الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكبر مما نشاهده من قوة أوروبا بقوة علمائها. هذه نصيحتي إلى كل شرقي سمعها مسلماً كان أو مسيحياً أو اسرائيلياً او غيره يقبل النصيحة من وفق
مدرسة البنين
نديم وحافظ
. ح. وعدتني فيا لدرس الماضي أن تعلمني شيئاً من الحقوق المدنية وها انا مستعد للتلقي فتفضل بما تسمح به النفس الكريمة. ن. اراك قد ترقت أفكارك ودخلت في طور أدبي وصلت إليه باحتكاك أفكارك في أفكار أخوانك التلامذة المتنورة بمصباح الأساتذة القائمين بنقلهم من الجهالة إلى العالمية فيجب عليك أن تعرف قدر نعم أشياخك ومعلميك وتحترمهم إذا حضروا وتثني عليهم إذا غابوا كما يجب عليك أن تحفظ حقوق إخوانك التلامذة الذين معك في مدرستك والمتعلمين في مدرسة أخرى وطهر باطنك من بغض أبناء جنسك فإذا رأيت أحداً متقدماً عليك في الدروس فبدل أن تحسده وتسعى في اضراره تمنى له النجاح لتنتفع به وجد لتدركه. وإن ذكر امامك واحد من أبناء جنسك فتلطف في ذكره بخير وإن ذكر الغير له معائب فادفعها بأدب واذكر محاسنه وآثاره وشرف عائلته ومجده في سيرة فإنك أن جريت على أفكار الغير وذممت أخاك فقط قطعت الوصلة التي بينك وبينه ومكنت الغير منك ومنه فهو يلعب بك وبأفكارك متى شاء ولا تجعل محبتك لأخيك طريقاً لبغض غيركما فإن المجتمع الإنساني قاض بالتنام الأجناس ووقوف كلٍ عند حدوده وانتفاع كل جنس بمزايا
الآخر وفوائده العامة وقد ملئ الشرق عموماً وبلادك خصوصاً بالأجناس المتنقلة خلف التجارة والتماس الرزق فيلزمك أن تعامل الناس معاملة العارف بحقوق المدينة الحريص على حفظ الخصائص الوطنية ولا تسع في ضرر الغير لئلا تجلب على نفسك وأخوانك الدمار وتمكن الغير منك ولا تسكت عن نصح إخوانك وتعليمهم كل ما تتعلمه منى ومن أساتذتك لتكون مدرساً أيضاً تعلم العاجزين عن دخول المدرسة أو المتخوفين منها فتحثهم بمعارفك وآدابك على دخولهم معك في أماكن التعليم. واحرص على استجلاب رضا والديك بالتأدب معهما والتلطف في مخاطبتهما والإسراع في إجابة طلبهما والبعد عما يكرهانه وإياك أن تظهر النفور من أمر يأمرانك به بل إذا أمرك احدهما بأمر ورأيته ضاراً بك أو به أو مخالفاً للأدب أو مغايراً لما عليه أبناء جنسك أو خارجاً عن حد طبقتك فتلطف في رده بتبيين السبب والضرر. ولا تقبح لها عملاً خاصاً بهما وإن رأيته موجباً لمؤاخذة أو لعار فاسلك طريق الالتماس والرجاء مع الخضوع والخشوع ليكون
رجاؤك مقبولاً مثلاً إذا رأيت والدك يأكل وهو ماش فلا تقل له إن هذا شأُن الرعاع وعادة الأوباش فتنفره منك وربما قطعت ما بينك وبينه بهذه العبارة الخشنة بل قل له إن بعض الناس كان عند القاضي يترافع مع شخص في قضية واورد الشهود على حجة دعواه لعدم وجود ما يبطلها ومن وقت ما علمت ان الأكل في الطريق مسقط للعدالة مضيع لاعتبار الإنسان عند القاضي ما أكلت شيئاً في
الطريق حتى إذا اشتريت لب البطيخ الذي يأكله الناس في الطريق فإني استحيي من اكله ماشياً لئلا يسقط عدالتي وهكذا كلما رأيت منه أمراً مخالفاً تلطف في تفهميه ما فيه من القبح أو لعيب وهو ينتبه لتركه وتكون نصيحتك بهذه الصورة أوقع في النفس من التشنيع عليه الذي ربما صار اغراء على الفعل واستشر والديك في أمورك الخاصة بالبيت لتدخل عليهما السرور بارجاع أمر البيت إليهما ولو تخالفهما في مشورتهما إذا رأيتها غير نافعة وتعتذر لهما عن العدول عن رأيهما. واحفظ اسرارهما فإنها عورتك التي إذا ظهرت كان عارها عليك. واستر عيوبهما فإن مجدك الأولى مربوط بمجدهما وإذا ارتفعت لدرجة ثروة أو رتبة فارفعهما معك بتحسين ثيابهما وإجلال قدرهما وإبعادهم عن كل ما يعيرك به متتبع لعيوبك. وتغافل عن هفواتهما معك حتى إذا تمكنت من تنبيههما فتلطف في ردهما واحرص على تعليم إخوانك التلامذة هذه الفضائل ليكون مجموع الجنس في فضيلة واحدة. والتزم الصدق في أقوالك فإن الرجل إذا كذب كذبة وعلمت الناس ترقبوه فإذا كذب ثانية سقط اعتباره وأهدر حديثه الصدق وعدَّ كذباً حتى لو حلف لهم على أمر فإنهم لا يصدقونه. ح. إني إذا قلت الصدق في كل شيء تتعطل عليَّ أموري فإن الإنسان يجب ان يكذب ليروج كلامه عند السامع ويقضي له حاجته. ن. هذا عين الخطاء في الفهم فإن الإنسان يقضي بالصدق ما لا يقضيه بالكذب حتى لو وقع في جناية وأُخذ بها لإقراره فإنه اكتسب شرفاً يفوق ما كان يتمناه لو كذب على أن الإنسان إذا احتال لوقائعه فإن احتياله الجزئي لا يقدح في
صدقه الكلي فإن ما يوجب الاحتيال وقائع يندر حصولها فلا تؤثر عادة المرء التي رفعته بين قومه والمطلوب عنه هو استعمال الكذب لقضاء الأوطار به أو لغش الناس أو لإيقاع الفتن والبغضاء بينهم أو لإفساد طائفة أو غير ذلك مما هو قبيح عند كل إنسان. وإياك أن تسرق دفاتر اخيك أو قلمه أو دواته أو شيئاً مما يختص به فإن اقبح عيوب الإنسان السرقة واللصوص إنما الفت السرقة
بالتعود والانتقال من سرقة البيضة إلى سرقة الفرخة ومنها إلى الخروف إلى الثور إلى الهجوم على البيوت فطهر نفسك من هذه الرذيلة وعودها على الأمانة حتى لو خانك إنسان في شيء فلا تخنه أنت لأنك استقبحت عمله وعلمت أنه نقص فيه فكيف ترضى بالقبيح والنقص بعد ذلك. ح. وإذا شتمني أحد أخواني ماذا أصنع. ن. أنت تعلم أن الشتم قلة حياء وبذالة لسان ولا يرضى هـ إلا الدون من الناس فإذا شمتمته في مقابلة شتمه فقد ساويته في رتبته وجرأته عليك وحرضته على التوسع في الشتم وافتراء القبائح إليك فالأحسن أن تسكت عنه سكوت حلم فإنك تخجله وتسكته عنك فإذا اعتذر إليك فبادر بالسماح وبش في وجهه والتمس له ما لا يلتمسه من الأعذار فإنك تأخذه أسير حلمك وتلطفك معه وتصيره حبيباً بعد أن كان عدواً فلا يعود لشتمك مرة ثانية حتى لو كنت في المدرسة فلا تبادر بشكواه إلى الضابط واستعمل الحلم معه أولا وثانياً فإن رجع فقد غنمته وإن استمر كان سفيهاً ينبغي أن يؤدي فارفع أمرك إلى رئيسك المتولي أمرك ودعه يؤدبه بما يشاء. وكما تكره شتم غيرك لك فإن الغير يكره شتمك له أيضاً فإياك أن تطيل لسانك على أحد أو تقبح عمل أحد بغير حق
أو بتشنيع عليه أو تغري إنساناً بإنسان ليؤذيه ويضره انتقاماً منه أو تجعل نفسك بمنزلة جاسوس لغيرك تنقل له أخبار الغير فإنها حالة مستقبحة عند كل إنسان ومتوليها مسترذل مبغوض لا يكلمه أحد إلا اتقاء شره وحسب الإنسان نقيه أن يعامل بالحسنى دفعاً لشره لا رغبة في ذاته وآدابه. ح. اراك تعلمنا هذه الدروس وغيرك من المعلمين يعلمون علوماً شتى بين ابتدائية وعالية ولكني مع صغر سني أكره بعض الأمور تصدر من بعض الأفاضل فإني كثيراً ما اسمع بعض أناس ممن انتسبوا إلى العلم يسهرون مع أبي فإن ذكر عندهم عالم أو معلم قبحوا سيره وجهلَّوه وعدوا حسناته سيئات وافتروا له ذنوباً وعيوباً ولم يردهم علمهم عن هذا الطريق القبيح فهل المقصود بالتعلم أن يصير الإنسان جراباً ملئ علماً مع عدم تأثير العلم في أخلاقه وإذا كان القصد أن يصير الإنسان بهذه الصورة فأي حاجة للعلم وقد ضاعت ثمرته ولم يمعل العالم بعلمه. ن. إن ما ذكرته ليس أمراً مطرداً في كل فاضل معلم وإنما يوجد فرد أو فردان في كل اقليم تحكم عليه دناءة الأصل وكبر النفس أن يوحد العالمية في ذاته ويجهل غيره ومن اتصف بهذه الصفة تراه ممقوتاً بين الناس مطالباً نفسه بما ليس لهُ بأهل وإلا فإننا لم نر معلماً إلا وهو متحل
بأحسن حلية صاغتها الآداب والمعارف وله أخلاق يعشقها كل من خالطه وعاشره وقد بعد كل فاضل عن ذم الناس والوقيعة فيهم لعلمه قبح هذا الأمر ولتصديه لتعليم الفضائل والتحذير من التلبس بالرذائل فإياك أن تقع مرة ثانية في حق المعلمين الذي هم أرواح الأمم أو أن تقيس الأمة على فرد منها وما حملك على ذلك إلا صغر سنك وعدم اختلاطك بالناس وستكبر