الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 39
- بتاريخ: 23 - 5 - 1893
الأعداء
ولو أني بليت بهاشمي
…
خُولته بنو عبد المدانِ
لهان عليَّ ما ألقى ولكن
…
تعالوا فانظرا بمن ابتلاني
ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين. ولمزات أمثال الخراطين. واستعين بك على نزع قلوب المردة. وقلع أعين الحسدة. وإخماد أنفاس الخائنين. وإعدام ذكر المارقين. فاجعل كلامي سماً بال ترياق. وجمراً قوي الإحراق. يصير به يانع نبات الأعداء هشيماً. ويعود به موجود المنافقين عديماً. لا يمر على الخائنين إلا طلاهم بالقطران والقار. ليكونوا مثلة لأهل النار. وصبه على رؤوسهم صبّ حميم آن. أجعله لهم رداء خزي في كل آن وأعني على إزالة هذا المنكر. حتى لا يرى ولا يذكر. فقد أطلعني بعض المصريين على وريقه. وجدها تحت الأرجل في سويقه. فدحرجتها عني درجة اللاعب الحلقه. ورميتها رمي النعل الخلقه. وقلت لو غير بعوض حطمتني. أو غير ذات سوار لطمتني. لحليت رمح البيان بالسنان.
وقمت للوخز والطعان. ولكن ما لهؤلاء الجهلة تمد الخُطا. ولا على مثلهم يعد الخطأ. فأقسم عليّ بحرمة الوطن. ومن فيه لإصلاح قطن. أن أعيرها نظره. تعود على أهلها بحسره. فاستعذت بالله من الشيطان وقباح الفعل. وتناولتها برجلي وهي في النعل. ولو وجدتها من ذوات البال لبسلمت. أو من النعم الحقيرة لحمدلت. فإنها من الخبث والخبائث. وإن لم تكنها فمن البواعث. خرج فيها كتابها من الزمنيات إلى الشخصيات. والتزموا ما لا يجدي من السعايه. التي هيه لهم مبدأ وغاية. ظانّين أنهم يخدمون الإنكليز بترهاتهم. ويشوشون الأفكار بمفترياتهم. موهمين إنهم يسعون في صالح الأمة المصرية. بل الأمم الشرقية. وإذا انكشفت الحقائق تبين المخلص من المنافق ومحب الأمم من العدو والداعي إلى الحركة من الهدوء فنحن نسرد من الحقائق ما يلحقهم بأهل الفهاهة والعي. ويبين الأصيل في الوطنية من الدعي فاسمع وُقيت الشر براهين تذهل بها أفكارهم وتعمي أبصارهم وتنخلع قلوبهم وتشق لها جيوبهم وتكرى بها كبودهم. وتنضج جلودهم وتهصر بها أمعاؤُهم. وتذوب أحشاؤهم وحججاً تقطع ألسنتهم البذيه. وتدفع عن الأمة الأذيه. فقد نطق لسان الحق. وقال قول الصدق انهزم الشجعان بربات الحجب. إن هذا لمن العجب أم هل تشن الغارات على الأسود الأرانب. لقد ذلك من بالت عليه الثعالب. أبعوض مع أبل ترى. استنت الفصال حتى القرعا. لئن قال جاهلهم ما قال وهو فرحان. فقد سقط العشاء به
على سرحان. فلا قلبنه فوق أحر من الجمر حتى يقول بيدي لا بيد عمرو. ويطوي خبره في أحد يومي النعمان يوم يحمل خرجه
ذاهباً إلى الأوطان. أقضية وأبو حسن لها لا جد ولا لها؟؟ أراهم يستغيثون من سقوطهم ويستعدون الحكومة لقنوطهم ومن ينصر الغاش الخوان على خادم سلطانه وأميره والأوطان فلا لبسنهم ثوب خزي بأيديهم نسجوه. وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه. يسبون سادة الأستاذ ويسكت عنهم ويذمون حكامه ولا ينتقم منهم ما بعد حرق الزرع جيره وليس لأوضاع الرجال سيره قفوا قفوا أيها الشاردون وعلى رسلكم أيها الجاحدون فخلفكم من يسل الألسن ن القفا. ويعيدكم إلى حالة الجوع والحفا. فلا غنمن الأجر ببيان مخازيكم وولا جعلنكم ترضون بالإياب من مغازيكم. ولا ظهرن قبائحكم للأمة وللخديوي العزيز ولا يبنن إفسادكم سياسة الإنكليز ولا مطرنّ عليكم من سحب البيان الغزير الصيب. ليميز الله الخبيث من الطيب. فميز أيها القارئ الجيد من الرثيث. فإنه لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث. فقد قرب طهر الوطن من هؤلاء الجهلة العلوج. يوم يسمعون الصحية بالحق ذلك يوم الخروج.
أعداء الله وأنبيائه
عدو الله تعالى من يرتكب النواهي ويهدر الأوامر ويضل الناس ويقدح في الأنبياء ويتبع شيطانه وهواه ولا يزال يعاني الوساوس والأوهام حتى ينكر على الله تعالى أفعاله بجهالته ويثهم أنبياء بما هم منه بريئون وينسب إليهم ما هم منه معصومون والأستاذ يعرف ذلك كله فهو يحث على تعلم العقائد والتمسك بالدين وعبادة الله تعالى ومعرفة حقوق أنبيائه ورسله ويعلم الناس ما عساهم ينتفعون به من الأصول التوحيدية والفروع الفقهية ويحث على إتباع
الأوامر واجتناب النواهي ويعلم الأمة حقوق الحاكم والمحكوم واحترام الشرائع المعتبرة المعمول بها بين الأمم ويخلص النصح للمسلمين والمسيحيين ولإسرائيليين ويرشد الأطفال والنساء إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب قاصداً بذلك كله إرجاع العامة إلى بارئهم بالعبادة والطاعة وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه فإن الخير كل الخير في التمسك بالدين لا بالصورة التي يسميها الأعداء تعصباً بل بالصورة التي هي الأخذ بما جاء به الرسول والمحافظة عليه من غير تعرض للغير بمجادلة أو تقبيح أو ازدراء لا يضركم من ضل إذ اهتديتم والأجراء انشاؤا لهم جريدة جعلوها خزانة لترجمة كلام م لم يدينوا بدين مم
ينسبون معجزات الأنبياء إلى الظواهر الطبيعية والتراكيب الكيماوية ويرجعون بالمكونات إلى المادة والطبيعة منكرين وجود الإله الحق وقد ستروا هذه الأباطيل تحت اسم فصول علمية وما هي إلا معاول يهدمون بها عموم الأديان فهم يحاربون الله ورسله بما ملأوا به أوراقهم المحفوظة بأيدي الناس حتى زحزحوا كثيراً من ضعفاء العقول عن عقائدهم التقليدية لعدم رسوخ قدمهم في التوحيد ومن وقفوا يحاربون الله ورسله يعز عليك أن تستميلهم إلى الحق وتلزمهم بقول الصدق فإنهم أعداء الله ورسله قارنهم الشيطان فصحبوه ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قرينا.
أعداء السلطان الأعظم
سلطان المسلمين والخليفة القائم بأمر الأمة الإسلامية ومن استوطن معها من بقية الطوائف هو السلطان المفخم والخليفة المعظم السلطان عبد الحميد أيده الله تعلى وله على مصرنا السيادة الثابتة فهي له بحكم التابعة وكونها قطعة
من مملكته العظيمة والدول العظام تعترف بذلك بل هو مقرر في معاهداتها ومذكور في مخاطباتها فنحن نؤدي الخراج السنوي إلى خزانته العامرة ونخطب باسمه ونضرب السكة باسمه ورتبنا ونياشينا والقاينا عثمانية ممنوحة منه ومن أسلافه للبيت الخديوي الجيل وأعلامنا أعلامه نساعده بأنفسنا وأموالنا في الحروب وندعو إليه ونعول عليه في السلم لا نخرج عليه بعصيان ولا ننبذ طاعته ولا نلتجيء إلى غيره من الملوك ولا نعترف بغير سيادته له علينا حق البيعة الشرعية التي نودي بها في أنديتنا وعلى منابرنا فقابلنا الداء بالسمع والطاعة ووجب علينا الدفاع عن منصبه الرفيع والرد على أعدائه بما في الوسع والاستطاعة وتنبيه لأمة على حقوقه المقدسة وواجباته المرعية. والأستاذ من أول عدد ينادي باسم سلطانه ويدفع صدر الأعداء بما يبعدهم عن تشويش أفكار الأمة يحث الرعية على الخضوع إليه والتعويل عليه والتمسك بحبل الولاء والتابعية وينهى عن الاغترار بترهات الأعداء والميل مع الأهواء ويحذر من الفتنة والتلبس بها ومن معاكسة السياسة العثمانية بالتعصب والتخاذل لم يقصد بذلك الاتجار بنصائحه ولا التزلف بمواعظه وإنما هو يقضي واجباً عليه تطالبه بعد الذمة والشرف وما المقام الخلافة العظمى من النعم في عنقه وقد لاحظ في جانب الدول المتحابة مع دولته العلية ما لها من الحقوق فحافظ على روابط المحبة بينه وبين إتباع الدول وحث
أخوانه العثمانيين على حسن المعاملة ورعاية الحقوق المدنية والآداب الإنسانية والإجراء انشؤوا لهم جريدة يومية التزموا فيها تقبيح أعمال دولتنا العلية وذكر عمالها بالنقائص ونسبتهم إلى الظلم والجهل والعدوان ونددوا بنفس الأعمال
السلطانية فسخروا بالمعرض العثماني واستهزأوا بالدونمة العثمانية وطعنوا في أكبر رجال دولتنا والتزموا نشر مقالات أعدائها بين إتباعها تنفيراً للنفوس وإيغاراً للصدور وتفريقاً للكلمة وسعوا بمن اغتر بأقوالهم في طريق الالتجاء إلى الغير شقاً لعصا الجماعة وفتحاً لباب الفساد وهم مع هذا الارتداء يغرون ضعفاء العقول بأنهم عثمانيون محبون للدولة وما هم إلا أجانب صورة وحقيقة وملء جوانحهم العداوة والبغضاء لدولة عاشوا في ظلها آمنين ثم خرجوا عليها كافرين نعمها منكرين إحسانها أولئك حزب الشيطان إلا أن حزب الشيطان هم الخاسرون.
أعداء الحضرة الخديوية الفخيمة
خديوي مصر الحالي أيده الله تعالى هو أفندينا عباس باشا ابن أفندينا المرحوم توفيق باشا ابن أفندينا الأسبق إسماعيل باشا ابن أفندينا المرحوم إبراهيم باشا ابن أفندينا المرحوم محمد علي باشا أقر خلفاؤُنا الفخام أمراء هذا البيت الكريم على خديوية مصر وقرّروا حقهم التوارثي بالفرامانات الشاهانية فقابل أسلافنا هذه الأوامر السلطانية بالسمع والطاعة وجئنا على عقبهم سامعين مطيعين خاضعين للخديوي الأفخم موقنين أن حقه الواجب علينا هو حق الخليفة الأعظم وأن الانقياد إليه انقياد إلى السلطان إلا كرم فقد أقامه علينا مقامه وأنابه عنه وفوض إليه تدبير شؤُننا وترتيب أحكامنا وحياطة بلادنا والمحافظة على أرواحنا وأموالنا وأعراضنا وميزه بإطلاق التصرف في هذا كله مع حرية مخابرة الدول وعقد المعاهدات التجارية والقروض السلفية وأوجب علينا الأمر السلطاني الكريم الاعتراف بذلك كله والسير تحت لواء خديويتا
الأفخم والدفاع عن حقوقه والارتباط بمحبته وعدم الاعتراف بغيره وقد عرف ذلك الأستاذ فالتزم التنبيه عليه من أول عدد وحث الأمة على التمسك بمحبة المولى الخديوي والخضوع إلهي والانصراف عن غيره والبعد عن الهيجان وتشويش الأذهان والتعصب الديني وخدش الأمن العام وألزم الأمة بالسكون والهدوء ومعاشرة النزلا. وحسن معاملة لأجانب وبذل النصح لإخوانه المصريين وأرشدهم إلى ما فيه توحيد الكلمة ومنع التنافر والتخاذل وعمم النصح في المسلمين والمسيحيين
والإسرائيليين الخاضعين للسلطة الخديوية ونادة بجمع القلوب المتنافرة وبين أعداء الوطن وحذر من سماع أقوالهم وقد عرف ما لحكومته المصرية من الارتباط بالدولة المحتلة فحفظ لها من الحقوق ما لا يمس حقاً من حقوق أميره ولا يذهب بواجب من واجبات وطنه. والإجراء التزموا في جريدتهم اليومية تنفير الأمة وتحسين الاعتراف بسلطة الغير والتلويح بما يشف عن سوء مقاصدهم في الجانب الخديوي والتزموا ترجمة أوهام مستأجريهم التي توهم الوعيد والتهديد ليظهروا للأمة وهن المسند الخديوي وقوّة مستأجريهم وهم في ذلك كله كافرون لنعمه التي أطلقت ألسنتهم فما سكنوا إلا في بلاده ولا نامو إلا تحت ظله ولا أثروا إلا بماله ولا تمتعوا إلا بنعمه ثم خرجوا عليه خروج البغاة وتظاهروا بالانسلاخ عن الإنسانية والتلبس بالبهيمية فهمهم ملء بطونهم لا يبالون بأية وسيلة وصلوا لهذا المقصد السيئ فهم أعداء المسند الخديوي الجليل وإن كانوا لا يضرونه بشيء فإن نبيح الكلاب لا يؤذي القمر في مداره خصوصاً والأمة عالمة بأن هؤلاء المناحيس ما خرجوا من بلادهم إلا مفسدين ولا نطقوا بكلمة إلا وهم
يريدون بهم شرّاً فتمسكوا بحبل ولاء خديويهم الأفخم وأعرضوا عمن دفعتهم يد الناقة إلى بلاد الخصب والرفاعية فجاؤُا لا يحملون إلا لحوم أجسامهم حتى إذا أثروا بمال الحضرة الخديوية أخذوا ينفقون على تنفير الأمة منها بمالها شأن الخائنين الكافرين للنعم يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
أعداء وزراء مصر وحكامها
وزراء مصرهم الأمراء الذين كلفهم الخديوي الأعظم بالنظر في شؤون الأمة تحت رعايته ومراقبته وترتيب الأحكام والنظام بمشاركته ومشورته وواجب على الأمة الاعتراف بما خلوهم من السلطة وحرية العمل بالقوانين والنظامات المقررة باسمه وأمره فقاموا بما كلفوا به أحسن قيام وبذلوا جهدهم في تنظيم المصالح وترتيب الأعمال وحفظ الأمن وتأييد القوانين وتربية الأمة على مكارم الأخلاق وإحسان الصفات وقد حفظوا الوكلاء الدول المتحابة مع الحكومة المصرية حقوقهم المرعية وشملوا إتباع دولهم بالرعاية والوقاية والمحافظة على أموالهم وأرواحهم وأطلقوا لهم حرية ألأعمال الدينية داخل معابدهم وخارجها وأقاموا لتنفيذ هذه الأحكام وضبط النظام قضاة ومديرين ومحافظين ومأمورين بثوهم في البلاد فقاموا بأعمالهم وتنفيذ أوامر رؤسائهم بهمة ونشاط وعفة وشرف وطهارة
ذمة وقد اجتهد الوزراء الكرام والحكام العظام في التوفقي بين العمال الوطنيين والعمال الأجانب من إنكليز وفرنساويين وايتليايين وغيرهم لسير الأحكام والأعمال الإدارية وغيرها على طريق وطني يرضاه الخديوي الأعظم ويظهر به الأجانب أمام
أوروبا مصلحين ومساعدين. وقد عرف الأستاذ هذا كله فالتزم بيانه من أول عدد وإظهار حقائق أعمال الحكومة وحث على إتباع الأوامر واجتناب النواهي والخضوع إلى السلطة القانونية وبين مآثر الوطنيين من ترك وعرب وجركس وارنؤط وأقباط وما لهم من سابق التأسيس والاجتهاد في وضع حكومة نظامية نحن في ظلها الآن. والإجراء التزما تقبيح أعمال الوطنيين وتحسين أعمال الغير وغشوا الأمة بالأكاذيب وما يفترونه على الوزراء والحكام بغياً وعدواناً لينفروا الأمة من رجال يسهرون وهم نائمون ويتعبون وهم في راحة لا نصب فيها وليظهروا للأجانب سوء إدارة رجالنا بما يفترونه عليهم ليشوشوا أفكار الأوروبيين بمختلقاتهم وما يخدمون بذلك إلا شهواتهم البهيمية ومطامعهم الجهنمية والعجب أنهم لا يثبتون على طريق من طرق النفاق فتراهم يمدحون اليوم من ذموه بالأمس ويقبحون من الأعمال ما حسنوه قبل ويتقلبون في سور النفاق تقلب الحريق على الجمر يزعمون أنهم يخدمون إنكلترة بهذا البهتا وقد جلبوا عليها الشرور بسوء تصرفهم في أفكارهم الجنونية وصدع القلوب بأقوال البله والعته. وقد تبين لكل مصري عداوتهم للوزراء والحكام فسخطوا عليهم وتشأموا مهم ونفروا من قراءة جريدتهم وتركوهم في ضلالتهم كالذي يتخبطه الشيطان من المس فلا تلقي جريدتهم المسؤُمة إلا في يد منافق ولا ترى وطنياً يقرب منها أو يرغب فيها الأمن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولا أمل في علاج هؤلاء المجانين مما أصيبوا به من فقد الإدراك والشعور فقد أضلهم الله عن طريق الهداية ومن يضلل الله فما له من هاد.
أعداء المصريين
المصريون أمة مؤلفة من عرب وترك وجركس وارناؤُط وأقباط وسودانيين وإسرائيليين وهم بين مسلم ومسيحي ويهودي تضمهم البقعة المباركة الطيبة التربة عاشوا العصور الطويلة مرتبطين ببعضهم محبة ومعاشرة ومساكنة ومعاملة لم يفرق بينهم اختلاف دين ول تباين جنس ولا تغاير لغة وقد رحل إليهم كثير من السوريين والأوروبيين ونزلوا بلادهم
متجرين ومستخدمين فبلادهم المعاملة والمؤانسة وأنزلوهم منزلة أنفسهم فصاروا كأنهم مصريون أصليبون لما بين الجميع من الارتباط والاختلاط وقد عرف الأستاذ هذا فلزم إرشاد المجموع إلى ما فيه الصلاح والحث على الألفة والتحابب والتواد ومعرفة حقوق الجار والصاحب والصديق ونهى عن تفريق الأهواء وشعب شمل الاجتماع المصري وبين طرق التعاضد والتعاون على حفظ الأمن والنظام بتوحيد الكلمة والسر وأخذ على نفسه أن لا يميل إلى الخصائص الجنسية والمزايا الملية إلا في ييان ما لكل جنس وملة من ذلك حفظاً لفضيلة وتخليداً لمأثرة وتذكيراً بسابقة تاريخ وسالف أعمال لما يراه من احتياج الوطن إلى راحة الأفكار وتأليف النفوس ووصل الروابط الوطنية بالاستيطانية ليكن مجموع سكان البلاد أمة قائمة بحفظ حقوق الحاكم ورعاية القانون فتعم المدنية وتتسع العمارية وينتظم شمل الاجتماع المصري. والأجراء سعوا في تفريق الكلمة فميزوا بين فريق وفريق وأخذوا يذمون المصريين ويرمونهم بعدم قدرتهم على الأعمال وينسبوهم إلى الجهل وفساد الأخلاق ويقذفون حكامهم ويسفهون آراء نوابهم ويتطاولون على أمرائهم وينسبوهم إلى التعصب الديني
مرة والسعي في إثارة الفتن تارة وأن رأوا حسنة ستروها وأغمضوا عنها وإن رأوا سيئة شنعوا عليها ونشروها مشفوعة بأفكار الخلل والخبل وأوهام الجنون والسفه فهم لهم بالمرصاد كأنهم خلقوا لأضرار الناس وإفساد ذات بينهم ولو انصفوا المصريين لأكبروهم وأعظموهم فقد لفظتهم بلادهم لفظ الدُبر للعذرة فخرجوا منها أذلاء مستضعفين يزر أحدهم سترته على غير قميص ونزلوا على المصريين ضيوفاً مكرمين فتخللوا مجامعهم مؤاخين ومتعارفين حتى إذ ذهب الخوف وسكن الروع وشبع البطن وسترت العورة ولعبت الراحة بالذهب الرنان وأخذت نشوة الثروة المصرية ما بتلك الرؤوس البهيمية من الإلهام والإدراك قاما فعربدوا بين من ناولوهم كؤوس العز بأيديهم وسقوهم شراب الفضل إحساناً وتصدقاً وأخذوا يغشونهم ويخدعونهم بأقوال النفاق ويتلونون تلون الحرباء فلا ترى فصلاً شبه الآخر بل ولا سطراً يناسب ما بعده لقلة بضاعتهم وسوء جهالتهم وفراغهم من المعدات الكمالية فإن كثرة نعم المصريين لم تؤثر في طباعهم السيئة ولا حوّلتهم عن شهواتهم البهيمية فهم بين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم وقد نفر منهم سكان مصر على اختلاف جنسياتهم ودينهم فتركوهم ترك المصلى
نعله وأصبحوا مبغوضين حتى لأقاربهم ومستأجريهم فيهم في فقد إدراكهم وذهولهم من هذا الخذلان كأنهم خشب مسندة يرى الواحد منهم أنه كالميت وما هو يميت ومن ورائه عذاب غليظ.
أعداء السوريين
السوريون أمة تسكن الأرض المباركة التي تجاور مصر جوار التصاق
قد سكنت بعرب وترك وكنعانيين وإسرائيليين تبادلوا التجارة مع المصريين والاختلاط بهم قديماً وحديثاً جاهلية وإسلاماً وقد دخلت تلك الديار السورية والشامية تحت سلطة المصريين المرة بعد المرة وانتهى الأمر بخضوعها للسلطة العثمانية التي تشمل مصر بسيادتها الملوكية فرحل الكثير من أهلها إلى مصر استيطاناً واتجاراً واستخداماً فتلقاهم أهلها بما عهد فيهم من البشر والطلاقة وكرم الأخلاق حتى ملئت بهم دوائر الحكومة والمدن والقرى ممتعين بأحسن ما يتمتع به عظيم بين قومه آمنين على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم بين أخوانهم وقد عرف الأستاذ ذلك فنادى بالجامعة العثمانية والعصبية الشرقية وبين ما كان بين الفينيقيين والمصريين من قديم الألفة والاختلاط وتبادل التجارة والاستيطان وحث على قطع عروق الشقاق والتباغض واعتدال كل فريق في سيره من غير تعصب على أخيه بما يسلبه فضيلة المحبة الأخوية ولكنه صودر في سعيه بأجراء فتحوا لهم جريدة لشق عصا الاجتماع الشرقي وتفريق كلمة الفريقين فأخذوا يذمون المصريين أخوان السوريين ويتهكمون بمن آووهم بعد الضياع وأعزوهم بعد الهوان وأغنهم بعد ألفافة فكان لصدى صوتهم سوء الوقع في قلوب المصريين والسوريين معاً لما في ذلك من دواعي النفرة والبغضاء وقد زادوا الطين بلة بالسعي في إذلال الفريقين وإخضاعهم لغير سلطانهم وهم يعلمون أن فيهم العثماني والفرنساوي فنفر الجميع من سياسة السخافة والذهول وقامت الجرائد السورية تذم تلك الجريدة البلهاء نثراً ونظماً وتبين فساد عقيدة محرريها وسوء نياتهم ومساعيهم المذمومة فما أرادوا إلا إيقاع النفرة بين المصريين والسوريين تسهيلاً لطريق التمكن
الأجنبي بما يفترونه من وجود التعصب الديني أو التحامل على الأجانب كأنهم غفلوا عن أن كثيراً من المصريين أبعد إلى سورية والشام فما وجدوا غير أخوان كرام قابلوهم بوجوه مستبشرة ونفوس طيبة وأحلوهم محل الكرامة والتجلة حتى قضى الكل
مدته وهو في أحسن ما يكون من الأنس والراحة ومنهم هذا الضعيف محرر الأستاذ فقد غمره أهل يافا والقدس الشريف بفضلهم وأروه من مكارم الأخلاق ما لا يحصى الثناء عليه فقد أجلوه وأكرموه وبادلوه الزيارة والضيافة وساعدوه في تنقلاته وخدموه بما زادهم شرفاً وفضلاً ولم يقصر المسيحيون في مشاركة المسلمين في الزيارة والمودة حتى جئت ولساني رطب بالثناء عليهم ولا انثني عن ذلك ما ذكرت سورية وأهلها. فهؤُلاء الإجراء شذوا ونزعوا إلى الأجانب فصاروا أعداء السوريين كما أنهم أعداء المصريين ولكن إفسادهم وسوء سياستهم لم يؤثر في فضلاء المصريين شيئاً لكونهم لا يبخسون فضلاء السوريين شيئاً مما يقدمونه من الأعمال وأن ضغط هؤلاء المناحيس على أفكارهم بسوء تصرفهم وذم المصريين توصلاً للقمة يلقمها الكلب تحت وضم الجزار من غير تعب ولا شقاء ولا يُرى أحقر من قوم أصبحوا عالة على الناس فلا يتألم أخواني المصريون من السوريين المخلصين بفعل هؤلاء الخائنين فإنهم جماعة لا هم منكم ولا منهم بل هم قوم غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاباً عظيماً.
أعداء انكلترة وفرنسا
الإنكليز هم الأمة البريطانية صاحبة الأملاك العظيمة والمستعمرات الوسيعة والثروة الكبيرة اشتهرت بأغنيائها وحسن تصرفهم في تجارتهم التي
تبتدئ في الممالك الشرقية بالقروض وشراء الأملاك وتنتهي بالتداخل القوة أو التغلب بدعوى بث المدنية ومنع الهمجية ونشر التعاليم الأوروبية بين الطوائف الشرقية وبهذه السياسة الخفية دخلت ممالك كثيرة في الهند واستعمرت كثيراً من سواحل آسيا وأفريقيا واستوطنت بعض جزائر البحر الأبيض والمحيط الهندي وامتندت سياستها إلى أن دخلت مصر بصورة لا نبحث فيها الآن لشهرتها حتى بين رجال برلمانها وتدوينها في كتبهم وجرائدهم وكانت علة التداخل بالقوة تأييد الحضرة الخديوية في سندها ووضع حكومة نظامية تشابه حكومات أوروبا ونشر التعليم المدرسي في إنحاء البلاد حتى تذهب الخشونة بالعالمية ويتأهل المصريين للقيام بأعمال حكومتهم على زعمهم. فهذه المقدمات حسنّت للمصريين مساعدتهم على الوصول لهذه الغاية الحميدة فشاركوهم في الأعمال واستشاروهم وأخذوا بآرائهم وقبلوا نصائحهم وأخلصوا في محبتهم ومودتهم حتى كاد أن يتم الامتزاج بين الأمتين المصرية والإنكليزية
وقد لاحظ الأستاذ ذلك فأخذ يحث المصريين على مجاراة الأوروبيين في الإدارة والصناعة والتجارة والزراعة والسياسة ويرشدهم إلى طرق الوصول إلى ذلك ولك حال بينه وبين أمنيته إجراء زعموا أنهم خدم للإنكليز وعبيدهم الواقعون على أعتابهم فأخذوا ينشرون سلطانهم وخليفتهم وافتراء مكاتبيهم على أميرهم المفخم وحكامهم الطاهرين من دنس اللؤم والخيانة ويرمون المصريين بأنهم ضعفاء الإدراك لا يحسنون صناعة ولا يصلحون إدارة ثم داروا حول أبواب الإنكليز يوهمونهم أنهم عبيدهم
الخاضعون وخدمهم المخلصون وجواسيسهم الناقلون وتراجمتهم المتبرعون فوسوسوا لهم وسوسة إفساد وإغراء وخوفوهم من المصريين وحذروهم من الركون إليهم والاعتماد عليهم فأبعدوهم عن الخدمة فرادى وجماعات وحشروا مكانهم طوائف من الغرباء مختلفي الجنسية والتابعية حتى كأنّ ثمرة مصر ما حرمت إلا على أبنائها ثم نشروا تلك الجريدة الخرقاء يوهمونهم أنه مقبولة عند المصريين ولها تأثير في نفوسهم ولجهل الإنكليز باللغة العربة صدقوا هؤلاء إلا بالسة وألزم إتباعهم كثيراً من الناس بالاشتراك فيها وفي غيرها من جرائد هؤلاء الإجراء ليعمموا نشرها في البلاد ظناً منهم أنهم ينتفعون بشيء من جهالة محرريها وما دروا أنهم مكروا بهم لتروج بضاعتهم الكاسدة وليربحوا من سعي الإنكليز ما يصيرهم من ركاب العربيات بعد ركوب الحذاء أميالاً فوق الصخور والجبال. وقد أفسدوا سياسة الإنكليز ونزعوا من قلوب المصريين الميل الذي كان فيها للإنكليز وغرسوا مكانه النفور والبغضاء لما يرونه من اعتماد كثير من رجال الإنكليز على أوهام هؤلاء الجهلة الذين فرقوا الناس شيعاً وقهقروا رجا الإنكليز بسوء أقوالهم وأفعالهم حتى صار المصري لا يثق بوعد إنكليزي ولا يعتمد على مستخدم منهم إلا بحكم الضعف فإن جريدة الإجراء أظهرت لهم أن الإنكليز أعداؤهم وأعداء سلطانهم وأعداء أميرهم وأعداء حكامهم بما تنشره عنهم مما كان مستوراً عن المصريين وما تفتريه عليهم من ترجمة أقوالهم بعكس ما تؤدي إليه ونسبتهم إلى التعصب الديني زوراً وبهتاناً. ولو حاسبت انكلترة نفسها على محبة المصريين لها قبل أن يفتح الإجراء جريدتهم ونفرتهم منها بعد فتحها لرأت أنها خسرت شيئاً كثيراً
وأن إجراءها كانوا عليها لا لهاز ولا تنسى انكلترة إفساد هؤُلاء الإجراء ما بينها وبين فرسنا من المحبة والوفاق لا نقول أنهم أثروا في سياستها الخارجية عن مصر فإنهم أحقر من أن
يسمع لهم صوت خارج إسكندرية وإنما جرحوا حواس الفرنساويين المقيمين هنا فأحدثوا في قلوبهم من النفرة ما زاد عن نفرة المصريين فخسرت انكلترة محبة أمة تحاول أن تؤكد المودة السياسية بينها وبينها لتستريح من أوهام تبدد التحالف الثلاثي الذي إذا انحل صيرها وحيدة لا تقوى على دفع الجارة ولا دخول الغارة. ثم ما كفى هذه الجريدة الحمقاء ذلك حتى أخذت تندد بسياسة دول أوروبا وتناديه بعدم وجود مصالح لهم في مصر تقتضي مشاركتهم للإنكليز في التداخل في إدارتها ولو انصفوا السياسة لقالوا أن مصر آمن من سويسرة والبلجيك على استقلالها بأميرها الشرعي لما لها من الروابط مع دول أوروبا وما لمركزها الجغرافي من الأهمية عند دولة العالم وكان يمكن لانكلترة أن تدفع كل دولة بجذب المصريين إليها والنداء باسمهم ولكنها استعانت بجهلة لا تعلق لهم بالسياسة ولا يعرفون شيئاً من العلوم التي تقربهم منها فافسدوا الأخلاق وحولوا النفوس وملاؤُا القلوب ضغائن فأصبت لا تتمكن من دفع الدول عن مصر إلا بقوتها وهيهات أن نجحت بين أمم طامعة ودول متناظرة ويمكنها أن تسترجع ما فات من المحبة بالتبري من الجهلة وأبعادهم عن أبوابها التي انطبعت صورهم في موطئ الجزم منها لكثرة ترددهم عليها تطفلاً ليتحقق المصريون أنها تريد صلاحهم وإصلاح بلادهم وإلا فما دام هؤُلاء حول رجالها فإنها لا ترى من أحد ثقة بها ولا تسترضي المصري بأية حيلة احتالت عليه بها فإن المعلول يدوم
بدوم العلة والعلة في تهييج الغربي هؤُلاء الأوباش الذين شوشوا ضروب السياسة بجبالتهم العمياء وإني لأعجب لرجال انكلترة الذين اشتهروا بالدهاء والتصرف في الأمور كيف غاب عنهم سوء مصير هذا السعي بواسطة الحمقى وكيف لا يحسون بالآلام التي يحس بها المصريون من التعرض لسلطانهم وأميرهم ووزرائهم وحكامهم وكيف اغتروا بكذب هؤُلاء الأوضاع وكتبوا لوزرائهم وجرائدهم بما لم يقله مصري ولا تحركت به شفة أمير. أما آن للإنكليز أن يتبصروا ويعلموا أن لإصلاح لمصر إلا بالمصريين ولا سبيل لمدحهم إلا بالمصريين ولا طريق لتأييد سياستهم إلا بالمصريين. لا تريد أنها تطرد جميع المستخدمين الأجانب وتستبدلهم بمصريين فإننا لا ننكر احتياجنا لمساعدة فريق منهم وإنما نريد أن تعرف حق خديوينا لأفخم ووزرائنا الكرام وتطلق لهم حرية العمل في لإدارات فإنها أن فعلت ذلك مع مراقبتها أعمالا واستجلبت خاطر الخديوي المفخم بمعرفة حقوقه وعدم
التعرض إليها جلبت قلوب المصريين وقادتهم بحبل محبتهم لأميرهم المعظم ومن هذا تعلم أن الجرائد الوطنية خصوصاً الإسلامية لم تكن ضد الإنكليز وإنما تدافع عنت المصريين أعداءهم وأعداء الإنكليز لتحفظ وحدة الاجتماع المدني بما تبينه من فساد سياسة الإجراء وسوء جهلهم الذي أوقعهم في وهدة الخزي والوبال ولعل الإنكليز يتبصرون ويعرفون قدر الوطنيين وطهارة نية جرائدهم فيصبح الكل لهم من الشاكرين.
أعداء أنفسهم
هم جماعة دفعتهم يد الطرد إلى النزوح عن وطنهم إلى مصر المحروسة
من الأذي وعند ما حلوا بها للتجأُوا إلى بعض أمرائها فأكرمهم ومد إليهم يد المساعدة فضلاً وإحساناً يظن أنهم من أرباب الأقلام أو ذوي الأفهام بما يراه في جريدتهم التي ما فيها إلا تراجم عن جرائد أوروبا العلمية وهذه درجة يستوون فيها مع حمارة إسكندرية بل أن الحمارة يفضلونهم بمعرفتهم كثيراً من اللغات ولكن هؤُلاء يفضلون الحمارة بمعرفة القراءة والكتابة وقد صادف دخولهم مصر غيبة طبقة المنشئين المصريين الموجودين إذ ذاك كأفضل الفضلاء وإمام محراب الإنشاء الأستاذ الشيخ محمد عبده والجهابذة المتفنين والكتبة المقتدرين حسن بك حسني وإبراهيم أفندي علي اللغاني وإبراهيم أفندي الهلباري وحسن أفندي الشمسي وأحمد أفندي سمير ووفا أفندي محمد وسعد أفندي زغلول والطيب الذكر أديب أفندي أسحق وغيرهم من الفضلاء الذين عرفتهم الأقلام بما أودعوها من أسرار الإنشاء وضروب التحرير فقربهم أمراءُ مصر اعتماداً على أنهم شرقيون عثمانيون لا يخدمون إلا دولتهم ولا يغشون أخوانهم فما لبثوا أن كفروا بالنعمة وانكروا المعروف وانحازا إلى الغير يخدمونه بفض لما أعطاهم أمراء مصر فقد أبت النفس الخبيثة أن تخرج من الدنيا حتى تسيء من أحسن إليها والعجب أنهم مع علمهم أنهم ليسوا على شيء لم ينتصحوا بنصيحة المؤيد الأغر ولا تعلموا من سياسة الأهرام التي قدمها لهم ولا أخذوا بقول الفلاح وهو يرشدهم ولا أدركوا سياسة الاتحاد التي دعاهم إليها ولو أرادوا الخير لأنفسهم لتعلموا من هذه الجرائد كيفية السير وفنون السياسة ولكنهم اغتروا بعناوينهم وظنوا أن العلم محصور في تعلم الإنسان لغة غير لغته يترجم بها كتب قومها ويغرب بها على من لم يعرفوها موهماً أن المسطر
تصنيفه والجموع تأليفه وهذا هو الجهل المركب الذي صيرهم أعداء لأنفسهم
وهم لا يشعرون وأعجب نتائج جهلهم إنكارهم من أكرمهم وتلقاهم وعيبهم سياسته ورميه بحب الأثرة والمغالات في القول ورمى الحكام الذي انتقاهم واختارهم لإدارة لأعمال بأنهم جهلة أو متعصبون لأفكارهم مستبدون على الأهلين وقد كانوا بالأمس أمناء أجلاء فضلاء معصومين من الخطأ منزهين عن العيوب أيام كانوا يقرؤون ورقة تخاريفهم الشبيهة بتخريف الرومانيين. وأعجب من كفرانهم النعم عودتهم إلى واضع أساس ثروتهم يستنصرونه ويستصرخونه استعداءً على الأستاذ ظانين أن مخازيهم نسيت وشتأمهم نسخت وصحائفهم مسخت وما دروا أنهم يستعدونه على رجل هو أعرف به من غيره وأعلم بسيره وما هو عليه وما يذكرونه من ماضي شأنه أمر معلوم يحفظه الخاص والعام فكل الحاضرين شهدوا ذلك الوقت وكانوا فيه شركاء وقد قلدني المرحوم أفنادينا توفيق بابا بنعمة العفو من الانتقام وطوّقني بطوق إحسانه بما أفاضه عليّ من المال وجاء محبوب المصريين أفندينا عباس باشا المعظم فتفضل بالعتق من رق الغربة من غير توسط أحد فجئت لأقضي بقية حياتي في خدمته وما يعدونه لآن إثارة للأفكار وإعداداً للفتنة نما نشأ من سوء الطوية وكساد بضاعتهم ولقد تقدم للأستاذ أنه أفتتح جريدته بشكر كل من كان له سعي في جانبه أيام المرحوم أفندينا توفيق باشا كاللورد كرومر والمسترسكوت والموسيولوجريل والجرائد التي لوحت ببعض العبارات فلم يكفر لأحد نعمة ولا لاذ بغير باب مولاه الخديوي وهذه خطته التي لا يرجع عنها وطريقه المسلوك له لا يكتب إلا نصحاً لإخوانه وإرشادا لمواطنيه وثناءً على سلطانه
وأمير وذكر الفضائل وزراء بلاده وحكامها ولا يغمد سيف بيانه وبين يديه كتبة منافقون ومحررون خائنون حتى يقطع ألسنتهم التي طالت بغير حق ونطقت بغير صدق وما عليه إذا أكثروا من الشتم والسب فهم بذلك جديرون ولا يجاريهم في الوقاحة مجار فإن الغير يكتب الكلمة والكلمتين تكلفاً وهم يسطرون كتباً من القبائح فطرة وجبلة ويكفي أعداء أنفسهم أنهم أعداء لله ولأنبيائه ولسلطان المسلمين وللخديوي ولإنكلترة وللمصريين وللسوريين ولملوك أوروبا وهذا تأديب لهم الآن
فإن عادت العقرب عدنا لها=بالنعل والنعل لها حاضرة
أعداء الأمن العام
هم الأجراءُ الأغبياءُ الذين شقوا عصا الألفة بالتفريق والتنفير وأصبحوا يخدشون الأذهان بالإرهاب والتخويف عادتهم التي اعتادوها وفطرتهم التي جبلوا عليها فإنهم عندما بارت تجارتهم ولم يصدقوا أمام الإنكليز حيث أوهموهم أنهم كتبة يمكنهم جمع قلوب المصريين على محبتهم فعجزوا عن ذلك بجهلهم طرق التأليف والتوفيق وصدعوا القلوب بما ملأوا به جرائدهم من لمطاعن الذاتية فيهم وفي حكامهم وأمرائهم وملوكهم برزوا الآن بصيغة الفتنة يدعون إليها ويذكون الناس بما كان من أمثالهم المستأجرين من تلوثهم بدماء الأبرياء بقصد اتهام المصريين بها فنحن نحذر إخواننا الوطنيين على اختلاف أديانهم من هؤلاء الجزارين المعنويين ونؤكد لهم أن البلاد في غاية الأمن والسكون وإن الحكومة المصرية ساهرة على مراقبة أحوال البلاد وأهليها وإن رجال الإنكليز متيقظون لما يعلمونه من أنهم متعهدون
أمام أوروبا بتأييد لأمن وتوطيده ومساعدة الحكومة المصرية على إحسان النظام فما يرجف به المضلون محض بهتان وتأسيس للفتن والفظائع التي خلقوا لجلبها على العالم وقد جربنا معاشر المصريين فتن الإجراء وكلنا شاهد تلك الفظائع التي أسستها اليد المستأجرة الأجنبية ويكفينا ما ألحقوه بنا من العار الذي هم باعثوه والعاقل من اعتبر بماضيه فألزموا السكون واشتغلوا بمصالحكم منصرفين عن هذه المفتريات وإياكم ووساوس رسلهم الذين يسرهم ما يسؤُنا فإن كلام هؤُلاء الإجراء كالإنذار لان معاشر المصريين فلنتمسك جميعاً بمحبة أميرنا وتنفيذ أوامر وزرائه القاضية بالخضوع والطاعة والبعد عن الفتن والمهيجات ولنعش آمنين في ظله منقادين لأمره بعيدين عن كل مالا يرضاه مقامه السامي متمتعين بمعاشرة الأجانب معاشرة الأنس والمجاملة ضار بين صفحاً عن تهور الأجراء الذين غايتهم الإفساد بيننا وبين الأجانب بما يفترونه علينا فإياكم والاغترار بأقوالهم والتأثر بما يرجفون به فالبلاد ممتلئة بالأمن محاطة بالقوتين المصرية والإنكليزية لا يكدر صفو راحتها شيءُ وليس فينا معاشر المصريين عموماً من يميل لفتنة أو يذهب لثورة كما يقول الإجراء المفسدون وإنما نحن قوم قد رضينا بما يرضى به خديوينا الأفخم ووزراؤُنا الكرام وهم لا يرضون إلا بسط الأمن وائتلافنا بالأجانب وتبادلنا المحبة معهم فنحن ننصح كل مصري غيور على وطنه ونحذره من متابعة المفسدين فما تحت كلام السفهاء الإجراء إلا الشرور التي تكنها صدورهم فنعيذ بلادنا وأهليها من شياطين لا يعرفون للإصلاح سبيلاً.
أعداءُ الصدق
هم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه وتحملهم العداوة على افتراء ما يوافق طبائعهم السيئة فلا يخجلون من مخالفة الواقع وقلب الحقائق يعرفهم بسيماهم من قرأ جريدة الإجبسيان غازت ثم رأى ترجمتها في الجريدة الساقطة الموقوفة للكذب والأخلاق فإن الغازت قالت في ضمن مقالتها قرأنا الأستاذ بالدقة فوجدناه ينادي باسم الإنكليز ويمدحنا ولكنه يشتكي من الخائنين الأعداء الشحاذين الذين ينتهزون فرصة جهلنا باللغة العربية ويترجمون كلام المصريين الأصليين وكتاباتهم على غير صحة وسندفع تظلم الأستاذ حتى تنتهي هذه الحالة الشنيعة وسنكون نحن تراجمة الأستاذ أمام الرأي العام الإنكليزي وتكون أعمدة جريدتنا من الآن فصاعداً مهيأة للأستاذ الخ فهل يرى القراء موافقة هذا لما جاء في جريدة المحرفين ومن هذا تعلم الغازت أنهم لم يكذبوا في ترجمة كلامن إلى الإنكليزية فقط بل هم يكذبون أيضاً في ترجمة الإنكليزي إلى العربي للعداوة التي بينهم وبين الصدق. أما ما قدمته الغازت في صدر مقالتها أن قصدت به الجد أو الهزل فإنها تعذر لأنها جريدة إنكليزية المنشيء والتابعية. وتعجبها من مقابلة بعض الناس لنا حول زيارة إخواننا إنما حملها عليه سوء فهم المكاتبين الذين هم من قبيل الإجراء وإلا فقد جرت عادة الشرقيين والغربيين أن يشبع بعضهم بعضاً في الأسفار ويرحب بعضهم ببعض عند القدوم فلا غرابة في الأمر ولا إنكار وركوبنا مع مدير أو وزير أمر غير خارق للعادة فإن هذا إنما يستبعد حصوله في جانب من تربي على كسب أمه ومن قضى عمره بجوارها وهي تبيع الخبز في الطرقات لتنفق عليه وهو يأكل
من كسبها بشراهة وطيب نفس ومن تربى لقيطاً في حجر مراضع الصدقة وتعلم في مدارس الغير على نفقة أهل الخير فخرج مصطنعاً لا يعرف له وطناً ولا شرفاً ولا قبيلة. وما طرأ على الغازت من نزغات هؤلاء ستتبين كذبه عندما تتمعن فصول الأستاذ وتعرف من إخلاص طويته أنه ما مال يوماً للتعصب الديني الذي اشتهر به البروتستانت والجزويت وغيرهم ولا دعا لثورة كما يقول الكيذُبان ولا نفر وطنياً من أجنبي من عهد أن خط بالقلم إلى الآن فهذه أعداد التجارة ومصر أيام كنت أكتب فيهما مع طيب الذكر أديب أفندي أسحق وهذه أعداد المحروسة والعصر الجديد أيام كنت أكتبهما باسم باقي الذكر سليم أفندي النقاش وهذه أعداد التكبت والتبكيت والطائف من يوم كتبت
فيهما إلى يوم ضرب الإنكليز إسكندرية فليفنشها القراء سطراً سطراً وما وجدوه منها تحريضاً على الأجانب أو دعاءً لثورة أو خروجا ع حد الحث على مشابهة الدول المتمدنة ورفع يد العدوان عن الأمة فليقدموه لنا تكذيباً لدعوانا أما ما كان يكتب في الطائف بعد ضرب إسكندرية فيسأل عنه الكتبة الكثيرون من ضباط الجند ورجال أركان حرب الذين كانوا يكتبون للمكتب بما يأتيهم من أخبار الجواسيس أو الكذبة إذ ليس لي فيه إلا ما كان يكتب باسم ناظر الجهادية إذ ذاك إلى وكيلها من الأخبار الرسمية ومن هنا يعلم جميع القراء أن ما يطنطن به الأجراء ومكاتبهم الوهمي من وقوع الطائف في جانب المسند الخديوي السابق إنما هو سعاية بغير حق وتعرض لما لم يجر به قلمنا ولقد سئل البرنسات والأمراء والوجهاء والعلماء عن اشتراكهم في الحركة العرابية فكان جواب كل منهم أنه أكره أو أتقى الشر
فتخلص بما أمكنه وما وسع هؤلاء يسع الطائف ذاته إنما قلنا ذاته لأننا لم يقع منا بالذات ما يوجب التبري منه فهذه مقالاتنا وخطبنا كلها مسطورة محفوظة عندنا وعند غيرنا من يوم كتبنا وخطبنا إلى يوم ضرب إسكندرية على أن العفو محا الذنب فليمضغ العدو نعله. وإذا أضفنا سعاية هؤُلاء ومكاتبهم على شتمه وقبحه وطلبه أبعاد محرر الأستاذ وافترائه عليه أنه يسعى في مذبحة أو فتنة علمنا قدر خسة هؤُلاء المناحيس ومساعيهم الضارة فإن ما يضمره الزنديق يظهر في فلتات لسانه فلعل لهم مساعي في مثل ما تقدم من الفظائع التي كان لمثلهم من أعداء مصر فيها اليد السوداء بشهادة المستر لا بوشير واللورد شرشل أمام جموع إنكلترة يوهمون الأجانب بما لا حقيقة له فإنهم جميعاً يعلمون أن القوّة العسكرية وقوّة الضبط والربط بيد رؤساء من الإنكليز فلا يمكن لثائر أن يدعوا إلى ثورة إلا إذا كان هؤلاء معه وإذا اتحد هؤلاء على الثورة كان المصري بريئاً منها وهل يعقل هذا أو يتصوّره مجنون وانكلترة إنما تسعى في حفظ الأمن العام ومن هذا يعلم الوطنيون والأجانب أن الإجراء هم رجال الفتنة وأهل الفساد لا صاحب الأستاذ.
قاتل الله الأعداء
فإنهم ما وجدوا طريقاً للفتنة إلا سلكوه ولا باباً للدسائس إلا فتحوه فقد نقل لصاحب العطوفة مصطفى باشا فهمي أن الأستاذ يذمه ويهجوه ولو قالوا أنه يمدح ويثني عليه لصدقوا ولكنهم قوم شأنهم تحريف الكلم وقلب الحقائق وهل ينسى الأستاذ عناية عطوفته به ورده أعداءه
خائبين