الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استأذي الذي علمني مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات وحذرني من الغلطات ونبهني على شرف العلماء وحرضني على مخالطة العقلاء ومن أتعب نفسه في تعليمي هذه العلوم كان حقيقاً بغض الطرف عن عيوبه. . . اسكت فقد حضر من الخلاء.
. ص. وأنا في الخلاء تأملت كلامك وعرفت أننا فاتتنا فرصة عظيمة وهي أننا عندما دخل الإنكليز مصر كان يلزمك أن تدخل بيت الحريم وأنا أقعد على باب البيت وكل من سأل عليك أقول له موش هنا فكانوا يلفوا عليك الدنيا ولا يعرفوا أنت فين وكنا استريحنا من الاختفاء والأمور الصعبة اللي بنشوفها دي ولكن حضرتك استعجلت وطلعت تجري وخليتنا ضيعنا الفرصة.
. ن. هذه تسمى غصة لا فرصة فإن الحكومة نظرت لشاننا بعين الاهتمام وجعلته من أعظم الأمور التي يجب عليها أن تشدد الوطأة فيها فإذا أرادت أن تفتش على رجل مشترك في هذه الشأن دخلت البيت طوعاً أو كرهاً وفتشت عليه في المحلات والصناديق وكل ما يظن دخول إنسان فيه وربما فتشت ما لا يظن دخول المء فيه فلو فعلنا ما تصوره لوقعنا في شركها وأنت تسمع كل يوم المنشورات الصادرة في حقنا فاحمد الله تعالى على نجاتنا وبعدنا عن مدينة مصر الآن وخذ حكمة غيرها.
التقليد ينقل طباع المقلد
. ص. كيف ينقل التقليد الطباع وأنا كنت مالكي على مذهب
أبي ولما رأيتني أصلي على جهل نقلتني إلى مذهبك الشافعي ومع ذلك فإني على طبعي وطبع أبي ولو كان التقليد ينقل طباع الملقلد لكنت الآن نحيفاً مثلك ودقني طويلة زي دقنك وعالم زي ما أنت عالم وكنت أعرف كل ما تعرفه. فالحكمة دي بطالة وأدين قلت لك عليها أحسن ما يقول لك عليها وأحد غيري فألحسها من الكتاب ولاّ أشطب عليها.
. ن. أنا لم أقصد بالتقليد ما ذكرته فإنه نوع من أنواع التقليد التي لا تنحصر وهو أيضاً له دخل عظيم في نقل الطباع ولكن بصورة غير التي تصورتها فإن الذي تصورته تغيير خلق لا نقل طباع وأنا الآن أضرب لك مثلاً فاسمع وافهم أنت الآن تلبس جلابية ولبدة وبلغة وبهذه الحالة يجوز أن تقعد على الأرض وتنام على التراب وتجري خلف الحمار وتأكل ما بقي من الطعام وتضرب إذا أخطأت وتقف على الباب إذا زارنا أحد وتحمل الخرج إذا سافرنا ويقال لك يا ولد يا غلام وإذا حصلت قرشاً حرصت عليه وادخرته إلى غير ذلك من الأمور التي تقلد فيها أصحاب هذه الهيئة. فإذا لبست جبة وقفطاناً وعمامة نظيفة ومركوباً أحمر وصرت في هيئة التجار أو الأعيان استنكفت من الخدمة وأنفت من وقوفك مع جلوس غيرك وكرهت من يقول لك يا ولد وربما ضربته وامتنعت من أكل فضلات الطعام وهان عليك صرف قروش في غرض تحصله وأخذت تجاري أصحاب هذه الهيئة حتى تنقل طباعك البسيطة إلى طباع من قلدتهم. فإذا صرت
بعد ذلك عالماً أو صار من يماثلك من المسيحيين قسيساً أو حاخاماً من اليهود رأيت الهيئة تحكم عليك بطلب الاعتبار والميل لتقبيل يدك والولوع بتعظيمك في المجالس والشغف بسماع الغير لكلامك بحيث تنفر كل النفور ممن لا يعاملك هذه المعاملة اللهم إلا أن يكون قد غلب عليك الورع فإنك تنسلخ من هذه الصفات وتنتقل إلى حب الخضوع والخمول والنفرة من علو الصيب وذلك بتقليد الهيئة لا بالفطرة والجبلة. فإذا لبست سترة وبنطلوناً جاز لك أن تحفظ حق اعتبارك فلا تخرج من بيتك إلا لحاجتك مع الاعتبار وأنفت من مجالسة السفلة والرعاع بحسب ما تميل إليه نفسك من الوجاهة وجاز أن تقعد في الخمارة والبيرة وأن تبول من قيام على حائط أو مَنْصَع (مبالة) وأن ترقص مع غادة في محفل إلى غير ذلك مما تميل إليه النفوس الدنيئة التي تتخذ الأزياء وسائل للدنيئات من غير أن تنظر لأهل الاعتبار
والهيبة والوقار من الذين اخترعوها. وإن بلغت رتبة عالية بهذه الهيئة ملت إلى الاحتجاب عن الناس ونفرت ممن يكثر الكلام أمامك وكرهت من يدخل عليك بغير إذن وبعدت عن محال النقائص بالمرة وحفظت لنفسك حق الاعتبار. وهكذا ترى طباعك ومألوفك تنتقل بانتقالك إلى الهيئات والأزياء ولا شيء من هذه التقاليد من أصول فطرة الإنسان فإن صورته الخلقية الأولى التجرد والعرى وفطرته الجهالة منشاءً وجميع عوارضه تقاليد فهو دائر معها كيفما دارت. ولهذا قلت لك التقليد ينقل طباع المقلد.
البقية تأتي