الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صنف السجادة أحسن مما يشتغله الغير فأعطاه مقياس محلات بيته العامر ليصنع قطعاً للمخدات والطاولات والأرضية حتى فرش البيت كله من مصنوع أخيه الوطني إحياءً للصنعة وصانعها فكل من دخل بيته ورأى هذه الفرش علم أنها صناعة رجل لم يجد من الوطنيين معيناً يأخذ بيده كما أخذ هذا الفاضل الغيور على أبناء وطنه. وهذا حضرة شيخ العرب عبد القوي بك الجبالي زين قصره وسلا ملكه بمصنوع بنات العرب من السُّتر والفرش وأثاث البيت الضروري. ولقد رأيت عند المرحوم محمد آغا علام عمدة سندبيس نسيجاً من الصوف على شكل المسمى بالربس وقد غزله وصبغه ونسجه في الريف فجاء في متانة يعيش بها السنين الطويلة مع حسن المنظر وإحكام النسج فلو اقتدى الأغنياء والأمراء بهؤلاء الوطنيين في تزيين بيوتهم بمصنوع البلاد لأحيوا ألوفاً من الصناع وفتحوا بيوتاً أقفلها موت صناعة أهلها بترويج صناعة الغير ونادى كل مصري عند حياة الصناعة المصرية هذه بضاعتنا ردت إلينا.
تابع الجواب عن الرجل والمرأة
أما فقيرة المدن فعملها تجهيز ما يلزم للزوج عند قيامه من النوم من ماء وفطور ثم طي الفرش وتنقيته إن كان فيه براغيث ثم كنس البيت وغسل البلاط إن كان بيتها مبلطاً وغربلة القمح وتنقيته وهرسه برجليها ونخله وعجنه وخبزه إن كان عندها فرن وتفصيل ثيابها وثياب أبنائها وزوجها وخياطتها وطبخ ما يلزم للعشاء ومتى كانت فارغة من العمل البيتي قعدت تشتغل على
المنسج أو تصنع مناديل بالترتر أو الكنتير أو الزرافة والأُوية سواءٌ كانت المناديل من الصوف أو الحرير أو القطن أو تصنع الطواقي (مفرد هذا الجمع طاقية وهي ما يلبس تحت الطيلسان والطيلسان يسمى طاقاً فنسبت إليه أو إلى بلد بسجستان وبعض الناس يسميها عرَقيه نسبة إلى العرَق لتجفيفها إياه أو عراقية نسبة إلى العراق). أو تصنع التنتنه والكرديله والركامه والأويه أو تخيط ثياباً بالأجرة وبالجملة فإن أكثر الفقراء يعلمون بناتهم الخياطة والتطريز وصنعة اليد لتساعد البنت زوجها بما تبيعه من عمل يدها ولتأكل من كسبها إذا خلت من الأزواج أو صارت أرملة تعول أيتاماً. وأما متوسطة المدن فإن عندها جارية أو خادمة تقوم بخدمة البيت وعمل ما يلزم من الأكل والشرب وغسل الثياب وكنس البيت وفرشه وقد تساعد خادمتها أحياناً فإذا دخلت الشمس في الغروب ذهبت لتستحم وتلبس ثياباً نظيفة جميلة وتتزين لبعلها حتى إذا حضر سرته بمنظرها البهيج. وأما الغنية فإنها لكثرة ما عندها من الخدم والحشم لا تشتغل بشيء غير ذاتها إذ لا ضرورة تدعوها لدخول المطبخ ولا لمساعدة العجانة ولا لترتيب البيت وما عليها إلا أن تلاحظ عمل العمال عندها فتأمر بإصلاح هذا وتغيير ذاك. فهذه أعمال كل قسم من أقسام النساء أما الحمل والولادة وتربية الأولاد فنقول عنها ما لا يخطئ الصواب إن شاء الله تعالى. الحل مألوف عند النساء يفرحن به فرحاً شديداً وفيه تكون المرأة عند الرجل أحظى منها عنده فارغة ومن تأخر عنها الحمل استجلبته بالدواء ومعالجة القوابل (الدايات) واستعمال المجربات وربما نسبت التأخير إلى الرجل فتكرهه وتسعى في فراقه لعلها تحمل من غيره وهذا لكونه أمراً محبوباً
عندهم وكل عوارضه محتمله بلا تكرُّه أما الولادة فقد علمنا سهولتها عند الفلاحة وكذلك فقيرة المدن أما المتوسطة والغنية فسبب آلامهما الرفاهية وركونهن إلى التيه (الدلع) والتمارض المعدود من محسنات الدلال على أنها عبارة عن مرض يعتري المرأة أياماً وتشفى منه وكل قسم مشترك مع الآخر في تحمل
تربية الأولاد مع الفرح والأنس ودوام السرور فتربية الأبناء عندهن في مقابلة خروج الغنية للتنزه حول البساتين إذ لا شيء عند المرأة أسر من ملاعبتها ابنها أو بنتها وأما الغنية فإنها لا تعرف لذة التربية لقيام اللالا والمرضعة بها. ومن هذا نعلم أن الفلاحة أكثر تعباً من الرجل في الأعمال وإن فقيرة المدن تساوي الرجل المشتغل بعمل لطيف لا النجار والحداد والبناء مثلاً والمتوسطة أقلهن عملاً والغنية لا شغل لها إلا ذاتها اللطيفة ولا عمل لها إلا فيما يختص بالزينة والقلع واللبس والنوم واليقظة وعارض الولادة قصير المدة ينسى ألمه بعد أسبوع غالباً. فإذا تألمت السائلة هذا التقسيم والتفصيل علمت الفرق بين الرجل والمرأة ورأت أن تحايل ربات الرفاهة على مساواة الرجل بدعاويهن غير مقبول عند ذوي الاختبار. وإن كان عند الغير من الفوائد ما يدعونا لتغيير هذا الحكم فليتفضل علينا صاحبها بالبيان والإرسال لنشرها باسمه تتميماً للفائدة وإلا قلنا غير الفلاحة والفقيرة من النساء لا يساوين الرجال في شيء من الأتعاب وعلى الخصوص الغنيات اللاتي لا يشتغلن بغير ذاتهن فإنهن على فراش الراحة في الليل والنهار.