداً من التصرف في أمواله وأقواله وأفعاله إلا إذا كان في ذلك فائدة لها وهذا الذي جرت فيه أقلام العلماء في تعريف الحرية الإنسانية وعلى هذا فالحرية توجد في أمة باعتبار قانونها الحر وتعدم في أخرى باعتبار استبدادها والكلام في هذا الباب كثير سبقنا لتحريره جمع من الفضلاء أما ما ذكرتموه من خضوع بعض العوالم إلى البعض الآخر فهذا أمر يتوقف النظام عليه فلا تصلح الناس فوضى ولا الطبائع مسترسلة بل لابد من قواسر تقف بها المنفعلات عند حدودها وحوافظ تربط العوالم ربط وقاية وانتظام وفعل الله تعالى منزه عن العبث فما من فاعل ومنفعل إلا ووجوده لحكمة تارة نعرفها وتارة نجهلها لغموضها عن إفهامنا فراجعوا أنفسكم في ارتباط السفلى بالعلوي وتوقف وجود هذا على سبق وجود ذاك تجدوا أن الحرية المرادة لكم في العوالم غير ممكنة لوقوع الكون في التشويش والتعاكس إذا انعدمت الروابط وكان كل شيء فاعلاً بذاته غير منفعل ولا متأثر بغيره فلابد من الارتباط والانفعال بالجذب والتأثر ذلك تقدير العزيز العليم.