الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه المفتريات أو بعضها في بعض تفاسير من لا يتحاشون النقل من السير وأخبار القصاص إذ لو حصل منه أدنى سوء للزم أن يستغفر الله تعالى منه أو يتوب ولا خبرنا الله تعالى بذلك في قصته كما أخبر عن كثير من الأنبياء ممن وقعت
منهم صور المعاصي فاردفها بالاستغفار أو التوبة ـ ولله در الأمام فخر الدين الرازي حيث قال هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام هذه الفضيحة أن كانوا من إتباع دين الله تعالى فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته وأن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته ولعلهم يقولون كنا في أول الأمر تلامذة إبليس إلى أن تخرجنا عليه فزدنا عليه في السفاهة كما قال الخوارزمي.
وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى بين الدهر حتى صار إبليس من جندي فلو مات قبلي كنت أحسن بعده طرائق فسق ليس يحسنها بعدي والله تعالى يحفظنا من الخروج على أنبيائه بما لا يجوزه عقل ولا نقل ويوقفنا عند تنزيه هذا المقام الشريف منكل سوء بفضله جلت قدرته.
سؤال
؟
ورد لنا هذا السؤال من حضرة إبراهيم أفندي فهمي بمحطة القباري ونصه ـ ما هي ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد فقد عني جمع من العقلاء بسؤال الأستاذ عن ذلك أفتونا ولكم الفضل.
الأستاذ
ارم اسم ابن سام بن نوح جد عاد بن عوص بن ارم فهو اسم لقبيلة عاد
أو اسم لبلدهم التي تسمت باسم جدهم بدليل قراءة الإضافة أي بعاد إرم والمراد بعاد أولاده سموا باسم جدهم كما يسمي بنو هاشم هاشماً وأن أردنا بارم القبيلة كان المراد بذات العماد ذات الأخبية والخيام التي لابد من فيها من العماد والعماد بمعنى العمود أو ذات البناء الرفيع لما كان في تلك القبيلة من الشدة والقوة والصبر على الأعمال الشاقة كما قال تعالى فيهم {اتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} وأن أردنا بها البلد كان المعنى أنها ذات أبنية مرفوعة على عمد محكمة الصنع. والمراد بقوله لم يخلق مثلها أي مثل عاد في صبرهم على نحت الصخور واتخاذ البيوت في الجبال وما يروى من أن شداد بن عاد ملك الدنيا ودانت له ملوكها وسمع بذكر الجنة فبنى مدينة سماها إرم أقام في بنائها ثلثمائة سنة وعاش تسعمائة سنة وبنى قصورها بالذهب والفضة وجعل أساطينها من الزبرجد والياقوت ووضع فيه أصناف الأشجار والأنهار ثم سار إليها بأهل مملكته فلما كان على مسيرة يوم وليلة منها بعث الله تعالى صيحة من السماء فاهلكتهم وأن عبد الله بن قلابة ندت أبله فخرج في طلبها فوصل جنة شداد وجمل ما قدر عليه منها وبلغ خبرة معاوية فاستحضره وقص عليه قصته فبعث إلى كعب الأحبار فسأله فقال هذه إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال يخرج في طلب أبل له ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال هذا والله هو ذلك الرجل. فمما لا دليل على صحته بل هو من وضع القصاص فإن شداد لم يملك الدنيا ولا أثر له في غير بلاد العرب وما جاورها وتاخمها وخبر كعب الأحبار لابد وأن يكون مذكوراً في كتاب ولا كتاب تسند
إليه أقاصيص كعب إلا التوراة وليس فيها شيء من القصة ووصف ابن قلابة ويستحيل على ملوك الدول الآن بناء مدينة من ذهب وفضة ولا يوجد في معادن الزبرجد والياقوت ما
يكفي لعمل عمد قصر فضلاً عن مدينة قضى العمال في بنائها ثلثمائة سنة فيلزم لها من العمد ما يساوي جبلاً عظيماً خصوصاً وأنها عمد تقطع كما تقطع الصخور فلابد وأن يكون قد تخلف من الأحجار الثمينة عند قطعها ما يكون حلياً للعالم اجمع ولو كان شيء مثل هذا ويعلمه كعب لكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعلمه أولى ولم يصح عنه شيء في هذا على أن عادا كانوا يسكنون بين عمان وحضرموت وهي بلاد الأحقاف وكلها أرض ذات رمال ولم يكن فيها معادن ذهب ولا فضة ولا ياقوت ولا زبرجد وأن قبل أنه استحضر الذهب والفضة من بعيد قلنا أن هذين المعدنين لم يكونا مستخرجين ومستعملين بقدر ما هما عليه الآن ومع عناية الأمم باستخراجهما في العصر الحاضر فإن المستعمل منهما لا يكفي لبناء مدينة يصرف الصناع في بنائها ثلثمائة عام والقرآن الشريف لم يتعرض لهذه القصة ولا ذكر شيئاً ما يومي إليها فلا نعول عليها والحق أن ذات العماد وصف للقبيلة أو لبلدهم المحكم بناؤه الصخرى أو المنحوت في الجبال فإن القصد زجر الكفار بأن الله تعالى أهلك عادا مع شدتها وقوتها وعملها الأعمال العجيبة كما أهلك ثمود أي قوم ثمود الذين جابوا الصخر أي قطعوه واتخذوه بيوتاً وكما انزل الهلاك بفرعون ذي الأوتاد فهو قادر على أهلاكهم لتكذيبهم رسوله كما أهلك من كذب رسله السابقين والله أعلم.